الشركات البريطانية تقلص الوظائف بأسرع وتيرة في 4 سنوات

قبل تنفيذ زيادات ضريبية

منظر عام للحي المالي في لندن (رويترز)
منظر عام للحي المالي في لندن (رويترز)
TT

الشركات البريطانية تقلص الوظائف بأسرع وتيرة في 4 سنوات

منظر عام للحي المالي في لندن (رويترز)
منظر عام للحي المالي في لندن (رويترز)

قلصت الشركات البريطانية أعداد موظفيها بأسرع وتيرة منذ أكثر من أربع سنوات، وذلك قبيل تنفيذ الزيادات الضريبية التي أعلنتها وزيرة المالية، راشيل ريفز، والتي دفعت الموردين بالفعل إلى رفع أسعارهم، وفقاً لدراسة استقصائية نُشرت يوم الجمعة.

وتراجعت القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في المملكة المتحدة، الصادر عن «ستاندرد آند بورز»، بشكل طفيف إلى 50.5 نقطة في فبراير (شباط)، مقارنة بـ 50.6 نقطة في يناير (كانون الثاني)، لتظل بالكاد فوق عتبة 50 التي تفصل بين النمو والانكماش، وفق «رويترز».

إلا أن التراجع الحاد في التوظيف كان أكثر وضوحاً، حيث انخفض مؤشر التوظيف إلى 43.5 نقطة من 45.3 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، وفيما عدا فترة جائحة كوفيد-19، يعد الأدنى منذ الأزمة المالية العالمية 2007-2008.

وقال كريس ويليامسون، كبير خبراء الاقتصاد التجاري في «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»: «أفادت واحدة من كل ثلاث شركات أبلغت عن تراجع مستويات التوظيف بأن هذا الانخفاض مرتبط بشكل مباشر بالسياسات المعلنة في موازنة أكتوبر الماضي.»

وفي أول بيان سنوي لها بشأن الضرائب والإنفاق بعد تولي حزب العمال السلطة في يوليو (تموز) الماضي، رفعت ريفز مساهمات الضمان الاجتماعي التي تدفعها الشركات بمقدار 25 مليار جنيه إسترليني، ما أثار اعتراضات من أرباب العمل، الذين حذروا من أن هذه الزيادة ستؤدي إلى خسائر وظيفية كبيرة.

وأضاف ويليامسون أن نتائج المسح تعكس «بيئة ركود تضخمي»، حيث يتزامن النمو البطيء مع ارتفاع ضغوط التضخم، مما يضع بنك إنجلترا في موقف معقد عند اتخاذ قراراته بشأن السياسة النقدية.

ضغوط تضخمية وتكاليف متزايدة

وشهدت تكاليف الشركات أكبر ارتفاع لها في نحو عامين، مع قيام بعض الموردين بزيادة الأسعار استباقاً لارتفاع الفواتير الضريبية اعتباراً من أبريل (نيسان)، بالإضافة إلى زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 7 في المائة. كما ارتفعت الأسعار التي تفرضها الشركات على المستهلكين بوتيرة تقترب من المستويات القياسية المسجلة في يناير على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية.

وقبل أسبوعين، خفّض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة للمرة الثالثة منذ أغسطس (آب) الماضي، لكنه أكد أنه سيتحرك بحذر إزاء أي تخفيضات مستقبلية، انتظاراً لرؤية ما إذا كان النمو الاقتصادي الضعيف سيؤدي إلى تخفيف ضغوط التضخم في سوق العمل.

قطاعا الخدمات والتصنيع تحت الضغط

وأظهر المسح أن مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة ارتفع إلى 51.1 نقطة من 50.8 نقطة في يناير، ما يشير إلى توسع محدود. في المقابل، انكمش قطاع التصنيع إلى أدنى مستوى له في 14 شهراً، مسجلاً 46.4 نقطة، حيث زادت حالة عدم اليقين العالمية من المخاوف بشأن الاقتصاد البريطاني.

كما شهدت أوامر تصدير المصانع تراجعاً حاداً، متأثرةً بالمخاوف المرتبطة بخطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب المحتملة لفرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين الرئيسيين، حيث سجلت انخفاضاً بأسرع وتيرة خلال عام.

وأفادت بعض الشركات المشاركة في المسح بأنها تسرّع عملية الأتمتة لمواجهة ارتفاع تكاليف الأجور وتراجع الطلب، في محاولة لتعزيز الإنتاجية وتقليل الاعتماد على القوى العاملة البشرية.


مقالات ذات صلة

التصنيع الياباني ضحية لرسوم ترمب

الاقتصاد وزير الاقتصاد الياباني ريوسي أكازاوا يتحدث مع الصحافيين قبل مغادرة العاصمة طوكيو متجهاً إلى واشنطن (أ.ف.ب)

التصنيع الياباني ضحية لرسوم ترمب

انخفض إنتاج المصانع اليابانية أكثر من المتوقع في مارس متأثراً بتراجع قطاع السيارات وهو القطاع الرئيس بالبلاد

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مقر مصرف لبنان المركزي في بيروت (رويترز)

مصرف لبنان المركزي: سنقترح مسوّدة أولى لخطة إعادة هيكلة المصارف

أعلن مصرف لبنان أنه سيقوم باقتراح المسوّدة الأولى لخطة إعادة هيكلة المصارف، والتي ستكون لاحقاً موضوع نقاشات ومراجعات من صندوق النقد الدولي ورئاسة الحكومة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد عمال ينقلون صناديق في منطقة تجارية بالعاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

رسوم ترمب الجمركية تضرب نشاط المصانع الصينية

انكمش نشاط المصانع في الصين بأسرع وتيرة في 16 شهراً في أبريل، ما يُبقي على الدعوات لمزيد من التحفيز قائمة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد شريحة إلكترونية في معهد أبحاث أشباه الموصلات في تايوان (رويترز)

تايوان ترفع توقعات النمو لعام 2025 بشكل مفاجئ

رفعت تايوان، بشكل مفاجئ، توقعاتها للنمو الاقتصادي لعام 2025، بعد أداء قوي في الربع الأول.

«الشرق الأوسط» (تايبيه )
الاقتصاد موظفون يرتدون أقنعة واقية في خط تجميع «فولكسفاغن» بفولفسبورغ (رويترز)

ألمانيا تتجنّب الركود... والبطالة تبلغ أعلى مستوى منذ الجائحة

حقّق الاقتصاد الألماني نمواً طفيفاً في الربع الأول من العام مدعوماً بزيادة الاستهلاك والاستثمار، مما ساعده على تجنّب الدخول في ركود بعد انكماش سجله نهاية 2024.

«الشرق الأوسط» (برلين)

ارتفاع طفيف في تكاليف العمالة الأميركية

عامل بناء يثبت لوح تغليف على سقف منزل سكني في إيرفاين بكاليفورنيا (رويترز)
عامل بناء يثبت لوح تغليف على سقف منزل سكني في إيرفاين بكاليفورنيا (رويترز)
TT

ارتفاع طفيف في تكاليف العمالة الأميركية

عامل بناء يثبت لوح تغليف على سقف منزل سكني في إيرفاين بكاليفورنيا (رويترز)
عامل بناء يثبت لوح تغليف على سقف منزل سكني في إيرفاين بكاليفورنيا (رويترز)

ارتفعت تكاليف العمالة في الولايات المتحدة بشكل طفيف خلال الربع الأول من العام، في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي الناتجة عن الرسوم الجمركية التي أدت إلى تباطؤ وتيرة الطلب على الأيدي العاملة.

وأفاد مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل الأميركية، يوم الأربعاء، بأن مؤشر تكلفة العمالة -وهو المقياس الأشمل لتكاليف العمالة- قد ارتفع بنسبة 0.9 في المائة خلال الربع الأول، وهو معدل الزيادة نفسه المسجل في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول).

وجاءت هذه القراءة متماشية مع توقعات خبراء الاقتصاد الذين استطلعت وكالة «رويترز» آراءهم، حيث رجّحوا ارتفاعاً بالنسبة نفسها. وعلى أساس سنوي، ارتفعت تكاليف العمالة بنسبة 3.6 في المائة حتى نهاية مارس (آذار)، مقارنة بزيادة سنوية بلغت 3.8 في المائة في ديسمبر.

ويُعدّ مؤشر تكلفة العمالة أحد أبرز المؤشرات التي يعتمد عليها صناع السياسات النقدية لرصد مدى تراجع سوق العمل، كما يُستخدم بوصفه مقياساً مهماً للتضخم الأساسي، نظراً إلى أنه يأخذ في الاعتبار التغيرات في تركيب الوظائف وجودتها.

وأظهرت بيانات حكومية، صدرت يوم الثلاثاء، وجود 1.02 وظيفة شاغرة لكل عاطل عن العمل في مارس، مقارنة بـ1.06 وظيفة في فبراير (شباط). ويُعزى هذا التراجع الطفيف جزئياً إلى تأثير الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، التي أدّت إلى تقويض ثقة قطاع الأعمال، ما يثير مخاوف بعض الاقتصاديين من احتمال بدء فقدان الوظائف قريباً. ويتوقع عدد من المحللين أن يعاود مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة خلال العام الحالي.

وسجّلت الأجور والرواتب التي تشكّل الجزء الأكبر من تكاليف العمالة، ارتفاعاً بنسبة 0.8 في المائة خلال الربع الأول، بعد أن كانت قد زادت بنسبة 1 في المائة في الربع السابق. كما ارتفعت على أساس سنوي بنسبة 3.5 في المائة، متباطئة من الزيادة البالغة 3.8 في المائة في نهاية ديسمبر. وبعد تعديل البيانات لمراعاة التضخم، ارتفعت الأجور الحقيقية بنسبة 1.1 في المائة خلال الاثني عشر شهراً المنتهية في مارس، مقارنة بزيادة قدرها 0.9 في المائة خلال الربع الأخير.

وسجّلت أجور ورواتب القطاع الخاص زيادة بنسبة 0.8 في المائة، وارتفعت بنسبة 3.4 في المائة على أساس سنوي حتى نهاية مارس، مقابل 3.7 في المائة في الربع السابق. أما أجور العاملين في حكومات الولايات والحكومات المحلية فقد ارتفعت بنسبة 0.8 في المائة في الربع الأخير، بعد صعودها بنسبة 1.1 في المائة بين أكتوبر وديسمبر، وحققت نمواً سنوياً بنسبة 4.1 في المائة حتى مارس.

في المقابل، ارتفعت قيمة الإعانات المقدمة إلى جميع العاملين بنسبة 1.2 في المائة خلال الربع الأول، بعد أن كانت قد صعدت بنسبة 0.8 في المائة في الربع الرابع. وعلى أساس سنوي، نمت الإعانات بنسبة 3.8 في المائة، مقارنة بزيادة بلغت 3.6 في المائة في نهاية ديسمبر.