«ديب سيك» الصيني يتسبب بيوم «اثنين أسود» لشركات التكنولوجيا الأميركية

هل استعدت الصين لتحديات ترمب قبيل إدارة التنافس بين البلدين؟

شعار شركة «ديب سيك» الصينية الناشئة على شاشة كومبيوتر في لندن (وكالة حماية البيئة)
شعار شركة «ديب سيك» الصينية الناشئة على شاشة كومبيوتر في لندن (وكالة حماية البيئة)
TT
20

«ديب سيك» الصيني يتسبب بيوم «اثنين أسود» لشركات التكنولوجيا الأميركية

شعار شركة «ديب سيك» الصينية الناشئة على شاشة كومبيوتر في لندن (وكالة حماية البيئة)
شعار شركة «ديب سيك» الصينية الناشئة على شاشة كومبيوتر في لندن (وكالة حماية البيئة)

من دون مبالغة، كان يوم الاثنين على شركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة، يوما أسود بكل ما للكلمة من معنى. فتبخر نحو تريليون دولار في يوم واحد، من القيمة السوقية لتلك الشركات، أكثر من نصفها لشركة «إنفيديا» التي خسرت أسهمها نحو 600 مليار دولار، في أعقاب طرح شركة «ديب سيك» الصينية المغمورة، وتخطت معانيه وتداعياته الجانب الاقتصادي البحت.

الخبر الأول في الإعلام الأميركي

وللدلالة على أهمية الحدث، تصدر يوم الثلاثاء خبر إطلاق الشركة الصينية لنموذجها الأولي «آر1»، عناوين كبريات الصحف ووسائل الإعلام الأميركية، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي، مجبرا الرئيس الأميركي دونالد ترمب على التطرق إلى الموضوع، مطلقا تحذيرا لتلك الشركات من «الخطر» الذي يشكله المنافس الصيني على «سيليكون فالي» برمته. وبدا أن «العملاق» الصيني كان يحضر لإطلاق تلك المفاجأة في «الوقت المناسب»، بعد أقل من أسبوع على تنصيب ترمب، وقبيل بدء المحادثات المتوقعة بين البلدين «لإدارة تنافسهما»، على أسس ندية، بعدما أمعنت الولايات المتحدة في فرض الكثير من القيود، على قدرة الصين في الوصول إلى صناعة الرقائق الإلكترونية الفائقة.

نتائج إيجابية للأسواق!

ورغم ذلك، تحدثت الكثير من عناوين الصحف الأميركية، عن النتائج «الإيجابية» على الأسواق التي بدأت في إعادة النظر في تسعير مستقبل الذكاء الاصطناعي، الذي سيكون أرخص وأكثر سهولة في الوصول إليه مما كانت تفترضه سابقا. ورأت أنه كلما قل المال الذي تحتاج الشركات إلى إنفاقه لإنتاج الذكاء الاصطناعي، من رقائق متقدمة تحتكرها حتى الآن شركة «إنفيديا»، إلى الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيلها، زادت ربحيتها.

ومع ذلك، فإنه ما بدا وكأنه ضربة كبيرة يوم الاثنين، تبين أنه أصاب بعض الشركات، فيما استفادت شركات أخرى منه. وبعدما انخفضت غالبية مؤشرات سوق الأسهم بشكل عام، وعلى رأسها قيمة أسهم شركة «إنفيديا»، أغلقت الأسواق على ارتفاع لمؤشر داو جونز، وارتفعت أسهم شركة «أبل» أكثر من 100 مليار دولار.

ضربة لشركات التكنولوجيا والطاقة

كان الاعتقاد أن الذكاء الاصطناعي سيكون كبيرا، وستشهد شركاته ارتفاعا في أسعار أسهمها بمجرد الإعلان عن شرائها لعدد كبير من شرائح «إنفيديا». كما ارتفعت أسهم شركات الطاقة التي كانت مشاريعها لتطوير إنتاج الطاقة الكهربائية، التي سيعتمد عليها في تشغيل ثورة الذكاء الاصطناعي، تشهد انتعاشا كبيرا. لكن الأخبار القادمة من الصين، أعادت الأمور إلى نصابها، حيث تبين أنه بالإمكان خفض تلك التكاليف بشكل كبير، مع الحفاظ على الأداء المتوقع مقابل كل دولار يستثمر في الذكاء الاصطناعي.

وأظهرت شركة «ديب سيك» أنه من الممكن إنتاج ذكاء اصطناعي متطور لا يحتاج إلى عدد كبير من الرقائق المتطورة وإلى طاقة أكثر أو استثمارات أولية كبيرة. وهو ما عد أخبارا سيئة لشركة «إنفيديا» التي تحتكر فعليا رقائق الذكاء الاصطناعي، كما أنه سيئ لشركات الطاقة التي كانت تعتمد على الطلب المتزايد من تلك الشركات.

عائد كبير بتكلفة أقل

فتكلفة تدريب وتطوير نماذج «ديب سيك» لا تمثل سوى جزء بسيط مما هو مطلوب لمنتجات «أوبن إيه آي» و«ميتا» المتطورة. وقد أثارت كفاءتها العالية، على الرغم من قلة تكلفتها، قلق وحيرة الشركات الأميركية العملاقة، مثل «إنفيديا»، و«ميتا»، والتي أنفقت مبالغ ضخمة للهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي المزدهر. وتسببت بضجة كبيرة، وحالة من الرهبة والذهول في قطاع التكنولوجيا الفائقة، وأثارت تساؤلات حول مستقبل الهيمنة الأميركية على الذكاء الاصطناعي.

وقد لا يقف الأمر عند هذا الحد. وفي حين كانت شركات مثل «مايكروسوفت» و«أمازون» و«ميتا» و«غوغل» تخطط لاستثمار أكثر من 300 مليار دولار فيما بينها على النفقات الرأسمالية لتطوير الحوسبة الضخمة للذكاء الاصطناعي، فقد فرض عليها «المنافس الصيني» إعادة النظر في تلك التكاليف.

استثمارات «ستارغيت» ترمب مهددة

بل قد يفرض أيضا على الرئيس الأميركي ترمب إعادة النظر في الاستثمار الواعد الذي أطلقه الأسبوع الماضي لتأسيس أكبر قاعدة بيانات إلكترونية «ستارغيت»، بقيمة 500 مليار دولار، إلى أغراض أخرى يمكن أن تمول الكثير من الفرص المربحة للغاية.

ومع ذلك لا يزال مراقبو السوق يحاولون معرفة ما إذا كانت عمليات بيع اليوم الأسهم التي جرت يوم الاثنين مبالغا فيها، أو ما إذا كان ازدهار شركة «إنفيديا» ناجما عن ارتفاع أسهمها. وبحسب محللين في مجال التكنولوجيا، فإن الطلب على أفضل أجهزة الذكاء الاصطناعي سيستمر، لأن الشركات الكبرى لا تبحث عن طريقة أرخص لتحقيق الذكاء الاصطناعي، بل تبحث عن طريقة أسرع، و«ديب سيك» لا يغير هذه الديناميكية. فتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي، المعروف باسم الاستدلال، «يتطلب أعدادا كبيرة من رقائق معالجة الرسوميات التي تنتجها (إنفيديا) والشبكات عالية الأداء».


مقالات ذات صلة

تطبيقات على الهاتف لممارسة التمارين المنزلية

صحتك يوجد عدد كبير من التطبيقات التي يمكن أن تساعدك على ممارسة الرياضية عامة والتمارين المنزلية خاصة (رويترز)

تطبيقات على الهاتف لممارسة التمارين المنزلية

لتحقيق الاستفادة والالتزام فيما يخص التمارين المنزلية، هناك عدد من التطبيقات المتخصصة في متابعة الأداء الرياضي للتمارين المنزلية، وتطبيقات للتواصل مع المدربين.

إبراهيم محمود (القاهرة)
يوميات الشرق عمال أنظمة الصرف الصحي يواجهون عدداً من التحديات المعقدة (جامعة جونز هوبكينز)

روبوتات ذكية لاستكشاف وصيانة شبكات الصرف الصحي

يعكف باحثون، بقيادة جامعة تالين للتكنولوجيا بإستونيا، على تطوير روبوتات ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة وصيانة شبكات الصرف الصحي بأوروبا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد صورة تعبيرية عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

قواعد الاتحاد الأوروبي الجديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي تدخل حيز التنفيذ اليوم

دخلت القواعد الجديدة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي حيز التنفيذ في الاتحاد الأوروبي، اليوم الأحد، مع تنفيذ «قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ ترمب خلال الإعلان عن مشروع «ستارغيت» في البيت الأبيض 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)

إدارة ترمب تضاعف الجهود لدفع قطاع التقنية الأميركية أمام المنافسة الصينية

بعد أيام من إعلان ترمب عن مشروع ضخم لإنشاء بنى تحتية للذكاء الاصطناعي بقيمة نصف تريليون دولار، أطلقت الصين تطبيق «ديب سيك»، الذي هزّ شركات التقنية الأميركية.

رنا أبتر (واشنطن)
يوميات الشرق الفنان المصري محمد رمضان (صفحته على فيسبوك)

«تشات جي بي تي» يعيد جدل «نمبر ون» إلى الواجهة في مصر

عاد جدل «نمبر ون» أو النجم الأول إلى الواجهة في مصر عبر استخدام فنانين لتطبيق «تشات جي بي تي» لسؤاله عن صاحب هذا اللقب.

محمد الكفراوي (القاهرة )

ترمب يعلن حرباً تجارية لـ«إعادة العصر الذهبي» لأميركا


رئيس الوزراء الكندي يتحدث لوسائل الإعلام عقب قرار ترمب (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الكندي يتحدث لوسائل الإعلام عقب قرار ترمب (د.ب.أ)
TT
20

ترمب يعلن حرباً تجارية لـ«إعادة العصر الذهبي» لأميركا


رئيس الوزراء الكندي يتحدث لوسائل الإعلام عقب قرار ترمب (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الكندي يتحدث لوسائل الإعلام عقب قرار ترمب (د.ب.أ)

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب شعبه إلى تحمل «بعض الألم حتى يعود العصر الذهبي لأميركا»، وذلك بعد ساعات على فرضه رسوماً جمركية على كندا والمكسيك بنسبة 25 في المائة (10 في المائة على صادرات النفط من كندا)، و10 في المائة على الصين، وهو ما عدّه خبراء ومحللون حرباً تجارية عالمية. ومع الرد الانتقامي من كندا والمكسيك والصين، يتوقع أن تتلقى الأسواق العالمية صدمة جديدة اليوم (الاثنين) بعد ما حصل بسبب تطبيق «ديب سيك».

وبالتقاطع، تتجه الأنظار إلى اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة للمراقبة في «أوبك بلس» اليوم، وهو الأول في ظل ولاية ترمب الذي أعلن أنه سيطلب من «أوبك» خفض أسعار النفط.