الأسواق الفرنسية تنتعش بعد سحب الثقة من حكومة بارنييه

الوكالات الائتمانية تتوقع تقليص الإجراءات التقشفية

ميشال بارنييه يغادر بعد نتيجة التصويت في باريس 4 ديسمبر 2024 (رويترز)
ميشال بارنييه يغادر بعد نتيجة التصويت في باريس 4 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

الأسواق الفرنسية تنتعش بعد سحب الثقة من حكومة بارنييه

ميشال بارنييه يغادر بعد نتيجة التصويت في باريس 4 ديسمبر 2024 (رويترز)
ميشال بارنييه يغادر بعد نتيجة التصويت في باريس 4 ديسمبر 2024 (رويترز)

شهدت السندات والأسهم الفرنسية انتعاشاً ملحوظاً، الخميس، بعد التصويت على سحب الثقة من حكومة رئيس الوزراء ميشال بارنييه، وهو ما كان متوقعاً على نطاق واسع، مع تركز اهتمام المستثمرين على شكل الحكومة الجديدة المقبلة.

ومن المتوقع أن يستقيل بارنييه في وقت لاحق من اليوم، بعد أن صوت نواب من اليمين المتطرف واليسار لسحب الثقة من حكومته الأقلية الأربعاء، مما أسفر عن انهيارها، وفق «رويترز».

وأدى اعتراض الجانبين السياسيين على موازنة الحكومة البالغة 60 مليار يورو (63 مليار دولار) إلى سقوط الحكومة، مما جعل من غير المرجح تحقيق تقدم ملموس نحو تقليص العجز في الموازنة الفرنسية، الذي من المتوقع أن يتجاوز 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام.

وارتفعت الأسهم الفرنسية بنحو 0.65 في المائة في التعاملات المبكرة، الخميس، لتسجل أعلى مستوى لها في أكثر من ثلاثة أسابيع، متفوقة على الأسهم الأوروبية الأوسع نطاقاً. وارتفعت أسهم البنوك الفرنسية الكبرى، مثل «بي إن بي باريبا»، و«كريدي أغريكول»، و«سوسيتيه جنرال» بنحو 2 في المائة.

كما انخفضت علاوة المخاطر التي تدفعها فرنسا على ديونها الحكومية لأجل 10 سنوات مقارنة بألمانيا إلى أقل من 80 نقطة أساس، بعد أن كانت قد وصلت إلى 90 نقطة أساس الأسبوع الماضي، وهو أعلى مستوى منذ أزمة ديون منطقة اليورو في 2012.

وقال رئيس قسم تداول السندات الحكومية الأوروبية في ميتسوهو، أمييديو سيباكيركولا: «أرى أن تدفقات الشراء هذا الصباح هي نوع من التغطية القصيرة، حيث يقوم المستثمرون الذين راهنوا على اتساع الفجوة في السندات الفرنسية بتقليص مراكزهم وجني الأرباح».

الضبابية مستمرة رغم الانتعاش المؤقت

ورغم التحسن المؤقت في الأسواق، فإنه لا يزال الضباب يكتنف المستقبل السياسي الفرنسي. ويخطط الرئيس إيمانويل ماكرون لتعيين رئيس وزراء جديد في أقرب وقت ممكن، وفقاً لمصادر في «رويترز»، حيث تشير التوقعات إلى أنه قد يُعلن عن التعيين يوم السبت المقبل.

وقال فرنسوا سافاري، كبير مسؤولي الاستثمار في جينفيل لإدارة الثروات: «السوق تتفاعل بشكل إيجابي مع هذه الخطوات».

وفي الأثناء، أعلنت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، التي كانت وراء سقوط حكومة بارنييه، أن معسكرها سيدعم مشروع قانون طارئ يسمح بتمديد أحكام الموازنة لعام 2024 من حيث الضرائب والإنفاق إلى العام المقبل لضمان استمرار التمويل المؤقت.

لكن، سيواجه رئيس الحكومة الجديد التحديات نفسها التي واجهها بارنييه في تمرير مشروعات القوانين، بما في ذلك موازنة 2025 وسط برلمان منقسم، ولا يمكن إجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل يوليو (تموز).

وأشار سيباكيركولا من «ميتسوهو» إلى أن «السوق تتساءل عما إذا كان رئيس الوزراء الجديد سيكون صديقاً للأسواق، وإذا كان قادراً على تمرير الموازنة في برلمان مجزأ».

وانخفضت أسهم «بي إن بي باريبا» بنحو 13 في المائة منذ ذلك الحين، كما خسرت أسهم «كريدي أغريكول» نحو 12 في المائة، في حين ارتفعت أسهم البنوك الأوروبية بنسبة 3.6 في المائة.

وقال كبير المحللين في «دانسكي بنك»، ينس بيتر سورنسن: «السؤال الكبير هو: من الذي يرغب في شراء السندات الفرنسية بكميات كبيرة عند هذه المستويات؟ على الرغم من أنها قد تبدو رخيصة، فإن التحديات السياسية قد تؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني، مما يخلق حالة من عدم اليقين في الأسواق».

ويوم الخميس، قالت وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» إن سقوط الحكومة الفرنسية قد ترك البلاد دون مسار محدد لتقليص عجزها المالي، وإن السيناريو الأكثر احتمالاً في الوقت الراهن هو تقليص إجراءات التقشف التي كانت قد تم التخطيط لها مسبقاً.

وقالت الوكالة إن السيناريو الأكثر احتمالاً الآن هو تمرير تشريعات طارئة مؤقتة، تسمح بتمديد حدود الإنفاق وأحكام الضرائب لعام 2024 إلى عام 2025، لحين الموافقة على موازنة سنوية جديدة.

وأشارت إلى أنه في حال تم رفض هذا التشريع في البرلمان، قد يتخذ الرئيس إيمانويل ماكرون تدابير استثنائية لتجاوز البرلمان، بهدف تجنب وقوع أزمة مماثلة لإغلاق الحكومة كما يحدث في الولايات المتحدة.

وفي بيانها، أوضحت الوكالة أنها «مع معظم هذه السيناريوهات، تتوقع تقليصاً كبيراً في التوحيد المالي مقارنة بالإجراءات - بما في ذلك فرض ضرائب جديدة - التي كانت الحكومة السابقة قد اقترحتها».

من جانبها، أكدت وكالة التصنيف الائتماني «موديز»، الأربعاء، أن انهيار الحكومة الفرنسية يعد أمراً سلبياً بالنسبة لتصنيفها الائتماني، مما يزيد من المخاطر المتعلقة بارتفاع عبء الديون التي قد تكون أكبر مما كان تتوقعه الوكالة سابقاً.

وكانت «موديز» قد خفضت نظرتها المستقبلية للديون الحكومية الفرنسية إلى «سلبية» في أكتوبر (تشرين الأول)، بينما أبقت «ستاندرد آند بورز» على تصنيفها عند «AA-» في مراجعتها الأخيرة يوم الجمعة.


مقالات ذات صلة

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

الاقتصاد أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العاصمة العمانية مسقط (وكالة الأنباء العمانية)

كيف تخطط سلطنة عُمان لتغطية عجز موازنة 2025؟

تخطط الحكومة العمانية لإصدار سندات تنمية حكومية وصكوك محلية سيادية بقيمة 750 مليون ريال عماني عام 2025؛ لتغطية العجز المتوقع في الموازنة وخدمة الدين.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد يسير الناس عبر منطقة سيتي أوف لندن المالية (رويترز)

تكاليف الاقتراض الحكومي في بريطانيا تسجل أعلى مستوى منذ 1998

سجلت تكاليف الاقتراض الحكومي طويل الأجل في بريطانيا أعلى مستوياتها منذ عام 1998 يوم الثلاثاء، مما يزيد من التحديات التي تواجه وزيرة المالية راشيل ريفز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد منظر جوي يُظهر برج إيفل ونهر السين وأفق باريس (رويترز)

فرنسا تستهدف توفير 52 مليار دولار وخفض العجز إلى 5- 5.5 % بموازنة 2025

قال وزير المالية الفرنسي، إريك لومبارد، يوم الاثنين، إن الحكومة الجديدة في فرنسا تهدف إلى جمع نحو 50 مليار يورو (ما يعادل 52 مليار دولار) من المدَّخرات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد يمشي الركاب أثناء مرور الحافلات خلال ساعة الذروة الصباحية بالقرب من بنك إنجلترا بالحي المالي في مدينة لندن (رويترز)

تباطؤ نمو نشاط الأعمال في بريطانيا مع تسريح الموظفين بأسرع وتيرة منذ 4 سنوات

شهد نمو نشاط الأعمال بالمملكة المتحدة تباطؤاً ملحوظاً في ديسمبر 2024 حيث خفض أصحاب العمل أعداد الموظفين بأسرع وتيرة منذ ما يقارب أربع سنوات

«الشرق الأوسط» (لندن)

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
TT

ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني تشهد أكبر تراجع منذ أزمة موازنة 2022

أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)
أوراق الجنيه الإسترليني (رويترز)

سجلت ثقة المتداولين في الجنيه الإسترليني أكبر انخفاض لها هذا الأسبوع منذ أزمة موازنة المملكة المتحدة في عام 2022، وفقاً لبيانات سوق الخيارات. وقد أسهم بيع السندات العالمية في زيادة القلق بشأن الوضع المالي لبريطانيا، مما دفع عوائد السندات إلى أعلى مستوياتها في 16 عاماً.

وتشير بيانات سوق الخيارات إلى أن المتداولين أصبحوا أكثر تشاؤماً تجاه الجنيه الإسترليني مقارنة بأي وقت مضى منذ أوائل 2023، عندما كانت الأسواق لا تزال تتعافى من التقلبات الشديدة التي شهدتها في أعقاب الموازنة المصغرة التي أعلنتها رئيسة الوزراء السابقة ليز تروس في سبتمبر (أيلول) 2022.

وهذا الأسبوع، شهدت عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات ارتفاعاً بمقدار ربع نقطة مئوية لتصل إلى 4.925 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، ما يعكس موجة بيع في سندات الخزانة الأميركية التي أثرت على الأسواق العالمية، مما ألحق ضرراً أكبر بالديون البريطانية مقارنة ببقية الأسواق.

ومن المتوقع أن يسجل الجنيه الإسترليني انخفاضاً أسبوعياً بنحو 1 في المائة، بعد أن بلغ أدنى مستوى له في 14 شهراً عند 1.2239 دولار. وقد أضافت العوائد المرتفعة مزيداً من الضغوط على وزيرة المالية البريطانية، راشيل ريفز، التي تجد نفسها تحت ضغط كبير للامتثال للقواعد المالية للحكومة، مما قد يزيد من تعقيد مهمة بنك إنجلترا في إدارة السياسة النقدية.

وبينما أضاف تأكيد وزارة الخزانة على «قبضتها الحديدية» على المالية العامة بعض الاستقرار إلى أصول المملكة المتحدة، فإن سوق الخيارات تشير إلى حذر شديد بين المتداولين. فقد انخفضت عمليات عكس المخاطر لمدة ثلاثة أشهر إلى -1.935، وهو أدنى مستوى منذ يناير (كانون الثاني) 2023، مما يعكس تراجع الثقة في الجنيه الإسترليني مقابل الدولار.

وقالت جين فولي، كبيرة الاستراتيجيين في «رابوبانك»: «نحن نشهد عملية إعادة تسعير للجنيه الإسترليني وأصول المملكة المتحدة، مع توقعات أقل نمواً، وموازنة أسوأ، وتوقعات سياسية أكثر عدم استقرار مما كنا نأمله في منتصف العام الماضي». وأضافت: «لقد تزايد الضغط مع الأخبار عن أعلى مستويات العوائد في 30 عاماً منذ عام 1998، مما أضاف مزيداً من الزخم لهذا التعديل».

وفيما يخص الاتجاه الهبوطي للجنيه الإسترليني، انخفضت عمليات عكس المخاطر بأكبر قدر منذ سبتمبر 2022، مما يعكس حالة من عدم اليقين الكبير بشأن الإجراءات المحتملة لبنك إنجلترا. وأوصى «دويتشه بنك» يوم الجمعة ببيع الجنيه الإسترليني على نطاق واسع.

علاوة على ذلك، دفع المتداولون المزيد من الأموال للتحوط ضد التقلبات الكبيرة في الجنيه الإسترليني، وهو ما لم يحدث منذ أزمة البنوك في مارس (آذار) 2023. وقد بلغت تقلبات الخيارات لمدة شهر واحد، التي تعد مقياساً للطلب على الحماية، أعلى مستوى لها عند 10.9 في المائة يوم الخميس، قبل أن تتراجع إلى 9.7 في المائة يوم الجمعة، مما يلمح إلى شعور بالهدوء قد يمنح بعض الراحة للجنيه الإسترليني في الوقت الراهن.

من جانبه، قال فرانشيسكو بيسول، استراتيجي بنك «آي إن جي»، إن الجنيه الإسترليني قد يشهد إقبالاً من المشترين عند مستويات تتراوح بين 1.225و1.230 دولار، شريطة أن تظل السندات الحكومية البريطانية مستقرة.