في وقت تشهد فيه السعودية إقبالاً كبيراً من الزوار، فإن هذا الأمر يفترض توفير مزيد من المرافق السياحية تواكب ضغط العروض. من هنا، يبرز قطاع المرافق الخاصة حلاً عملياً لهذا التطور، كما ينعكس إيجاباً على تحسين دخل المواطنين ملّاك هذه المرافق. وهذا ما يبرر النمو الكبير في أعداد التراخيص التي منحتها وزارة السياحة لمثل هذا النوع من المرافق، الذي زاد بما نسبته 333 في المائة خلال العام الماضي، مقارنة مع عام 2023.
وكانت وزارة السياحة أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي، بدء إلزام منصات وتطبيقات الحجز بعدم إدراج أو عرض مرافق الضيافة السياحية الخاصة غير المرخصة؛ ضماناً لجودة الخدمات المقدمة للسياح والزوار المحليين والدوليين في كل مناطق ومدن السعودية. وهددت التطبيقاتِ والمنصاتِ المخالفةَ بأنها ستواجه عقوبات، وذلك في إطار حملة «ضيوفنا أولوية» الهادفة إلى تعزيز التزام مرافق الضيافة بمعايير التراخيص والتصنيف، وضمان امتثالها للشروط والمتطلبات التي حددها «نظام السياحة ولوائحه».
مرافق الضيافة السياحية الخاصة تسجّل نموًا استثنائيًا بنسبة تجاوزت 330٪ في عام 2024 مقارنةً بعام 2023، مما يعكس توسّع القطاع وزيادة الإقبال على الاستثمار في قطاع السياحة بالمملكة.#ضيوفنا_أولوية pic.twitter.com/3uGnf14BfS
— وزارة السياحة (@Saudi_MT) April 16, 2025
تمكين المستثمرين
وفق البيانات الأولية الصادرة عن وزارة السياحة، فقد بلغ عدد تراخيص مرافق الضيافة السياحية الخاصة 8357 ترخيصاً في العام الماضي، مقابل 1929 ترخيصاً في 2023. ووفق «نظام السياحة»، فإن تعريف مرفق الضيافة السياحي الخاص يشمل «كل وحدة عقارية مؤثثة ومستقلة ومملوكة لفرد، ومرخصة من وزارة السياحة، وتوفر خدمة المبيت بشكل يومي للسائح مقابل أجر». وأشار المتحدث الرسمي باسم وزارة السياحة، محمد الرساسمة، إلى أن «النمو المتصاعد في أعداد التراخيص الصادرة لمرافق الضيافة السياحية الخاصة، يأتي تأكيداً لحرص الوزارة على تمكين المستثمرين الأفراد في قطاع الضيافة من الحصول على ترخيص الوزارة اللازم للتشغيل، في إطار ضمان الارتقاء بالخدمات المقدمة». ولفت إلى أن «هذه الجهود تأتي في إطار حملة (ضيوفنا أولوية)، التي تهدف إلى تعزيز التزام مرافق الضيافة بمعايير التراخيص والتصنيف، وضمان امتثالها للاشتراطات والمتطلبات التي حددها (نظام السياحة ولوائحه)».
تحسين مصادر الدخل
وقال رجل الأعمال والمستثمر في قطاع السياحة والترفيه، ماجد الحكير، لـ«الشرق الأوسط»، إن المرافق السياحية الخاصة «باتت من الحلول المناسبة لرفع حجم المعروض أمام الطلب العالي في السعودية مؤخراً، بعد أن أصبحت البلاد وجهة جاذبة للزوار المحليين والأجانب لاستكشاف جميع المناطق السياحية التي جرى تطويرها، وبالتالي أصبح من الضروري وجود أكبر عدد ممكن من الغرف لاستيعاب حجم الإقبال».
وبين الحكير أن أهمية المرافق السياحية الخاصة «تكمن في تحسين مصادر دخل المواطنين، وهي فرصة استثمارية مهمة للأفراد في الوقت الراهن، نظراً إلى ما تشهده السعودية من تطورات سياحية تتطلب استكشاف حجم الفرص المتنوعة». وأضاف الحكير أن وزارة السياحة «تدخلت في المدة الأخيرة لتنظيم هذا القطاع، ولضمان جودة الخدمات المقدمة للسياح والزوار المحليين والدوليين في كل مناطق ومدن البلاد، عبر إصدار تراخيص نظامية»، موضحاً أن «النمو المتصاعد في أعداد التراخيص يأتي لتمكين المستثمرين والمشغلين في قطاع الضيافة، وتأكيداً على حجم الطلب المتنامي في القطاع».
الفرص الوظيفية
من جهته، أفاد المؤسس والشريك في شركة «الصرح» للسياحة، مهيدب المهيدب، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «خلال السنوات الخمس الأخيرة، لوحظ تحول في نشاط المكاتب السياحية، فقد أصبح معظمها يركز على استقبال الزوار الآتين إلى السعودية، وهو التوجه السائد حالياً. هذا التحول يشمل أيضاً زيادة واضحة في السياحة الداخلية بدلاً من تصديرها إلى الخارج؛ مما يعد مؤشراً قوياً على التفاعل والتجاوب مع المبادرات التي تقدمها وزارة السياحة، خصوصاً في حضور المؤتمرات الدولية المختصة»، طبقاً للمهيدب. وتوقع أن «تفتح هذه النهضة السياحية آفاقاً واسعة للكوادر الوطنية، مع فرص وظيفية قد تتضاعف بنسبة 100 في المائة أو أكثر خلال العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة»، وأن «يتضاعف نشاط السياحة في السعودية خلال السنوات الخمس المقبلة بنسبة تتراوح بين 50 و100 في المائة سنوياً؛ إذا نُفذت البرامج والخطط التي وضعتها وزارة السياحة».
زيادة الإيرادات
بدوره، أكد المختص الاقتصادي والأكاديمي في جامعة الملك عبد العزيز، الدكتور سالم باعجاجة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «النمو الكبير في مرافق الضيافة والسياحة جاء نتيجة حرص وزارة السياحة على جذب المستثمرين الأجانب». وتابع أن «هذا النمو يعكس زيادة الطلب من قبل المستثمرين الأجانب على الاستثمار في السعودية ضمن حملة (ضيوفنا أولوية)، التي تأتي في سياق تنفيذ (رؤية 2030) الهادفة إلى زيادة عدد السياح الآتين إلى السعودية». وأوضح أن «قطاع السياحة يشهد نمواً ملحوظاً؛ مما يساهم في زيادة الإيرادات لمصلحة المواطنين».