محادثات «كوب 29» تدعو إلى تأمين تريليون دولار سنوياً للدول الأكثر فقراً

خلافات سياسية بين فرنسا وأذربيجان... والأرجنتين تسحب مفاوضيها

شخصان يمران أمام شعار «كوب 29» خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (رويترز)
شخصان يمران أمام شعار «كوب 29» خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (رويترز)
TT

محادثات «كوب 29» تدعو إلى تأمين تريليون دولار سنوياً للدول الأكثر فقراً

شخصان يمران أمام شعار «كوب 29» خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (رويترز)
شخصان يمران أمام شعار «كوب 29» خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في باكو (رويترز)

حذَّر المفاوضون، يوم الخميس، من ضرورة دفع الأموال الآن لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تغير المناخ، أو دفع المزيد لاحقاً، حيث قال الخبراء إن الدول الفقيرة تحتاج إلى تريليون دولار على الأقل سنوياً بحلول نهاية العقد للانتقال إلى طاقة أكثر خضرة، والحماية من الطقس المتطرف.

المال هو محور رئيسي لمحادثات المناخ «كوب 29» التي تُعقد في أذربيجان، ومن المرجح أن يتم الحكم على نجاح القمة بناءً على ما إذا كانت الدول قادرة على الاتفاق على هدف جديد للمبلغ الذي يجب على الدول الأكثر ثراءً، ومقرضي التنمية، والقطاع الخاص، تقديمه كل عام للدول النامية لتمويل العمل المناخي، وفق «رويترز».

وقالت «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، في وقت سابق من هذا العام، إن الهدف السابق المتمثل في 100 مليار دولار سنوياً، الذي ينتهي في عام 2025، تم تحقيقه بعد عامين من الموعد المحدد في عام 2022، على الرغم من أن كثيراً منه كان في شكل قروض وليس في شكل منح، وهو ما تقول الدول المتلقية إنه يحتاج إلى تغيير.

وفي بداية اليوم، أشار تقرير صادر عن مجموعة الخبراء المستقلة رفيعة المستوى المعنية بتمويل المناخ، إلى أن الرقم السنوي المستهدف سوف يحتاج إلى الارتفاع إلى 1.3 تريليون دولار سنوياً بحلول عام 2035، أو ربما أكثر إذا ما تباطأت البلدان الآن.

وأضاف التقرير أن «أي عجز في الاستثمار قبل عام 2030 سوف يفرض ضغوطاً إضافية على السنوات التالية، مما يخلق مساراً أكثر حدة، وربما أكثر تكلفة لاستقرار المناخ. كلما قلّ ما يحققه العالم الآن، احتجنا إلى مزيد من الاستثمار في وقت لاحق».

جناح مركز الطاقة المتجددة العالمي في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (إ.ب.أ)

وراء الكواليس

ويعمل المفاوضون وراء الكواليس على مسودات نصوص الاتفاق، ولكن حتى الآن لا تعكس الوثائق المبكرة التي نشرتها هيئة المناخ التابعة للأمم المتحدة سوى النطاق الهائل من وجهات النظر المختلفة حول الطاولة، مع قليل من الإحساس بالمكان الذي ستنتهي إليه المحادثات.

وقال بعض المفاوضين إن النص الأخير بشأن التمويل كان طويلاً للغاية؛ بحيث لا يمكن العمل به، وإنهم كانوا ينتظرون نسخة مختصرة قبل أن تبدأ المحادثات للتوصل إلى اتفاق.

ومن المرجح أن يكون التوصل إلى أي اتفاق صعباً، نظراً لتردد كثير من الحكومات الغربية - التي أصبحت ملزمة بالمساهمة منذ اتفاق باريس في عام 2015 - في تقديم مزيد، ما لم توافق دول بما في ذلك الصين على الانضمام إليها.

كما ألقى الانسحاب المحتمل للولايات المتحدة من أي اتفاق تمويل مستقبلي من قبل الرئيس القادم دونالد ترمب بظلاله على المحادثات، مما زاد من الضغوط على المندوبين لإيجاد طرق أخرى لتأمين الأموال اللازمة.

ومن بين هذه البنوك، بنوك التنمية المتعددة الأطراف في العالم، مثل البنك الدولي، التي تمولها الدول الأكثر ثراءً، والتي تخضع لعملية الإصلاح حتى تتمكَّن من إقراض المزيد.

تمويل من أكبر البنوك

وقد أعلنت 10 من أكبر البنوك بالفعل خطة لزيادة تمويلها للمناخ بنحو 60 في المائة، إلى 120 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، مع 65 مليار دولار إضافية على الأقل من القطاع الخاص. وقد تلقى الدفع لجمع أموال جديدة من خلال فرض ضرائب على القطاعات الملوثة مثل الطيران والوقود الأحفوري والشحن، أو المعاملات المالية، دفعة؛ حيث قالت مجموعة من البلدان إنها ستنظر في الأمر، لكن من غير المرجح التوصل إلى أي اتفاق هذه المرة.

وأعلن رئيس «جمعية بنوك أذربيجان» ذاكر نورييف، يوم الخميس، التزام 22 مصرفاً في البلاد بتخصيص نحو 1.2 مليار دولار لتمويل المشروعات التي تساعد أذربيجان على الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.

خلافات دبلوماسية

بعد 3 أيام، تضمَّن المؤتمر بالفعل عدداً من الخلافات الدبلوماسية. وألغت وزيرة المناخ الفرنسية أنييس بانييه-روناشير، يوم الأربعاء، رحلتها إلى مؤتمر المناخ، بعد أن اتهم الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، فرنسا بـ«ارتكاب جرائم» في أقاليمها الخارجية في منطقة البحر الكاريبي.

وقال علييف في المؤتمر: «غالباً ما يتم قمع أصوات هذه المجتمعات بوحشية من قبل الأنظمة في مدينتها».

ولطالما كانت العلاقات بين فرنسا وأذربيجان متوترة؛ بسبب دعم باريس لمنافِسة أذربيجان، أرمينيا. هذا العام، اتهمت باريس باكو بالتدخل والتحريض على الاضطرابات العنيفة في كاليدونيا الجديدة.

وقال مفوِّض المناخ بالاتحاد الأوروبي، فوبكي هوكسترا، رداً على ذلك في منشور على منصة «إكس»: «بغض النظر عن أي خلافات ثنائية، يجب أن يكون مؤتمر الأطراف مكاناً يشعر فيه جميع الأطراف بالحرية في الحضور والتفاوض بشأن العمل المناخي». وأضاف: «تتحمل رئاسة مؤتمر الأطراف مسؤولية خاصة لتمكين وتعزيز ذلك».

جاء ذلك بعد أن استخدم علييف خطابه الافتتاحي في المؤتمر، يوم الاثنين، لاتهام الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالنفاق لإلقاء محاضرات على البلدان بشأن تغير المناخ، بينما يظلان مستهلكَين ومنتجَين رئيسيَّين للوقود الأحفوري.

وفي الوقت نفسه، سحبت حكومة الأرجنتين مفاوضيها من محادثات «مؤتمر الأطراف 29»، حسبما قال دبلوماسيان حضرا الحدث لـ«رويترز»، على الرغم من أن أياً منهما لم يعرف سبب القرار. ورفضت سفارة الأرجنتين في باكو التعليق. وكان الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي وصف في السابق الاحتباس الحراري العالمي بأنه «خدعة».


مقالات ذات صلة

النسخة الرابعة من منتدى «السعودية الخضراء» في «كوب 16» لبناء مستقبل أكثر استدامة

الاقتصاد مواطن يشارك في «مبادرة السعودية الخضراء» (واس)

النسخة الرابعة من منتدى «السعودية الخضراء» في «كوب 16» لبناء مستقبل أكثر استدامة

تستضيف الرياض النسخة الرابعة من منتدى «مبادرة السعودية الخضراء»، خلال يومي 3 و4 ديسمبر المقبل، بهدف تعزيز التعاون لبناء مستقبل أكثر استدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مشهد مؤثر... قال الغوّاص (أ.ف.ب)

اكتشاف شعاب مرجانية عمرها 300 عام «أكبر من الحوت الأزرق»

اكتشف علماء أكبر شعاب مرجانية سُجِّلت على الإطلاق في جنوب غربي المحيط الهادئ... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد زوّار في جناح السعودية خلال مشاركتها في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 29» (إ.ب.أ)

السعودية تؤكد في «كوب 29» على أهمية أمن الطاقة لتحقيق النمو الاقتصادي والاستدامة

أظهرت المشاركة السعودية في مؤتمر الدول الأطراف التاسع والعشرين لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) عن مساعي المملكة لتعزيز الجهود…

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد يشاهد المشاركون عرضاً تقديمياً خلال جلسة عامة في مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ في «كوب 29».(إ.ب.أ)

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

جدَّدت مناقشات اليوم الثاني من فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العاصمة الأذربيجانية باكو، تطلعات دول العالم إلى التوصل لاتفاقات جادة.

«الشرق الأوسط» (باكو)
أوروبا طفل وسط مخيمات النازحين في وسط غزة (رويترز)

كوارث الطقس دفعت 220 مليون شخص إلى النزوح في العقد الأخير

يُسهم تغير المناخ في دفع عدد قياسي من الناس إلى الفرار من منازلهم حول العالم.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

منتدى الطاقة الدولي: نمو قطاع النقل يعقد مسار التنمية المستدامة

سيارات تنتظر بإشارة المرور في شنغهاي (رويترز)
سيارات تنتظر بإشارة المرور في شنغهاي (رويترز)
TT

منتدى الطاقة الدولي: نمو قطاع النقل يعقد مسار التنمية المستدامة

سيارات تنتظر بإشارة المرور في شنغهاي (رويترز)
سيارات تنتظر بإشارة المرور في شنغهاي (رويترز)

من المتوقع أن تساهم الاتجاهات الديموغرافية العالمية المتسارعة في دفع الطلب على الطاقة في قطاع النقل والتنقل خلال العقود المقبلة، مما يطرح تحديات كبيرة وفرصاً واعدة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفقاً لتقرير جديد نشره منتدى الطاقة الدولي(IEF).

ويمثل قطاع النقل والتنقل أكثر من 50 في المائة من إجمالي الطلب العالمي على النفط، و23 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة، لذا فإن التوجهات المستقبلية لهذا القطاع تُعد محورية في مسيرة تحقيق الأهداف العالمية للاستدامة.

وفي هذا السياق، قال جوزيف ماكمونيغل، الأمين العام لمنتدى الطاقة الدولي: «إن الطلب المتزايد على وسائل النقل والتنقل يُعد مؤشراً رئيسياً لتحسن مستويات المعيشة حول العالم، لكنه في الوقت نفسه يمثل تحدياً كبيراً في مسار تحقيق أهداف الاستدامة، خاصة في قطاعات النقل بالشاحنات طويلة المسافات، والشحن البحري، والطيران، حيث لا يعد التحول الكامل إلى الكهرباء خياراً عملياً بعد».

وأضاف ماكمونيغل: «من الضروري أن تحفز الحكومات تبني الوقود الحيوي من الجيل التالي، وتعزيز تبادل أرصدة الكربون، وتطوير تقنيات المحركات ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة، بهدف توجيه قطاع النقل نحو حلول أكثر استدامة».

ووفقاً للتقرير الذي أعده محلل الطاقة في منتدى الطاقة الدولي، علي السماوي، فإن الطلب على النقل الجوي ووقود الطائرات من المتوقع أن يرتفع بنسبة 70 في المائة بحلول عام 2050. كما يُتوقع أن تصل نسبة المركبات الكهربائية (EV) إلى 23 في المائة من إجمالي المركبات في العالم بحلول عام 2035. ومع ذلك، تظل قطاعات النقل بالشاحنات طويلة المدى، والشحن البحري، والطيران، ممثلة تحديات كبيرة في مسار تحقيق الاستدامة، حيث سيعتمد تقليص الانبعاثات في هذه القطاعات على تحسين الكفاءة، ودمج النفط مع الوقود منخفض الكربون، إضافة إلى تداول أرصدة الكربون.

من جهة أخرى، من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الطاقة في قطاع النقل والتنقل بشكل ملحوظ في العقود المقبلة، حيث تتراوح تقديرات الطلب في عام 2050 بين 50 إلى 70 مليون برميل مكافئ من النفط يومياً. وتُظهر هذه التفاوتات في التقديرات اختلاف الآراء بشأن سرعة انتشار المركبات الكهربائية، ومدى تأثير الوقود منخفض الكربون في استبدال أو تكملة المنتجات البترولية.

وبحلول عام 2050، يُتوقع أن ينمو النقل البري في الكيلومترات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 90 في المائة، وفي جنوب شرقي آسيا بنسبة 100 في المائة، وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء بنسبة 200 في المائة مقارنة بمستويات عام 2019، وذلك نتيجة للنمو الاقتصادي، وزيادة التجارة، والتوسع الحضري.

وسيشهد انتشار المركبات الكهربائية تركيزاً رئيسياً في الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، في الدول التي تشهد أكبر نمو اقتصادي وديموغرافي، سيظل انتشار المركبات الكهربائية يتراوح بين أقل من 1 في المائة في عام 2020 إلى أقل من 8 في المائة في عام 2035، وهو ما قد يُعيق الجهود المبذولة للحد من الانبعاثات في قطاع النقل الذي شهد زيادة بنسبة أكثر من 70 في العالم في انبعاثاته منذ عام 1995.

وأشار التقرير إلى أن القيود التجارية المفروضة على المركبات الكهربائية وأجزائها الأساسية قد تؤخر جهود إزالة الكربون، لكنها في المقابل قد تدعم تطوير الصناعات النظيفة المحلية وتعزيز قدرات التصنيع المحلية.

وفي الختام، أكد التقرير على أن «النهج المتوازن بين السياسة التجارية، والسياسات البيئية، والصناعية النظيفة يعد أمراً بالغ الأهمية لضمان استدامة الطلب المتزايد على الطاقة في قطاع النقل في المستقبل».