بريطانيا والاتحاد الأوروبي يفتحان «عصراً جديداً» للعلاقات

اتفاقات واسعة النطاق تشمل الغذاء وصيد الأسماك والدفاع... بعد 5 سنوات من «بريكست»

ستارمر وفون دير لاين في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في لندن (د.ب.أ)
ستارمر وفون دير لاين في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في لندن (د.ب.أ)
TT

بريطانيا والاتحاد الأوروبي يفتحان «عصراً جديداً» للعلاقات

ستارمر وفون دير لاين في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في لندن (د.ب.أ)
ستارمر وفون دير لاين في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في لندن (د.ب.أ)

وافقت بريطانيا يوم الاثنين على أهم إعادة ضبط لعلاقاتها التجارية والدفاعية مع الاتحاد الأوروبي منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وذلك بعد أن دفع انقلاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب على النظام العالمي الجانبين إلى تجاوز خلافاتهما الحادة.

فقد وافقت بريطانيا على فتح مياهها المخصصة للصيد لمدة 12 عاماً أخرى أمام قوارب الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، حصل رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، على صفقة بيطرية ستُزيل الكثير من البيروقراطية المفروضة على صادرات بريطانيا الزراعية والسمكية إلى كبرى أسواقها، في مكافأة اقتصادية طال انتظارها من محادثات «إعادة الضبط».

وخاض الجانبان مساومات مكثفة حول تفاصيل رئيسية لعلاقتهما المُجددة، بما في ذلك مصايد الأسماك وتجارة الأغذية، بالإضافة إلى صياغة خطة مقترحة لتنقل الشباب.

الاجتماعات البريطانية - الأوروبية في لندن (أ.ف.ب)

بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، قال ستارمر إن الاتفاق يُمثل «عهداً جديداً في علاقتنا».

بينما قالت فون دير لاين إن الاتفاق يُرسل رسالة إلى العالم مفادها: «في ظل عدم الاستقرار العالمي، وبينما تواجه قارتنا أكبر تهديد تواجهه منذ أجيال، فإننا في أوروبا نتكاتف وندعم بعضنا بعضاً».

وأكدت بريطانيا أن إعادة ضبط العلاقات مع أكبر شريك تجاري لها من شأنها أن تقلل من البيروقراطية المفروضة على منتجي الأغذية والزراعة، مما يجعل الغذاء أرخص، ويُحسّن أمن الطاقة، ويُضيف ما يقرب من 9 مليارات جنيه إسترليني (12.1 مليار دولار) إلى الاقتصاد بحلول عام 2040.

وهذا هو الاتفاق الثالث الذي تُبرمه بريطانيا هذا الشهر، بعد اتفاقات مع الهند والولايات المتحدة، ورغم أنه من غير المرجح أن يُؤدي إلى انتعاش اقتصادي فوري، إلا أنه قد يعزز ثقة الشركات، ويجذب استثمارات تشتد الحاجة إليها.

وبموجب الاتفاقات، ستسمح شراكة دفاعية وأمنية جديدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي للمملكة المتحدة بالوصول إلى برنامج قروض دفاعية من الاتحاد الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو (167 مليار دولار).

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تتحدث إلى ستارمر بحضور رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا (رويترز)

في ما يتعلق بصيد الأسماك، ستتمتع السفن البريطانية والأوروبية بإمكانية الوصول إلى مياه كل منهما لمدة 12 عاماً - مما يُزيل إحدى أقوى أوراق المملكة المتحدة في أي محادثات مستقبلية - مقابل خفض دائم في الإجراءات الورقية وعمليات التفتيش الحدودية التي كانت تمنع صغار منتجي الأغذية من التصدير إلى أوروبا.

في المقابل، وافقت بريطانيا على الخطوط العريضة لبرنامج محدود لتنقل الشباب، على أن تُناقش تفاصيله في المستقبل، كما أنها تناقش المشاركة في برنامج تبادل الطلاب «إيراسموس+».

وقد ندد بالاتفاق كل من «فاراج» وحزب المحافظين المعارض، الذي كان في السلطة عندما غادرت بريطانيا الاتحاد الأوروبي وقضى سنوات في التفاوض على اتفاق الانفصال الأصلي.

وقال وزير التجارة جوناثان رينولدز، لراديو «التايمز»: «يتعلق الأمر بجعل الناس أفضل حالاً، وبجعل البلاد أكثر أماناً، والتأكد من وجود مزيد من الوظائف في المملكة المتحدة».

مظاهرة مناهضة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خلال الاجتماعات بين الاتحاد الأوروبي والحكومة البريطانية (أ.ف.ب)

ولفت ستارمر من جهته إلى أن العلاقات الأقوى مع الاتحاد الأوروبي ستجلب «مزيداً من الفوائد للمملكة المتحدة» بعد الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها المملكة المتحدة في الأسابيع الأخيرة مع الهند والولايات المتحدة.

وقال مفاوض حكومة ستارمر مع الاتحاد الأوروبي، نيك توماس-سيموندز إنه واثق من إمكانية تحسين التجارة بالنسبة إلى الواردات والصادرات الغذائية. وأضاف لشبكة «بي بي سي»: «نحن نعلم أن لدينا شاحنات تنتظر لمدة 16 ساعة، وأغذية طازجة في الخلف لا يمكن تصديرها، لا يمكن تصديرها لأن الأمر بصراحة مجرد روتين، ونحن نريد بالتأكيد تقليل ذلك».

المعارضة تعترض على «الاستسلام»

قد تكون بعض المقايضات صعبة على ستارمر، الذي يواجه تحديات متزايدة من حزب الإصلاح البريطاني المؤيد لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والمناهض للهجرة، ومن المرجح أن يرى اتهامات بـ«خيانة بريكست»، مهما كانت نتيجة المحادثات.

وقد وصف حزب الإصلاح، الذي حقق مؤخراً فوزاً كبيراً في الانتخابات المحلية، وحزب المحافظين المعارض، الاتفاق بالفعل بأنه «استسلام» للاتحاد الأوروبي قبل تأكيد أي تفاصيل.

على الرغم من الاتفاق، سيظل الاقتصاد البريطاني مختلفاً بشكل كبير عما كان عليه قبل مغادرته الاتحاد. وقد كلف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المركز المالي في لندن آلاف الوظائف، وأثّر سلباً على إنتاج القطاع، وخفّض مساهماته الضريبية، وفقاً للدراسات.


مقالات ذات صلة

بند ضريبي في مشروع ترمب يُهدد الاستثمارات الأجنبية و360 ألف وظيفة أميركية

الاقتصاد ترمب يلوّح بيده بعد خطاب في فورت براغ بكارولاينا الشمالية (أ.ب)

بند ضريبي في مشروع ترمب يُهدد الاستثمارات الأجنبية و360 ألف وظيفة أميركية

وفقاً لتحليل أجراه التحالف العالمي للأعمال، فإن المادة 899 قد تُكلّف الاقتصاد الأميركي نحو 360 ألف وظيفة و55 مليار دولار سنوياً من الناتج المحلي الإجمالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر مجموعة «بلاكستون» في مدينة نيويورك (رويترز)

«بلاكستون» تستهدف استثمار 500 مليار دولار في أوروبا خلال العقد المقبل

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «بلاكستون»، ستيف شوارزمان، أن الشركة تستهدف استثمار ما يصل إلى 500 مليار دولار في أوروبا خلال السنوات العشر القادمة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد رجل يمشي أمام نموذج لشعار الروبية والعملات المعدنية خارج مقر بنك الاحتياطي الهندي (رويترز)

الهند تُخفّض الفائدة... تحفيز مرهون بالبنوك والمقترضين

أطلق البنك المركزي الهندي برنامجاً قوياً لتيسير السياسة النقدية، في مسعى لتحفيز الاستهلاك والاستثمار في خامس أكبر اقتصاد بالعالم.

«الشرق الأوسط» (مومباي)
الاقتصاد جانب من العاصمة العراقية بغداد (رويترز)

العراق يطرح 130 مشروعاً أمام الشركات المحلية والأجنبية خلال ملتقى استثماري

يطرح العراق أكثر من 130 فرصة استثمارية في عدد من القطاعات الحيوية وذلك خلال ملتقى العراق للاستثمار، وهو الأول من نوعه في البلاد، والهادف إلى تسريع عجلة التنمية.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يلقي كلمة في افتتاح «أسبوع لندن للتكنولوجيا» (أ.ف.ب)

ستارمر يفتتح «أسبوع لندن للتكنولوجيا» بدعم قيمته مليار جنيه للذكاء الاصطناعي

أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر تخصيص مليار جنيه إسترليني إضافي لتعزيز البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

خدمة شحن جديدة تعزز ربط مواني شرق السعودية بـ12 وجهة عالمية

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)
TT

خدمة شحن جديدة تعزز ربط مواني شرق السعودية بـ12 وجهة عالمية

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)

أعلنت «الهيئة العامة للموانئ» (موانئ) عن إضافة خدمة الشحن الجديدة «هيمالايا إكسبريس»، التابعة لشركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة (MSC) إلى ميناء الملك عبد العزيز في الدمام، وميناء الجبيل التجاري (شرق السعودية)، في خطوة تهدف إلى دعم الصادرات الوطنية وتعزيز المكانة التنافسية للميناءين على المستويين الإقليمي والدولي.

وستسهم الخدمة الجديدة في ربط ميناءي «الدمام» و«الجبيل» بـ12 ميناءً إقليمياً وعالمياً، من بينها مواني «جبل علي» و«أبوظبي» في الإمارات، وميناء «حمد» في قطر، إضافة إلى «نهافا شيفا»، و«موندرا»، و«فيزينجام» في الهند، و«سينيس» في البرتغال، و«فالنسيا»، و«برشلونة»، و«ملقا» في إسبانيا، و«جويا تاورو» و«جنوة» في إيطاليا، وذلك بسعة استيعابية تصل إلى 14 ألف حاوية قياسية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود «موانئ» لرفع تصنيف المملكة في مؤشرات الأداء العالمية، وتعزيز كفاءة العمليات التشغيلية في الميناءين، بما يسهم في دعم حركة الصادرات الوطنية، انسجاماً مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، الهادفة إلى ترسيخ مكانة المملكة بوصفها مركزاً لوجيستياً عالمياً ومحور ربط بين القارات الثلاث.

يُذكر أن ميناء «الملك عبد العزيز» بالدمام وميناء «الجبيل» التجاري يُشكلان ركيزتين أساسيتين في منظومة المواني على ساحل الخليج العربي، لما يتمتعان به من قدرات تشغيلية متقدمة وخدمات متكاملة تُسهم في تسهيل حركة التجارة ودعم توجه المملكة نحو الريادة اللوجيستية إقليمياً ودولياً.