انتعاش معتدل لمبيعات التجزئة الأميركية في فبراير

مؤشر الدولار يوسِّع خسائره بعد صدور البيانات

متسوقون داخل متجر «كولز» في رامزي بنيوجيرسي (أ.ب)
متسوقون داخل متجر «كولز» في رامزي بنيوجيرسي (أ.ب)
TT
20

انتعاش معتدل لمبيعات التجزئة الأميركية في فبراير

متسوقون داخل متجر «كولز» في رامزي بنيوجيرسي (أ.ب)
متسوقون داخل متجر «كولز» في رامزي بنيوجيرسي (أ.ب)

انتعشت مبيعات التجزئة الأميركية في فبراير (شباط)، مما يعكس استمرار نمو الاقتصاد في الربع الأول، وإن كان بوتيرة معتدلة، في ظل تأثير الرسوم الجمركية على الواردات، وعمليات التسريح الجماعي لموظفي الحكومة الفيدرالية على ثقة المستهلكين.

وأعلن مكتب الإحصاء التابع لوزارة التجارة، يوم الاثنين، أن مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 0.2 في المائة خلال الشهر الماضي، وذلك بعد انخفاضها بنسبة 1.2 في المائة في يناير (كانون الثاني)، وفقاً لمراجعة البيانات. وكان خبراء اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا ارتفاعاً بنسبة 0.6 في المائة، بعد التقدير الأولي لانخفاض بنسبة 0.9 في المائة في يناير، وفق «رويترز».

وجاء هذا التراجع عقب مكاسب قوية في الربع الأخير، متأثراً بالعواصف الشتوية التي اجتاحت أجزاء واسعة من البلاد في يناير، بالإضافة إلى حرائق الغابات في كاليفورنيا. ومع ذلك، فإن تراجع معنويات المستهلكين إلى أدنى مستوى لها في نحو عامين ونصف خلال مارس (آذار) قد يحدّ من استمرار هذا الزخم.

وقد أثارت سلسلة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، في إطار الحرب التجارية، مخاوف بشأن التضخم، وفقدان الوظائف، وانخفاض الدخل، وهي عوامل قد تُضعف إنفاق المستهلكين. كما أن عمليات التسريح الجماعي لموظفي القطاع العام، في إطار حملة إدارة ترمب لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية، تُسهم في تراجع مستويات الإنفاق.

وتُظهر بيانات بطاقات «بنك أوف أميركا» بوادر مبكرة على تراجع الإنفاق التقديري، لا سيما في المطاعم بمنطقة واشنطن، العاصمة الحضرية التي تشمل أجزاءً من ولايتي ماريلاند وفرجينيا. كما قد يحدّ تراجع سوق الأسهم من الإنفاق، خصوصاً بين الأسر ذات الدخل المرتفع، في حين يُثقل ارتفاع أسعار المواد الغذائية كاهل الأسر ذات الدخل المنخفض.

في سياق متصل، صرّح وزير الخزانة، سكوت بيسنت، في وقت سابق من هذا الشهر، بأن الاقتصاد قد يشهد تباطؤاً مع انتقاله من مرحلة الإنفاق العام إلى مرحلة الإنفاق الخاص، واصفاً ذلك بـ«فترة التخلص من السموم».

من جهة أخرى، ارتفعت مبيعات التجزئة، باستثناء السيارات والبنزين ومواد البناء والخدمات الغذائية، بنسبة 1 في المائة في فبراير، بعد انخفاض مُعدّل بنفس النسبة في يناير. وتتماشى هذه المبيعات، المعروفة باسم مبيعات التجزئة الأساسية، بشكل وثيق مع مكون إنفاق المستهلك في الناتج المحلي الإجمالي.

وكان الاقتصاديون قد توقعوا ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة بعد التقدير الأولي لانخفاض 0.8 في المائة في يناير. كما يتوقعون تباطؤاً ملحوظاً في إنفاق المستهلكين خلال الربع الأول، مقارنةً بمعدل النمو السنوي القوي البالغ 4.2 في المائة في الربع الثالث من عام 2020.

ويتوقع بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.4 في المائة، إلا أن معظم تقديرات الاقتصاديين تشير إلى معدل نمو يبلغ 1.2 في المائة خلال هذا الربع. يُذكر أن الاقتصاد الأميركي نما بنسبة 2.3 في المائة في الربع الرابع.

وتفاعلت الأسواق المالية بشكل متباين مع صدور بيانات مبيعات التجزئة الأميركية. وواصل مؤشر الدولار الأميركي تكبّد الخسائر عقب صدور بيانات مبيعات التجزئة، متراجعاً بنسبة 0.15 في المائة ليستقر عند مستوى 103.57، مما يعكس ضغوطاً مستمرة على العملة الأميركية وسط تقييم الأسواق لتوقعات الإنفاق الاستهلاكي والتوجهات النقدية المستقبلية.

وانعكست البيانات أيضاً على تحركات العملات الرئيسية، حيث ارتفع زوج الدولار/ين قليلاً بنسبة 0.01 في المائة إلى 148.66، في حين ارتفع زوج اليورو/ين بنسبة 0.11 إلى 1.0895 دولار.

في المقابل، سجل الجنيه الإسترليني مكاسب أقوى، حيث ارتفع بنسبة 0.22 في المائة إلى 1.2966 دولار، بدعم من توقعات أكثر تفاؤلاً بشأن السياسة النقدية. وفي كندا، ارتفع الدولار الكندي مقابل نظيره الأميركي عقب البيانات الاقتصادية، ليرتفع بنسبة 0.2 في المائة إلى 1.4338 دولار كندي مقابل الدولار الأميركي، أي ما يعادل 69.74 سنت أميركي، بعد تداوله بين 1.4339 دولار و1.4383 دولار خلال اليوم.

وفي سوق السندات، انخفضت عائدات سندات الحكومة الكندية لأجل 10 سنوات بمقدار 5.1 نقطة أساس لتستقر عند 3.015 في المائة، وهو ما يعكس تحوط المستثمرين وسط مؤشرات على تباطؤ اقتصادي محتمل.


مقالات ذات صلة

«وول ستريت» تترقب بحذر إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية

الاقتصاد متداولون يعملون في قاعة بورصة نيويورك (أ.ب)

«وول ستريت» تترقب بحذر إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية

قد يُبدد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب المقرر في الثاني من أبريل بشأن سياسة التعريفات الجمركية حالة الضبابية التي خيمت على الأسواق المالية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد تمثال جوشوا جيبسون خارج حديقة ناشيونالز بينما تتفتح أشجار الكرز (أ.ب)

صندوق النقد الدولي يقيّم خطط ترمب للرسوم الجمركية

قال صندوق النقد الدولي إنه يُواصل تقييم تأثير خطط الرئيس دونالد ترمب للرسوم الجمركية، بما في ذلك الرسوم الجديدة على السيارات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لأفق مانهاتن كما يُرى من برج مركز التجارة العالمي الأول في مدينة نيويورك (رويترز)

النمو الاقتصادي الأميركي يسجل 2.4 % في الربع الأخير

نما الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.4 في المائة خلال الربع الأخير من عام 2024، وفق التقديرات المعدَّلة التي أصدرتها الحكومة، يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لوحة توظيف مع رمز «كيو آر» في نافذة متجر بأرلينغتون فيرجينيا (رويترز)

انخفاض طلبات البطالة الأسبوعية في الولايات المتحدة

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة خلال الأسبوع الماضي، بينما أظهرت المؤشرات أن معدل البطالة قد استقر في مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد متداول يعمل في قاعة بورصة نيويورك (رويترز)

غموض الرسوم الجمركية يدفع عوائد سندات الخزانة الأميركية للارتفاع الطفيف

ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية بشكل طفيف يوم الأربعاء، حيث راقب المستثمرون عن كثب احتمالية إعفاءات من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

النمو البريطاني يسجل ارتفاعاً هامشياً في الربع الأخير وسط تباطؤ الإنفاق

صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)
صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)
TT
20

النمو البريطاني يسجل ارتفاعاً هامشياً في الربع الأخير وسط تباطؤ الإنفاق

صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)
صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)

سجّل الناتج المحلي الإجمالي البريطاني ارتفاعاً هامشياً بنسبة 0.1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، بعد أن ظل مستقراً عند صفر في المائة في الربع الثالث، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني.

ويبدو أن الأسر تواصل الإحجام عن الإنفاق وسط تصاعد حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية. وأكد كبير الاقتصاديين في مكتب الإحصاء الوطني، غرانت فيتزنر، أن «الاقتصاد لا يزال يُظهر نمواً ضئيلاً منذ الصيف الماضي»، مشيراً إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد - وهو مؤشر رئيسي لمستويات المعيشة - يعاني من ركود فني بعد انخفاضه لربعين متتاليين، وفق صحيفة «تلغراف».

تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المائة خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) 2024، ولم يُسجل أي نمو يُذكر على مدار العام بأكمله. ويأتي هذا التباطؤ في أعقاب قيام مكتب مسؤولية الموازنة يوم الأربعاء بخفض توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني لعام 2025 إلى 1 في المائة فقط، بعد أن كانت تقديراته السابقة تشير إلى 2 في المائة.

وعلى النقيض من ذلك، شهدت مبيعات التجزئة البريطانية ارتفاعاً غير متوقع في فبراير (شباط)، متجاوزة معظم توقعات المحللين الذين رجّحوا حدوث انخفاض في ظل ضعف الأداء الاقتصادي العام. وأفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن أحجام المبيعات ارتفعت بنسبة 1 في المائة على أساس شهري، مدفوعة بزيادة مبيعات السلع غير الغذائية، رغم التراجع الذي شهدته متاجر السوبر ماركت بعد انتعاشها في يناير (كانون الثاني).

وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد أشار إلى انخفاض شهري متوقع بنسبة 0.4 في المائة في حجم المبيعات. كما قام مكتب الإحصاء الوطني بمراجعة الزيادة الشهرية لشهر يناير، ليعدلها إلى 1.4 في المائة بدلاً من التقدير الأولي البالغ 1.7 في المائة. ورغم تقلبات قطاع التجزئة، من المرجح أن تُسهم هذه النتائج في دعم وزيرة المالية، راشيل ريفز، التي قوضت البيانات الاقتصادية الضعيفة طموحاتها لتحفيز الاقتصاد منذ توليها المنصب في يوليو الماضي.

وقالت هانا فينسيلباخ، كبيرة الإحصائيين في مكتب الإحصاء الوطني: «كان فبراير شهراً إيجابياً لمتاجر السلع المنزلية، حيث شهدت أكبر زيادة لها منذ أبريل (نيسان) 2021، مدفوعة بانتعاش مبيعات متاجر الأدوات المنزلية»، مضيفةً أن مبيعات الملابس شهدت أيضاً تحسناً ملحوظاً بفضل التخفيضات الواسعة.

وأظهرت بيانات أخرى صادرة عن المكتب أن الأسر البريطانية قامت بزيادة مدخراتها كنسبة مئوية من دخلها في نهاية عام 2024، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من 15 عاماً، باستثناء فترة جائحة كوفيد-19. فقد ارتفعت نسبة المدخرات إلى 12 في المائة في الربع الرابع من 2024، مقارنة بـ 10.3 في المائة في الربع الثالث.

ويُعد هذا المستوى المرتفع من المدخرات، وإمكانية استغلاله مستقبلاً، أحد العوامل التي تدفع بعض الاقتصاديين إلى توقع تحسن النمو الاقتصادي في وقت لاحق من العام. كما ارتفعت أحجام مبيعات التجزئة في الأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير بنسبة 0.3 في المائة، وهي أول زيادة تُسجل في هذا المؤشر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وفي سياق آخر، تظل التساؤلات قائمة بشأن تأثير الزيادات الضريبية على أصحاب العمل، وارتفاع فواتير الطاقة المُنظّمة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وجميعها قرارات من المقرر تنفيذها الشهر المقبل، ما يضع تحديات جديدة أمام صانعي السياسات.

وحذّر أوليفر فيرنون-هاركورت، رئيس قسم التجزئة في «ديلويت»، من أن «التضخم المستمر في أسعار المواد الغذائية يعني أن المستهلكين يشترون كميات أقل، وسيتوخى تجار التجزئة الحذر إزاء التغيرات القادمة في تكاليف الأجور خلال الأسبوع المقبل».

وبالنظر إلى الأداء السنوي، فقد ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 2.2 في المائة مقارنة بالعام الماضي، متجاوزة توقعات استطلاعات الرأي التي رجّحت نمواً سنوياً بنسبة 0.5 في المائة فقط.

وفي ظل هذه التطورات، قامت شركة «نيكست» لتجارة الملابس برفع توقعاتها للأرباح بعد تحقيقها أداءً أقوى من المتوقع. ومع ذلك، أشارت شركة «كينغفيشر» المتخصصة في تجارة تحسينات المنازل إلى أن ثقة المستهلكين تأثرت بتدابير مالية تضمنتها موازنة الحكومة في أكتوبر الماضي. كما أفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن مستويات مبيعات التجزئة لا تزال دون مستويات ما قبل الجائحة، مما يعكس استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجه الأسواق البريطانية.