تراجع حاد للإقراض في الصين رغم الدعم السياسي

انخفاض أغلب العملات والأسهم الآسيوية وسط إحباط التحفيز

رجل على دراجة بأحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
رجل على دراجة بأحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT

تراجع حاد للإقراض في الصين رغم الدعم السياسي

رجل على دراجة بأحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
رجل على دراجة بأحد شوارع الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

تراجعت العملات والأسهم الآسيوية الناشئة، يوم الاثنين، بعد فشل تدابير التحفيز الصينية في تلبية توقعات المستثمرين الذين أصيبوا بخيبة أمل أيضاً بسبب البيانات الاقتصادية الأخيرة.

يأتي إحباط الأسواق رغم تشديد بكين إجراءات الدعم بشكل مكثف، وفي أحدث أشكال هذا الدعم أكد محافظ البنك المركزي الصيني بان غونغشنغ أن الصين ستكثف إجراءات التكيف مع التقلبات الدورية، وتؤكد موقفاً داعماً للسياسة النقدية، وذلك نقلاً عن تقرير قدَّمه بان إلى أعلى هيئة تشريعية، الأسبوع الماضي.

وقال بان، في التقرير الذي قدَّمه نيابة عن مجلس الدولة، إن الصين ستبذل كل جهد ممكن للحفاظ على الاستقرار العام للنظام المالي، والحفاظ على استقرار سعر صرف اليوان عند مستوى معقول ومتوازن.

لكن في مقابل هذا الدعم، فإن البيانات الاقتصادية تبدو محبَطة، ويوم الاثنين أكد أحدُها تراجع الإقراض المصرفي الجديد في الصين أكثر من المتوقع في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مقارنة بالشهر السابق عليه، حيث فشلت زيادة التحفيز السياسي لدعم الاقتصاد المتعثر في تعزيز الطلب على الائتمان.

ووفقاً للبيانات الصادرة عن بنك الشعب الصيني، قدمت البنوك الصينية 500 مليار يوان (69.51 مليار دولار) من القروض الجديدة باليوان في أكتوبر، بانخفاض حاد عن سبتمبر (أيلول)، وأقل من توقعات المحللين.

وكان خبراء اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقعوا انخفاض القروض الجديدة باليوان إلى 700 مليار يوان، الشهر الماضي، من 1.59 تريليون يوان في الشهر السابق عليه، ومقابل 738.4 مليار يوان قبل عام.

ولا يقدم بنك الشعب الصيني تفاصيل شهرية، لكن «رويترز» حسبت أرقام أكتوبر استناداً إلى بيانات يناير (كانون الثاني) إلى أكتوبر التي أصدرها البنك، يوم الاثنين، مقارنة بأرقام يناير إلى سبتمبر. وقال بنك الشعب الصيني إن إجمالي القروض الجديدة باليوان بلغ 16.52 تريليون يوان، في الأشهر العشرة الأولى من العام.

ويعمل صُناع السياسات الصينيون على وقف مزيد من الضعف في الاقتصاد الذي تعثّر في الأشهر الأخيرة بسبب تباطؤ سوق العقارات المطول، وتضخم ديون الحكومات المحلية. ومن بين أهدافهم معالجة الآثار الجانبية لجبل الديون المتبقية من التحفيز السابق، الذي يعود إلى الأزمة المالية العالمية في عاميْ 2008 و2009.

وكشفت الصين عن حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان، يوم الجمعة، لتخفيف الضغوط على تمويل الحكومات المحلية، واستقرار النمو الاقتصادي المتعثر، في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطاً جديدة من إعادة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة. وقال وزير المالية لان فوان إن التدابير الجديدة المخطط لها ستشمل إصدار سندات سيادية لتجديد خزائن البنوك الحكومية الكبرى، وسياسات لدعم شراء الأراضي الخاملة والشقق غير المبيعة من المطورين.

ويشكك مراقبو الصين في أن تؤدي هذه الخطوات إلى تعزيز النشاط الاقتصادي في الأمد القريب، حيث سيجري استخدام معظم الأموال الجديدة لخفض ديون الحكومات المحلية، لكن البنك المركزي الصيني قال إنه سيواصل السياسة النقدية الداعمة لخلق بيئة نقدية ومالية مواتية للنمو الاقتصادي. وقال بنك الشعب الصيني أيضاً إنه سيدرس ويراجع إحصاءات المعروض النقدي لتعكس بشكل أفضل الوضع الحقيقي للمعروض النقدي في البلاد.

وقد يؤدي فوز ترمب في الانتخابات أيضاً إلى حزمة مالية أقوى، في ظل توقعات بمزيد من الرياح المُعاكسة الاقتصادية للصين. وهدَّد ترمب بفرض رسوم جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية، مما هز المجمع الصناعي الصيني.

ووفقاً لبيانات البنك المركزي، نما المعروض النقدي الواسع النطاق بنسبة 7.5 بالمائة عن العام السابق، وهو ما يتجاوز توقعات المحللين البالغة 6.9 في المائة، في استطلاع «رويترز». ونما المعروض النقدي الواسع النطاق بنسبة 6.8 في المائة خلال سبتمبر، مقارنة بالعام السابق.

ونَمَت القروض القائمة باليوان بنسبة 8.0 في المائة خلال أكتوبر، مقارنة بالعام السابق. وكان المحللون يتوقعون نمواً بنسبة 8.1 في المائة، بوتيرة سبتمبر نفسها. وتباطأ إجمالي التمويل الاجتماعي القائم، وهو مقياس واسع للائتمان والسيولة في الاقتصاد، إلى أدنى مستوى قياسي له عند 7.8 في المائة خلال أكتوبر، من 8.0 في المائة خلال سبتمبر. وقد يساعد تسارع إصدار السندات الحكومية في تعزيز النمو بإجمالي التمويل الاجتماعي القائم.

ويشمل إجمالي التمويل الاجتماعي القائم أشكالاً خارج الميزانية العمومية من التمويل، التي توجد خارج نظام الإقراض المصرفي التقليدي، مثل الاكتتابات العامة الأولية، والقروض من شركات الثقة، ومبيعات السندات.

وفي أكتوبر، هبطت إيرادات الفوائد إلى 1.4 تريليون يوان، من 3.76 تريليون يوان في سبتمبر. وكان المحللون، الذين استطلعت «رويترز» آراءهم، قد توقّعوا إيرادات فوائد بقيمة 1.55 تريليون يوان.

وفي الأسواق الآسيوية، انخفض المؤشر الأوسع «إم إس سي آي» لأسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان 0.9 في المائة، في حين انخفض مؤشر عملات الأسواق الناشئة 0.2 في المائة. وكان البات التايلاندي والرينغيت الماليزي الأسوأ أداء في تعاملات يوم الاثنين، حيث تراجع كل منهما 0.6 في المائة. وانخفضت الأسهم الكورية الجنوبية بنسبة 1.2 في المائة، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ 11 سبتمبر، على الرغم من ارتفاع الوون بنسبة 0.2 في المائة.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي الصرف الأجنبي في آسيا لدى بنك ميزوهو، إن اليوان الصيني كان عرضة لضغوط هبوطية بسبب فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، وخطة بكين المخيِّبة للآمال لمبادلة الديون. وأضاف: «ستكون العملات الآسيوية الأخرى ذات التعرض الأكبر للصين أقل أداء أيضاً».

وتابع تشيونغ: «ستؤدي زيادات التعريفات الجمركية واسعة النطاق (من قِبل ترمب) إلى إضعاف توقعات الصادرات، العام المقبل. وإلى جانب قوة الدولار وارتفاعه، ستظل عملات الأسواق الناشئة في آسيا تحت الضغط».


مقالات ذات صلة

مصر تحصل على تسهيل قرض مشترك بملياري دولار

الاقتصاد رجل ينقل الخبز على دراجة في أحد شوارع العاصمة المصرية القاهرة (رويترز)

مصر تحصل على تسهيل قرض مشترك بملياري دولار

أظهرت بيانات إعلامية، يوم الجمعة، أن وزارة المالية المصرية وقَّعت تسهيل قرض مشترك بقيمة مليارَي دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مجمع مصفاة الدورة النفطي في العاصمة العراقية بغداد (أ.ف.ب)

سياسات ترمب للطاقة تثير الحذر في أسواق النفط

اتجهت أسعار النفط لتنهي الأسبوع على تراجع، بعد أن أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خطةً لتعزيز إنتاج الولايات المتحدة، وطالب «أوبك» بخفض الأسعار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد زحام في صالة المغادرة بمحطة قطارات غرب العاصمة الصينية بكين مع بدء الاستعدادات لإجازة العام القمري الجديد (أ.ب)

الصين تطرح «الحوار والتشاور» لحل الخلافات التجارية مع واشنطن

أكدت الصين الجمعة أنّه يمكن حلّ الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة «عبر الحوار والتشاور»، موضحة أنّ الفائض التجاري لم يكن «أبدا» هدفا متعمّدا لها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد منظر عام لبنك إنجلترا والحي المالي في لندن (رويترز)

تباطؤ نمو الأعمال البريطانية في بداية 2025 مع استمرار صعوبات التوظيف

شهد النشاط الاقتصادي في الأعمال البريطانية نمواً بطيئاً فقط في بداية عام 2025، مع استمرار التراجع في التوظيف والتفاؤل، في حين ارتفعت ضغوط الأسعار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد العمال يجمعون عربات سكنية متنقلة في مصنع "كنوس-تابيرت" قرب باساو، ألمانيا (رويترز)

منطقة اليورو تبدأ 2025 بنمو متواضع بفضل استقرار قطاع الخدمات

بدأت منطقة اليورو العام الجديد بتحقيق نمو متواضع حيث ساهم استقرار قطاع الخدمات، يناير، في تخفيف التباطؤ المستمر في قطاع التصنيع.

«الشرق الأوسط» (عواصم)

هيئة رقابية مالية أميركية تسهل على مصارف «وول ستريت» الاحتفاظ بالعملات المشفرة

ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)
ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)
TT

هيئة رقابية مالية أميركية تسهل على مصارف «وول ستريت» الاحتفاظ بالعملات المشفرة

ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)
ترمب يلقي كلمة أثناء حملته الانتخابية في حدث «بتكوين 2024» في ناشفيل (رويترز)

بعد سنوات من الضغط الذي مارسته صناعة العملات الرقمية المشفرة، ألغت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قاعدة محاسبية وضعتها إدارة بايدن وكانت تجبر المصارف على التعامل مع «البتكوين» وغيرها من العملات الرقمية بأنها التزامات في ميزانياتها العمومية،

وكان هذا التوجيه رادعاً رئيساً لمصارف «وول ستريت» لامتلاك عملة «البتكوين» - وكان هذا التوجيه هو الأحدث في سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها إدارة ترمب الجديدة لتسهيل تعامل الشركات الأميركية والشركات المالية في الولايات المتحدة بالعملات الافتراضية اللامركزية.

قرار هيئة الأوراق المالية

وقد ألغت هيئة الأوراق المالية والبورصات التوجيهات المعروفة باسم «ساب 121» SAB 121، والتي دعت المؤسسات إلى التعامل مع الرموز الرقمية المحتفظ بها للعملاء أنها التزامات في الميزانيات العمومية.

عملات مشفرة من فئة «بتكوين» (رويترز)

وكانت هذه القاعدة المحاسبية التي أقرت عام 2022 أخضعت الأصول الرقمية لمتطلبات رأس المال الصارمة، وهو ما زاد بشكل كبير من المخاطر المالية والتنظيمية لتقديم خدمات حفظ العملات الرقمية، وأدى إلى زيادة التكاليف التشغيلية للمؤسسات المالية وإلى تثبيط المشاركة الأوسع نطاقاً من جانب «وول ستريت» في أسواق العملات الرقمية، وفق شبكة «سي إن بي سي».

يؤكد هذا التحول على التوقعات بأن ترمب سيتخذ نهجاً أكثر ترحيباً تجاه قطاع الأصول الرقمية، متراجعاً عن الموقف الأكثر تشككاً الذي اتخذته هيئة الأوراق المالية والبورصات خلال إدارة جو بايدن، وفق صحيفة «فايننشال تايمز».

«لم يكن الأمر ممتعاً»

وقد أشادت مفوضة هيئة الأوراق المالية والبورصات هيستر بيرس، التي تم تعيينها يوم الثلاثاء لقيادة «فريق عمل جديد للعملات الرقمية» داخل الوكالة بهدف «وضع إطار تنظيمي شامل وواضح للأصول الرقمية». وكتبت على حسابها على منصة «إكس»: «وداعاً وداعاً ساب 121! لم يكن الأمر ممتعاً».

وبدأت المجموعات الرئيسة بالفعل في الاهتمام بشكل أكثر جدية بالأصول والتقنيات المشفرة، حيث دعا رئيس شركة «بلاك روك» لاري فينك من «دافوس» لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى «الموافقة بسرعة» على قدرة الشركات على إنشاء رموز مدعومة بالأسهم والسندات.

وفي علامة على استراتيجية ترمب الأكثر دعماً للعملات الرقمية، أصدر ترمب يوم الخميس أمراً تنفيذياً يحدد أولوياته فيما يتعلق بالعملات الرقمية ويدعو المسؤولين على مستوى مجلس الوزراء إلى تقديم تقرير بعد عدة أشهر من الآن مع توصيات بشأن المقترحات التنظيمية والتشريعية.

في حين أن اختيار ترمب لقيادة هيئة الأوراق المالية والبورصات بول أتكينز لا يزال في انتظار تأكيد مجلس الشيوخ الأميركي لتعيينه، إلا أن القائم بأعمال الرئيس، مارك أويدا، وهيستر بيرس قد وضعا الهيئة التنظيمية على مسار أكثر ملاءمة للعملات الرقمية، حيث شكّلا فريق عمل وفكّكا ساب 121.

قال مارك بالمر، وهو محلل أبحاث الأسهم في شركة «ذي بانشمارك»: إن «ساب 121» «أنشأ إطار عمل عقابياً يمنع المصارف الأميركية فعلياً من تقديم خدمات الحفظ الأمين لـ(البتكوين) والعملات الرقمية الأخرى. ستتمكن المصارف التقليدية الآن من تقديم خدمات حفظ العملات الرقمية دون مواجهة عقوبات فعلية».

حتى قبل أن تتخذ هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية إجراءها، كانت المصارف الأميركية الكبرى تترقب بفارغ الصبر القدرة على التودد إلى عملاء العملات الرقمية حيث قام ترمب وحلفاؤه في السلطتين التنفيذية والتشريعية بتمهيد الطريق للأصول الرقمية.

وقال الرئيس التنفيذي في «تشارلز شواب»، ريك ورستر، للمحللين في مكالمة هاتفية هذا الأسبوع: «نريد أن تكون لدينا القدرة على تقديم العملات الرقمية الفورية، وتوقعاتنا هي أنه في مرحلة ما، ستسمح لنا اللوائح المتعلقة بالعملات الرقمية بالقيام بذلك».

وكانت جمعية المصرفيين الأميركيين وجماعات ضغط أخرى دعت في الصناعة العام الماضي بايدن إلى رفض توجيهات هيئة الأوراق المالية والبورصات رسمياً بعد أن أقر مجلس النواب في الكونغرس في مايو (أيار) 2024 إجراءات للقيام بذلك.

وقال كيفن فرومر، رئيس منتدى الخدمات المالية، الذي يمثل أكبر المصارف: «هذه خطوة في الاتجاه الصحيح».