تحويل «أوابك» إلى «المنظمة العربية للطاقة» خطوة نحو تعزيز العمل الجماعي

المقترح السعودي يتطلع للتكامل العربي وتحقيق التنمية المستدامة

صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)
صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)
TT
20

تحويل «أوابك» إلى «المنظمة العربية للطاقة» خطوة نحو تعزيز العمل الجماعي

صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)
صورة جماعية لأعضاء منظمة «أوابك» (واس)

يأتي تحويل «منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)» إلى «المنظمة العربية للطاقة» خطوة استراتيجية لتعزيز التعاون العربي في هذا المجال الحيوي، مما يدعم العمل الجماعي، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى الإقليمي. هذا التحول يمثل نقلة نوعية تهدف إلى توسيع نطاق عمل المنظمة ليشمل جميع مجالات الطاقة، وليس فقط البترول؛ ما يجعلها أكثر شمولية وملاءمة لمتطلبات العصر الحديث.

ويُعدّ هذا التحول فرصة لرفع كفاءة العمل الجماعي العربي في قطاع الطاقة، لمواكبة التغيرات الجذرية التي يشهدها القطاع، بما في ذلك تنوع مصادر الطاقة ودخول الطاقة المتجددة. كما يسهم في مواجهة التحديات العالمية من خلال جهد متكامل يضاعف تأثير السياسات والاستراتيجيات الموحدة، مما يدعم موقع الدول العربية في الأسواق الدولية، ويعزِّز أمن الطاقة في المنطقة.

تأسيس «أوابك»

«منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)» تأسست عام 1968، بهدف فصل مناقشات السياسات البترولية عن الخلافات السياسية التي كانت تسود داخل جامعة الدول العربية في ذلك الوقت. واقتصرت عضوية المنظمة على الدول العربية المصدرة للبترول، مما أسهم في إنشاء شركات عربية مشتركة، مثل «الشركة العربية للاستثمارات البترولية (ابيكورب)»، التي تتخذ من الدمام مقراً لها.

وعلى مدار العقود الماضية، لعبت «أوابك» دوراً محورياً في دعم السياسات البترولية العربية، واتخذت قرارات ذات أبعاد سياسية بارزة، كان أبرزها قرار المقاطعة البترولية عام 1973. ومع ذلك، ظهرت على مر السنين مطالب بتحويل المنظمة إلى كيان أوسع يغطي مختلف قطاعات الطاقة، بهدف تعزيز التعاون العربي في هذا المجال الحيوي.

مبادرة جديدة لتعزيز التكامل العربي في الطاقة

في هذا السياق، قدَّم وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، مقترحاً لتحويل «أوابك» إلى منظمة عربية للطاقة، وهو مطلب قديم طالما واجه عقبات، بسبب تعقيدات السياسات العربية. يهدف هذا التحول إلى توسيع نطاق التعاون ليشمل مجالات الطاقة المتجددة والنووية، بجانب الطاقة التقليدية.

ويتضمن المقترح عدة أهداف استراتيجية، منها تعزيز التعاون والتكامل العربي في قطاعات الطاقة والاقتصاد، وتوثيق السياسات المشتركة بين الدول العربية لدعم العمل الجماعي، والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة على المستوى الإقليمي.

آفاق جديدة للتعاون العربي

وإذا تحقق هذا التحول، فإنه سيمثل نقلة نوعية في العمل العربي المشترك؛ حيث ستصبح المنظمة منصة لتنسيق السياسات وتبادل الخبرات بين الدول العربية. كما سيعزز ذلك من دور الدول العربية في مواجهة التحديات العالمية في قطاع الطاقة، ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة في المنطقة.

في الوقت الذي تبقى فيه مسألة تحويل «أوابك» إلى منظمة عربية للطاقة مرهونة بتوافق سياسي وإرادة جماعية لتجاوز العقبات، فإنها تحمل في طياتها فرصة تاريخية لتعزيز التكامل العربي في واحد من أهم القطاعات الاستراتيجية على مستوى العالم.

تنسيق الأعمال

وفي حين أعلنت «منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)» عن إعادة هيكلتها وتغيير اسمها إلى «المنظمة العربية للطاقة (إيه إي أو)»، يرى مختص في الطاقة أن هذه الخطوة تتيح الفرصة للمنظمات من أجل تنسيق الأعمال المشتركة في مجال الطاقة بجميع أنواعها في إطار العالم العربي؛ ما يدعم ويعزز تصدير النفط والغاز ويتماشى مع الاتجاه الدولي لتوسيع مصادر الطاقة.

وقال المستشار الاقتصادي والنفطي الدولي الدكتور محمد الصبان لـ«الشرق الأوسط» إن اسم «أوابك» كان يعني «منظمة الأقطار المصدرة للبترول»، ولكن مع الاتجاه الحالي نحو تصدير مختلف مصادر الطاقة والتعاون بين الدول العربية في هذا المجال، ارتأت المملكة أن تغير الاسم إلى «المنظمة العربية للطاقة».

تطوير الهيدروجين

وأكد الدكتور الصبان أن الاسم الجديد أشمل، وفيه مزايا تمنح الفرصة للمنظمات لتنسيق الأعمال المشتركة في مجال الطاقة بكل أنواعها، مبيناً أن هذا يدعم ويمكِّن الدول العربية من أن تصبح رائدة في تصدير الطاقة، وليس فقط النفط والغاز.

وواصل المستشار الاقتصادي والنفطي الحديث بالقول: «دول الغرب يدَّعون أنهم يستطيعون إيقاف إنتاج البترول والغاز، بينما هم لا يزالون يدعمون الفحم بشكل كبير، وهي معايير مزدوجة».

وبحسب الصبان، فإن المملكة تكثِّف جهودها لتحسين مختلف مصادر الطاقة وتصدير العديد من مصادر الطاقة، وهي ماضية في هذا الإطار، واتجهت إلى تطوير الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة، وكذلك الطاقة النووية... إلى آخره.

الطاقة المتجددة

وأضاف الدكتور الصبان أن كل هذه الأمور تساهم في تحقيق ريادة المملكة والدول العربية في إطار التعاون ومن خلال «منظمة الأقطار العربية المصدِّرة للطاقة». وتتماشى هذه الخطوة مع التحولات الكبرى التي تعيشها المملكة نحو تنويع مصادر الطاقة، وزيادة التركيز على الاستدامة والطاقة المتجددة والتوجه الدولي نحو الاستدامة البيئية.

وتسعى منظمة «أوابك»، لمواكبة التغيرات المتسارعة في قطاع الطاقة العالمي، وإعادة النظر في اسمها الذي يعكس شكل هويتها، بعد تزايد الاهتمام بتنويع مصادرها وعدم الاعتماد على النفط والغاز فقط.

ومن المعلوم أن التغيير في التسمية ليس مجرد إجراء شكلي، بل يعكس تحولاً استراتيجياً في دور المنظمة؛ من التركيز على النفط بوصفه مصدراً أساسياً للطاقة، إلى رؤية شاملة تتضمن الطاقة المتجددة والتقنيات الحديثة التي تعزز التنمية المستدامة في المنطقة العربية.

السياسات النفطية

يُذكر أن الاجتماع الوزاري رقم 113 للمنظمة المنعقد في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، جاء بالموافقة على مقترح السعودية بتغيير الاسم إلى «المنظمة العربية للطاقة (إيه إي أو)».

وتأسست «منظمة الأقطار العربية المُصدّرة للبترول»، عام 1968. وتتكون من 10 دول عربية هي: السعودية، الكويت، ليبيا، الجزائر، قطر، الإمارات، البحرين، العراق، مصر، سوريا، وبالتالي يوجد 6 أعضاء مشتركين مع «منظمة أوبك».

وعلى مدار العقود الماضية، لعبت «أوابك» دوراً محورياً في دعم السياسات النفطية العربية، واتخذت قرارات ذات أبعاد بارزة. وظهرت على مر السنين مطالب بتحويل المنظمة إلى كيان أوسع يغطي مختلف قطاعات الطاقة، بهدف تعزيز التعاون العربي في هذا المجال الحيوي.


مقالات ذات صلة

مسؤولو شركات النفط الأميركية يجتمعون مع ترمب الأسبوع المقبل

الاقتصاد تبرعت مصالح النفط والغاز بنحو 75 مليون دولار لحملة ترمب الرئاسية (رويترز)

مسؤولو شركات النفط الأميركية يجتمعون مع ترمب الأسبوع المقبل

قال معهد النفط الأميركي إن منتجي النفط الأميركيين سيجتمعون مع الرئيس دونالد ترمب الأسبوع المقبل، حسبما ذكرت مجموعة الصناعة الرائدة في معهد البترول الأميركي.

«الشرق الأوسط» (هيوستن)
الاقتصاد مصفاة نفط في ماكفيرسون بكانساس (أ.ب)

النفط يتراجع وسط قلق من تأثير حرب الرسوم على الاقتصاد العالمي

تراجعت أسعار النفط، يوم الخميس، بعد ارتفاعها في اليوم السابق، حيث طغت المخاوف من تأثير حرب الرسوم الجمركية المتصاعدة على النمو الاقتصادي العالمي.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد نموذج لحفارات نفط أمام شعار منظمة «أوبك» (رويترز)

«أوبك» تُبقي على توقعاتها للطلب العالمي على النفط للعام الحالي

أبقت منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، على توقعاتها لنمو قوي نسبياً في الطلب العالمي على النفط في عام 2025، قائلةً إن السفر الجوي والبري سيدعمان الاستهلاك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد الحفارات التابعة لـ«الحفر العربية» (موقع الشركة)

صافي ربح «الحفر العربية» السعودية يتراجع 46.9 % إلى 85.6 مليون دولار في 2024

تراجع صافي ربح «الحفر العربية» السعودية بنسبة 46.9 % إلى 321.4 مليون ريال (85.6 مليون دولار) في 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد رافعة مضخة نفط في البراري بالقرب من كلاريشولم في ألبرتا بكندا (رويترز)

النفط يرتفع مع ضعف الدولار... ومخاوف الرسوم تحدُّ من مكاسبه

ارتفعت أسعار النفط قليلاً في وقت مبكر من صباح الأربعاء، مدعومة بضعف الدولار؛ لكن المخاوف من الرسوم الجمركية حدَّت من المكاسب.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

الذهب يسجل أعلى مستوى له على الإطلاق

سبائك معروضة في معرض الذهب بمتحف التاريخ الطبيعي بنيويورك (رويترز)
سبائك معروضة في معرض الذهب بمتحف التاريخ الطبيعي بنيويورك (رويترز)
TT
20

الذهب يسجل أعلى مستوى له على الإطلاق

سبائك معروضة في معرض الذهب بمتحف التاريخ الطبيعي بنيويورك (رويترز)
سبائك معروضة في معرض الذهب بمتحف التاريخ الطبيعي بنيويورك (رويترز)

ارتفعت أسعار الذهب بأكثر من 1 في المائة، لتصل إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق، يوم الخميس، حيث حافظت حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن الرسوم الجمركية، بالإضافة إلى رهانات تخفيف السياسة النقدية من قِبَل «الاحتياطي الفيدرالي»، على جاذبية المعدن الأصفر القوية.

ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 1.3 في المائة ليصل إلى 2969.53 دولار للأوقية، اعتباراً من الساعة 14:51 بتوقيت غرينتش. وصعدت العقود الآجلة للذهب الأميركي بنسبة 1.2 في المائة لتصل إلى 2982.50 دولار.

وصرَّح أليكس إبكاريان، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة «أليغانس غولد»: «يشهد الذهب سوقاً صاعدة طويلة الأمد. نتوقع أن تتراوح الأسعار بين 3000 و3200 دولار هذا العام».

وساعدت أحدث سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجارية على ارتفاع سعر الذهب بنسبة 12 في المائة حتى الآن هذا العام، وهو أصل مفضَّل لدى المستثمرين في ظل الاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية.

وأظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية ثبات أسعار المنتجين بشكل غير متوقع في فبراير (شباط)، بينما ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.2 في المائة الشهر الماضي بعد تسارعه بنسبة 0.5 في المائة في يناير (كانون الثاني).

في الوقت نفسه، انخفض عدد الأميركيين الذين تقدَّموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة الأسبوع الماضي، لكن التخفيضات الحادة في الإنفاق الحكومي وتصاعد الحرب التجارية يهددان استقرار سوق العمل.

وأضاف إبكاريان: «سيكون (الاحتياطي الفيدرالي) في مرحلة قد يضطر فيها إلى خفض أسعار الفائدة. ويُنظر إلى انخفاض أسعار الفائدة على أنه أمر إيجابي للذهب لأن تكاليف الفرصة البديلة تنخفض مع انخفاض العائدات».

ومن المتوقع أن يُبقي «الاحتياطي الفيدرالي» على سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة عند نطاق 4.25 في المائة -4.50 في المائة يوم الأربعاء المقبل، بعد أن خفضه بمقدار 100 نقطة أساس منذ سبتمبر (أيلول). ويتوقَّع المتداولون أن يستأنف البنك المركزي الأميركي خفض تكاليف الاقتراض في يونيو (حزيران) بعد أن أوقف دورة التيسير النقدي في يناير.

وارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 0.5 في المائة ليصل إلى 33.39 دولار للأونصة. وقال لقمان أوتونوغا، كبير محللي الأبحاث في «إف إكس تي إم»: «إن اختراقاً قوياً لمستوى 33.30 دولار قد يفتح الباب أمام وصول الفضة إلى 34 دولاراً».

وانخفض البلاتين بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 983.50 دولار، بينما ارتفع البلاديوم بنسبة 0.1 في المائة ليصل إلى 949.49 دولار.