رئيس جنوب أفريقيا لـ«العشرين»: التعاون متعدد الأطراف ضروري للاستقرار الاقتصادي العالمي

افتتاح اجتماع وزراء مالية ومحافظي المصارف المركزية في المجموعة بكيب تاون

رئيس جنوب أفريقيا يلقي كلمته الافتتاحية خلال اجتماع وزراء المالية والبنوك المركزية لمجموعة العشرين في كيب تاون (أ.ف.ب)
رئيس جنوب أفريقيا يلقي كلمته الافتتاحية خلال اجتماع وزراء المالية والبنوك المركزية لمجموعة العشرين في كيب تاون (أ.ف.ب)
TT
20

رئيس جنوب أفريقيا لـ«العشرين»: التعاون متعدد الأطراف ضروري للاستقرار الاقتصادي العالمي

رئيس جنوب أفريقيا يلقي كلمته الافتتاحية خلال اجتماع وزراء المالية والبنوك المركزية لمجموعة العشرين في كيب تاون (أ.ف.ب)
رئيس جنوب أفريقيا يلقي كلمته الافتتاحية خلال اجتماع وزراء المالية والبنوك المركزية لمجموعة العشرين في كيب تاون (أ.ف.ب)

أكد رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، أهمية التعاون متعدد الأطراف لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، مع التركيز على أولويات جنوب أفريقيا الأربع لمجموعة العشرين، وهي: القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث، وضمان استدامة الديون، وتمويل التحول العادل في مجال الطاقة، وتسخير المعادن الحيوية. وتُسلط رئاسة مجموعة العشرين الضوء على الدور المتنامي لأفريقيا في المناقشات الاقتصادية.

كلام رئيس جنوب أفريقيا جاء في افتتاح اجتماع وزراء المالية ومحافظي المصارف المركزية في مجموعة العشرين، المنعقد حالياً في كيب تاون، في ظل رئاسة جنوب أفريقيا للمجموعة.

وقال: «لقد كان هذا المنتدى هو الذي (هندس) استجابة العالم للأزمة المالية العالمية في عام 2008، وحشد الدعم المالي اللازم لتمكين التعافي. لقد لعبت مجموعة العشرين دوراً مهماً في الاستجابة لأزمة منطقة اليورو، وفي الحفاظ على الدعم المالي العالمي، والاستقرار أثناء جائحة «كوفيد-19» وفي أعقابها. هذا المنتدى هو الذي أنشأ شبكة الأمان المالي العالمية الحالية، مع صندوق النقد الدولي في قلبها، التي أثبتت إدارتها أنها حاسمة للاستقرار العالمي لمدة ربع قرن».

وأوضح أن اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية يحمل مسؤولية جسيمة، إذ إنه يحتاج إلى صياغة الإجماع على الإجراءات التي يجب أن نتخذها بشكل جماعي لبناء اقتصاد عالمي أكثر مرونة واستدامة ومساواة. وكما فعل في الماضي، فإنه يحتاج إلى رفع مستوى طموحه لتحقيق نتائج محددة وملموسة ومؤثرة ذات عواقب دائمة.

وقال: «في هذا الوقت من عدم اليقين العالمي وتصاعد التوترات، أصبح من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن يعمل أعضاء مجموعة العشرين معاً. إن تآكل التعددية يُشكل تهديداً للنمو والاستقرار العالميين. نحن نعلم من تجربة العقود الماضية أن النظام الدولي العادل والشفاف والشامل القائم على القواعد هو شرط أساسي للاستقرار الاقتصادي والنمو المستدام».

وأضاف: «في هذا الوقت من المنافسة الجيوسياسية المتزايدة، فإن النظام القائم على القواعد مهم بشكل خاص بوصفه آلية لإدارة النزاعات وحل الصراعات. ومن الأهمية بمكان ضمان عدم (دوس) حقوق ومصالح الضعفاء تحت طموحات الأقوياء».

وشدد على أن التعاون متعدد الأطراف «هو أملنا الوحيد في التغلُّب على التحديات غير المسبوقة، بما في ذلك النمو البطيء وغير المتساوي، وأعباء الديون المتزايدة، والفقر المستمر وعدم المساواة، والتهديد الوجودي المتمثل في تغير المناخ».

وقال: «إننا لا نتحرك بسرعة أو بجرأة كافية لمعالجة هذه التحديات العالمية، ويتعين علينا أن نستهدف بشكل جماعي إحداث تغيير جذري في جهودنا لتحسين حياة جميع شعوبنا وحماية الأجيال القادمة».

وعدّ أن من أعظم المعوقات أمام النمو والتنمية والاستقرار هو استمرار عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها. وقال: «إن السعي إلى تحقيق هدف التنمية المستدامة للأمم المتحدة بشأن الحد من عدم المساواة يُشكل ضرورة اقتصادية بقدر ما يُشكل ضرورة اجتماعية».


مقالات ذات صلة

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

الاقتصاد موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

يعتبر التعاون الدولي في مواجهة التجنّب الضريبي من ضحايا هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التعدّدية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب على متن الطائرة الرئاسية «إير فورس ون» في فلوريدا (رويترز)

منشور لترمب عن قمة مجموعة العشرين يثير غضب حزب جنوب أفريقي

أثار منشور للرئيس الأميركي دونالد ترمب يُشير فيه إلى أنه لن يحضر قمة مجموعة العشرين في جنوب أفريقيا، غضب حزب راديكالي طالته انتقادات الرئيس الأميركي.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
الاقتصاد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا يلقي كلمة أمام الوفود في اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في كيب تاون (أ.ب)

اجتماع «العشرين» المالي... لا اتفاق على بيان مشترك

فشل اجتماع لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية من دول مجموعة العشرين، الخميس، في التوصل إلى بيان مشترك.

الاقتصاد وصول المندوبين إلى مركز المؤتمرات الدولي في كيب تاون لحضور اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين (رويترز)

وزراء مالية «العشرين» يجتمعون اليوم... والجدعان يرأس وفد السعودية

يفتتح رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، اليوم، الاجتماع الأول لوزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظي البنوك المركزية، تحت رئاسة بلاده.

«الشرق الأوسط» (كيب تاون)
الخليج أوضحت النتائج دور قطاعات الدولة في تحقيق الأمان الذي ينعم به سكان المملكة (واس) play-circle 01:18

السعودية «الأكثر أماناً» بين دول «العشرين»

تصدرت السعودية دول مجموعة العشرين في مؤشر الأمان، بحسب مسح أجرته الهيئة العامة للإحصاء في السعودية قورنت نتائجه مع نتائج مؤشر الأمان لعام 2023، لأعلى سبع دول

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
TT
20

تعثر الضرائب على الشركات العملاقة وكبار الأثرياء في ظل ترمب

موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)
موظف بنك يعد عملات من فئة 100 دولار (رويترز)

يعتبر التعاون الدولي في مواجهة التجنّب الضريبي من ضحايا هجوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التعدّدية، في ظل الانسحاب الأميركي من الاتفاق بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية، واتخاذ إجراءات انتقامية من الدول التي تفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة.

وفي خضمّ النزاع التجاري، أعادت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في العاشر من أبريل (نيسان) التلويح بفرض ضرائب على «إيرادات إعلانات الخدمات الرقمية»، إذا لم تنجح المفاوضات الرامية إلى خفض الرسوم الجمركية.

ضرائب على الخدمات الرقمية

تُتهم شركات التكنولوجيا الرقمية العملاقة، «غوغل» و«أبل» و«فيسبوك» و«أمازون» و«مايكروسوفت»، باستغلال الطبيعة الافتراضية غير الملموسة لأعمالها لتجنّب دفع الضرائب، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وانخرطت فرنسا، وتلتها سبع دول أخرى، في مواجهة مع هذه المجموعات التي طالبتها بالمساهمة عبر دفع ضرائب في عام 2019. وبذلك، حققت هذه الضريبة نحو 780 مليون يورو للدولة الفرنسية في عام 2024، وفقاً لوزارة المالية.

وفي مقابل ذلك، هددت إدارة ترمب منذ عام 2019 بفرض رسوم إضافية على الشمبانيا والأجبان الفرنسية.

وفي مذكرة نُشرت في 21 فبراير (شباط) 2025، استنكر الرئيس الأميركي الضرائب التي تستهدف شركات التكنولوجيا الأميركية التي صار مالكوها ورؤساؤها من حلفائه المقرّبين. وتعهد ترمب في المقابل بـ«فرض رسوم جمركية وأي تدابير أخرى ضرورية للتخفيف من الضرر الذي يلحق بالولايات المتحدة».

على إثر ذلك، ألغت الهند الضريبة الرقمية ابتداء من الأول من أبريل.

كذلك، تدرس لندن إلغاء الضريبة التي تفرضها في هذا المجال، وتُدر على خزينتها 800 مليون جنيه إسترليني سنوياً. وقال وزير التجارة البريطاني جوناثان رينولدز إن «هذه الضريبة ليست شيئاً ثابتاً أو أمراً غير خاضع للنقاش».

وتقول الحكومات التي طبّقت هذه الضرائب أحادية الجانب إنّها مؤقتة بانتظار مآلات المفاوضات الدولية بشأن فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

ضريبة الحد الأدنى

في نهاية عام 2021، شهد اتفاق تاريخي التزام نحو 140 دولة بفرض المزيد من الضرائب على الشركات متعددة الجنسية.

وتمّ اعتماد رُكنَين في هذا المجال. يهدف الركن الأول إلى جعل الشركات متعددة الجنسية، وخصوصاً في القطاع الرقمي، تدفع ضرائب للدول التي يوجد فيها عملاؤها. ويحدّد الركن الثاني حداً أدنى للضريبة من 15 في المائة من الأرباح.

بمجرّد عودته إلى السلطة، سحب دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق وهدّد بإجراءات انتقامية من الدول التي تطبّق الركن الأول على شركات أميركية.

وقال دانيال بون وهو مدير مؤسسة الضرائب (Taxation Foudation)، وهي مؤسسة بحثية أميركية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ «المفاوضات متوقّفة منذ بعض الوقت، كانت كذلك حتى في ظل إدارة (الرئيس الأميركي السابق جو) بايدن».

من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الفرنسي الأميركي غابرييل زوكمان، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أنّ «ردّ الاتحاد الأوروبي في الأسابيع المقبلة سيكون حاسماً»، مضيفاً: «إذا استسلم الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى، وسمحت للشركات متعددة الجنسية الأميركية بالتنصل من الضريبة، فإنّ ذلك سيعني للأسف نهاية هذه الاتفاقية المهمّة للغاية».

تطبّق نحو ستين دولة الركن الثاني من الاتفاقية، من بينها اليابان وكندا والبرازيل والمملكة المتحدة وسويسرا والاتحاد الأوروبي.

ضرائب على أصحاب المليارات

في عام 2024، أطلقت مجموعة العشرين برئاسة البرازيل مشروعاً يهدف إلى فرض ضريبة دنيا بنسبة 2 في المائة على الأصول التي تتجاوز قيمتها مليار دولار، كان يُرجح أن تنتج 200 إلى 250 مليار دولار سنوياً. غير أنّ هذا المشروع لم يرَ النور خصوصاً بسبب رفض الولايات المتحدة خلال عهد جو بايدن.

وبينما تعهّدت واشنطن في نوفمبر (تشرين الثاني) بالتعاون في فرض المزيد من الضرائب على أصحاب المليارات، تضعضع المشروع أمام الأولوية التي تمنحها إدارة ترمب لخفض الضرائب، وقربها من أصحاب المليارات.

وفضلاً عن ذلك، أشار دانيال بون إلى أنّ الولايات المتحدة شديدة الحرص على «سيادتها الضريبية»، حتى وإن كان بعض الجمهوريين يؤيّدون فرض ضرائب أكبر على كبار الأثرياء الأميركيين.

وقال: «إذا سألتم بعض أعضاء الكونغرس عن رأيهم باتفاق مجموعة العشرين، فإنّهم سيجيبون: لماذا تتدخّل مجموعة العشرين في فرض ضرائب على أصحاب المليارات؟ هذه مهمّتنا إذا أردنا القيام بذلك».

ويوجد في الولايات المتحدة 30 في المائة من أصحاب المليارات في العالم، وفقاً لمجلّة «فوربس»، تليها الصين والهند وألمانيا مجتمعة.

وخلال مؤتمر عُقد أخيراً في باريس، قال خبير الاقتصاد توماس بيكيتي: «لا يمكننا أن ننتظر حتى تتوصل مجموعة العشرين إلى اتفاق، يجب أن تتحرّك الدول بشكل منفرد في أقرب وقت ممكن».

وأضاف: «يُظهر التاريخ أنّه بمجرّد أن تتبنّى حفنة من الدول القوية إصلاحاً من هذا النوع، فإنّه يصبح القاعدة».