«آي بي إم»: السعودية مؤهلة لقيادة التحول الرقمي في الشرق الأوسط

رئيسها التنفيذي يرافق ترمب... ومسؤول فيها لـ«الشرق الأوسط»: المملكة خلقت بيئة جاذبة للتكنولوجيا

جناح «آي بي إم» خلال «مؤتمر ليب 2025» في الرياض (الشركة)
جناح «آي بي إم» خلال «مؤتمر ليب 2025» في الرياض (الشركة)
TT

«آي بي إم»: السعودية مؤهلة لقيادة التحول الرقمي في الشرق الأوسط

جناح «آي بي إم» خلال «مؤتمر ليب 2025» في الرياض (الشركة)
جناح «آي بي إم» خلال «مؤتمر ليب 2025» في الرياض (الشركة)

بينما تستعد الرياض لاستقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الثلاثاء، يعود الحديث مجدداً عن التحولات الجذرية التي تشهدها السعودية في المشهد الاقتصادي والتقني الذي بات محوراً رئيسياً لـ«رؤية 2030».

وفي قلب هذا التحول، تبرز شركات التكنولوجيا العالمية، ومن بينها «آي بي إم» الأميركية، التي يرافق رئيسها التنفيذي، أرفيند كريشنا، الرئيس ترمب في رحلته من ضمن وفد كبير من الرؤساء التنفيذيين وكبار رجال الأعمال، والتي ترى في المملكة مركزاً إقليمياً واعداً للابتكار الرقمي وقيادة الذكاء الاصطناعي.

الرئيس التنفيذي لـ«آي بي إم» أرفيند كريشنا في جلسة حوارية مع وزير الاتصالات وتقنية المعلومات عبد الله السواحه على هامش مؤتمر «ليب» (الشركة)

فشركة «آي بي إم»، عملاق التكنولوجيا الأميركي، كانت قد أنشأت العام الماضي مقراً إقليمياً جديداً في الرياض، وأطلقت مختبراً للبرمجيات في العاصمة السعودية، بتكلفة 250 مليون دولار، يركز على تسريع الابتكار الرقمي، إذ إن أكثر من 70 في المائة من الموظفين سعوديون.

وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت أيضاً عن شراكة مع «لينوفو» للمساعدة في توسيع نطاق تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي للعملاء في المملكة، كما أعلنت خططاً لإنشاء مركز ابتكار مشترك للذكاء الاصطناعي في الرياض مع «سيلزفورس» (Salesforce). ودخلت في شراكة مع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لتعزيز اعتماد الذكاء الاصطناعي في حالات احتجاز الكربون والاستخدام الصناعي، وقدمت مركزاً للتميز في الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم التبني المسؤول والقابل للتطوير للذكاء الاصطناعي عبر القطاعات.

المملكة سوق رقمية ديناميكية

وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أكد نائب الرئيس الإقليمي لشركة «آي بي إم» في السعودية، أيمن الراشد، أن المملكة تُعد سوقاً رقمية ديناميكية وسريعة النمو، مدفوعة بطموحات وطنية جريئة مثل برنامج التحول الوطني.

وقال: «مع بلوغ قيمة سوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المملكة أكثر من 44 مليار دولار، هناك فرصة هائلة لتسريع التحول الرقمي في القطاعين العام والخاص».

وأوضح الراشد أن «آي بي إم» تحتل موقعاً متميزاً لدعم هذا الزخم، وفي ظل تصاعد استخدام تقنيات مثل الحوسبة الكمومية، والسحابة الهجينة، والذكاء الاصطناعي «نرى مستقبلاً تتصدر فيه السعودية التحول الرقمي في المنطقة».

نائب الرئيس الإقليمي لشركة «آي بي إم» في السعودية أيمن الراشد (الشرق الأوسط)

ولفت الراشد إلى أن ابتكارات الشركة، مثل «واتسون إكس»، بدأت تُحدث تحولات ملموسة في بيئة الأعمال، بدءاً من تطوير نماذج اللغة العربية مثل «علام»، إلى أتمتة الموارد البشرية من خلال «آسك إتش آر» و«واتسون إكس أوركسترات».

وكشف عن أن دراسة أجرتها الشركة عالمياً أظهرت أن 61 في المائة من الرؤساء التنفيذيين يستخدمون بالفعل وكلاء ذكاء اصطناعي، ومن المتوقع أن يتضاعف حجم الاستثمار في هذا المجال خلال العامين المقبلين. وأضاف: «هذه التوجهات العالمية تنعكس بوضوح في السوق السعودية، حيث يتسارع الطلب على حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة والتوليدية. ومن اللافت أن 56 في المائة من رؤساء الشركات في الشرق الأوسط يرون أن الريادة في الذكاء الاصطناعي التوليدي ستكون حاسمة لتحقيق ميزة تنافسية».

وعن القطاعات الأسرع تحوّلاً في المملكة، أشار الراشد إلى أن «رؤية 2030» تقود تغييرات جذرية في قطاعات حيوية كالتعليم والطاقة والخدمات المالية، في حين يبرز قطاعا الرياضة والترفيه بوصفهما مساحات واعدة للنمو. وقال: «استضافة السعودية فعاليات كبرى مثل (فورمولا 1)، وكأس العالم للأندية، ودوري أبطال آسيا، ومونديال 2034، تعكس طموح البلاد للريادة العالمية، وتخلق فرصاً مثالية لاستخدام التكنولوجيا في تعزيز تفاعل الجماهير وكفاءة التشغيل».

وأضاف أن البنية التحتية الرقمية القوية والشباب السعودي المتمرس بالتقنية يمثلان بيئة خصبة لتطبيق الحلول الذكية. مضيفاً: «نحن ملتزمون بالعمل مع الشركاء المحليين لتحويل الإمكانات الرقمية إلى نتائج ملموسة».

وفيما يخص الاستثمار، أكد الراشد أن «آي بي إم» تنظر إلى السعودية على أنها مركز استراتيجي للابتكار والنمو طويل الأجل، مشيداً ببيئة الاستثمار الجاذبة، والبنية الرقمية المتطورة، والنظام النشط لريادة الأعمال. وقال: «أنشأنا العام الماضي مقراً إقليمياً جديداً ومختبراً للبرمجيات في الرياض، حيث كان 70 في المائة من التوظيفات من السعوديين. كما أعلنَّا شراكات مع (لينوفو) و(سيلزفورس)، ونتعاون مع (سدايا) في مشاريع للذكاء الاصطناعي الصناعي والتقاط الكربون».

وأشار إلى أن الاستثمار في الكفاءات الوطنية يمثل أولوية محورية، مضيفاً: «بالشراكة مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، نحن في طريقنا لتحقيق هدفنا بتدريب 100 ألف شاب سعودي للمشاركة في صياغة مستقبل المملكة الرقمي».

واختتم الراشد قائلاً إن المملكة تواصل تحقيق إنجازات نوعية في رحلتها التحولية، وتضع نفسها نموذجاً عالمياً في تبني الذكاء الاصطناعي. وأردف: «في عامين فقط، ساهمت حلولنا في الذكاء الاصطناعي في تحقيق وفورات إنتاجية بلغت 3.5 مليار دولار عالمياً، ونحن نعمل لتقديم هذا التأثير للمملكة. ومن خلال شراكتنا مع (طيران الرياض)، نسعى إلى رفع الكفاءة التشغيلية وتعزيز تجربة الركاب، لنضع معايير جديدة في صناعة الطيران».


مقالات ذات صلة

«بلاك روك» تسعى لرفع إيراداتها إلى 35 مليار دولار بحلول 2030

الاقتصاد شعار «بلاك روك» يظهر خارج مقرها الرئيسي في حي مانهاتن بمدينة نيويورك (رويترز)

«بلاك روك» تسعى لرفع إيراداتها إلى 35 مليار دولار بحلول 2030

أعلنت شركة «بلاك روك»، عملاق إدارة الأصول العالمية، يوم الخميس، هدفها الطموح لرفع إيراداتها إلى أكثر من 35 مليار دولار، بحلول عام 2030.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد إحدى طائرات «الخطوط السعودية»... (موقع الشركة الإلكتروني)

«الخطوط السعودية» تدشن رحلات مباشرة بين الرياض وفيينا

دشنت «الخطوط السعودية» أولى رحلاتها المباشرة والمنتظمة إلى فيينا، انطلاقاً من «مطار الملك خالد الدولي» بالرياض، وذلك بالتعاون مع «برنامج الربط الجوي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موظف في «إيرباص» يحمل مجسماً لإحدى طائرات الشركة (رويترز)

«إيرباص» تأمل في تحقيق هدف التسليم رغم التأخيرات

قالت شركة «إيرباص» إنها «متفائلة بحذر» بإمكانية تحقيق هدفها بتسليم 820 طائرة عام 2025، على الرغم من وجود نحو 40 طائرة مكتملة متوقفة في مصانعها.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شعار «أمازون» يظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

«أمازون» تعقد شراكة «نووية» طويلة الأجل مع «تالين إنرجي»

أعلنت «تالين إنرجي» توسيع شراكتها مع «أمازون» لتزويد مراكز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» بـ1920 ميغاواط من الكهرباء النووية من محطتها في بنسلفانيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد «آفي ليس» شركة تأجير طائرات مملوكة بالكامل لـ«صندوق الاستثمارات العامة» (الشرق الأوسط)

«آفي ليس» التابعة لـ«السيادي السعودي» تعتزم شراء 40 طائرة من «إيرباص»

قالت مصادر بقطاع الطيران، لوكالة «رويترز»، يوم الأربعاء، إن شركة «آفي ليس» السعودية لتمويل وتأجير الطائرات تقترب من إبرام صفقة لشراء 40 طائرة من «إيرباص».

«الشرق الأوسط» (باريس)

أزمة طيران عالمية بسبب التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران

صالة المغادرة خاوية بمطار بن غوريون في تل أبيب عقب الضربة الإسرائيلية لإيران (أ.ف.ب)
صالة المغادرة خاوية بمطار بن غوريون في تل أبيب عقب الضربة الإسرائيلية لإيران (أ.ف.ب)
TT

أزمة طيران عالمية بسبب التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران

صالة المغادرة خاوية بمطار بن غوريون في تل أبيب عقب الضربة الإسرائيلية لإيران (أ.ف.ب)
صالة المغادرة خاوية بمطار بن غوريون في تل أبيب عقب الضربة الإسرائيلية لإيران (أ.ف.ب)

في تطور خطير له تداعيات مباشرة على قطاع الطيران العالمي، اضطربت حركة الملاحة الجوية بشكل واسع صباح الجمعة عقب شن إسرائيل هجمات عسكرية على أهداف في إيران. ومع اتساع رقعة التصعيد، اضطرت شركات طيران عدّة إلى تعليق رحلاتها وتحويل مساراتها، في حين أغلقت دول عدة مجالاتها الجوية؛ تحسباً لأي تطورات أمنية مفاجئة.

وشهدت منطقة الشرق الأوسط إغلاقاً واسعاً لعدد من المجالات الجوية الحيوية بعد بدء الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية ومصانع صواريخ باليستية في إيران. وقد أدى ذلك إلى شلل مؤقت في حركة الطيران، خاصة في أجواء، إسرائيل، وإيران، والعراق، والأردن وسوريا. وأفادت بيانات موقع «فلايت رادار 24» بأن كثيراً من شركات الطيران سارعت إلى تحويل رحلاتها بعيداً عن مناطق النزاع؛ حفاظاً على سلامة الركاب وأطقم الطيران.

وأغلقت إسرائيل مطار بن غوريون في تل أبيب حتى إشعار آخر، ووضعت منظومات الدفاع الجوي في حالة تأهب قصوى؛ ترقباً لأي ضربات انتقامية إيرانية محتملة. وبدورها، أعلنت السلطات الإيرانية تعليق الرحلات من مطار الخميني الدولي في طهران مع إغلاق المجال الجوي الإيراني مؤقتاً. كما أغلقت كل من العراق والأردن المجال الجوي؛ ما أثر على أحد أكثر ممرات الطيران ازدحاماً في العالم، الذي يربط أوروبا بالخليج وآسيا.

وأعلنت «طيران الإمارات» تعليق جميع رحلاتها إلى العراق، والأردن، ولبنان وإيران، كما نشرت على موقعها الإلكتروني قائمة بالرحلات الملغاة. وأكدت سلطات دبي تسجيل تأخير أو إلغاء بعض الرحلات في مطاري دبي الدولي ودبي وورلد سنترال نتيجة الإغلاق الجزئي للأجواء.

أما «الاتحاد للطيران» الإماراتية فقد علّقت رحلاتها كافة بين أبوظبي وتل أبيب، بينما أعلنت «فلاي دبي» تعليق رحلاتها إلى عمان، وبيروت ودمشق إضافة إلى إيران وإسرائيل، وأعادت جدولة كثير من الرحلات الأخرى.

من جانبها، علّقت «الخطوط الجوية القطرية» رحلاتها إلى إيران والعراق بشكل مؤقت، بينما حذرت الإدارة العامة للطيران المدني في الكويت من تحويل وإلغاء بعض الرحلات في مطار الكويت الدولي نتيجة الإغلاق الجزئي للأجواء المجاورة.

أما «طيران الخليج» البحرينية فقد نبّهت إلى احتمال تأجيل أو إلغاء بعض الرحلات، في حين ألغت «الخطوط الجوية السورية» جميع رحلاتها من وإلى الإمارات والسعودية مؤقتاً.

على صعيد الشركات العالمية، أعلنت «لوفتهانزا» الألمانية تعليق رحلاتها إلى طهران وتل أبيب حتى نهاية يوليو (تموز)، وإلغاء رحلاتها إلى عمان وبيروت وأربيل حتى 20 يونيو (حزيران) الحالي، مع تجنب التحليق فوق المجال الجوي للدول المتأثرة. وشمل القرار أيضاً شركات: «سويس إير»، و«أوستريان إيرلاينز»، و«يورو وينغز»، و«بروسلز»، و«إيتا إيرويز» و«لوفتهانزا كارغو».

ومن جانبها، حولت «الخطوط الجوية الهندية» مسارات رحلاتها المتجهة إلى أوروبا وأميركا الشمالية، كما أعلنت «إيروفلوت» الروسية و«إيجيان إيرلاينز» اليونانية و«إيه جيت التركية» التركية تعليق أو إعادة جدولة كثير من رحلاتها المتجهة إلى المنطقة. كذلك، أعلنت شركة «بيغاسوس» التركية تعليق رحلاتها إلى إيران، والعراق والأردن.

كما ألغت «كيه إل إم» الهولندية جميع رحلاتها إلى تل أبيب حتى مطلع يوليو، وأعلنت شركات الطيران الإسرائيلية «العال»، و«يسرائير»، و«أركيع» نقل طائراتها إلى مطارات خارج إسرائيل في إطار خطط طوارئ معدة مسبقاً، حيث تم نقل بعضها إلى قبرص وأوروبا.

وفي تطور إقليمي إضافي، حولت مطارات قبرص 32 رحلة قادمة من الشرق الأوسط إلى مطاري لارنكا وبافوس، إجراءً احترازياً تحسباً لتدهور الأوضاع الأمنية.

وتؤكد هذه الأحداث حجم المخاطر الجيوسياسية التي تهدد صناعة الطيران العالمية، حيث أصبحت مناطق النزاع عبئاً متزايداً على عمليات شركات الطيران وربحيتها، بحسب تحليلات «أوزبري فلايت سوليوشنز». ويؤدي إغلاق مساحات جوية واسعة إلى زيادة تكاليف التشغيل مع لجوء شركات الطيران إلى اتخاذ مسارات أطول عبر وسط آسيا أو شبه الجزيرة العربية؛ الأمر الذي يرفع من استهلاك الوقود وأوقات الرحلات ويؤثر على جداول الرحلات والالتزامات اللوجيستية.

وبحسب بيانات «يوروكنترول»، يمر يومياً نحو 1400 رحلة عبر أجواء الشرق الأوسط بين أوروبا وآسيا والخليج؛ ما يوضح حجم التأثير المباشر لأي إغلاق مفاجئ في المنطقة.

وسط هذه الفوضى الجوية، أصدرت جهات تنظيمية عدّة تحذيرات عاجلة لشركات الطيران بتوخي «أقصى درجات الحذر» في المنطقة، وفقاً لما أورده موقع «سيف إير سبيس» المختص بمخاطر الطيران. كما دعت مطارات مثل مطار زايد الدولي في أبوظبي ومطارات دبي المسافرين إلى متابعة تحديثات شركات الطيران بشكل مستمر؛ نظراً لاحتمال حدوث تغييرات طارئة في مواعيد الرحلات.

وبحسب المحللون، وفي ظل التصعيد المتسارع، تبقى المخاوف قائمة من أن تتحول هذه الأزمة إلى صراع أوسع قد يمتد أثره إلى قطاعات النقل والتجارة والاقتصاد العالمي بشكل أعمق. وتبقى الشركات والسلطات المعنية في حالة استنفار قصوى، وسط ترقب لما ستسفر عنه الأيام المقبلة من تطورات قد تعيد رسم خريطة الملاحة الجوية في المنطقة والعالم.