فوضى الرسوم تهيمن على اجتماع «المركزي الأوروبي» يوم الخميس

وسط توقعات بخفض الفائدة

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT
20

فوضى الرسوم تهيمن على اجتماع «المركزي الأوروبي» يوم الخميس

مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

يجتمع البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس، وسط تركيز كامل على تداعيات فوضى الرسوم الجمركية، وما إذا كانت تستدعي مزيداً من خفض أسعار الفائدة، من قبل صانعي السياسات النقدية.

فقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في وقت سابق من أبريل (نيسان) فرض رسوم جمركية متبادلة على مختلف دول العالم، شملت 20 في المائة على واردات الاتحاد الأوروبي، قبل أن يتراجع عنها فجأة الأسبوع الماضي لمدة 90 يوماً، ما أحدث تقلبات حادة في الأسواق المالية، وفق «رويترز».

لكن هذه المهلة الإضافية للتفاوض لم تُهدِّئ الأسواق القلقة؛ بل ظل الغموض مسيطراً على المشهد. ففي يوم الجمعة، استثنت الولايات المتحدة بعض واردات الإلكترونيات من الرسوم المرتفعة، ثم أعلنت أن هذا الإعفاء سيكون مؤقتاً، مما زاد من حالة عدم اليقين.

وقال ينس آيزنشميت، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في «مورغان ستانلي»: «سيكون من المثير للاهتمام معرفة كيف سيسير البنك المركزي الأوروبي على هذا الحبل المشدود، مع الاعتراف بما يجب الاعتراف به، من دون تبني نبرة متشائمة أكثر من اللازم».

وفيما يلي 5 أسئلة رئيسية للأسواق:

1- هل سيخفِّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة الخميس المقبل؟

الأرجح أنه سيفعل.

تسعِّر الأسواق بالكامل خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس، ما سيهبط بسعر الفائدة على الودائع إلى 2.25 في المائة، وهو تحوّل في التوقعات؛ إذ كانت السوق تعدُّ ذلك مجرد احتمال متساوٍ قبل أن تبدأ الرسوم المتبادلة التي أعلنها ترمب بالتحقق.

ولم يستبعد مصرف «سوسيتيه جنرال» خفضاً أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، للخروج بوضوح من السياسة النقدية التقييدية.

وكانت الآراء داخل البنك متباينة سابقاً بشأن خفض في أبريل، ولكن بعض الأعضاء رأوا أن التطورات المتعلقة بالرسوم عززت مبررات هذا القرار.

2- كيف ستؤثر الرسوم الجديدة التي فرضها ترمب على النمو والتضخم؟

من الصعب الجزم، نظراً لما ستؤول إليه المفاوضات. ولكن حتى مع المهلة المؤقتة، ما زال الاتحاد الأوروبي يخضع لرسوم بنسبة 10 في المائة بشكل عام، إضافة إلى رسوم أعلى على الصلب والألمنيوم والسيارات، وكل ذلك سيؤثر سلباً على النمو.

وقبل تراجع ترمب المفاجئ، الأربعاء، قالت مصادر من البنك المركزي الأوروبي لـ«رويترز»، إن تقديراً سابقاً بخسارة نصف نقطة مئوية في النمو خلال العام الأول كان متفائلاً جداً، وإن الضرر قد يتجاوز نقطة مئوية كاملة، ما يعني القضاء على كل توقعات النمو لعام 2025.

أما أثر الرسوم على التضخم فغير واضح، وسيتوقف على مستوى الرد الأوروبي على إجراءات ترمب، وعلى مدى تفكك سلاسل التجارة العالمية في المدى البعيد.

لكن حالياً، انخفضت أسعار النفط بنسبة 13 في المائة هذا الشهر، وارتفع اليورو أكثر من 9 في المائة منذ بداية مارس (آذار)، بينما الصين –أكبر مُصدِّر للاتحاد الأوروبي– هي الأكثر تضرراً من الرسوم، وكلها عوامل تدفع نحو مزيد من الانكماش السعري.

وقالت سيما شاه، كبيرة استراتيجيي الأسواق العالمية في «برينسيبال لإدارة الأصول»: «هناك مراجعة شاملة بالخفض لتوقعات النمو، وبما أن اليورو قوي جداً مما يكبح التضخم، يمكن للبنك المركزي أن يركز في المدى القريب على النمو».

3- هل سيضطر البنك إلى تسريع وتيرة خفض الفائدة؟

الأسواق تعتقد ذلك. يتوقع المتداولون الآن خفضين إضافيين في أسعار الفائدة هذا العام بعد خفض الخميس. وهذا تحوُّل كبير؛ إذ كانت الأسواق سابقاً لا تتوقع خفضاً آخر قبل 2026.

لكن المحللين الاقتصاديين يرون مساراً أكثر تحفظاً. فقد أظهر استطلاع لـ«رويترز» أن التوقعات المتوسطة تشير إلى خفض واحد إضافي فقط، ليصل سعر الفائدة إلى 2 في المائة في النصف الثاني من العام.

وقال ينس آيزنشميت من «مورغان ستانلي»: «المشكلة الأساسية هي أننا نواجه قدراً هائلاً من الغموض بشأن طبيعة السياسة الاقتصادية التي يمكن توقعها من الولايات المتحدة، وهذه المشكلة لا تزال قائمة».

4- هل ستساهم الحوافز المالية الألمانية في إنقاذ الموقف؟

ليس بعد.

يُعد إصلاح ألمانيا لقواعدها الدستورية المتعلقة بالديون، من أجل زيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع، تحولاً كبيراً في سياسة الاتحاد الأوروبي، ولكن أثره الاقتصادي لن يظهر إلا لاحقاً.

وقال سايمون ويلز، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في «إتش إس بي سي»: «الأثر الاقتصادي للإنفاق المالي الألماني هو قصة عام 2026، وليس 2025».

5- إلى أي مدى يشعر البنك المركزي الأوروبي بالقلق إزاء الاستقرار المالي؟

لا يبدو أن صناع القرار يشعرون بالقلق الشديد حتى الآن، ولكنهم كثفوا مراقبتهم للبنوك والأسواق.

وعلى الرغم من تقلبات السندات الأوروبية، فإنها لم تكن بحدة نظيرتها الأميركية نفسها، كما أن الفجوة في كلفة الاقتراض بين الدول الأوروبية الفقيرة وألمانيا لم تتسع لمستويات مقلقة.

لكن لا يزال البنك المركزي الأوروبي قلقاً من أن تنتقل الضغوط المالية من الشركات غير المالية إلى المقرضين التقليديين خلال فترات اضطراب الأسواق. ويُعتقد أن تخلِّي بعض صناديق التحوط عن رهانات مثقلة بالديون كان له دور في التقلبات الأخيرة.

وقال غريغوار بيسكيس، رئيس الاستثمار في أدوات الدخل الثابت في «أموندي» (أكبر شركة إدارة أصول في أوروبا): «أتوقع أن يقول البنك المركزي إنه مستعد للتحرك إذا ما كانت تقلبات السوق غير مبررة بالنظر إلى الأساسيات».

وبالفعل، قالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، يوم الجمعة، إن البنك مستعد لاستخدام أدواته للحفاظ على الاستقرار المالي، وإن لديه سجلاً قوياً في ابتكار أدوات جديدة عند الحاجة.


مقالات ذات صلة

ضغوط البيانات الاقتصادية تُخفض عوائد سندات منطقة اليورو

الاقتصاد أوراق نقدية من اليورو (رويترز)

ضغوط البيانات الاقتصادية تُخفض عوائد سندات منطقة اليورو

تراجعت عوائد سندات حكومات منطقة اليورو، يوم الأربعاء، عقب صدور سلسلة من البيانات الاقتصادية التي عززت توقعات المستثمرين بقيام «المركزي الأوروبي» بتيسير نقدي.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد  لافتة خارج مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

مسح «المركزي الأوروبي» يظهر ارتفاع توقعات التضخم للسنوات المقبلة

أظهر مسح أجراه البنك المركزي الأوروبي، يوم الثلاثاء، أن مستهلكي منطقة اليورو رفعوا توقعاتهم بشأن التضخم للسنوات المقبلة في مارس.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت )
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

رين من «المركزي الأوروبي»: خفض إضافي للفائدة وارد

قال أولي رين، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، إن البنك قد يحتاج إلى خفض أسعار الفائدة بشكل إضافي، مشيراً إلى أنه لا ينبغي استبعاد إجراء تخفيض أكبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يتوقع تباطؤ نمو الأجور في 2025

من المتوقع أن يشهد نمو الأجور بمنطقة اليورو تباطؤاً ملموساً، خلال العام الحالي، وفق بيانات صدرت، يوم الأربعاء، عن البنك المركزي الأوروبي.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد كريستين لاغارد تتحدث خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماع المجلس التنفيذي للمركزي الأوروبي في فرانكفورت 17 أبريل 2025 (أ.ب)

لاغارد: آمل ألا يكون احتمال إقالة باول مطروحاً

أعربت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، الثلاثاء عن أملها في ألا يكون احتمال إقالة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزير السياحة المصري: الاستقرار وثقة السائح مفتاحا نمو القطاع

وزير السياحة المصري: نعمل على تعزيز التكامل العربي في السياحة البينية
0 seconds of 1 minute, 44 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:45
01:44
 
TT
20

وزير السياحة المصري: الاستقرار وثقة السائح مفتاحا نمو القطاع

شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)
شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)

أكد وزير السياحة والآثار في مصر، شريف فتحي، أن الاستقرار السياسي في البلاد، وثقة السائح المتراكمة عبر عقود طويلة، ركيزتان أساسيتان في استمرار نمو القطاع السياحي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة.

وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في «سوق السفر العربي» في دبي إن مصر لطالما استعادت عافيتها السياحية سريعاً بعد الأزمات، ما يعكس متانة الوجهة، وثقة الأسواق العالمية في المقصد المصري.

وأوضح أن هذا النمو لم يكن مصادفة، بل نتيجة عمل مؤسسي طويل الأمد تقوده الدولة، مدعوماً ببرامج تسويقية متطورة، واستثمارات متزايدة في البنية التحتية، والخدمات الفندقية.

وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي (الشرق الأوسط)
وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي (الشرق الأوسط)

المنافسة الخليجية... تكامل لا تعارض

وحول المنافسة المتزايدة بين الوجهات السياحية في المنطقة، شدد فتحي على أن التنافس في السياحة العربية «صحي وضروري»، لكنه لا يلغي فرص التكامل.

وكشف عن لقاء جمعه مؤخراً بوزيرة السياحة البحرينية، تم خلاله الاتفاق على بحث إطلاق برامج سياحية مشتركة بين البلدين، بما يتيح للمسافرين العرب والأجانب زيارة وجهات متعددة ضمن حزمة واحدة.

وقال فتحي: «لدينا أيضاً تعاون مع السعودية، وقطر، والأردن، ونؤمن بأن السائح يمكن أن يستفيد من تنسيق عربي مشترك، بحيث تتكامل التجارب السياحية، وتُبنى على نقاط القوة لكل بلد».

وأضاف أن هذه المبادرات، وإن لم تحقق أرقاماً ضخمة مباشرة، فإنها تعزز من قيمة التجربة السياحية، وتفتح آفاقاً جديدة للسوق.

شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)
شريف فتحي وزير السياحة والآثار في مصر في الجناح المصري المشارك في سوق السفر العربي في دبي (الشرق الأوسط)

تنوع في المنتج السياحي

وتطرق وزير السياحة والآثار المصري عن رؤية الوزارة التي تركز على استثمار الميزة التنافسية الكبرى لمصر، والمتمثلة في تنوع أنماط السياحة، وقال: «لدينا منتج سياحي متفرد، يجمع بين التاريخ الفرعوني، والآثار القبطية والإسلامية، والسياحة الشاطئية والصحراوية، والواحات، والمنتجعات العالمية في شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي».

وأشار إلى أن الوزارة أطلقت حملات تسويقية حديثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، استهدفت أسواقاً أوروبية، وحققت أكثر من 100 مليون مشاهدة خلال أيام، مما ساهم في رفع معدلات الاهتمام بمصر على أنها وجهة متنوعة، وآمنة.

جانب من الجناح المصري في سوق السفر العربي (الشرق الأوسط)
جانب من الجناح المصري في سوق السفر العربي (الشرق الأوسط)

تمكين القطاع الخاص

وأكد فتحي أن الوزارة تعمل على تمكين القطاع الخاص، بوصفه المحرك الأساسي لصناعة السياحة، وأضاف: «نحن لا ندير رحلات السائحين، بل نهيئ البيئة التنافسية، ونرفع من جودة الخدمات»، لافتاً إلى أن مصر تشهد تطوراً مستمراً في مستوى الخدمات، من المطارات إلى الفنادق، والمزارات، نافياً أن تكون معدلات الازدحام مشكلة مقارنةً بدول سياحية أخرى.

كما أشار إلى أن عام 2025 يتوقع أن يشهد نمواً في أعداد السياح بنسبة تصل إلى 8 في المائة، بعدما سجل الربع الأول نمواً بنسبة 25 في المائة، واعتبر أن استمرار هذا الزخم ممكن في حال الحفاظ على الاستقرار، وتحسين القدرة الشرائية العالمية.

مشاركة سوق السفر العربي

وفي ختام حديثه، تطرق فتحي إلى مشاركة مصر بجناح ضخم في «سوق السفر العربي»، معتبراً أن الحضور المصري في هذه التظاهرة السياحية الكبرى يعكس الاهتمام الرسمي بالأسواق الخليجية، والعربية.

وقال: «الجناح يمتد على مساحة 800 متر مربع، ويضم 77 عارضاً، إلى جانب شركات كبرى لها أجنحة منفصلة. التصميم هذا العام يعكس التجديد، ويضم تقنيات الواقع الافتراضي، وأقساماً لعرض المقتنيات الأثرية».

وأضاف أن المشاركة ليست فقط للترويج، بل أيضاً لتعزيز الشراكات مع الأسواق الخليجية التي تُعد امتداداً طبيعياً للسياحة المصرية، وقال: «نحن لا نتعامل مع السائح الخليجي كزائر، بل كأحد أهل الدار».