الصين «عازمة» على فتح اقتصادها للعالم في 2025

بكين تمنح موظفي الحكومة أول زيادة كبيرة في الأجور منذ عقد

مشاة يسيرون بالضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مشاة يسيرون بالضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

الصين «عازمة» على فتح اقتصادها للعالم في 2025

مشاة يسيرون بالضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
مشاة يسيرون بالضاحية المالية في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

أكد مسؤول صيني رفيع المستوى في مجال التخطيط الاقتصادي الجمعة أن بلاده «عازمة» على مواصلة فتح اقتصادها على العالم في 2025، في وقت تستعد به بكين لاضطرابات تجارية محتملة مع تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب منصبه.

وحاولت ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم جاهدة إنعاش النمو بعد وباء «كوفيد»، وما زالت تواجه أزمة ديون في قطاع السكن، وانخفاضاً في الاستهلاك، وارتفاعاً في معدلات البطالة بأوساط الشباب.

وقد يتدهور الوضع أكثر بعد تنصيب ترمب المقرَّر في 20 يناير (كانون الثاني)؛ إذ إن الرئيس الأميركي المنتخَب زاد الرسوم الجمركية على الواردات الصينية في ظل حرب تجارية واسعة النطاق في فترته الرئاسية الأولى، وتعهَّد بمواصلة هذا النهج.

لكنّ مسؤولين من أعلى هيئة تخطيط في الصين (اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح)، قالوا، الجمعة، إنه «بغضّ النظر عن طريقة تغير البيئة الخارجية المليئة بالضبابية، سيبقى عزم الصين وخطواتها الرامية إلى الانفتاح على العالم الخارجي على حاله».

وقال نائب مدير اللجنة جاو تشينشن، في مؤتمر صحافي، الجمعة: «سنتّخذ في العام الجديد بكل تأكيد العديد من الإجراءات الجديدة... لتوسيع الانفتاح الممنهج بشكل ثابت وبناء بيئة أعمال تسويقية تستند إلى سيادة القانون، وتدويلية». وأفاد بأن الصين تخطط للتشجيع على زيادة الاستثمارات الخارجية في «التصنيع المتقدِّم والخدمات الحديثة والتكنولوجيا المتطورة وتوفير الطاقة وحماية البيئة».

ولم تُخفِ السلطات رغبتها في إعادة توجيه الاقتصاد نحو مجالات تقوم على الابتكار في التكنولوجيا المتقدمة، في قطاع الطاقة النظيفة مثلاً، ليصبح تحقيق النمو بأرقام عشرية، «مهما كان الثمن»، فصلاً من الماضي.

ووصلت الإمكانات الإجمالية للبلاد في طاقة الرياح والشمس إلى 1.31 مليار كيلوواط في المجموع، لتشكل 40.5 في المائة من إمكانات توليد الطاقة، العام الماضي، مقارنة مع 36 في المائة عام 2023، وفق ما أفاد به جاو، الجمعة.

لكن بعض الشخصيات لَمَّحت إلى تحديات أطول مدى بالنسبة إلى الاقتصاد، على رأسها الشيخوخة في أوساط السكان. وقال جاو إن العدد الإجمالي لمقدمي خدمات الرعاية للأطفال في البلاد وصل إلى عتبة 100 ألف في 2024، بينما بلغ عدد دور رعاية المسنين 410 آلاف.

وفي غضون ذلك، قالت مصادر لـ«رويترز» إن ملايين الموظفين الحكوميين في جميع أنحاء الصين حصلوا على زيادات مفاجئة في الأجور، هذا الأسبوع؛ حيث تتطلع بكين إلى تعزيز الإنفاق لدعم الاقتصاد المتباطئ.

وعلى أساس إجمالي، فإن الدفع الفوري سيعادل دفعة لمرة واحدة للاقتصاد تتراوح بين نحو 12 مليار دولار ونحو 20 مليار دولار، إذا تم احتساب جميع الأشخاص البالغ عددهم 48 مليون شخص كعمال في القطاع العام، وتم تحصيلهم وفقاً للشروط الموصوفة لـ«رويترز».

وكانت آخر مرة أشارت فيها الصين علناً إلى زيادة وطنية في أجور موظفي الخدمة المدنية في عام 2015، عندما رفعت الحكومة أجور المسؤولين المحليين بأكثر من 30 في المائة كجزء من الجهود المبذولة لمكافحة الفساد ورفع القدرة الشرائية للمستهلكين.

ولم يستجب مكتب معلومات مجلس الدولة، الذي يتحدث باسم الحكومة الصينية، على الفور لطلب التعليق.

وهذه المرة، تمت زيادة الأجور الشهرية لموظفي الحكومة بمعدل نحو 500 يوان (68.50 دولار)، وفقاً لأشخاص اتصلت بهم «رويترز»، أو نشروا على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأفاد بعض موظفي الحكومة الصغار بزيادات شهرية تقترب من 300 يوان (41 دولاراً). وفي كثير من الحالات، تم تأريخ الزيادة في رواتب المسؤولين والعاملين في القطاع العام إلى يوليو (تموز)، وتم تسليمها في دفعة واحدة تشبه المكافأة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

وقال شو تيان تشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميك إنتليجينس»: «يبدو أن استراتيجية بكين هي تشجع استهلاك الأشخاص الأكثر استعداداً للإنفاق. لقد شهدنا حتى الآن توزيعات نقدية على السكان الفقراء وزيادة في الأجور في القطاع العام. وتميل الفئات ذات الدخل المنخفض إلى إنفاق حصة أعلى من دخلها، في حين من المفترض أن يكون الموظفون الحكوميون أكثر عرضة للإنفاق من موظفي الأعمال الخاصة بسبب مستوياتهم الأعلى من مزايا الضمان الاجتماعي».

وكانت «بلومبرغ» أول من أورد الزيادات الواسعة النطاق في الأجور، التي أثرت على المعلمين والشرطة والموظفين الحكوميين العاملين في جميع أنحاء الصين. ولم يتم الإعلان عن هذه الخطوة أو تفصيلها من قبل بكين. ولم يتضح على الفور كيف سيتم تمويل الزيادة أو ما ستكون التكلفة الإجمالية.

وذكرت «رويترز» أن القادة الصينيين وافقوا، الشهر الماضي، على تشغيل عجز ميزانية أعلى يعادل 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. ومن شأن ذلك أن يدعم الجهود الرامية إلى تحقيق هدف النمو الاقتصادي بنحو 5 في المائة لعام 2025، على الرغم من الضغوط الناجمة عن أزمة العقارات المطولة وانخفاض الأسعار واحتمال فرض تعريفات جمركية أعلى على الصادرات إلى الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

تكاليف الاقتراض الحكومي في بريطانيا تسجل أعلى مستوى منذ 1998

الاقتصاد يسير الناس عبر منطقة سيتي أوف لندن المالية (رويترز)

تكاليف الاقتراض الحكومي في بريطانيا تسجل أعلى مستوى منذ 1998

سجلت تكاليف الاقتراض الحكومي طويل الأجل في بريطانيا أعلى مستوياتها منذ عام 1998 يوم الثلاثاء، مما يزيد من التحديات التي تواجه وزيرة المالية راشيل ريفز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر جوي لمجمعات سكنية عملاقة في جزيرة هونغ كونغ الصينية (رويترز)

«المركزي الصيني» يضيف المزيد من الذهب إلى احتياطياته

أضاف البنك المركزي الصيني الذهب إلى احتياطياته في ديسمبر للشهر الثاني على التوالي، مستأنفاً تحركه في نوفمبر بعد توقف دام ستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد مشاة يمرون أمام لوحة تعرض تحركات الأسهم في وسط العاصمة اليابانية بطوكيو (إ.ب.أ)

الين الأسوأ أداء عالمياً... والتدخل الياباني وشيك

تراجع سعر الين الياباني أمام الدولار في تعاملات سوق الصرف يوم الثلاثاء، إلى أقل مستوياته منذ يوليو الماضي، ليسجل أسوأ أداء بين كل العملات الرئيسية في العالم

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يمشي في حي تجاري وسط بيروت (رويترز)

تحسن نشاط القطاع الخاص اللبناني بعد وقف إطلاق النار

سجّل مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» ارتفاعاً ملحوظاً في ديسمبر (كانون الأول) 2024، مسجلاً 48.8 نقطة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مشاة يعبرون طريقاً في الحي المالي وسط العاصمة الإندونيسية جاكرتا (أ.ب)

إندونيسيا تحصل على عضوية كاملة في «بريكس»

قالت الحكومة البرازيلية، التي ترأس «بريكس» في دورتها الحالية، إن إندونيسيا ستنضم رسمياً إلى المجموعة للاقتصادات الناشئة الكبرى بوصفها عضواً كامل العضوية.

«الشرق الأوسط» (ساو باولو (البرازيل))

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتراجع مع انخفاض أسهم التكنولوجيا وسط بيانات اقتصادية متفائلة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (أ.ب)

تراجعت مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة، الثلاثاء، متأثرة بانخفاض أسهم التكنولوجيا، وذلك بعد صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية المتفائلة التي أثارت حالة من عدم اليقين بين المستثمرين بشأن وتيرة تخفيف السياسة النقدية التي قد يتبعها بنك الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.

وأظهر تقرير وزارة العمل أن فرص العمل في الولايات المتحدة بلغت 8.1 مليون في نوفمبر (تشرين الثاني)، مقارنة بتوقعات الخبراء الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم والتي كانت تشير إلى 7.7 مليون.

من جهة أخرى، أظهر مسح لمعهد إدارة التوريدات أن نشاط الخدمات في ديسمبر (كانون الأول) سجل 54.1، متفوقاً على التوقعات التي كانت تشير إلى 53.3، ومرتفعاً عن رقم الشهر السابق.

وأدت هذه البيانات التي أظهرت استمرار مرونة الاقتصاد إلى زيادة التوقعات بشأن موعد بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة هذا العام، حيث يتوقع المتداولون أن يتم ذلك في يونيو (حزيران)، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

وانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي 69.82 نقطة أو 0.17 في المائة ليصل إلى 42636.74 نقطة، في حين خسر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» حوالي 24.88 نقطة أو 0.42 في المائة ليصل إلى 5950.50 نقطة، كما انخفض مؤشر «ناسداك» المركب 154.71 نقطة أو 0.80 في المائة ليصل إلى 19710.27 نقطة.

وارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 4.677 في المائة، وهو أعلى مستوى له منذ مايو (أيار) 2024، مما ضغط على الأسهم. كما تراجع القطاعان المالي والعقاري، الحساسان لأسعار الفائدة، بينما انخفضت أسهم التكنولوجيا بنسبة 0.8 في المائة، حيث تراجعت أسهم شركة «إنفيديا» الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي بنسبة 2.6 في المائة.

وتركز السوق هذا الأسبوع على بيانات الرواتب غير الزراعية، إلى جانب محاضر اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر، المتوقع إصدارها في وقت لاحق من الأسبوع. وقال روبرت بافليك، مدير المحفظة الأول في «داكوتا ويلث»، إنه يتوقع أن يظل بنك الاحتياطي الفيدرالي متمسكاً بسياساته الراهنة، ويبدأ في خفض أسعار الفائدة عندما تبدأ قوائم الرواتب في التباطؤ قليلاً، وهو ما سيسهم في تخفيف بعض ضغوط التضخم.

وقال المحللون إن تعهدات حملة ترمب، مثل التخفيضات الضريبية والتعريفات الجمركية والتنظيم المتساهل، إذا تم تنفيذها، يمكن أن تنشط الاقتصاد، لكنها قد تزيد من التضخم وتبطئ من وتيرة خفض أسعار الفائدة. كما أن سياسات التعريفات الجمركية، إذا تم تنفيذها، قد تشعل حرباً تجارية مع أبرز شركاء الولايات المتحدة التجاريين.

من جهة أخرى، تصدرت أسهم قطاع الرعاية الصحية المكاسب بين قطاعات «ستاندرد آند بورز 500»، بارتفاع بنسبة 1 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسهم شركات تصنيع اللقاحات، مثل «موديرنا»، و«نوفافاكس»، و«فايزر»، في ظل المخاوف الزائدة من إنفلونزا الطيور.

وانخفضت أسهم «تسلا» بنسبة 2.9 في المائة بعد أن خفض «بنك أوف أميركا غلوبال ريسيرش» تصنيف السهم إلى «محايد» من «شراء»، مما أثر على قطاع السلع الاستهلاكية التقديرية.

وارتفعت أسهم البنوك الكبرى، مثل «سيتي غروب»، بنسبة 0.3 في المائة بفضل التغطية الإيجابية من شركة «ترويست» للأوراق المالية، في حين ارتفع سهم «بنك أوف أميركا» بنسبة 0.6 في المائة بعد مراجعات إيجابية من ثلاث شركات وساطة على الأقل.