رسوم ترمب على الصلب والألمنيوم تُربك أسواق آسيا

تمر ألواح الفولاذ الحمراء الساخنة عبر مكبس في مصنع «تاتا ستيل» بهولندا (رويترز)
تمر ألواح الفولاذ الحمراء الساخنة عبر مكبس في مصنع «تاتا ستيل» بهولندا (رويترز)
TT

رسوم ترمب على الصلب والألمنيوم تُربك أسواق آسيا

تمر ألواح الفولاذ الحمراء الساخنة عبر مكبس في مصنع «تاتا ستيل» بهولندا (رويترز)
تمر ألواح الفولاذ الحمراء الساخنة عبر مكبس في مصنع «تاتا ستيل» بهولندا (رويترز)

أثَّرت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 25 في المائة على واردات الصلب والألمنيوم جميعها إلى الولايات المتحدة، على أسهم شركات الإنتاج في آسيا يوم الاثنين، مهددة بتعطيل تدفقات التجارة في المعادن.

وقد أثارت هذه الرسوم الجمركية التي أعلن ترمب عن تطبيقها يوم الاثنين، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية السابقة، تحذيرات من قبل شركات صناعة الصلب في آسيا، حول تأثيراتها على الأسعار والربحية والحجم، فضلاً عن مخاوف واسعة من تأثيراتها المحتملة على ارتفاع التضخم وتعطيل النشاط الاقتصادي، وفق «رويترز».

وحسب بيانات الحكومة ومعهد الحديد والصلب الأميركي، تعد كندا والبرازيل والمكسيك وكوريا الجنوبية وفيتنام من أكبر موردي الصلب إلى الولايات المتحدة، في حين تعد كندا المورد الرئيسي للألمنيوم المستورد.

وفي كوريا الجنوبية، عقدت وزارة الصناعة اجتماعاً طارئاً مع شركات صناعة الصلب في سيول لمناقشة التدابير التي تهدف إلى تقليل تأثير الرسوم الجمركية المحتملة. وأشار مسؤول في شركة «هيونداي ستيل» إلى حصة كوريا الجنوبية السنوية المعفاة من الرسوم الجمركية، والتي تصل إلى 70 في المائة من الأحجام التي يتم شحنها إلى الولايات المتحدة، والتي تم الاتفاق عليها خلال إدارة ترمب الأولى، وقال: «نحن قلقون من أن التغييرات المحتملة قد تؤدي إلى زيادة أسعار التصدير، وتقليص حجم الحصص المعفاة».

وفي وقت سابق، أفادت الشركة بأنها تدرس بناء مصنع جديد للصلب في الولايات المتحدة، للتخفيف من تأثير التعريفات الجمركية المحتملة التي يفرضها ترمب. وهبطت أسهم شركة «هيونداي ستيل» بنحو 2.9 في المائة، وسط انخفاض أوسع في أسهم شركات صناعة الصلب في كوريا الجنوبية.

وقال مسؤول في شركة «دونغكوك ستيل»: «إن التأثيرات السلبية الناتجة عن التغييرات في التعريفات الجمركية ستكون لا مفر منها»؛ مشيراً إلى أن السوق الأميركية تعد مربحة لها حالياً.

وقال تشو شينلي، المحلل في «تشاينا فيوتشرز»، إن الطلب الأميركي سينخفض نتيجة لارتفاع الأسعار وتباطؤ تدفقات الصلب الذي يُستخدم في صناعة السيارات والأجهزة والبناء. وأضاف: «أولئك الذين كانوا يخططون للتصدير إلى الولايات المتحدة سيعاد توجيههم إلى دول ومناطق أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي وآسيا، مما سيؤدي إلى تغييرات في نمط تجارة الصلب العالمية».

وكان مؤشر المعادن في الهند هو الأكثر انخفاضاً بين القطاعات في ذلك البلد، يوم الاثنين؛ حيث تراجع بنسبة 2.5 في المائة.

ومن المتوقع أن يكون تأثير الرسوم الجمركية واسع النطاق. وقال دانييل هاينز، كبير استراتيجيي السلع الأساسية في بنك «إيه إن زد» في سيدني: «أعتقد أن الشركات المصنعة الأميركية ستضطر إلى تحمل أسعار أعلى بسبب هذه الرسوم الجمركية البالغة 25 في المائة. فهي تعتمد بشكل كبير على الواردات، بنحو 40 في المائة إلى 45 في المائة للألمنيوم، و12 في المائة إلى 15 في المائة للصلب».

كما هبطت العقود الآجلة لخام الحديد يوم الاثنين؛ حيث أثار تهديد التعريفات مشاعر النفور من المخاطرة، على الرغم من وجود دلائل على تعافي الطلب في الصين، أكبر مستورد لهذا الخام. بينما شهد الألمنيوم ارتفاعاً طفيفاً بسبب المخاوف من تراجع العرض.

وقال كايل رودا، كبير محللي الأسواق المالية لدى «كابيتال.كوم» في ملبورن: «أحد تأثيرات هذه التعريفات هو تراجع النشاط الاقتصادي العالمي».

من جهتها، دافعت بعض الدول عن الإعفاءات من التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب. وقال وزير التجارة الأسترالي، إن صادرات بلاده من الصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة تساهم في خلق «وظائف أميركية جيدة الأجر»، وتعد عنصراً أساسياً في المصالح الدفاعية المشتركة، بينما تضغط كانبيرا على واشنطن للحصول على إعفاء من التعريفات.

ورغم ذلك، ارتفعت أسهم شركة «بلوسكوب ستيل» الأسترالية إلى أعلى مستوى لها في أكثر من شهرين يوم الاثنين، مدعومة بتوقعات بأن أعمالها في الولايات المتحدة ستستفيد من هذه الرسوم الجمركية. وقالت تشارو تشانانا، كبيرة استراتيجيي الاستثمار في «ساكسو» في سنغافورة، إن الطلب الأبطأ قد يوازن التأثير التضخمي المحتمل للتعريفات. وأضافت: «القلق الأكبر هو حالة عدم اليقين والتحول نحو عالم أكثر حماية».


مقالات ذات صلة

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

الاقتصاد ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

قد تشهدُ أزمة الرسوم الجمركية التي تتوسع بشكل مفرط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهدئة نسبية خلال أيام، بعد تصريحات أميركية وكندية تسير في الإطار نفسه.

«الشرق الأوسط» (تورنتو)
الاقتصاد أوراق نقدية بالدولار واليورو (رويترز)

هل يطيح ترمب التاج عن الدولار؟

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدياً غير مسبوق لنظام جيوسياسي ساد لعقود. ومن بين الضحايا المحتملين: الدولار الأميركي.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (أ.ب)

المستثمرون يسحبون مليارات الدولارات من الأسهم خوفاً من سياسات ترمب

سحب المستثمرون استثماراتهم بكثافةٍ من صناديق الأسهم العالمية خلال الأسبوع المنتهي في 19 مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رسم بياني لمؤشر أسعار الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرانكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية تتراجع متأثرةً بقطاع السفر والترفيه

تراجعت الأسهم الأوروبية، يوم الجمعة، متأثرةً بالخسائر الحادة التي تكبدها قطاع السفر والترفيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد حاويات في ميناء لوس أنجليس (أرشيفية - رويترز)

انكماش عجز الحساب الجاري الأميركي في الربع الأخير

انكمش عجز الحساب الجاري الأميركي في الربع الأخير لكن هذا التحسن قد يكون مؤقتاً بسبب الزيادة القياسية في واردات السلع خلال يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
TT

حرب ترمب التجارية قد تشهد تهدئة خلال أيام

ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)
ترمب يظهر توقيعه على أمر تنفيذي بفرض رسوم جمركية في المكتب البيضاوي (رويترز)

قد تشهدُ أزمة الرسوم الجمركية التي تتوسع بشكل مفرط من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، تهدئة نسبية خلال أيام، بعد أن ألمح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الأسبوع الماضي، إلى معدل مقترح للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعار الشركاء التجاريين الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية.

ويبدو أن الإدارة الكندية الجديدة قررت أن تبني على هذه التصريحات، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات الاقتصادية المحتملة على اقتصادات الدول الموقع عليها الرسوم الجمركية، بما فيها أميركا نفسها، وهو ما قد يفتح مجالاً للنقاش والتفاوض قد يفضي إلى حل، أو على الأقل عدم فرط العقد بشأن التوسع الفوضوي في الرسوم الجمركية، وهو الأمر نفسه الذي أشار إليه بيسنت، عندما قال إن هناك فرصةً للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وقال رئيس الوزراء الكندي الجديد مارك كارني، في هذا الشأن، إن الرئيس دونالد ترمب سيحترم في نهاية المطاف سيادة كندا، وسيكون مستعداً لإجراء محادثات تجارية شاملة لأن الأميركيين سيعانون من حرب ترمب التجارية.

وأضاف كارني أن المحادثات مع ترمب لن تحدث «حتى نحصل على الاحترام الذي نستحقه كدولة ذات سيادة».

وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركيةً بنسبة 25 في المائة على الواردات من كندا والمكسكيك، وبنسبة 10 في المائة على الصين، ودخلت حيز التنفيذ بعض الرسوم في حين سيدخل بعضها في بداية أبريل (نيسان) المقبل. وردت الدول الثلاث على الفور برسوم انتقامية.

وتبلغ قيمة الرسوم الانتقامية من كندا 29.8 مليار دولار كندي (20.67 مليار دولار). وتُعدّ أكبر مصدر للصلب والألمنيوم إلى الولايات المتحدة.

ويستهدف رد كندا منتجات الصلب بقيمة 12.6 مليار دولار كندي، ومنتجات الألمنيوم بقيمة 3 مليارات دولار كندي، بالإضافة إلى سلع أميركية مستوردة أخرى بقيمة 14.2 مليار دولار كندي، ليصل إجمالي المبلغ إلى 29.8 مليار دولار كندي.

كان كارني قد صرّح يوم الاثنين بأنه لا يستطيع التحدث مع ترمب حتى يؤدي اليمين الدستورية رئيساً للوزراء، بينما كرّر ترمب عبر مواقع التواصل الاجتماعي رغبته في أن تصبح كندا «ولايتنا الـ51 العزيزة». وقال الرئيس الأميركي الجمعة: «عندما أقول إنهم يجب أن يكونوا ولاية (أميركية)، أنا أعني ذلك».

تأتي هذه التطورات بعد تصريحات لوزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، يوم الثلاثاء، قال فيها إن إدارة ترمب ستُقدّم للدول الشريكة تجارياً في الثاني من أبريل (نيسان) معدلاً مقترحاً للرسوم الجمركية الأميركية، بناءً على أسعارها الخاصة، والحواجز التجارية غير الجمركية، وعوامل أخرى، إلى جانب فرصة للتفاوض لتجنب «جدار الرسوم الجمركية».

وصرح بيسنت لشبكة «فوكس»: «في الثاني من أبريل، ستحصل كل دولة على رقم نعتقد أنه يُمثّل رسومها الجمركية». وأضاف: «قد يكون الرقم منخفضاً جداً بالنسبة لبعض الدول، وقد يكون مرتفعاً جداً بالنسبة لبعضها الآخر».

وكان ترمب قد صرّح بأن «الرسوم الجمركية المتبادلة» التي فرضها، بهدف رفع الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستويات الدول الأخرى، وتعويض الممارسات التجارية التي تعدها إدارته غير عادلة، ستدخل حيز التنفيذ في الثاني من أبريل. إلا أن تعليقات بيسنت تُشير إلى أنه قد تكون هناك فترة من المفاوضات قبل بدء تحصيل رسوم الاستيراد الجديدة.

وقال بيسنت عن شركائه التجاريين: «سنذهب إليهم ونقول لهم: انظروا، إليكم ما نعتقده بشأن مستويات التعريفات الجمركية: حواجز غير جمركية، وتلاعب بالعملة، وتمويل غير عادل، وقمع للعمالة، وإذا أوقفتم هذا، فلن نبني جدار التعريفات الجمركية». وأضاف أن الدول التي تفشل في خفض حواجزها التجارية ستواجه تعريفات جمركية أعلى تهدف إلى حماية الاقتصاد الأميركي وعماله وصناعاته.

تباطؤ اقتصادي

تصريحات كارني وبيسنت مبنية على أن الاقتصاد الأميركي مهدد بتباطؤ مثله مثل كندا والمكسيك، إذ توقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، الاثنين الماضي، أن تؤدي الزيادات في الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب إلى تباطؤ النمو في كندا والمكسيك والولايات المتحدة، مع ارتفاع التضخم. كما خفضت المنظمة توقعاتها للاقتصاد العالمي، محذرةً من أن تصعيد الحرب التجارية قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في النمو الاقتصادي.

وفي حال حدوث صدمة تجارية شاملة، لن تدفع الأسر الأميركية الثمن المباشر فقط، بل قد يتكبد الاقتصاد الأميركي خسائر تفوق الإيرادات التي من المتوقع أن تولدها الرسوم الجمركية، وفقاً لتقديرات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في توقعاتها المؤقتة.

وأشارت المنظمة إلى أن النمو العالمي من المتوقع أن يتباطأ قليلاً من 3.2 في المائة في عام 2024 إلى 3.1 في المائة في 2025، ثم 3 في المائة في 2026 بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 3.3 في المائة للعامين الحالي والمقبل في تقريرها السابق الصادر في ديسمبر (كانون الأول).

وتوقعت أن يتباطأ النمو الاقتصادي الأميركي إلى 2.2 في المائة هذا العام، مع فقدان مزيدٍ من الزخم في العام التالي ليصل إلى 1.6 في المائة فقط، بعد أن خفضت المنظمة توقعاتها من 2.4 في المائة و2.1 في المائة على التوالي.

كما سيشهد الاقتصاد الكندي تباطؤاً في النمو ليصل إلى 0.7 في المائة هذا العام والعام المقبل، وهو أقل بكثير من نسبة 2 في المائة المتوقعة سابقاً لكلا العامين.

ونتيجة لذلك، قال رئيس الوزراء الجديد في كندا إنه يريد مناقشة شاملة حول التجارة والأمن مع الأميركيين وليس مناقشة واحدة بشأن التعريفات الجمركية.