محللون لـ«الشرق الأوسط»: تثبيت الفائدة الأميركية محسوم... و«التيسير» رهن تراجع التضخم

«الاحتياطي الفيدرالي» يواصل سياسة الحذر... والخفض مؤجل حتى وضوح أثر الرسوم الجمركية

شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» في بورصة نيويورك خلال مارس الماضي (رويترز)
شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» في بورصة نيويورك خلال مارس الماضي (رويترز)
TT

محللون لـ«الشرق الأوسط»: تثبيت الفائدة الأميركية محسوم... و«التيسير» رهن تراجع التضخم

شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» في بورصة نيويورك خلال مارس الماضي (رويترز)
شاشات تعرض المؤتمر الصحافي لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» في بورصة نيويورك خلال مارس الماضي (رويترز)

تتجه الأنظار إلى اجتماع «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي هذا الأسبوع، وسط إجماع بين المحللين على أنه سيُبقي على أسعار الفائدة من دون تغيير للمرة السابعة على التوالي، متمسكاً بسياسة «الترقب والرصد» في مواجهة ضغوط تضخمية ومخاطر جيوسياسية وتجارية متصاعدة.

واتفق خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» على أن النهج الحذر لـ«الاحتياطي الفيدرالي» يُعَدّ انعكاساً لبيئة اقتصادية لا تزال مليئة بالتقلبات. وبينما تراجعت مؤشرات التضخم بشكل طفيف مؤخراً، فإن «الاحتياطي» لا يرى بعدُ إشارات كافية لبدء تخفيف سياسته النقدية الصارمة.

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (أ.ف.ب)

تثبيت الفائدة... والانتظار

ورجح حمزة دويك، رئيس قسم التداول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «ساكسو بنك»، أن يبقي «الاحتياطي الفيدرالي» على أسعار الفائدة ضمن النطاق الحالي بين 4.25 و4.50 في المائة، استمراراً للنهج الحذر الذي يتبعه منذ أشهر.

وقال: «رغم أن الاقتصاد الأميركي يُظهر مؤشرات نمو قوية، فإن (الاحتياطي الفيدرالي) لا يزال بحاجة إلى دلائل أوضح تؤكد أن التضخم يتحرك بثبات نحو هدف اثنين في المائة، قبل التفكير في خفض الفائدة».

وأشار إلى أن النسخة المحدَّثة من ملخص التوقعات الاقتصادية، التي سيصدرها «الاحتياطي الفيدرالي» توازياً مع قرار الفائدة، قد تتضمن مراجعات صعودية لمعدلات التضخم، لا سيما في ظل الرسوم الجمركية واضطرابات سلاسل الإمداد، وهو ما يزيد من حذر «البنك المركزي الأميركي».

متداولان في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الأسواق تراهن على سبتمبر

من جهته، قال فيجاي فاليشا، الرئيس التنفيذي للاستثمارات في «سنشري فاينانشال»، إن الأسواق تتوقع تثبيتاً شبه مؤكد للفائدة خلال هذا الاجتماع، مشيراً إلى أن أداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي» تعطي احتمالية تبلغ 99.8 في المائة لقرار التثبيت.

وأضاف: «تشير توقعات الأسواق إلى أن أول خفض للفائدة قد يحدث في سبتمبر (أيلول) المقبل، مع احتمالية بنسبة 66 في المائة لذلك، في حين تتوقع الأسواق بنسبة 94 في المائة أن يُجري (الفيدرالي) خفضين؛ بواقع ربع نقطة مئوية لكل منهما، قبل نهاية العام».

وأوضح فاليشا أن البيانات الأخيرة، خصوصاً تقرير «مؤشر أسعار المستهلكين» لشهر مايو (أيار) الماضي، أظهرت تباطؤاً في نمو الأسعار، فيما حافظت سوق العمل على متانتها؛ مما يدعم التوجه نحو التيسير لاحقاً، لكنه لا يبرر تحركاً فورياً.

أثر الرسوم يقلق «الفيدرالي»

وقال مسؤولون في «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» إنهم يترقبون من كثب تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على الواردات الأميركية، والتي قد ترفع تكاليف الاستهلاك وتغذي التوقعات بارتفاع الأسعار مجدداً؛ مما يصعّب على البنك المضي في أي خفض للفائدة.

وكان «البنك المركزي» خفّض أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إلى نطاق يتراوح بين 4.25 و4.50 في المائة، ثم حافظ عليها دون تغيير حتى نهاية العام. وفي مارس (آذار) الماضي، توقّع صناع السياسة النقدية خفضين محتملين للفائدة خلال 2025، لكن تلك التقديرات صدرت قبل إعلان التعريفات الجمركية الجديدة؛ مما قد يدفع «الفيدرالي» إلى إعادة النظر في موقفه إذا استمرت الضغوط التضخمية.

إشارات باول المنتظرة

ومن المنتظر أن يجدد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، خلال المؤتمر الصحافي عقب اجتماع «اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC)»، تأكيده على التمسك بالنهج الحذر. وسيكون تركيز الأسواق منصباً على أي إشارات في «المخطط النقطي (Dot Plot)»، الذي يُظهر توقعات أعضاء اللجنة لمسار الفائدة، خصوصاً ما إذا كانت التوقعات ستتغير من خفضين إلى خفض واحد فقط هذا العام.

رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول يتحدث إلى الصحافيين عقب اجتماع «لجنة السياسة النقدية»... (أرشيفية - رويترز)

تقييم المزاج العام

وفي ظل تداخل عوامل التضخم، ومتانة سوق العمل، والتقلبات السياسية والتجارية، يبدو أن «الاحتياطي الفيدرالي» ليس في عجلة من أمره لبدء دورة تيسير نقدي جديدة. وبينما تترقب الأسواق قرارات الخريف، فإن اجتماع يونيو (حزيران) الحالي سيُعدّ محطة رئيسية لتقييم المزاج العام داخل «البنك المركزي»، ومدى استعداده للتكيف مع متغيرات المشهد الاقتصادي العالمي.


مقالات ذات صلة

الموازنة الأميركية تسجل فائضاً في يونيو... فهل نجحت سياسة فرض الرسوم؟

الاقتصاد ترمب يُظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)

الموازنة الأميركية تسجل فائضاً في يونيو... فهل نجحت سياسة فرض الرسوم؟

تجاوزت إيرادات الرسوم الجمركية الأميركية عتبة الـ100 مليار دولار لأول مرة، منذ فرض الرئيس دونالد ترمب، في أبريل الماضي، رسوماً جمركية على كثير من الدول.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
حصاد الأسبوع سكوت كينيث هومر بيسينت، 63 سنة، غير انتماءه السياسي ككثيرين غيره من «الحزب الديمقراطي» إلى «الحزب الجمهوري» وتحول إلى واحد من أبرز حلفاء الرئيس ترمب

سكوت بيسينت... وزير الخزانة الأميركي ثري يميني مرشح لرئاسة الاحتياطي الفيدرالي

رغم أن وزير الخزانة الأميركي يعد الخامس على خط الخلافة الرئاسية في حالات الطوارئ، لكن نادراً ما كان من بين الشخصيات السياسية البارزة التي تحظى بالأضواء،

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (آ ب)

بيسينت... بين حسابات الاقتصاد وطموحات السياسة

من القواعد غير المكتوبة، أن يتجنّب وزراء الخزانة الأميركيون التدخل في عمل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، الذي يُعتبَر مؤسسة مستقلة. ويؤمن معظم

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

هجوم ترمب الجمركي على كندا يهبط بأسواق «وول ستريت»

شهدت أسواق الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، تراجعاً ملحوظاً مع تصعيد الرئيس دونالد ترمب لهجومه التجاري على كندا بفرض رسوم جمركية مرتفعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشارك في حدث يرتبط بعملة «بتكوين» في ناشفيل بالولايات المتحدة العام الماضي (رويترز)

تتجاوز 116 ألف دولار... «بتكوين» تسجل مستوى قياسياً جديداً

صعدت عملة «بتكوين» اليوم الجمعة لأعلى مستوى على الإطلاق بدفعة من الطلب من مؤسسات استثمارية ومن السياسات الداعمة للعملات المشفرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

رئيس لجنة التجارة الأوروبية: فرض 30 % رسوماً أميركية تصرف «وقح ومهين»

حاويات على متن سفينة الشحن العملاقة «ماجستيك ميرسك» بميناء ألميريا بإسبانيا (رويترز)
حاويات على متن سفينة الشحن العملاقة «ماجستيك ميرسك» بميناء ألميريا بإسبانيا (رويترز)
TT

رئيس لجنة التجارة الأوروبية: فرض 30 % رسوماً أميركية تصرف «وقح ومهين»

حاويات على متن سفينة الشحن العملاقة «ماجستيك ميرسك» بميناء ألميريا بإسبانيا (رويترز)
حاويات على متن سفينة الشحن العملاقة «ماجستيك ميرسك» بميناء ألميريا بإسبانيا (رويترز)

وصف رئيس لجنة التجارة الدولية في البرلمان الأوروبي، بيرند لانجه، إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن فرض رسوم جمركية جديدة على الاتحاد الأوروبي، بأنه «مثير للغضب»، ودعا إلى اتخاذ إجراءات مضادة حاسمة.

وقال لانجه، عقب الإعلان الذي وُجّه في رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين: «لقد كنا نتفاوض بشكل مكثف لأكثر من 3 أسابيع، وقدمنا عروضاً لتعزيز المصالح المشتركة».

وأوضح أن رفع الرئيس الأميركي الرسوم الجمركية إلى 30 في المائة يعدّ تصرفاً «وقحاً ومهيناً». وتابع: «هذه صفعة في وجه المفاوضات. الرغبة الحقيقية في التفاوض لا تبدو على هذا النحو».

كان ترمب قد أعلن السبت، في خضم مفاوضات جارية مع الاتحاد الأوروبي، عن فرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 30 في المائة على الواردات الأوروبية إلى الولايات المتحدة. وحذر الرئيس الأميركي بأنه قد يفرض زيادات إضافية في الرسوم إذا رد الاتحاد الأوروبي بإجراءات انتقامية.

وأعرب لانجه عن تأييده فرض رسوم عقابية فوراً على واردات المنتجات الأميركية إلى الاتحاد الأوروبي، واستخدام قوة الكتلة الاقتصادية لتوضيح أن ممارسات ترمب التجارية غير العادلة غير مقبولة.

وأشار إلى ضرورة النظر بجدية في استخدام «أداة الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإكراه»، التي قد تشمل، على سبيل المثال، استبعاد الشركات الأميركية من العقود العامة في دول «الاتحاد».

وأوضح لانجه أن الاتحاد الأوروبي كان قد لبى عدداً من مطالب ترمب خلال المفاوضات التي جرت الأسبوع الماضي، بما في ذلك الاعتراف بالمعايير وإجراءات التصديق، وتطوير فرص الاستثمار.

كما أشار إلى أن «الاتحاد»، في دليل على حسن النية، قد علق في البداية جميع الإجراءات المضادة المتعلقة بالرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن سابقاً.