رسوم ترمب الجمركية تثير القلق في قطاع السيارات الأميركي وتضغط على التكاليف

مركبات جديدة في موقف سيارات بميناء ريتشموند بخليج سان فرنسيسكو بكاليفورنيا (رويترز)
مركبات جديدة في موقف سيارات بميناء ريتشموند بخليج سان فرنسيسكو بكاليفورنيا (رويترز)
TT

رسوم ترمب الجمركية تثير القلق في قطاع السيارات الأميركي وتضغط على التكاليف

مركبات جديدة في موقف سيارات بميناء ريتشموند بخليج سان فرنسيسكو بكاليفورنيا (رويترز)
مركبات جديدة في موقف سيارات بميناء ريتشموند بخليج سان فرنسيسكو بكاليفورنيا (رويترز)

أثارت سلسلة من الإعلانات الرئاسية المتعلقة بالتجارة توتراً في شركات صناعة السيارات الأميركية منذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض الشهر الماضي. وبينما تم إطلاق بعض التهديدات، مثل الإعلان عن فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على المكسيك وكندا قبل تعليقها، فإن هجوم ترمب المتعدد الأوجه على النظام التجاري الدولي يزيد تدريجياً من الضغوط على التكاليف، وفقاً لخبراء صناعة السيارات.

وفُرضت رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 في المائة على الواردات من الصين، وهي من الموردين الرئيسين لقطع غيار السيارات، ومن المحتمل فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب والألمنيوم، التي ستدخل حيز التنفيذ في 12 مارس (آذار)، مما سيؤثر على تكاليف العرض والتصنيع. وقال الرئيس التنفيذي لشركة «فورد»، جيم فارلي، هذا الأسبوع: «الأمر أشبه بقليل هنا وقليل هناك... لن تكون الرسوم قليلة في المجمل»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ولم يُلاحظ أي تراجع في تدفق التعليمات التجارية الصادرة عن المكتب البيضاوي. وعندما وقع ترمب يوم الخميس خططاً لفرض «رسوم جمركية متبادلة» واسعة النطاق مع شركاء تجاريين، سلط الضوء على الاختلال الكبير بين الرسوم التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على واردات السيارات كونها ضمن الأمثلة التي يستهدفها.

وفي اليوم التالي، أعلن الرئيس أنه يخطط للكشف عن رسوم جمركية على السيارات الأجنبية في أوائل أبريل (نيسان)، دون تحديد قيمتها أو البلدان المستهدفة. وإذا فُرضت الرسوم الجمركية المعلقة على المكسيك وكندا في نهاية المطاف، فإنها، بحسب فارلي «ستحدث فجوة» في صناعة السيارات الأميركية التي تم دمجها مع جيرانها بموجب اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) في التسعينات.

وقال الخبير الاقتصادي في شركة «كوكس أوتوموتيف»، تشارلي تشيسبرو، إن «معظم الناس يدركون الخطر، لكنهم لا يعتقدون أن ذلك سيحدث صدمة كبيرة». إلى جانب عمالقة «ديترويت»، تمتلك شركات صناعة السيارات الأجنبية أيضاً استثمارات واسعة النطاق في المكسيك وكندا. على سبيل المثال، تمتلك شركة «هوندا» مصانع في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وأي من السيارات التي باعتها في السوق الأميركية في 2024 لم تستوردها من اليابان، وفقاً لأرقام شركة «غلوبال داتا» للاستشارات.

استثمار أميركي جديد

كان المسؤولون في إدارة ترمب يرون أن الرسوم الجمركية تمثل مصدراً محتملاً للإيرادات، فضلاً عن كونها حافزاً للشركات العالمية لزيادة القدرة التصنيعية في الولايات المتحدة. ووضع ترمب الرسوم الجمركية في صلب شعاره «أميركا أولاً»، ورآها وسيلة لتصحيح المعاملة «غير العادلة» من جانب الحلفاء التجاريين.

وأشارت دراسة نشرها البيت الأبيض يوم الخميس إلى أن الاتحاد الأوروبي يفرض رسوماً جمركية بنسبة 10 في المائة على السيارات المستوردة، مقارنة بنسبة 2.5 في المائة التي تفرضها الولايات المتحدة. وداخل الاتحاد الأوروبي، تعد شركات صناعة السيارات الألمانية أكبر مصدر لواردات السيارات الأميركية المباشرة من أوروبا، وتشمل هذه الشركات علامات تجارية فاخرة، مثل «بي إم دبليو»، و«مرسيدس بنز»، و«أودي»، التي تمتلك أو تشكل جزءاً من شركات تدير أيضاً مرافق تصنيع في الولايات المتحدة.

وقال نائب رئيس الأبحاث العالمية في «غلوبال داتا»، جيف شوستر، إن استرضاء إدارة ترمب بشأن الرسوم الجمركية على السيارات في الاتحاد الأوروبي قد يكون غير مؤلم نسبياً بالنسبة إلى بروكسل. وأضاف شوستر: «المركبات الأميركية، خصوصاً تلك التي تحظى بشعبية هنا، لن تحظى بشعبية في أوروبا»، متوقعاً أن «إلغاء الرسوم لن يكون له تأثير يُذكر».

ويعتقد المحللون في القطاع أن شركات صناعة السيارات الأجنبية قد تكشف في الأشهر المقبلة عن خطط لتوسيع أو بناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة. ومع ذلك، تواجه هذه الشركات معضلة تتمثل في نوع المركبات التي يجب تصنيعها، بسبب الاتجاهات المتغيرة في السياسة الأميركية. وبينما تسعى إدارة ترمب إلى إحداث تغييرات في التجارة الدولية، فإنها تشير إلى تغيير مسار الجهود الرامية لتعزيز قدرة المركبات الكهربائية، مما يجعل الولايات المتحدة في خلاف مع أوروبا والصين وغيرهما من الأسواق الرئيسة.

ويعني الجدول الزمني الطويل في صناعة السيارات أن السيارات التي ستخرج عن قرارات الاستثمار الحالية قد لا تصل إلى السوق قبل أربع أو خمس سنوات. وقال شوستر: «بصفتنا شركات عالمية، ليس من الفاعلية أن تكون لدينا استراتيجيات مختلفة في كل سوق».


مقالات ذات صلة

انكماش عجز الحساب الجاري الأميركي في الربع الأخير

الاقتصاد حاويات في ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - رويترز)

انكماش عجز الحساب الجاري الأميركي في الربع الأخير

انكمش عجز الحساب الجاري الأميركي في الربع الأخير لكن هذا التحسن قد يكون مؤقتاً بسبب الزيادة القياسية في واردات السلع خلال يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد لافتة توظيف مع رمز «كيو آر» في أرلينغتون بفيرجينيا (رويترز)

ارتفاع طفيف في طلبات إعانات البطالة الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي مما يشير إلى استقرار سوق العمل في مارس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب يوقع أوامر تنفيذية بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض 30 يناير 2025 (رويترز)

الشركات الأميركية تسابق الزمن للحصول على إعفاءات جمركية

أدى تأجيل واشنطن لفرض الرسوم الجمركية على السلع المشمولة في اتفاقية (USMCA) إلى زيادة مساعي الشركات الأميركية للحصول على إعفاءات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد 
رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول في مؤتمر صحافي عقب اجتماع لجنة السوق المفتوحة (أ.ف.ب)

«الفيدرالي» يثبّت الفائدة ويتوقع تباطؤ النمو

ثبّت «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي أسعار الفائدة عند 4.25 إلى 4.50 في المائة وفق التوقعات في ختام اجتماعه ليومين، أمس (الأربعاء)، في وقت تمثل رسوم الرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى مصرف الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» يبقي سعر الفائدة من دون تغيير ويتوقع تخفيضات إضافية

كما كان متوقعاً على نطاق واسع، لم يسفر اجتماع السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي عن تخفيضات جديدة في أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)

قد تشهدُ أزمة الرسوم الجمركية التي تتوسع بشكل مفرط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تهدئة نسبية خلال أيام، بعد أن ألمح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأسبوع الماضي، إلى معدل مقترح للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعار الشركاء التجاريين الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية.

ويبدو أن الإدارة الكندية الجديدة قررت أن تبني على هذه التصريحات، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات الاقتصادية المحتملة على اقتصادات الدول الموقع عليها الرسوم الجمركية، بما فيها أميركا نفسها، وهو ما قد يفتح مجالاً للنقاش والتفاوض قد يفضي إلى حل، أو على الأقل عدم فرط العقد بشأن التوسع الفوضوي في الرسوم الجمركية، وهو الأمر نفسه الذي أشار إليه بيسنت، عندما قال إن هناك فرصةً للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وقال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، في هذا الشأن، إن الرئيس دونالد ترمب سيحترم في نهاية المطاف سيادة كندا، وسيكون مستعداً لإجراء محادثات تجارية شاملة لأن الأميركيين سيعانون من حرب ترمب التجارية.

وأضاف كارني أن المحادثات مع ترمب لن تحدث «حتى نحصل على الاحترام الذي نستحقه كدولة ذات سيادة».

وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركيةً بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسكيك، وبنسبة 10 في المائة على الصين، ودخلت حيز التنفيذ بعض الرسوم في حين سيدخل بعضها في بداية أبريل (نيسان) المقبل. وردت الدول الثلاث على الفور برسوم انتقامية.

وتبلغ قيمة الرسوم الانتقامية من كندا 29.8 مليار دولار كندي (20.67 مليار دولار). وتُعدّ أكبر مصدر للصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة.

ويستهدف رد كندا منتجات الصلب بقيمة 12.6 مليار دولار كندي، ومنتجات الألمنيوم بقيمة 3 مليارات دولار كندي، بالإضافة إلى سلع أميركية مستوردة أخرى بقيمة 14.2 مليار دولار كندي، ليصل إجمالي المبلغ إلى 29.8 مليار دولار كندي.

كان كارني قد صرّح يوم الاثنين بأنه لا يستطيع التحدث مع ترمب حتى يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للوزراء، بينما كرّر ترمب عبر مواقع التواصل الاجتماعي رغبته في أن تصبح كندا «ولايتنا الـ51 العزيزة». وقال الرئيس الأميركي الجمعة: «عندما أقول إنهم يجب أن يكونوا ولاية (أميركية)، أنا أعني ذلك».

تأتي هذه التطورات بعد تصريحات لوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الثلاثاء، قال فيها إن إدارة ترمب ستُقدّم للدول الشريكة تجارياً في الثاني من أبريل (نيسان) معدلاً مقترحاً للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعارها الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية، وعوامل أخرى، إلى جانب فرصة للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وصرح بيسنت لشبكة «فوكس»: «في الثاني من أبريل، ستحصل كل دولة على رقم نعتقد أنه يُمثّل رسومها الجمركية». وأضاف: «قد يكون الرقم منخفضاً جداً بالنسبة لبعض الدول، وقد يكون مرتفعاً جداً بالنسبة لبعضها الآخر».

وكان ترمب قد صرّح بأن «الرسوم الجمركية المتبادلة» التي فرضها، بهدف رفع الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستويات الدول الأخرى، وتعويض الممارسات التجارية التي تعدها إدارته غير عادلة، ستدخل حيز التنفيذ في الثاني من أبريل. إلا أن تعليقات بيسنت تُشير إلى أنه قد تكون هناك فترة من المفاوضات قبل بدء تحصيل رسوم الاستيراد الجديدة.

وقال بيسنت عن شركائه التجاريين: «سنذهب إليهم ونقول لهم: انظروا، إليكم ما نعتقده بشأن مستويات التعريفات الجمركية: حواجز غير جمركية، وتلاعب بالعملة، وتمويل غير عادل، وقمع للعمالة، وإذا أوقفتم هذا، فلن نبني جدار التعريفات الجمركية». وأضاف أن الدول التي تفشل في خفض حواجزها التجارية ستواجه تعريفات جمركية أعلى تهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي وعماله وصناعاته.

تباطؤ اقتصادي

تصريحات كارني وبيسنت مبنية على أن الاقتصاد الأميركي مهدد بتباطؤ مثله مثل كندا والمكسيك، إذ توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين الماضي، أن تؤدي الزيادات في الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب إلى تباطؤ النمو في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، مع ارتفاع التضخم. كما خفضت المنظمة توقعاتها للاقتصاد العالمي، محذرةً من أن تصعيد الحرب التجارية قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في النمو الاقتصادي.

وفي حال حدوث صدمة تجارية شاملة، لن تدفع الأسر الأميركية الثمن المباشر فقط، بل قد يتكبد الاقتصاد الأميركي خسائر تفوق الإيرادات التي من المتوقع أن تولدها الرسوم الجمركية، وفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في توقعاتها المؤقتة.

وأشارت المنظمة إلى أن النمو العالمي من المتوقع أن يتباطأ قليلاً من 3.2 في المائة في عام 2024 إلى 3.1 في المائة في 2025، ثم 3 في المائة في 2026 بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 3.3 في المائة للعامين الحالي والمقبل في تقريرها السابق الصادر في ديسمبر (كانون الأول).

وتوقعت أن يتباطأ النمو الاقتصادي الأميركي إلى 2.2 في المائة هذا العام، مع فقدان مزيدٍ من الزخم في العام التالي ليصل إلى 1.6 في المائة فقط، بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 2.4 في المائة و2.1 في المائة على التوالي.

كما سيشهد الاقتصاد الكندي تباطؤاً في النمو ليصل إلى 0.7 في المائة هذا العام والعام المقبل، وهو أقل بكثير من نسبة 2 في المائة المتوقعة سابقاً لكلا العامين.

ونتيجة لذلك، قال رئيس الوزراء الجديد في كندا إنه يريد مناقشة شاملة حول التجارة والأمن مع الأميركيين وليس مناقشة واحدة بشأن التعريفات الجمركية.