الصين تحقق معدل النمو المستهدف رغم شكاوى المستهلكين

انخفاض عدد السكان للعام الثالث على التوالي

متسوقون في أحد المتاجر بمدينة نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
متسوقون في أحد المتاجر بمدينة نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تحقق معدل النمو المستهدف رغم شكاوى المستهلكين

متسوقون في أحد المتاجر بمدينة نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)
متسوقون في أحد المتاجر بمدينة نانجينغ شرق الصين (أ.ف.ب)

حقَّق الاقتصاد الصيني طموحات الحكومة في تسجيل نمو بنسبة 5 في المائة في العام الماضي، لكن بطريقة غير متوازنة مع شكوى كثيرين من تدهور مستويات المعيشة، إذ تجد بكين صعوبةً في تحقيق استفادة المستهلكين من مكاسبها الصناعية والتصديرية.

ويثير النمو غير المتوازن مخاوف من ازدياد المشكلات الهيكلية في عام 2025، الذي تخطط فيه الصين لتسجيل نمو مماثل من خلال مزيد من الإجراءات التحفيزية لمواجهة تأثير زيادة متوقعة للرسوم الجمركية الأميركية، ربما بحلول يوم الاثنين عندما يتم تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وأظهرت بيانات صينية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي أن الناتج الصناعي يفوق مبيعات التجزئة بكثير، ومعدل البطالة يرتفع، مما يسلط الضوء على قوة جانب العرض في اقتصاد يمتلك فائضاً تجارياً بقيمة تريليون دولار، ولكن يعاني أيضاً من الضعف على الصعيد المحلي.

ويعتمد النمو الذي تقوده الصادرات جزئياً على انكماش سعر المصنع للمنتجات، الذي لا يشمل رسوم النقل والتسليم، مما يجعل السلع الصينية قادرةً على المنافسة في الأسواق العالمية، لكن هذا يعرِّض بكين أيضاً لصراعات أكبر مع اتساع فجوات التجارة مع الدول المنافسة.

ومحلياً، أدى انخفاض الأسعار إلى تقليص أرباح الشركات وأجور العمال. ويقول المحللون إن استمرار تدفق الجزء الأكبر من إجراءات التحفيز الإضافية التي أعدتها بكين لهذا العام نحو التطوير الصناعي والبنية الأساسية، بدلاً من الأسر، قد يؤدي إلى تفاقم الطاقة الفائضة في المصانع، وإضعاف الاستهلاك، وزيادة ضغوط الانكماش.

وحتى الآن، تعهدت بكين بإعطاء الأولوية للاستهلاك المحلي في سياسات هذا العام، لكنها لم تكشف عن كثير باستثناء برنامج التجارة الموسع في الآونة الأخيرة، الذي يدعم مشتريات السيارات والأجهزة المنزلية والسلع الأخرى.

وتجاوز ثاني أكبر اقتصاد في العالم توقعات خبراء الاقتصاد لعام 2024 بنمو قدره 4.9 في المائة. وبلغ معدل النمو في الرُّبع الرابع 5.4 في المائة، وهو الأسرع منذ أوائل 2023.

ومن جهة أخرى، أفادت الحكومة الصينية، يوم الجمعة، بأن عدد سكان الصين قد انخفض العام الماضي، للعام الثالث على التوالي، مما يشير إلى مزيد من التحديات الديموغرافية للبلاد التي تأتي في المرتبة الثانية عالمياً من حيث عدد السكان، والتي تواجه الآن شيخوخة السكان ونقصاً في عدد الأشخاص في سنِّ العمل.

وبلغ عدد سكان الصين ملياراً و408 ملايين نسمة بحلول نهاية عام 2024، وهو انخفاض قدره 1.39 مليون نسمة عن العام السابق.

وتتوافق الأرقام التي أعلنتها الحكومة في بكين مع الاتجاهات العالمية، ولكن بشكل خاص في شرق آسيا، حيث شهدت دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ ودول أخرى انخفاضاً حاداً في معدلات المواليد. وقبل 3 سنوات، انضمت الصين إلى اليابان ومعظم دول شرق أوروبا التي تشهد انخفاضاً في عدد سكانها.

وفي شأن منفصل، تراجعت وتيرة أسعار العقارات في الصين الشهر الماضي، للشهر الرابع على التوالي، في مؤشر على استقرار الأسواق بعد إجراءات التحفيز التي اتخذتها الحكومة الصينية.

وذكر مكتب الإحصاء في الصين أن أسعار المنازل الجديدة في 70 مدينة انخفضت في ديسمبر بنسبة 0.08 في المائة مقارنة بالشهر السابق عليه، باستثناء المنازل المدعومة من الدولة، في أدنى معدل تراجع خلال عام ونصف العام.

كما تراجعت أسعار العقارات القائمة بالفعل في ديسمبر بنسبة 0.31 في المائة، مقابل 0.35 في المائة في الشهر السابق عليه.

وتشير هذه البيانات إلى أن قيمة العقارات في الصين بدأت تستقر مع تعزيز الجهود التي يبذلها صناع السياسات في البلاد لإنهاء موجة تراجع أسعار العقارات، والتي ألقت بظلالها على أكبر اقتصاد في آسيا لأكثر من 3 سنوات، مما أسفر عن إهدار مليارات الدولارات من قيمة الثروة العقارية، وزيادة الضغوط الانكماشية على الاقتصاد.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» للأنباء عن ليو شوي، الخبير الاقتصادي لدى مؤسسة «تشاينا إنديكس هولدينغز» للدراسات التسويقية، قوله: «أدى تعزيز الدعم السياسي إلى زيادة ثقة المستهلكين، غير أن تعافي سوق العقارات على نطاق واسع ما زال يجابه تحديات كبيرة هذا العام».

وعلى أساس سنوي، تراجعت أسعار العقارات الجديدة بنسبة 5.73 في المائة في ديسمبر، مقابل 6.07 في المائة في الشهر السابق عليه، في حين انخفضت أسعار العقارات المأهولة بالفعل بنسبة 8.11 في المائة، مقابل 8.54 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).


مقالات ذات صلة

«كير الدولية» توقع عقداً مع «السعودية لنقل الكهرباء» بـ31.8 مليون دولار

الاقتصاد كابلات لنقل الكهرباء في الرياض (أ.ف.ب)

«كير الدولية» توقع عقداً مع «السعودية لنقل الكهرباء» بـ31.8 مليون دولار

وقّعت شركة «كير الدولية» مع «الشركة السعودية لنقل الكهرباء» عقداً بقيمة تتجاوز 119.5 مليون ريال (31.8 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.49 % خلال فبراير

ارتفع معدل التضخم في الكويت بمقدار 2.49 في المائة، عند 135.7 نقطة خلال شهر فبراير الماضي، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق حيث كان 132.4 نقطة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد استمرار الاحتجاجات على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو (رويترز)

«المركزي التركي» يطرح مناقصة لسندات سيولة بقيمة 50 مليار ليرة

يواصل البنك المركزي التركي اتخاذ إجراءات لإنقاذ العملة من الانهيار على خلفية التطورات الأخيرة التي أعقبت اعتقال رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد حافلات في لندن على طول شارع وايت هول في وستمنستر (رويترز)

انتعاش ملحوظ في قطاع الخدمات البريطاني يطمئن ريفز قبل خطابها

أفادت الشركات في قطاع الخدمات البريطاني الضخم بانتعاش ملحوظ هذا الشهر، وفقاً لمسح أطلقته شركة «ستاندرد أند بورز غلوبال»، مما قدم تطمينات لوزيرة المالية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يعزز مبررات خفض الفائدة وسط توقعات بتسارع انخفاض التضخم

قال بييرو سيبولوني، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، يوم الاثنين، إن المبررات لخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى، أصبحت أقوى.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

ترمب: أود أن أرى «الاحتياطي الفيدرالي» يخفّض الفائدة

الرئيس دونالد ترمب خلا عقده اجتماعاً وزارياً في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلا عقده اجتماعاً وزارياً في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)
TT

ترمب: أود أن أرى «الاحتياطي الفيدرالي» يخفّض الفائدة

الرئيس دونالد ترمب خلا عقده اجتماعاً وزارياً في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلا عقده اجتماعاً وزارياً في البيت الأبيض بواشنطن (أ.ب)

للمرة الثانية خلال 5 أيام، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب «الاحتياطي الفيدرالي» إلى خفض أسعار الفائدة، مما زاد الضغط على البنك المركزي.

وقال يوم الاثنين، خلال اجتماع لمجلس الوزراء، مؤكداً أن أسعار المواد الغذائية والطاقة آخذة في الانخفاض: «أود أن أرى مجلس الاحتياطي الفيدرالي يخفض أسعار الفائدة». وأضاف: «هذا مجرد رأيي، فالأمور تتجه نحو الانخفاض. التضخم تحت السيطرة. ستتدفق أموال طائلة قريباً من الرسوم الجمركية».

كما وعد وزير الخزانة سكوت بيسنت، في الاجتماع الوزاري نفسه، باحتواء التضخم، مؤكداً أن الإدارة تعمل على تقليص «العمالة الزائدة في القطاع الحكومي... وبالتالي ستتاح لكل من يُسرّح من الحكومة فرصة العمل في القطاع الخاص». وأضاف بيسنت أن ذلك «سيؤدي إلى انكماش التضخم» والسيطرة عليه.

تأتي التعليقات الجديدة التي أدلى بها ترمب بشأن بنك الاحتياطي الفيدرالي في أعقاب بيان أدلى به يوم الأربعاء الماضي على منصته «تروث سوشيال»، حيث قال إن البنك المركزي «سيكون في وضع أفضل بكثير» إذا خفض أسعار الفائدة مع دخول التعريفات الجمركية حيز التنفيذ.

وقال ترمب في منشوره بتاريخ 19 مارس (آذار) على موقع «تروث سوشيال»: «سيكون من الأفضل بكثير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض أسعار الفائدة مع بدء تطبيق التعريفات الجمركية الأميركية (بشكل أكثر مرونة!) على الاقتصاد». وأضاف: «افعلوا الصواب. الثاني من أبريل (نيسان) هو يوم التحرير في أميركا!».

تأتي اقتراحات ترمب الجديدة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بعد أن أبقى البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة يوم الأربعاء للاجتماع الثاني على التوالي، محافظاً على توقعاته السابقة بخفضين لأسعار الفائدة في وقت ما من هذا العام.

إلا أن ما غيّره البنك المركزي هو توقعاته بشأن التضخم (ارتفاعاً) والنمو الاقتصادي (انخفاضاً)، حيث صرّح رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بأن السبب الرئيسي وراء هذا التغيير هو حالة عدم اليقين الناجمة عن خطط ترمب لفرض مجموعة كبيرة من التعريفات الجمركية الجديدة، بالإضافة إلى الرسوم الجمركية الجديدة المفروضة على الصين وكندا والمكسيك.