بنك كوريا يُلمح إلى خفض الفائدة في مايو لمواجهة تداعيات الرسوم

المحافظ يُبرز حالة عدم اليقين... والحكومة تخطط لإنفاق إضافي لتعزيز الاقتصاد

مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)
مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)
TT

بنك كوريا يُلمح إلى خفض الفائدة في مايو لمواجهة تداعيات الرسوم

مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)
مبنى «بنك كوريا» في سيول (رويترز)

لمَّح بنك كوريا المركزي، يوم الخميس، إلى خفض وشيك في أسعار الفائدة في مايو (أيار)، مع ترك الباب مفتوحاً لمزيد من التيسير النقدي، وسط «مخاطر كبيرة» تهدِّد الاقتصاد؛ بسبب السياسة الجمركية الشاملة التي تتبنَّاها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ورغم إبقاء البنك على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 2.75 في المائة، كما كان متوقعاً في اجتماعه الأخير، شدَّد المحافظ ري تشانغ يونغ على استعداد البنك للتحرُّك في مواجهة حالة الغموض التي تخيِّم على الاقتصاد العالمي، وفق «رويترز».

وقال ري في مؤتمر صحافي: «جميع أعضاء مجلس الإدارة الستة، باستثنائي، منفتحون على خيار خفض سعر الفائدة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة».

وتُسلط تصريحات المحافظ الضوء على تسارع وتيرة التحولات العالمية، في وقت حذَّر فيه البنك المركزي من انكماش محتمل في الناتج المحلي الإجمالي خلال الرُّبع الأول؛ نتيجة حرائق الغابات غير المسبوقة، والاضطرابات السياسية المحلية.

وكان التركيز الأكبر على التداعيات المتزايدة للحرب التجارية التي أشعلتها إدارة ترمب. وأوضح ري: «المخاطر السلبية على النمو ازدادت بشكل ملحوظ. ومع التغير السريع في حدة الرسوم الجمركية الأميركية وردود الفعل الدولية، فإن حالة عدم اليقين باتت كبيرة للغاية، لدرجة يصعب معها حتى إعداد سيناريو أساسي لمسار النمو».

وجاء هذا الموقف بعد يوم من تقليل رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، من التوقعات بإجراءات سريعة لتهدئة الأسواق، في حين ثبَّت «بنك كندا» أسعار الفائدة، متحججاً بعدم وضوح الرؤية بشأن تأثير التعريفات الأميركية.

وقال المحلل بايك يون مين من شركة «كيوبو» للأوراق المالية: «نظراً لتأكيد المحافظ على موقف 6 أعضاء داعمين للخفض، فإن خفض الفائدة في مايو يبدو مرجحاً للغاية». وأضاف: «قد نشهد هبوط سعر الفائدة إلى 2.25 في المائة بنهاية العام، وربما إلى أقل من ذلك إذا تراجع النمو السنوي إلى ما دون 1 في المائة».

وكان المحللون يتوقَّعون بالفعل أن تنخفض الفائدة إلى 2.25 في المائة بحلول الرُّبع الثالث، في ظل تنامي المخاوف من ركود عالمي، وتراجع حاد محتمل في صادرات كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا.

ومنذ أكتوبر (تشرين الأول)، خفَّض البنك المركزي أسعار الفائدة 3 مرات، ضمن دورة تيسير نقدي مستمرة.

حوافز مالية إضافية

من جانبه، حذَّر وزير المالية، تشوي سانغ موك، هذا الأسبوع من مخاطر كبيرة على النمو، مؤكداً أن الحكومة ستسعى لتأجيل تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة خلال مفاوضاتها مع واشنطن.

وكانت الولايات المتحدة قد فرضت تعريفات بنسبة 25 في المائة على واردات من كوريا الجنوبية، قبل أن يعلن ترمب تعليقاً مؤقتاً لهذه الإجراءات لمدة 3 أشهر.

وقد منح هذا التوقف المؤقت الأسواق بعض الراحة، بعد أن هبط الوون الكوري لأدنى مستوياته منذ 16 عاماً في التاسع من أبريل (نيسان). وتراجع سعر صرف الوون بنسبة 0.16 في المائة إلى 1.418.1 وون للدولار بعد المؤتمر الصحافي للمحافظ، في حين واصلت الأسهم مكاسبها وتراجعت العقود الآجلة لسندات الخزانة.

وتُخطِّط الحكومة الكورية لإعداد ميزانية تكميلية بقيمة 12 تريليون وون (نحو 8.41 مليار دولار)، بهدف دعم الاقتصاد في ظل استمرار حالة عدم اليقين السياسي، والضغوط الخارجية.

وتُجري كوريا الجنوبية انتخابات رئاسية في 3 يونيو (حزيران) المقبل، بعد إقالة الرئيس السابق يون سوك يول، في أعقاب إعلانه الأحكام العرفية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

«المركزي الكندي»: رسوم ترمب الجمركية «أقوى رياح معاكسة»

الاقتصاد مرافق تجميع سيارات «كرايسلر» التابعة لشركة «ستيلانتس» في ويندسور بأونتاريو الكندية (رويترز)

«المركزي الكندي»: رسوم ترمب الجمركية «أقوى رياح معاكسة»

وصف محافظ البنك المركزي الكندي، تيف ماكليم، الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنها «أقوى رياح معاكسة» أمام بلاده.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد أحد موظفي البنك يعد أوراق الجنيه الإسترليني في «بنك كاسيكورن» ببانكوك (أرشيفية - رويترز)

الجنيه الإسترليني يسجل أعلى مستوى منذ 2022

سجَّل الجنيه الإسترليني، يوم الجمعة، أعلى مستوياته في أكثر من 3 سنوات، متجهاً نحو تحقيق أكبر مكاسب أسبوعية له مقابل الدولار منذ أوائل أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد متسوقون يتجولون في سوق بورو بلندن (رويترز)

الطقس المشمس يعزز مبيعات التجزئة في بريطانيا خلال أبريل

عزز الطقس المشمس مبيعات التجزئة البريطانية في أبريل (نيسان)، وزادت ثقة الأسر هذا الشهر، وفقًا لأرقام نُشرت يوم الجمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس البنك المركزي التركي فاتح كاراهان خلال استعراض التقرير الفصلي الثاني للتضخم للعام الحالي في مؤتمر صحافي الخميس (إعلام تركي)

«المركزي التركي» يحافظ على توقعاته السابقة للتضخم لـ3 سنوات

حافظ البنك المركزي التركي على توقعاته للتضخم بحلول نهاية العام الحالي والعامين المقبلين دون تغيير، وتعهد باستمراره في السياسة النقدية المتشددة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

بريطانيا تبدأ سنتها المالية باقتراض يفوق التوقعات

استهلت الحكومة البريطانية السنة المالية 2025 - 2026 باقتراض أعلى من المتوقع في أبريل مما يعكس استمرار الضغوط على الموازنة العامة

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل تصل المباحثات التجارية بين أميركا وأوروبا إلى طريق مسدود؟

أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
TT

هل تصل المباحثات التجارية بين أميركا وأوروبا إلى طريق مسدود؟

أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)
أعلام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمام مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (رويترز)

زادت تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترمب مخاوف استكمال المباحثات التجارية بين أوروبا وأميركا، بعد التهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة من جميع الواردات من دول الاتحاد الأوروبي، في حين أن الأخير تعهد بحماية مصالحه أمام هذه التهديدات؛ ما يثير تساؤلات عن مستقبل العلاقات التجارية بين شريكين مهمين للاقتصاد العالمي.

ودعا مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي ماروش شيفتشوفيتش، إلى علاقات تجارية تقوم على «الاحترام المتبادل» بعدما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي بسبب تعثر المحادثات التجارية.

وبعد محادثات مع الممثل التجاري الأميركي جيمسون جرير ووزير التجارة هاوارد لوتنيك، كتب شيفتشوفيتش على منصة «إكس» أن الاتحاد الأوروبي «مشارك بالكامل وملتزم بتأمين اتفاق مناسب للجانبين».

وكتب شيفتشوفيتش: «التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا مثيل لها، ويجب أن توجه بالاحترام المتبادل، وليس التهديدات». وأضاف: «نحن على استعداد للدفاع عن مصالحنا».

وقال ترمب، يوم الجمعة، إن المحادثات التجارية مع بروكسل «لا تؤدي إلى أي شيء»، وأنه لذلك يريد رسوماً جمركية بنسبة 50 في المائة على جميع واردات الاتحاد الأوروبي بداية من أول يونيو (حزيران).

وقال ترمب في وقت لاحق في واشنطن: «أنا لا أبحث عن اتفاق... لكن أقول مجدداً، لن تكون هناك أي رسوم جمركية إذا قاموا ببناء مصانعهم هنا».

ويصل العجز التجاري بين أميركا ودول الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من 250 مليار دولار لصالح الاتحاد الأوروبي، وهو ما يدفع ترمب لإعادة هيكلة العلاقات التجارية فيما بينهما.

وأعلن ترمب أن رسوماً جمركية بنسبة 25 في المائة ستطبَّق على جميع الشركات التي تبيع في الولايات المتحدة هواتف ذكية يتم صنعها في الخارج، وذلك بعد بضع ساعات على توجيهه تهديداً حصرياً إلى شركة «آبل».

وتراجعت أسواق الأسهم بعد أن فاقمت تصريحات الرئيس الجمهوري المخاوف من اضطرابات على مستوى الاقتصاد العالمي، وذلك بعد فترة من الهدوء النسبي في الأيام الأخيرة إثر توصل ترمب إلى اتفاقات مع الصين وبريطانيا.

وكان ترمب قد أشار في منشور على منصته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أنه «من الصعب جداً التعامل مع الاتحاد الأوروبي الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجارياً (...) مناقشاتنا تراوح مكانها. وفي ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على الاتحاد الأوروبي، بداية من الأول من يونيو. وما من رسوم جمركية على المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة».

ولاحقاً، استبعد ترمب التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة مع الاتحاد الأوروبي، مكرراً تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على السلع التي مصدرها التكتل. وقال لصحافيين في البيت الأبيض رداً على سؤال حول سعيه للحصول على تنازلات من أوروبا: «لا أسعى إلى اتفاق. أعني أننا حددنا الاتفاق. إنه بنسبة 50 في المائة».

ومن جملة الأمور التي ندّد بها الرئيس الأميركي: «الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية والمضاربات المالية والملاحقات غير المبرّرة والمجحفة في حقّ الشركات الأميركية»، ما تسبّب في حدوث «عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول البتة».

ومن شأن الرسوم الجمركية الجديدة في حال تم فرضها أن ترفع بشكل كبير التعريفة البالغة حالياً 10 في المائة، وأن تؤجج توترات قائمة بين أكبر قوة اقتصادية في العالم وأكبر تكتل لشركائه التجاريين.

قلق في الأسواق

في الثاني من أبريل (نيسان) فرض ترمب رسوماً جمركية على غالبية الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في إطار ما سماه «يوم التحرير»، مع حد أدنى نسبته 10 في المائة، في حين بلغت الرسوم المفروضة على الاتحاد الأوروبي 20 في المائة.

وأدت الخطوة إلى هزة كبرى في الأسواق سرعان ما هدأت بعدما أعلن تعليق الرسوم الأعلى نسبة لمدة 90 يوماً.

ومذّاك الحين، تحدّث ترمب عن تحقيق نجاحات في اتفاقات أُبرمت مع بريطانيا والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

لكن المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لم تحرز تقدّماً كبيراً، وقد هدّدت بروكسل مؤخراً بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية بقيمة نحو 100 مليار يورو (113 مليار دولار) إذا لم تخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية.

وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت في تصريح لقناة «بلومبرغ» التلفزيونية، الجمعة، إن الإبقاء على نسبة 10 في المائة «يتوقف على مجيء الدول أو التكتلات التجارية وتفاوضها بحسن نية».

وتنشر هذه التصريحات والبيانات ضبابية على الأسواق، ما يدعم من جاذبية الأصول عالية المخاطر، مثل الاستثمار في البورصات.