ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

ما المتوقع من بيانات التضخم الأميركية اليوم؟

أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في كاليفورنيا (أ.ف.ب)

من المحتمل أن يكون التضخم في الولايات المتحدة قد تفاقم الشهر الماضي على خلفية ارتفاع أسعار الغاز والسيارات المستعملة، وهو اتجاه قد يُقلل من احتمالية قيام مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي كثيراً هذا العام.

ومن المتوقع أن تعلن وزارة العمل يوم الأربعاء عن ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين في ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 2.8 في المائة عن العام الماضي، وفقاً لخبراء اقتصاديين استطلعت آراؤهم شركة «فاكتسيت»، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وسيكون هذا هو الارتفاع الثالث على التوالي، بعد أن انخفض التضخم إلى أدنى مستوى له منذ 3 سنوات ونصف السنة إلى 2.4 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وقد يؤدي هذا الارتفاع إلى تأجيج المخاوف المستمرة بين عدد من الاقتصاديين، وفي الأسواق المالية من أن التضخم قد علق فوق هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. وقد أدّت مثل هذه المخاوف إلى ارتفاع أسعار الفائدة على سندات الخزانة، ما أدى أيضاً إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض للرهون العقارية والسيارات وبطاقات الائتمان، حتى مع قيام «الاحتياطي الفيدرالي» بخفض سعر الفائدة الرئيسي.

وقد تسبب تقرير الوظائف القوي غير المتوقع الصادر يوم الجمعة الماضي في انخفاض أسعار الأسهم والسندات، بسبب المخاوف من أن الاقتصاد السليم قد يُحافظ على ارتفاع التضخم، ما يمنع «الاحتياطي الفيدرالي» من خفض سعر الفائدة الرئيسي أكثر من ذلك.

وباستثناء فئتي الغذاء والطاقة المتقلبتين، توقع الاقتصاديون أن يظل ما يُسمى بالتضخم الأساسي عند 3.3 في المائة في ديسمبر للشهر الرابع على التوالي.

وعلى أساس شهري، من المرجح أن ترتفع الأسعار بنسبة 0.3 في المائة في ديسمبر للشهر الثاني على التوالي، ومن شأن ارتفاع الأسعار بهذه الوتيرة أن يتجاوز هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة. ومن المتوقع أن ترتفع الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة.

ومن المحتمل أن يكون جزء من الارتفاع في الأسعار مدفوعاً بعوامل لمرة واحدة، مثل قفزة أخرى في تكلفة البيض، التي كانت واحدة من أكثر فئات الأغذية تقلباً في السنوات الأخيرة. وقد أدَّى تفشي إنفلونزا الطيور إلى هلاك عدد من قطعان الدجاج، ما قلّل من المعروض من البيض.

ويتوقع الاقتصاديون بشكل عام أن ينخفض التضخم قليلاً في الأشهر المقبلة؛ حيث تنمو أسعار إيجار الشقق والأجور وتكاليف التأمين على السيارات بشكل أبطأ، ولكن ما يُلقي بظلاله على التوقعات هو السياسات التضخمية المحتملة من الرئيس المنتخب دونالد ترمب، فقد اقترح الأخير زيادة الرسوم الجمركية على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير المصرح لهم.

يوم الثلاثاء، قال ترمب إنه سينشئ «دائرة الإيرادات الخارجية» لتحصيل الرسوم الجمركية، ما يُشير إلى أنه يتوقع فرض عدد من الرسوم في نهاية المطاف، حتى إن كان قد قال أيضاً إنه ينوي استخدامها ورقة مساومة. وخلال حملته الانتخابية، وعد بفرض رسوم تصل إلى 20 في المائة على جميع الواردات، ورسوم تصل إلى 60 في المائة على البضائع القادمة من الصين.

وفي الأسبوع الماضي، أظهر محضر اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال ديسمبر أن الاقتصاديين في البنك المركزي يتوقعون أن يظل التضخم هذا العام كما هو تقريباً في عام 2024، مدفوعاً قليلاً بسبب ارتفاع الرسوم الجمركية.

وقال رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، إن البنك المركزي سيُبقي على سعر الفائدة الرئيسي مرتفعاً، حتى يعود التضخم إلى 2 في المائة. ونتيجة ذلك، يتوقع المستثمرون في «وول ستريت» أن يخفض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي مرة واحدة فقط هذا العام، من مستواه الحالي البالغ 4.3 في المائة، وفقاً لأسعار العقود الآجلة.

ولا تزال تكاليف الاقتراض الأخرى مرتفعة، ويرجع ذلك جزئياً إلى توقعات ارتفاع التضخم، وقلة تخفيضات أسعار الفائدة من جانب «الاحتياطي الفيدرالي». وارتفعت معدلات الرهن العقاري، التي تتأثر بشدة بالعائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، للمرة الرابعة على التوالي الأسبوع الماضي إلى 6.9 في المائة، وهو أعلى بكثير من أدنى مستوياتها في عهد الوباء، الذي بلغ أقل من 3 في المائة.

وفي ظل مرونة سوق العمل -حيث انخفض معدل البطالة إلى مستوى متدنٍّ بلغ 4.1 في المائة الشهر الماضي- فإن المستهلكين قادرون على مواصلة الإنفاق، ودفع عجلة النمو. ومع ذلك، إذا تجاوز الطلب ما يمكن أن تنتجه الشركات، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التضخم.

في وقت سابق من هذا الشهر، اتفق عدد من الاقتصاديين البارزين، بمن في ذلك رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، بن برنانكي، على أن التعريفات الجمركية التي سيفرضها ترمب في نهاية المطاف لن يكون لها على الأرجح سوى تأثيرات طفيفة على التضخم. وقد نوقشت هذه المسألة في الاجتماع السنوي للجمعية الاقتصادية الأميركية في سان فرنسيسكو.

وقال جيسون فورمان، أحد كبار المستشارين الاقتصاديين خلال إدارة أوباما، في المؤتمر إن الرسوم قد ترفع معدل التضخم السنوي بعدة أعشار من النقطة المئوية فقط، لكنه أضاف أنه حتى زيادة بهذا الحجم قد تكون كافية للتأثير على قرارات «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن معدل الفائدة.

وقال في الرابع من يناير (كانون الثاني): «أنت في عالم تكون فيه سياسات ترمب أشبه بالأعشار، أكثر من كونها شيئاً كارثياً». وأضاف: «لكنني أعتقد أننا أيضاً في عالم يعتمد فيه اتجاه بقاء معدلات الفائدة على حالها أو انخفاضها أو ارتفاعها على تلك الأعشار».


مقالات ذات صلة

عوائد السندات الألمانية والأميركية تتراجع بعد بيانات التضخم

الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي واليورو (رويترز)

عوائد السندات الألمانية والأميركية تتراجع بعد بيانات التضخم

تراجعت عوائد السندات الألمانية القياسية في منطقة اليورو يوم الأربعاء، منهية سلسلة من الارتفاعات استمرت عشرة أيام، عقب صدور بيانات تضخم أميركية.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في سوبر ماركت حيث يؤثر ارتفاع التضخم على أسعار المستهلكين في لوس أنجليس (رويترز)

ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.9 % خلال ديسمبر

ارتفع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 2.9 في المائة في ديسمبر، بما يتماشى مع التوقعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين تتحدث في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك 17 أكتوبر 2024 (رويترز)

يلين: سياسات إدارة بايدن في الجائحة أنقذت ملايين الوظائف وعززت النمو

دافعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين الأربعاء عن استجابة إدارة بايدن لجائحة «كوفيد - 19»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يسير الناس على طول الواجهة البحرية في لا ديفانس بالحي المالي والتجاري بالقرب من باريس (رويترز)

فرنسا تستهدف تضخماً 1.4 % وخفض الإنفاق العام في موازنة 2025

قالت وزيرة الموازنة الفرنسية أميلي دي مونتشالين، يوم الأربعاء، إن الحكومة تستهدف معدل تضخم يبلغ 1.4 في المائة، هذا العام، كما تهدف إلى خفض الإنفاق العام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد الزبائن يتسوقون بأحد أكشاك الفاكهة والخضراوات في شارع بورتوبيللو بلندن (لندن)

تراجع التضخم البريطاني بشكل غير متوقع إلى 2.5 % في ديسمبر

تباطأ التضخم في المملكة المتحدة بشكل غير متوقع، الشهر الماضي، حيث انخفضت مقاييس النمو الأساسية للأسعار التي يتابعها بنك إنجلترا بشكل أكثر حدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مرشح وزير الخزانة: ترمب سيطلق العنان لعصر ذهبي اقتصادي جديد

المرشح لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت يتجول بمبنى الكابيتول في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
المرشح لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت يتجول بمبنى الكابيتول في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
TT

مرشح وزير الخزانة: ترمب سيطلق العنان لعصر ذهبي اقتصادي جديد

المرشح لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت يتجول بمبنى الكابيتول في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
المرشح لمنصب وزير الخزانة سكوت بيسنت يتجول بمبنى الكابيتول في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

تعهَّد سكوت بيسنت، مدير صندوق التحوط الذي اختاره الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتولي منصب وزير الخزانة، بالحفاظ على مكانة الدولار عملةً احتياطية في العالم، كاشفاً عن رؤية لـ«عصر ذهبي اقتصادي جديد»، وذلك في الوقت الذي يستعد فيه لمواجهة أسئلة أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي، يوم الخميس، حول كيفية تنفيذ خطط ترمب لخفض الضرائب والتعريفات الجمركية وإلغاء القيود.

وستؤدي شهادة بيسنت في جلسة استماع أمام لجنة الشؤون المالية في مجلس الشيوخ، لتأكيد تعيينه في الساعة 10:30 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (15:30 بتوقيت غرينتش)، إلى إثارة قلق الأسواق المالية وسط مخاوف -تنعكس في ارتفاع عائدات السندات- من أن خطط ترمب السياسية قد تؤجج التضخم وتثير حرباً تجارية عالمية جديدة تهدد الاستقرار المالي.

وقال مدير مركز «هاتشينز» للسياسة المالية والنقدية التابع لمعهد «بروكينغز»، ديفيد ويسل، إن مؤسس شركة «كي سكوير كابيتال مانجمنت» البالغ من العمر 62 عاماً، سيحتاج إلى تقديم نفسه على أنه مؤثر معتدل على خطط ترمب «الأكثر تطرفاً»، وفق «رويترز».

وأضاف: «ما تريده الأسواق ومجتمع الأعمال هو معرفة أن هناك شخصاً ناضجاً لا يعتقد أن خفض الضرائب بشكل مفرط وزيادة الديون فكرة جيدة، وأن جميع وعود حملة ترمب الانتخابية بشأن التعريفات الجمركية هي أفكار جيدة».

في تصريحات مُعدّة مسبقاً نُشرت مساء الأربعاء، وضع بيسنت رؤية لـ«عصر ذهبي اقتصادي جديد» تضمنت إعطاء الأولوية للاستثمارات الاستراتيجية التي تنمّي الاقتصاد الأميركي، وجعل تخفيضات ترمب الضريبية للأفراد والشركات الصغيرة لعام 2017 التي من المقرر أن تنتهي صلاحيتها في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2025، دائمة.

كما قال بيسنت في التصريحات: «يجب علينا تأمين سلاسل التوريد المعرَّضة للمنافسين الاستراتيجيين، ويجب علينا أن ننشر العقوبات بعناية كجزء من نهج حكومي كامل لتلبية متطلبات أمننا القومي... والأهم من ذلك، يجب أن نضمن بقاء الدولار الأميركي عملة الاحتياطي العالمي».

مدافِع عن التعريفة الجمركية

لم يذكر بيسنت الصين في تصريحاته المُعدّة سلفاً، لكنه كان مدافعاً قوياً عن خطط ترمب لفرض رسوم جمركية شاملة تتراوح بين 10 في المائة على جميع الواردات و60 في المائة على السلع الصينية.

وفي مقال رأي نشره على شبكة «فوكس نيوز» قبل أسبوع من ظهوره كفائز في مسابقة عالية المستوى لاختيار ترمب لوزارة الخزانة في نوفمبر (تشرين الثاني)، أشاد بيسنت بالتعريفات الجمركية بوصفها «وسيلة للدفاع عن الأميركيين أخيراً» بعد عقود من فقدان الوظائف بسبب ارتفاع الواردات.

وكتب بيسنت قائلاً: «عند استخدامها بشكل استراتيجي، يمكن للتعريفات الجمركية أن تزيد من إيرادات وزارة الخزانة، وتشجع الشركات على استعادة الإنتاج وتقليل اعتمادنا على الإنتاج الصناعي من المنافسين الاستراتيجيين»، خصوصاً الصين.

أسئلة الضرائب

من المتوقع أن يطرح الديمقراطيون في اللجنة المالية أسئلة على بيسنت حول خططه لتمديد التخفيضات الضريبية لعام 2017 للأفراد والشركات الصغيرة التي تنتهي صلاحيتها في نهاية هذا العام. ويقدر خبراء الموازنة أن هذا سيضيف ما لا يقل عن 4 تريليونات دولار إلى الدين الفيدرالي على مدى عقد من الزمن دون تحقيق وفورات في أماكن أخرى.

ودعا بيسنت، في تصريحاته، إدارة ترمب والكونغرس إلى تنفيذ «سياسات داعمة للنمو لتخفيف العبء الضريبي على عمال خدمات المصنعين الأميركيين وكبار السن».

وتشير هذه السياسات الأخيرة إلى وعود ترمب خلال حملته الانتخابية بتخفيض معدل الضريبة على الشركات إلى 15 في المائة من 21 في المائة للشركات التي تصنع المنتجات في الولايات المتحدة، وإعفاء الدخل من الإكراميات والضمان الاجتماعي من الضرائب.

وأصدرت الديمقراطية في اللجنة المالية في مجلس الشيوخ، إليزابيث وارن، قائمة من 180 سؤالاً لبيسنت للإجابة عنها، بما في ذلك بعض الأسئلة التي تتحدى تأكيداته السابقة بأن التخفيضات الضريبية يمكن أن تدافع عن نفسها من خلال توليد نمو أعلى.

وكتبت وارن في رسالتها إلى بيسنت: «لقد كانت خبرتك في جعل المستثمرين الأغنياء بالفعل أكثر ثراءً، وليس في خفض التكاليف على العائلات أو جعل الاقتصاد أقوى لجميع الأميركيين».

ووصف رئيس اللجنة الجمهوري في مجلس الشيوخ، مايك كرابو، بيسنت بأنه «واحد من أذكى العقول في صناعة التمويل العالمية».

وأضاف كرابو في ملاحظاته المعدة مسبقاً، أن بيسنت «يجب أن يعمل مع الكونغرس للحفاظ على السياسات الضريبية الجمهورية المؤيدة للنمو التي أفادت جميع الأميركيين بشكل كبير والبناء عليها».

أسئلة استقلالية الفيدراليين

نشأ بيسنت في ولاية كارولاينا الجنوبية والتحق بجامعة ييل قبل أن يبدأ العمل في «وول ستريت»، حيث ساعد المستثمر الشهير جورج سوروس في كسب أكثر من مليار دولار من خلال المراهنة على الجنيه الإسترليني في عام 1992.

وقد أسس «كي سكوير» في عام 2015، وسرعان ما جمع أصولاً بقيمة 4.5 مليار دولار، والتي بلغت ذروتها عند 5.1 مليار دولار في نهاية عام 2017، ولكنها انخفضت إلى 477 مليون دولار بعد ست سنوات. وقد تعهد بيسنت بتصفية استثماراته في «كي سكوير» لتجنب تضارب المصالح.

كما ستحلل الأسواق أيضاً تعليقات بيسنت حول استقلالية «الاحتياطي الفيدرالي»، نظراً إلى دعوته السابقة إلى تعيين رئيس «ظل» لمجلس إدارة «الاحتياطي الفيدرالي» يقدم توجيهات بديلة للسياسة. وكان ترمب قد اشتكى مؤخراً من ارتفاع أسعار الفائدة أكثر من اللازم، على الرغم من تخفيضات «الاحتياطي الفيدرالي» الثلاثة العام الماضي.