فقدان أميركا تصنيفها «إيه إيه إيه» يقلّص دول نادي السندات السيادية

لافتة لشركة «موديز» في مقرها الرئيسي بنيويورك (أ.ف.ب)
لافتة لشركة «موديز» في مقرها الرئيسي بنيويورك (أ.ف.ب)
TT

فقدان أميركا تصنيفها «إيه إيه إيه» يقلّص دول نادي السندات السيادية

لافتة لشركة «موديز» في مقرها الرئيسي بنيويورك (أ.ف.ب)
لافتة لشركة «موديز» في مقرها الرئيسي بنيويورك (أ.ف.ب)

تقلَّص عدد الدول التي تحظى سنداتها السيادية بأعلى تصنيف ائتماني، بعد أن فقدت الولايات المتحدة آخِر تصنيف من فئة «إيه إيه إيه» كانت تحتفظ به لدى وكالة «موديز»؛ في خطوةٍ تعكس تصاعد القلق بشأن تنامي الديون في أكبر اقتصادات العالم.

وخفّضت «موديز»، يوم الجمعة، تصنيف الولايات المتحدة من «Aaa» إلى «Aa1»، مشيرةً إلى تنامي الديون وتكاليف الفوائد، في ظل مخاوف متزايدة بشأن المسار المالي الأميركي.

وفيما أبرز ملامح هذا التطور:

1. ما تصنيف «إيه إيه إيه» ولماذا يُعد مهماً؟

يتعلق الأمر بالثقة والمال. التصنيف الائتماني يُمثل مقياساً لمخاطر الاستثمار في سندات دولةٍ ما. وتقوم وكالات التصنيف بتحليل المؤشرات المالية والاقتصادية للجهة المصدرة، وتحديد مدى احتمال تخلّفها عن السداد.

يشير خفض التصنيف إلى شكوك متزايدة بشأن الجدارة الائتمانية، وقد يؤدي إلى ضغوط تصاعدية على عوائد السندات طويلة الأجل. ورغم ذلك، لا يتوقع المحللون عمليات بيع مكثفة للسندات الأميركية، كما أن تأثير القرار على استخدام البنوك السندات كضمانات يُرجح أن يكون محدوداً.

ومع ذلك فقد يكون لهذا الخفض طابع رمزي مهم، خاصةً في ظل تنامي الشكوك بشأن مكانة الدولار بوصفه عملة احتياطية عالمية.

2. ما الدول التي تحتفظ حالياً بتصنيف «إيه إيه إيه»؟

يتناقص عددها منذ سنوات. ومع فقدان الولايات المتحدة آخِر تصنيف «إيه إيه إيه» لدى «موديز»، باتت 11 دولة فقط تتمتع بهذا التصنيف لدى الوكالات الثلاث الكبرى، مقارنةً بأكثر من 15 دولة قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وتُشكل هذه الدول نحو 10 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وفي أوروبا، تضم القائمة ألمانيا، وسويسرا، وهولندا. وخارجها، تشمل كندا، وأستراليا، وسنغافورة. ومن المفارقات أن ديون ليختنشتاين، التي لا يتجاوز ناتجها المحلي الإجمالي 7 مليارات دولار، تحظى بتصنيفٍ أعلى من ديون الولايات المتحدة.

3. ما التصنيف الحالي للولايات المتحدة؟

تحمل الولايات المتحدة، الآن، التصنيف «Aa1»؛ أي الدرجة الثانية بعد «إيه إيه إيه». وكانت «موديز» آخِر وكالة من بين الثلاث الكبرى (ستاندرد آند بورز، فيتش، موديز) تُبقي على التصنيف الأعلى للولايات المتحدة حتى قرارها الأخير، وهو أول خفض تصنيف من «موديز» للولايات المتحدة منذ عام 1949.

فقد بدأت سلسلة التخفيضات مع «ستاندرد آند بورز» في 2011، ثم لحقتها «فيتش» في 2023.

4. لماذا تتعرض الاقتصادات الكبرى لخفض التصنيفات؟

يُعزى ذلك إلى ارتفاع الدَّين العام، وعدم كفاية السياسات المالية لمعالجة الأعباء المتزايدة.

على سبيل المثال، تُنفق الحكومة الأميركية، منذ عام 2001، أكثر مما تجنيه، ما أدى إلى عجز سنوي متراكم وبلوغ الدَّين نحو 36 تريليون دولار. بلغت مدفوعات الفوائد 881 مليار دولار في السنة المالية الأخيرة؛ أيْ أكثر من ثلاثة أضعاف ما جرى إنفاقه في 2017، بل تجاوزت الإنفاق الدفاعي.

كما تُواجه اقتصادات أخرى ضغوطاً مماثلة بسبب الشيخوخة السكانية، وتكاليف التغير المناخي، واحتياجات الأمن والدفاع. وتبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا نحو 100 في المائة، بينما تتجاوز في اليابان 250 في المائة.

5. ما وكالات التصنيف الائتماني؟

هي مؤسسات تُقوّم الجدارة الائتمانية للجهات المُصدّرة للدين، سواء أكانت دولاً أم شركات، وتمنحها تصنيفات تعكس مدى المخاطرة المرتبطة بسنداتها. يبدأ التصنيف عادةً من «إيه إيه إيه» للأعلى جدارة ائتمانية، إلى «دي» للمتعثرين عن السداد.

وتنقسم التصنيفات إلى فئتين: درجة استثمارية، وعالية العائد (أو «سندات غير مرغوب فيها»). وكلما ارتفع التصنيف، انخفضت تكلفة الاقتراض، إذ يطلب المستثمرون علاوة أقل لحمل تلك السندات.

وتركز الوكالات، في تقييماتها، على عوامل مثل الدين العام، ونمو الاقتصاد، وقوة المؤسسات، والاستقرار السياسي.

وتُهيمن على هذا المجال ثلاث وكالات كبرى: «موديز»، و«ستاندرد آند بورز»، و«فيتش»، في حين بدأت وكالات أخرى، مثل «مورنينغستار دي بي آر إس» و«سكوب»، تكتسب نفوذاً أكبر في السنوات الأخيرة.


مقالات ذات صلة

تباينات حادة في الأسواق اليابانية وسط عدم اليقين

الاقتصاد مشاة في العاصمة اليابانية طوكيو يمرون أمام لوحة تعرض حركة الأسهم (أ.ب)

تباينات حادة في الأسواق اليابانية وسط عدم اليقين

تشهد الأسواق المالية اليابانية حالة من التباين في الأداء مدفوعة بمزيج معقد من تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية وتقلبات بأسعار الصرف وضعف شهية المستثمرين

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مشاة في شارع مزدحم وقت الذروة في وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ ف ب)

الرسوم الأميركية تجهض دورة رفع الفائدة اليابانية

قالت صانعة سياسة سابقة في «بنك اليابان» إن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ربما أنهت دورة رفع أسعار الفائدة في «بنك اليابان المركزي»

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يمرّ بجانب لوحة إلكترونية تعرض بيانات السوق في بورصة تل أبيب (رويترز)

التوترات الإقليمية تهوي بسندات إسرائيل وترفع تكلفة التأمين على ديونها

تراجعت أسعار السندات الدولارية الإسرائيلية وارتفعت تكلفة التأمين على ديونها السيادية الخميس في ظل تصاعد التوترات الأمنية الإقليمية وازدياد الاضطرابات

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد لافتة مبنى «البنك المركزي الأوروبي» في فرنكفورت (رويترز)

عضو بـ«المركزي الأوروبي»: التريث مطلوب في قرارات أسعار الفائدة

دعا عضو «مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي»، جيديميناس سيمكوس، إلى التريث مؤقتاً في قرارات أسعار الفائدة، وسط «حالة من عدم اليقين الكبيرة».

«الشرق الأوسط» (فيلنيوس )
الاقتصاد شعار «أوبن إيه آي»... (رويترز)

تقرير: «أوبن إيه آي» تجري مناقشات لجمع تمويل من السعودية ومستثمرين هنود

أفادت صحيفة «ذا إنفورميشن» بأن «أوبن إيه آي» تجري مناقشات لجمع تمويل من السعودية ومستثمرين هنود بقيمة 40 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (لندن)

خدمة شحن جديدة تعزز ربط مواني شرق السعودية بـ12 وجهة عالمية

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)
TT

خدمة شحن جديدة تعزز ربط مواني شرق السعودية بـ12 وجهة عالمية

ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)
ميناء الملك عبد العزيز بالدمام (الهيئة العامة للموانئ)

أعلنت «الهيئة العامة للموانئ» (موانئ) عن إضافة خدمة الشحن الجديدة «هيمالايا إكسبريس»، التابعة لشركة البحر الأبيض المتوسط للملاحة (MSC) إلى ميناء الملك عبد العزيز في الدمام، وميناء الجبيل التجاري (شرق السعودية)، في خطوة تهدف إلى دعم الصادرات الوطنية وتعزيز المكانة التنافسية للميناءين على المستويين الإقليمي والدولي.

وستسهم الخدمة الجديدة في ربط ميناءي «الدمام» و«الجبيل» بـ12 ميناءً إقليمياً وعالمياً، من بينها مواني «جبل علي» و«أبوظبي» في الإمارات، وميناء «حمد» في قطر، إضافة إلى «نهافا شيفا»، و«موندرا»، و«فيزينجام» في الهند، و«سينيس» في البرتغال، و«فالنسيا»، و«برشلونة»، و«ملقا» في إسبانيا، و«جويا تاورو» و«جنوة» في إيطاليا، وذلك بسعة استيعابية تصل إلى 14 ألف حاوية قياسية.

وتأتي هذه الخطوة في إطار جهود «موانئ» لرفع تصنيف المملكة في مؤشرات الأداء العالمية، وتعزيز كفاءة العمليات التشغيلية في الميناءين، بما يسهم في دعم حركة الصادرات الوطنية، انسجاماً مع مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، الهادفة إلى ترسيخ مكانة المملكة بوصفها مركزاً لوجيستياً عالمياً ومحور ربط بين القارات الثلاث.

يُذكر أن ميناء «الملك عبد العزيز» بالدمام وميناء «الجبيل» التجاري يُشكلان ركيزتين أساسيتين في منظومة المواني على ساحل الخليج العربي، لما يتمتعان به من قدرات تشغيلية متقدمة وخدمات متكاملة تُسهم في تسهيل حركة التجارة ودعم توجه المملكة نحو الريادة اللوجيستية إقليمياً ودولياً.