وزير المالية الفرنسي: على الاتحاد الأوروبي تجنب ردود تضر مستهلكيه

لومبارد يفتح الباب لتجاوز هدف خفض العجز بسبب تداعيات الرسوم

وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد يلقي كلمة خلال المؤتمر السنوي الـ13 لبورصة «يورونكست» في باريس... 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد يلقي كلمة خلال المؤتمر السنوي الـ13 لبورصة «يورونكست» في باريس... 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
TT

وزير المالية الفرنسي: على الاتحاد الأوروبي تجنب ردود تضر مستهلكيه

وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد يلقي كلمة خلال المؤتمر السنوي الـ13 لبورصة «يورونكست» في باريس... 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)
وزير المالية الفرنسي إريك لومبارد يلقي كلمة خلال المؤتمر السنوي الـ13 لبورصة «يورونكست» في باريس... 18 مارس 2025 (أ.ف.ب)

قال وزير المالية الفرنسي، إريك لومبارد، يوم الجمعة، إن على الاتحاد الأوروبي ألا يرد على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب باتخاذ إجراءات مضادة قد تضر بمستهلكي الاتحاد.

وكان ترمب قد أعلن، يوم الأربعاء، فرض رسوم جمركية شاملة بمعدل أساسي يبلغ 10 في المائة على واردات عشرات الدول إلى الولايات المتحدة، في خطوة أثارت مخاوف واسعة من ارتفاع الأسعار، وأدت إلى تراجع الأسواق العالمية، بينما بدأت دول عدة تبحث اتخاذ إجراءات انتقامية ضد واشنطن، بحسب «رويترز».

وفي مقابلة مع قناة «بي إف إم» التلفزيونية، قال لومبارد: «نعكف على إعداد حزمة من الردود التي تتجاوز نطاق الرسوم الجمركية، بهدف إعادة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات، والوصول إلى اتفاق منصف».

وأشار إلى وجود انقسام داخل الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية الرد الأمثل على هذه الرسوم، مشيراً إلى أداة «مكافحة الإكراه» التي تتيح للاتحاد الرد على الدول التي تمارس ضغوطاً اقتصادية على أعضائه بهدف التأثير في سياساتهم.

ومن بين الدول التي تبدي حذراً في الرد، خشية تصعيد التوتر مع الولايات المتحدة، آيرلندا، وإيطاليا، وبولندا، إضافة إلى الدول الاسكندنافية.

وكان ترمب قد فرض رسوماً جمركية بنسبة 20 في المائة على واردات الاتحاد الأوروبي، مع زيادات على بعض المنتجات الفرنسية.

وقال لومبارد محذراً: «إذا قمنا بالرد بالمثل، وفرضنا رسوماً على جميع الواردات الأميركية، فإننا نُعرّض أوروبا لآثار سلبية، من بينها تسارع التضخم وتراجع النمو».

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد اقترح، يوم الخميس، أن تُعلّق الشركات الأوروبية استثماراتها في الولايات المتحدة إلى حين «اتّضاح الأمور» مع واشنطن.

وعلّق لومبارد على ذلك قائلاً إن للشركات حرية اتخاذ القرار بشأن تعليق استثماراتها. وأضاف: «نحن نلجأ اليوم إلى الوطنية الاقتصادية لأننا في خضم مواجهة بين الكتل التجارية الكبرى في العالم. وأوروبا تملك كل المقومات لتكون في مصاف هذه القوى، لكن ذلك يتطلب جهداً جماعياً».

وفي سياق منفصل، لمّح لومبارد إلى إمكانية تجاوز هدف خفض العجز هذا العام، مستبعداً اللجوء إلى تقليص الإنفاق أو فرض ضرائب جديدة لتعويض أي نقص محتمل في النمو.

وقال إن الظروف الاقتصادية لا تزال غير واضحة، ومن الضروري الانتظار لبعض الوقت لرؤية نتائج المفاوضات مع الولايات المتحدة حول الرسوم الأخيرة، وتقييم أثرها على الاقتصاد الفرنسي.

وأضاف: «إذا استمرت هذه الرسوم، فمن الطبيعي أن تتراجع الإيرادات، ويضعف الناتج المحلي الإجمالي، ما سينعكس سلباً على العجز. وفي مثل هذه الظروف، أرى أنه من الضروري القبول بذلك حفاظاً على مصلحة الشعب الفرنسي».

وكان البنك المركزي الفرنسي قد خفّض توقعاته للنمو لهذا العام من 0.9 في المائة إلى 0.7 في المائة، بعد أن سجَّل الاقتصاد نمواً بنسبة 1.1 في المائة العام الماضي.

وتسعى الحكومة الفرنسية إلى تقليص العجز المالي إلى 5.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، مقارنة بـ5.8 في المائة العام الماضي، في إطار خطة تدريجية لخفض العجز إلى سقف الاتحاد الأوروبي البالغ 3 في المائة بحلول عام 2029.

ورغم هذه المساعي، فإن فرنسا لا تزال تعاني من واحدة من أكبر الفجوات المالية في الاتحاد الأوروبي، وعلى عكس كثير من الاقتصادات الكبرى الأخرى، ومن غير المرجّح أن تتمكَّن باريس من خفض ديونها إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول نهاية العقد.


مقالات ذات صلة

ترمب يهدد برسوم 50 % على واردات الاتحاد الأوروبي بدءاً من يونيو

الاقتصاد ترمب يحضر فعالية «لنجعل أميركا صحيّة مجدداً» في البيت الأبيض (أ.ب)

ترمب يهدد برسوم 50 % على واردات الاتحاد الأوروبي بدءاً من يونيو

هدَّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الجمعة، بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على الواردات المقبلة من الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من الأول من يونيو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد ترمب يغادر البيت الأبيض لحضور عشاء خاص بالعملات المشفرة في ناديه للغولف بواشنطن (أ.ب)

ترمب يلوّح بفرض رسوم 25 % على «أبل» إذا لم تُنتج «آيفون» محلياً

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الجمعة، إن شركة «أبل» ستضطر إلى دفع رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة إذا لم تُصنع الهواتف التي تُباع في البلاد داخل أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شاحنة تمر أمام رافعات خلال جولة إعلامية في ميناء كراتشي (رويترز)

باكستان تعرض حوافز تعدين لشركات أميركية لتفادي الرسوم

تعتزم باكستان تقديم حوافز استثمارية للشركات الأميركية في قطاع التعدين، في إطار مفاوضاتها الجارية مع واشنطن بشأن الرسوم الجمركية.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
الاقتصاد رجل يشير إلى لوحة تعرض تقلبات مؤشرات السوق في بورصة ساو باولو بالبرازيل (رويترز)

الأسواق الناشئة تتصدر الأداء العالمي بفضل تقييماتها الجذابة

تتصدر صناديق أسهم الأسواق الناشئة الأداء العالمي هذا العام، مدفوعةً بتقييمات جذابة، وتراجع تمركز المستثمرين فيها خلال السنوات الماضية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد عامل بمصنع شركة «كالدير براذرز» في تايلورز بساوث كارولاينا (رويترز)

نشاط الأعمال الأميركي يتحسن في مايو بدعم هدنة التجارة

شهد نشاط الأعمال في الولايات المتحدة تحسناً خلال مايو (أيار)، في ظل هدنة مؤقتة في الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يهدد برسوم 50 % على واردات الاتحاد الأوروبي بدءاً من يونيو

ترمب يحضر فعالية «لنجعل أميركا صحيّة مجدداً» في البيت الأبيض (أ.ب)
ترمب يحضر فعالية «لنجعل أميركا صحيّة مجدداً» في البيت الأبيض (أ.ب)
TT

ترمب يهدد برسوم 50 % على واردات الاتحاد الأوروبي بدءاً من يونيو

ترمب يحضر فعالية «لنجعل أميركا صحيّة مجدداً» في البيت الأبيض (أ.ب)
ترمب يحضر فعالية «لنجعل أميركا صحيّة مجدداً» في البيت الأبيض (أ.ب)

هدَّد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يوم الجمعة، بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على الواردات المقبلة من الاتحاد الأوروبي، اعتباراً من الأول من يونيو (حزيران)، عادّاً التكتل الأوروبي شريكاً تجارياً «يصعب التعامل معه»، على حد تعبيره.

وكتب ترمب على منصة «تروث سوشيال»: «الاتحاد الأوروبي، الذي أُنشئ في الأصل لتحقيق مكاسب تجارية على حساب الولايات المتحدة، كان ولا يزال من الصعب جداً التعامل معه. فالحواجز التجارية الهائلة التي يفرضها، إلى جانب ضرائب القيمة المضافة المرتفعة، والعقوبات المبالغ فيها على الشركات، والإجراءات غير التعريفية، والتلاعب بالعملة، والدعاوى القضائية غير العادلة والمبنية على أسس واهية ضد الشركات الأميركية، كلها عوامل أسهمت في عجز تجاري سنوي مع الاتحاد يتجاوز 250 مليار دولار، وهو رقم غير مقبول على الإطلاق».

وأضاف: «لقد أثبتت مفاوضاتنا معهم أنها عقيمة ولا تؤدي إلى أي نتائج ملموسة. لذلك، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المائة على واردات الاتحاد الأوروبي اعتباراً من 1 يونيو 2025. ولن تُفرض هذه الرسوم إذا تم تصنيع المنتج داخل الولايات المتحدة».

وقد أثارت تصريحاته ردود فعل فورية في الأسواق، إذ تراجعت الأسهم الأوروبية بشكل ملحوظ، وتخلى اليورو عن جزء من مكاسبه، بينما هبطت عوائد السندات الحكومية في منطقة اليورو بشكل حاد.

وأدت تصريحات ترمب إلى تقويض التوقعات التي كانت تشير إلى احتمال إلغاء معظم الرسوم الجمركية التي أُعلنت في مطلع أبريل (نيسان)، وهي التوقعات التي ساعدت على دعم أسواق الأسهم خلال الأسابيع الماضية.

وتراجع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي، الأوسع نطاقاً، بنسبة 2 في المائة في التداولات الأخيرة، وسط انخفاض حاد لأسهم قطاعَي السيارات والبنوك بأكثر من 3 في المائة.

كما هبطت العقود الآجلة لمؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأميركي بنحو 1.5 في المائة، مع ازدياد قلق المستثمرين من أن تؤدي الرسوم الجديدة إلى إبطاء النمو الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة والعالم. وقال هولغر شميدينغ، كبير الاقتصاديين في بنك «بيرينبرغ»: «هذا تصعيد كبير في التوترات التجارية. مع ترمب، لا أحد يعرف ما قد يحدث، لكن من المؤكد أن هذا الإجراء سيشكِّل تصعيداً واسع النطاق. وسيُجبر الاتحاد الأوروبي على الرد، ما سيُلحق ضرراً كبيراً باقتصادَي الجانبين».

ودفعت هذه التطورات المستثمرين إلى تعزيز رهاناتهم على احتمال تخفيف السياسة النقدية من قبل البنك المركزي الأوروبي هذا العام، وهو ما انعكس في اتجاههم نحو شراء السندات الحكومية.

وتراجع عائد السندات الألمانية لأجل عامين، الحساسة لأسعار الفائدة، بمقدار 10 نقاط أساس إلى 1.73 في المائة، في حين هبط عائد السندات القياسية لأجل 10 سنوات بـ9 نقاط أساس ليصل إلى 2.55 في المائة.

وفي أسواق العملات، كان الين الياباني - بوصفه ملاذاً آمناً تقليدياً - الرابح الأكبر؛ إذ تراجع الدولار الأميركي أمام الين بنسبة 0.9 في المائة إلى 142.77. كما هبط اليورو أمام الين بنسبة 0.56 في المائة ليصل إلى 161.43 ين.

أما مقابل الدولار الأميركي، فكان أداء اليورو أكثر استقراراً، إذ بقي مدعوماً بموجة بيع العملة الأميركية في الأسابيع الأخيرة بفعل المخاوف من الرسوم الجمركية. واستقر اليورو مرتفعاً بنسبة 0.3 في المائة خلال اليوم عند 1.1311 دولار، رغم تراجعه جزئياً بعد تصريح ترمب.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في «يو بي إس» بلندن، جيري فاولر: «كانت الرسوم الجمركية الحالية بنسبة 10 في المائة التي تفرضها أوروبا تُعدّ دائماً أفضل سيناريو، خصوصاً بالنظر إلى ما حقَّقته المملكة المتحدة. لذا، كان من المتوقع أن ترتفع هذه الرسوم، وربما تتجاوز 20 في المائة في أسوأ الحالات، مع احتمال حدوث إجراءات انتقامية من بعض دول مجموعة السبع».

وأضاف فاولر: «الوضع الحالي أسوأ بكثير، لكنه يشبه إلى حد ما الرسوم الجمركية المفروضة على الصين، التي قد لا تكون مستدامة. حتى استخدام الرئيس ترمب لعبارة (أوصي) يشير إلى أن هذه الخطوة جزء من تكتيكات تفاوضية في المرحلة الأخيرة، ولكن إذا تم تنفيذها، فسيكون الرد الأوروبي بالغ الأهمية، مما يخلق تحديات كبيرة».

من جانبها، قالت فيونا سينكوتا، كبيرة محللي السوق في «سيتي إندكس» بلندن: «كانت السوق تترقب توقيع صفقات تجارية وإمكانية تفادي السيناريو الأسوأ بعد يوم من التهدئة، لكن التهديد الأخير فاق كل التوقعات السلبية. نرى تأثيراً واضحاً على الأسهم الألمانية تحديداً، كونها دولة مُصدّرة رئيسية إلى الولايات المتحدة، ما سيؤثر سلباً على أرباح الشركات وإيراداتها وهوامش ربحها، ويبرز ذلك بشكل أكبر في سوق الأسهم مقارنةً بالقطاعات الأخرى».