تعافي الصين ينعش مصانع آسيا... و«مخاطر ترمب» تلبد الأفق

أسهم الأسواق الناشئة ترتفع... والروبية الهندية لأدنى مستوى على الإطلاق

عامل في مصنع لمحركات الجرارات بمدينة ويفانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
عامل في مصنع لمحركات الجرارات بمدينة ويفانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

تعافي الصين ينعش مصانع آسيا... و«مخاطر ترمب» تلبد الأفق

عامل في مصنع لمحركات الجرارات بمدينة ويفانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
عامل في مصنع لمحركات الجرارات بمدينة ويفانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

عززت أكبر اقتصادات التصنيع في آسيا نشاطها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تمديد مصانع الصين لتعافيها مدفوعاً جزئياً بتحفيز بكين واندفاعها نحو التصدير، رغم أن النتائج الضعيفة في أجزاء أخرى من المنطقة أشارت إلى بعض التحديات.

وخيمت المخاطر المتوقعة على التجارة العالمية خلال الرئاسة الثانية لدونالد ترمب، على المصانع، مع نظر المستثمرين في سلسلة من مؤشرات مديري المشتريات التي نشرت يوم الاثنين، والتي رسمت صورة مختلطة للاقتصادات المعتمدة على التصدير في آسيا.

وأظهر مؤشر مديري المشتريات «كايكسين» أن نشاط المصانع في الصين توسع بأسرع وتيرة في خمسة أشهر في نوفمبر، حيث أدت الطلبات الجديدة، بما في ذلك تلك الواردة من الخارج، إلى ارتفاع قوي في الإنتاج. وهذا يعكس إلى حدٍ كبيرٍ التوسع في نشاط التصنيع الذي شوهد في مسح رسمي صدر يوم السبت، مما يشير إلى أن موجة من التحفيز تتسرب أخيراً إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وساعد التحسن في الصين قوى التصنيع الآسيوية الأخرى مثل كوريا الجنوبية وتايوان، حيث انتعش النشاط أيضاً. وقال شينغ زهاوبينغ، كبير استراتيجيي الصين في «إيه إن زد»، إن «تعافي الصين كان مدفوعاً بالتصدير في الغالب. وتشير كل من الطلبات الجديدة للتصدير في مؤشر مديري المشتريات الرسمي ومؤشر مديري المشتريات كايكسين إلى أن المشترين كانوا يسارعون إلى تقديم الطلبات. لكن الطلب المحلي الصيني كان لا يزال ضعيفاً حيث بلغ مؤشر مديري المشتريات غير الصناعي الرسمي 50 نقطة».

ويسعى العديد من المصدرين الصينيين جاهدين لإيصال سلعهم إلى الأسواق الرئيسية قبل التعريفات الجمركية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي تعد من بين العديد من المخاطر التي يحتاج صناع السياسات الآن إلى التعامل معها.

وأطلقت بكين سلسلة من حزم التحفيز الرئيسية في النصف الثاني من هذا العام لوقف التباطؤ الحاد في الإنفاق والإنتاج.

وفي حين يقول المحللون إن هناك حاجة إلى المزيد لدعم التعافي الأكثر ثباتاً، هناك دلائل تشير إلى أن تدابير هذا العام كان لها بعض التأثير على الإنفاق في قطاع التجزئة واستقرار سوق العقارات.

ومع ذلك، فإن التهديد الذي تشكله التعريفات الجمركية المقترحة من الرئيس الأميركي المنتخب ترمب، الذي سيدخل البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، يخيم على هذه العلامات الإيجابية.

ووعد ترمب بفرض تعريفات جمركية صارمة على الشركاء التجاريين الرئيسيين للولايات المتحدة، وخاصة الصين، في محاولة لإحياء الصناعة الأميركية والعمالة. وفي الأسبوع الماضي، قال إنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 10 في المائة على السلع الصينية حتى تفعل بكين المزيد لوقف الاتجار بالمواد الكيميائية المستخدمة في إنتاج الفنتانيل، والتي أعقبت تهديداته السابقة بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على السلع الصينية.

وفي أماكن أخرى في آسيا، ساءت الظروف مع تسجيل مؤشر مديري المشتريات الياباني أسرع انخفاض في النشاط في ثمانية أشهر مع قيام المصانع بتقليص الإنتاج بسبب ضعف الطلب. وعوضت البيانات الرسمية هذا التباطؤ بشكل طفيف، إذ أظهرت تسارع إنفاق الشركات اليابانية على المصانع والمعدات في الربع الثالث.

وظل نمو نشاط المصانع في الهند قوياً، لكنه تباطأ قليلاً بسبب ضغوط الأسعار المستمرة. وأظهرت البيانات الرسمية الصادرة يوم الجمعة أن ثالث أكبر اقتصاد في آسيا، وهو أحد أفضل اقتصادات العالم أداء، توسع بوتيرة أضعف كثيراً من المتوقع في الربع الثاني بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، متأثراً بنمو فاتر في التصنيع والاستهلاك.

وفي باقي جنوب شرق آسيا، أظهرت مؤشرات مديري المشتريات توسع نشاط المصانع في إندونيسيا وماليزيا، وتباطؤ التوسع في تايلاند وفيتنام.

وفي الأسواق، ارتفع مؤشر أسهم الأسواق الناشئة يوم الاثنين، مدفوعاً ببيانات التصنيع الإيجابية، في حين سجلت الروبية الهندية أدنى مستوى على الإطلاق بسبب بيانات اقتصادية أضعف من المتوقع.

وبحلول الساعة 09:32 بتوقيت غرينتش، ارتفع مؤشر «إم إس سي آي» لأسهم الأسواق الناشئة بنسبة 0.7 في المائة، وكان في طريقه لتحقيق أكبر مكسب نسبي له في أكثر من ثلاثة أسابيع. وارتفع مؤشر «سي إس آي 300» الصيني للأسهم القيادية بنسبة 0.8 في المائة، وقفز مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.1 في المائة.

وفي سوق العملات، انخفض مؤشر عملات الأسواق الناشئة بنسبة 0.3 في المائة، وانخفض اليوان الصيني بنسبة 0.5 في المائة مقابل الدولار في التعاملات الخارجية، بينما انخفضت الروبية الهندية إلى 84.72 مقابل الدولار، متجاوزة أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 84.61 روبية للدولار... ومن المرجح أن يتدخل بنك الاحتياطي الهندي لمنع المزيد من الانخفاض.

وطالب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يوم السبت الدول الأعضاء في مجموعة البريكس بالالتزام بعدم إنشاء عملة جديدة أو دعم عملة أخرى تحل محل الدولار الأميركي، أو مواجهة رسوم جمركية بنسبة 100 في المائة.

ويقوم المستثمرون بتقييم سياسات ترمب بشأن التجارة والتعريفات والهجرة، مع الأخذ في الاعتبار ما إذا كانت قد تشعل حرباً تجارية عالمية وتزيد من التضخم الأميركي. وبالإضافة إلى ذلك، دعمت التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سيبطئ تخفيف سياسته النقدية الدولار، مما وضع ضغوطاً على عملات الأسواق الناشئة.


مقالات ذات صلة

«فوكسكون» التايوانية تستهدف تعاوناً مع «نيسان» بلا استحواذ

الاقتصاد رئيس شركة فوكسكون التايوانية لصناعة الرقائق في مؤتمر صحافي سابق بمقر الشركة (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تستهدف تعاوناً مع «نيسان» بلا استحواذ

قال رئيس «فوكسكون» التايوانية، يوم الأربعاء، إن هدف الشركة هو التعاون مع «نيسان» وليس الاستحواذ

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد لافتة على مدخل مصنع «نيبون ستيل» شمال العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

اليابان تطلب من أميركا إعفاءها من رسوم الصلب والألمنيوم الجديدة

طلبت اليابان من الولايات المتحدة، الأربعاء، إعفاءها من الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب على صادرات الصلب والألمنيوم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رئيس الاتحاد العربي للكهرباء المهندس طارق همان (الشرق الأوسط)

«المؤتمر العام الثامن للكهرباء» يعزز التعاون العربي نحو استدامة الطاقة

أكد مسؤولون خلال افتتاح «المؤتمر العام الثامن للاتحاد العربي للكهرباء»، أن التعاون بين دول المنطقة ضرورة «مُلحّة» لتعزيز القدرة على تلبية احتياجات الطاقة.

آيات نور (الرياض)
العالم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائهما في نيويورك... سبتمبر 2024 (رويترز)

أوكرانيا تعرض على ترمب معادن نادرة مقابل الأسلحة الأميركية

عرضت أوكرانيا إبرام صفقة مع الرئيس الأميركي ترمب لمواصلة المساعدات العسكرية الأميركية مقابل تطوير صناعة المعادن في أوكرانيا. فما القصة؟

«الشرق الأوسط» (كييف)
الاقتصاد رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد القويز متحدثاً في «ليب 25» (الشرق الأوسط)

الإدراجات السنوية في السوق السعودية تجاوزت 40 اكتتاباً أولياً بالعامين الماضيين

قال رئيس مجلس هيئة السوق المالية محمد القويز إن عدد الإدراجات السنوية في السوق المالية السعودية زاد من 10 إلى أكثر من 40 اكتتاباً أولياً خلال العامين الماضيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«فوكسكون» التايوانية تستهدف تعاوناً مع «نيسان» بلا استحواذ

رئيس شركة فوكسكون التايوانية لصناعة الرقائق في مؤتمر صحافي سابق بمقر الشركة (رويترز)
رئيس شركة فوكسكون التايوانية لصناعة الرقائق في مؤتمر صحافي سابق بمقر الشركة (رويترز)
TT

«فوكسكون» التايوانية تستهدف تعاوناً مع «نيسان» بلا استحواذ

رئيس شركة فوكسكون التايوانية لصناعة الرقائق في مؤتمر صحافي سابق بمقر الشركة (رويترز)
رئيس شركة فوكسكون التايوانية لصناعة الرقائق في مؤتمر صحافي سابق بمقر الشركة (رويترز)

قال رئيس «فوكسكون» التايوانية، يوم الأربعاء، إن هدف الشركة هو التعاون مع «نيسان»، وليس الاستحواذ، حيث أصبح مستقبل شركة صناعة السيارات اليابانية معلَّقاً في الميزان بعد التراجع عن محادثات الاندماج مع «هوندا».

وتُواجه «نيسان» المتعثرة مُفترق طرق مرة أخرى، بعد أن قالت مصادر، الأسبوع الماضي، إن المفاوضات مع منافِستها الكبرى «هوندا» لإنشاء رابع أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم تعقدت بسبب الخلافات المتزايدة.

وكانت الصفقة ستمثل أحدث تغيير في صناعة السيارات التي تواجه تهديداً كبيراً من شركة بي واي دي الصينية، وشركات أخرى دخلت سوق السيارات الكهربائية.

وقالت مصادر، الأسبوع الماضي، إن «نيسان» منفتحة على العمل مع شركاء جدد مثل «فوكسكون» التايوانية؛ أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات في العالم، وصانعة آيفون الرئيسية لشركة أبل.

وقال رئيس مجلس إدارة «فوكسكون»، يونغ ليو، في تصريحات، للصحافيين، بالمقر الرئيسي للشركة في تايبيه الجديدة خارج العاصمة تايبيه، إن شركته لا تتطلع إلى الاستحواذ على «نيسان»، لكنها ستفكر في أخذ حصة، إذا لزم الأمر، للتعاون.

وأضاف، في أول تعليق علني من «فوكسكون» بشأن محادثاتها مع «نيسان»: «شراء الشركة ليس هدفنا، بل هدفنا هو التعاون». وأوضح أن «فوكسكون» تتحدث أيضاً عن التعاون مع شركة رينو الفرنسية؛ نظراً لحصة تلك الشركة في «نيسان».

وتملك «رينو» 36 في المائة من «نيسان»، بما في ذلك 18.7 في المائة في صندوق فرنسي. ورفضت «نيسان» و«رينو» التعليق على تصريحات ليو. وأغلقت أسهم «نيسان» منخفضة بنحو 6 في المائة، بينما أغلقت أسهم «فوكسكون» منخفضة 1.1 في المائة. ومن المقرر أن تصدر «نيسان» و«هوندا» نتائجهما المالية الفصلية يوم الخميس.

وفي حين تشتهر «فوكسكون»، إحدى كبرى شركات تصنيع الإلكترونيات في العالم، بدورها مورداً لشركة أبل، فإن لديها طموحات أيضاً في قطاع السيارات الكهربائية، حيث تسعى لتنويع أعمالها.

وقال ليو إن «فوكسكون» لن تتجه إلى أن تكون «علامة تجارية» للسيارات، وستكتفي بتقديم خدمات التصميم والتصنيع.