الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)
ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)
TT

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)
ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي، حيث يُتوقع أن تظل أسعار الفائدة الأميركية مرتفعةً مقارنة بنظيراتها.

وانخفض اليورو إلى 1.0314 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، مسجِّلاً تراجعاً بنحو 0.3 في المائة في اليوم. وبذلك يكون اليورو قد انخفض بنحو 8 في المائة منذ بلوغه أعلى مستوياته في أواخر سبتمبر (أيلول) فوق 1.12 دولار، ليكون من أبرز المتضررين من صعود الدولار الأخير، وفق «رويترز».

ويتوقع المتداولون أن يشرع البنك المركزي الأوروبي في خفض أسعار الفائدة بشكل كبير خلال عام 2025، حيث تتوقع الأسواق على الأقل 4 تخفيضات بمقدار 25 نقطة أساس، في حين لا يتوقعون حتى قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بمثل هذه الإجراءات.

وكان الدولار قد سجَّل مكاسب ملحوظة في الأسواق كافة، حيث تراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.65 في المائة إلى 1.2443 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ أبريل (نيسان)، مع تسارع انخفاضه بعد أن اخترق مستوى المقاومة عند نحو 1.2475 دولار.

وقال لي هاردمان، كبير محللي العملات في بنك «إم يو إف جي»: «نلاحظ استمرار الاتجاه نفسه في بداية العام الجديد، حيث يواصل الدولار تعزيز مكاسبه، مدعوماً بتوقعات لسياسات ترمب الاقتصادية في بداية ولايته».

ومن المتوقع على نطاق واسع أن تؤدي سياسات الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، إلى تعزيز النمو الاقتصادي، مما يزيد الضغط على الأسعار. وهذا سيجعل بنك الاحتياطي الفيدرالي حذراً بشأن خفض أسعار الفائدة بشكل مفرط، وهو ما يدعم عوائد سندات الخزانة الأميركية ويعزز الطلب على الدولار.

كما أسهمت توقعات النمو الأضعف خارج الولايات المتحدة، إضافة إلى الصراعات في الشرق الأوسط، والحرب بين روسيا وأوكرانيا، في تعزيز الطلب على الدولار.

كما سجَّل الدولار ارتفاعاً مقابل الين الياباني، بعد أن عكس خسائره المبكرة يوم الخميس، حيث ارتفع بنسبة 0.17 في المائة إلى 157.26 ين. وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول)، وصل الدولار إلى أعلى مستوى له في 5 أشهر، متجاوزاً 158 يناً، مما قد يضغط على «بنك اليابان»، الذي من المتوقع أن يرفع أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، على الرغم من أن ذلك قد لا يحدث فوراً.

وأضاف هاردمان: «إذا اخترق الدولار مستوى 160 يناً قبل اجتماع بنك اليابان المقبل، فقد يكون ذلك حافزاً لبنك اليابان لرفع أسعار الفائدة في يناير (كانون الثاني)، بدلاً من الانتظار حتى مارس (آذار)»، رغم أن الأسواق تتجه حالياً نحو مارس، استناداً إلى التصريحات الحمائمية من محافظ البنك، كازو أويدا، في مؤتمره الصحافي الأخير.

وحتى أولئك الذين يعربون عن حذرهم بشأن استدامة قوة الدولار يعتقدون أن الأمر قد يستغرق وقتا طويلاً. وقال كيت جوكس، كبير استراتيجيي الصرف الأجنبي في «سوسيتيه جنرال»، في مذكرة: «الدولار قد يكون ضعيفاً، ولكن فقط إذا أدت البيانات الأميركية إلى تباعد مع توقعات السوق بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة في النصف الأول من هذا العام، وليس أكثر من 50 نقطة أساس في عام 2025 بأكمله».

وأضاف: «لا تزال هناك فرص على هذه الجبهة، ولكن من غير المرجح أن يظهر تباطؤ النمو في الولايات المتحدة في وقت مبكر من العام، لذا فإنني أفضِّل الانتظار قبل أي اتجاه هبوطي للدولار حتى تتحسَّن الظروف».

واستقر اليوان الصيني عند أدنى مستوياته في 14 شهراً، حيث تأثرت معنويات المستثمرين بالمخاوف بشأن صحة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، واحتمالية فرض إدارة ترمب تعريفات جمركية على الواردات الأميركية، إضافة إلى انخفاض العوائد المحلية.

وفي مكان آخر، تراجع الفرنك السويسري، الذي تأثر هو الآخر بارتفاع الدولار الأخير، عن مكاسبه المبكرة ليتداول عند 0.90755 مقابل الدولار.

ومع ذلك، تمكَّن الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي من الارتفاع بعد أن سجَّلا أدنى مستوياتهما في عامين، يوم الثلاثاء، حيث ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.36 في المائة إلى 0.6215 دولار بعد تراجع بنسبة 9 في المائة في عام 2024، وهو أسوأ أداء سنوي له منذ عام 2018. وارتفع الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.47 في المائة إلى 0.5614 دولار.


مقالات ذات صلة

الدولار الأميركي يرتفع مدعوماً بعائدات السندات

الاقتصاد أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار الأميركي يرتفع مدعوماً بعائدات السندات

ارتفع الدولار الأميركي، يوم الخميس، مدعوماً بزيادة عائدات سندات الخزانة، مما أدى إلى ضغط كبير على الين الياباني والجنيه الإسترليني واليورو.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد شخص يَعرض دولارات أميركية بمتجر لصرف العملات في مانيلا بالفلبين (رويترز)

الدولار القوي يضغط على العملات الرئيسية وسط ارتفاع العوائد الأميركية

ظل الدولار قوياً، يوم الأربعاء، مع هبوط الين إلى مستويات لم يشهدها منذ نحو ستة أشهر؛ مدفوعاً ببيانات أميركية قوية دفعت العوائد إلى الارتفاع.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد شخص يمشي أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي 225» الياباني في شركة أوراق مالية بطوكيو (أ.ب)

الأسهم الآسيوية تتراجع بفعل توقعات الفائدة الأميركية

تراجعت الأسهم الآسيوية يوم الأربعاء؛ حيث أبقى الدولار القوي الين واليوان واليورو بالقرب من أدنى مستوياتهما في عدة أشهر.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الجنيه الإسترليني (رويترز)

الجنيه الإسترليني يرتفع لأعلى مستوى في أسبوع

ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.25 في المائة إلى 1.2548 دولار، بعد أن وصل إلى 1.2562 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 31 ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظف يعدّ أوراق الدولار الأميركي في بنك بهانوي لدى فيتنام (رويترز)

الدولار الأميركي يتراجع مع تكهنات بشأن سياسة ترمب التجارية

تراجع الدولار الأميركي، يوم الثلاثاء، قرب أدنى مستوى له في أسبوع مقابل العملات الرئيسية، مع تكهنات حول ما إذا كانت الرسوم الجمركية التي سيطبقها دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.