بكين تهنّئ ترمب... وتحذّر من «الحرب التجارية»

صادرات الصين تقفز 12.7 % والفائض التجاري يتسع مع أميركا

أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
TT

بكين تهنّئ ترمب... وتحذّر من «الحرب التجارية»

أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)
أبراج سكنية عملاقة على ضفة نهر هوانغبو في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

حذّرت الصين، الخميس، من أنه «لن يكون هناك فائز في حرب تجارية»، بعد إعادة انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الذي تعهّد بفرض رسوم جمركية ضخمة جديدة على الواردات الصينية.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ: «من حيث المبدأ، أود أن أؤكد أنه لن يكون هناك فائز في حرب تجارية، وهو ما لا يخدم العالم أيضاً».

وتأتي تعليقات «الخارجية الصينية» بعدما هنّأ الرئيس الصيني شي جينبينغ، الخميس، دونالد ترمب على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، داعياً إلى «تعزيز الحوار والتواصل» بين البلدين، حسب ما أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا».

وتسبّب الانتصار الكاسح الذي حقّقه المرشح الجمهوري في السباق إلى البيت الأبيض، الثلاثاء، في حالة من عدم اليقين لدى الولايات المتحدة وفي سائر أنحاء العالم.

وفيما يتعلق بالصين، فمن الممكن أن تؤدي عودة ترمب إلى البيت الأبيض إلى تعديل العلاقات الصينية - الأميركية التي توترت في السنوات الأخيرة بسبب ملفات خلافية عديدة، من بينها: تايوان، والتجارة، وحقوق الإنسان، والتنافس بين البلدين في مجال التكنولوجيا المتقدمة.

ونقل التلفزيون الصيني الحكومي «سي سي تي في» قول شي لترمب، إن «التاريخ أظهر أن الصين والولايات المتحدة تستفيدان من التعاون وتخسران من المواجهة». وأضاف أن «علاقة مستقرة وصحية ومستديمة بين الصين والولايات المتحدة تتفق مع المصالح المشتركة للبلدين ومع تطلعات المجتمع الدولي». وهذا أول تصريح يُدلي به الرئيس الصيني منذ فوز المرشح الجمهوري.

وكان ترمب وعد، خلال الحملة الانتخابية، على غرار ما فعلت منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، بممارسة ضغوط على الصين في مجالات عدة. وفي المجال التجاري، وعد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على كل واردات الولايات المتحدة من المنتجات الصينية.

وقالت المديرة المشاركة لبرنامج الصين وشرق آسيا في مركز «ستيمسون» للأبحاث في واشنطن، يون سون، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن ترمب يرغب في «استعادة توازن معين في التبادلات التجارية بين الولايات المتحدة والصين». وأضافت: «ومع ميله إلى ممارسة أكبر مقدار من الضغط قبل التوصل إلى اتفاق، أتوقع أن يفرض هذه الرسوم الجمركية».

وحسب محضر المكالمة الهاتفية التي أجراها شي مع ترمب ونشره الإعلام الرسمي الصيني، قال الرئيس الصيني للرئيس الأميركي المنتخب إنه يأمل في أن «يتمسك الجانبان بمبادئ الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح لكليهما». كما دعا الرئيس الصيني البلدين إلى «تعزيز الحوار والتواصل بينهما، وإدارة خلافاتهما بصورة مناسبة، وتطوير التعاون متبادل المنفعة، وإيجاد طريقة صحيحة للتعايش بين الصين والولايات المتحدة في هذا العصر الجديد، بما يخدم مصلحة البلدين والعالم».

والتقى شي جينبينغ ودونالد ترمب أربع مرات، في حين أشاد الرئيس الأميركي المنتخب أخيراً بـ«العلاقة القوية جداً» التي تربطه بالرئيس الصيني. كما أكد أنه يستطيع ثنيه عن شن عملية عسكرية ضد تايوان... بفرض رسوم جمركية بنسبة 150 في المائة على المنتجات الصينية.

وفي كل الأحوال، يطلق فوز ترمب فترة من عدم اليقين في العلاقات الاقتصادية الصينية - الأميركية التي اهتزت بشدة خلال الولاية الأولى (2017 - 2021) للرئيس المنتخب عندما شنّ حرباً تجارية ضد بكين. ويبقى السؤال ما إذا كان الاقتصاد الصيني يستطيع تحمل سيناريو جديد مماثل.

فالصين تعاني؛ إذ إنها مثقلة بتباطؤ الاستهلاك، كما تشهد أزمة حادة في العقارات مع مديونية عدد من المطورين والأسعار التي انخفضت في السنوات الأخيرة. وفي هذا السياق، يجتمع المسؤولون في البرلمان الصيني هذا الأسبوع في بكين، خصوصاً لوضع خطة إنعاش اقتصادي.

ويقدّر محللون أن فوز ترمب قد يدفع القادة الصينيين إلى تعزيز تلك الخطة، خصوصاً من أجل مواجهة الرسوم الجمركية الإضافية المستقبلية التي توعّد ترمب بفرضها.

وإذا نفّذ ترمب وعيده هذا، فإن هذه الرسوم الجمركية الضخمة قد تطول ما قيمته 500 مليار دولار من البضائع الصينية المصدرة إلى الولايات المتحدة، حسب شركة «باين بريدج إنفستمنتس».

وقالت كبيرة الاقتصاديين الصينيين في «يو بي إس إنفستمنت ريسيرش» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نتوقع أن ترد الحكومة الصينية بصورة محدودة وبمزيد من الدعم للسياسات المحلية للاقتصاد لتعويض التأثير السلبي جزئياً».

ومن جهة أخرى، أظهرت بيانات الجمارك يوم الخميس، أن الصادرات الصينية قفزت 12.7 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) على أساس سنوي من حيث القيمة، في حين تراجعت الواردات 2.3 في المائة.

وتوقع خبراء اقتصاد، في استطلاع أجرته «رويترز»، نمو الصادرات 5.2 في المائة، ارتفاعاً من 2.4 في المائة خلال سبتمبر (أيلول). كما توقعوا أن تنكمش الواردات 1.5 في المائة، مقابل نمو 0.3 في المائة في السابق.

والتصدير هو نقطة مضيئة للاقتصاد المتعثر الذي تضرّر بسبب ضعف الطلب المحلي وأزمة ديون سوق العقارات. لكن المحللين متفائلون بأن الحزمة المالية البالغة 1.4 تريليون دولار التي من المتوقع أن يقرّها المسؤولون هذا الأسبوع سوف تعمل على استقرار الميزانيات العمومية للحكومات المحلية ومطوري العقارات وتخفيف الضغوط التي أثرت في الاستهلاك.

كما أظهرت بيانات الجمارك أن الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة بلغ 33.5 مليار دولار في أكتوبر، وهو ما يزيد قليلاً على 33.3 مليار دولار في سبتمبر. وخلال الأشهر العشرة الأولى، بلغ الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة 291.38 مليار دولار.

وفي الأسواق، أغلقت أسهم الصين وهونغ كونغ على ارتفاع يوم الخميس، بدعم من تفاؤل المستثمرين بشأن تدابير التحفيز المحتملة التي تفوّقت على المخاوف بشأن تفاقم التوترات التجارية في ظل رئاسة ترمب الثانية.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية مرتفعاً 3 في المائة، في حين ارتفع مؤشر «شنغهاي» المركب 2.6 في المائة.

وتحوّل تركيز المستثمرين الآن إلى اجتماع «اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب»، الذي يُختتم يوم الجمعة. ومن المرجح أن تساعد أي مفاجأة تحفيزية من الاجتماع في رفع معنويات السوق في أسهم الصين.

وقال استراتيجي السوق العالمية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في «إنفيسكو»، ديفيد تشاو: «أعتقد أنه من المرجح للغاية أن نشهد مزيداً من التحفيز المالي والنقدي من بكين، وهو ما قد يعوّض بعض الرياح المعاكسة للتجارة».


مقالات ذات صلة

المجموعة التشاورية الإقليمية التابعة لمجلس الاستقرار المالي تجتمع في الرياض

الاقتصاد جانب من اجتماع المجموعة التشاورية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالرياض (ساما)

المجموعة التشاورية الإقليمية التابعة لمجلس الاستقرار المالي تجتمع في الرياض

انعقد اجتماع المجموعة التشاورية الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التابعة لمجلس الاستقرار المالي، في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من مدينة الملك سلمان للطاقة (موقع رؤية 2030)

مدينة الملك سلمان للطاقة توقّع 5 خطابات نوايا بقيمة 800 مليون دولار

وقّعت مدينة الملك سلمان للطاقة (سبارك) السعودية، 5 خطابات نوايا مع جهات متقدمة في قطاع الطاقة، بقيمة إجمالية تتجاوز 3 مليارات ريال.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي )
الاقتصاد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير يسلم شهادة الإقالة لوزير المالية كريستيان ليندنر بعد عزله من قِبَل المستشار أولاف شولتز (رويترز)

انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا يزيد الضغوط على الاقتصاد

من المتوقع أن يؤدي انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا إلى زيادة معاناة الاقتصاد في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد خبر فوز ترمب بالانتخابات الأميركية يهيمن على صدارة الصحف اليابانية (أ.ف.ب)

فوز ترمب يزيد من المخاطر في وجه «بنك اليابان» مع تجدد هبوط الين

قد يؤدي ارتفاع الدولار الناجم عن فوز ترمب إلى زيادة الضغوط على «بنك اليابان» لرفع أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي النرويجي في أوسلو (رويترز)

النرويج تثبت الفائدة عند أعلى مستوى منذ 16 عاماً

أبقى البنك المركزي النرويجي على أسعار الفائدة دون تغيير عند أعلى مستوى في 16 عاماً؛ عند 4.50 في المائة يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (أوسلو )

«سيتي سكيب العالمي» بالسعودية سيضخ أكثر من 100 ألف وحدة سكنية 

جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)
جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)
TT

«سيتي سكيب العالمي» بالسعودية سيضخ أكثر من 100 ألف وحدة سكنية 

جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)
جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)

من المقرر أن يضخّ معرض «سيتي سكيب العالمي»، الذي يفتتح أبوابه للزوار يوم الاثنين المقبل في العاصمة السعودية الرياض، أكثر من 100 ألف وحدة سكنية، وعروضاً للقروض التمويلية، تبدأ من 2.59 في المائة، إلى جانب خصومات تصل إلى 100 ألف ريال (26.6 ألف دولار) في عدة مشاريع، كما سيقام أحد أكبر المزادات العقارية في الشرق الأوسط بقيمة تقديرية تتجاوز مليار ريال (266.6 مليون دولار).

جاء ذلك على لسان الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، المهندس عبد الله الحماد، خلال كلمته في اللقاء التعريفي لـ«سيتي سكيب العالمي»، الخميس في الرياض، مؤكداً أن استضافة المملكة لهذا الحدث العقاري الضخم تعكس النهضة الاقتصادية التي تشهدها السعودية، في إطار «رؤية 2030».

وأضاف أن المعرض يهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون بين مختلف المطورين والمستثمرين العقاريين، فضلاً عن تحفيز الابتكار والتطوير في القطاع.

الفرص الاستثمارية

وأوضح الحماد أن المعرض يساهم بشكل كبير في استكشاف الفرص الاستثمارية من خلال تقديم رؤى شاملة حول اتجاهات السوق العقارية، لافتاً إلى أن المملكة تشهد نمواً غير مسبوق في تطوير المشاريع العقارية والاقتصادية.

وبيّن أن المعرض سيركز بشكل رئيسي على المشاريع الكبرى في المملكة، مع مشاركة أكثر من 400 جهة عارضة، و100 مستثمر مؤسسي، وما يزيد عن 500 قائد في القطاع العقاري من مختلف أنحاء العالم.

وأكمل الحماد أن هذا التجمع الكبير يسهم في تسهيل الوصول إلى الفرص الاستثمارية المتنوعة في السوق العقارية السعودية، ما يعزز جذب الاستثمارات الأجنبية، ويسهم في تنويع الاقتصاد الوطني وتعزيز التنمية المستدامة.

وأوضح أن النسخة السابقة من معرض «سيتي سكيب» شهد حضور أكثر من 160 ألف زائر، وتوقيع مشاريع واتفاقيات استثمارية تجاوزت قيمتها 110 مليارات ريال (29 مليار دولار)، مع استثمارات أجنبية وخارجية وصلت إلى 19 مليار دولار.

وأكد الحماد أن النسخة الثانية من المعرض ستشهد زيادة ملحوظة بنسبة 50 في المائة في حجم المعاملات والمشاريع والاتفاقيات.

المطورون العقاريون

من جانبه، قال وكيل وزارة البلديات والإسكان لتحفيز المعروض السكني والتطوير العقاري، عبد الرحمن الطويل، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحدث العقاري المرتقب سيشهد حضور عدد من الأسماء الكبيرة على مستوى العالم في مختلف مجالات القطاع العقاري، سواء في التطوير أو التصميم أو التشغيل.

وأضاف: «من المتوقع حضور عدد كبير من المطورين العقاريين الدوليين إلى المملكة، حيث بدأ أكثر من 10 مطورين بالفعل في تنفيذ مشاريعهم داخل السعودية، مع الطموح لجذب مزيد من المطورين، بالتعاون مع المطورين المحليين».

جانب من النسخة الثانية لمعرض «سيتي سكيب العالمي» في الرياض (واس)

استقطاب الشركات العالمية

ويرى الطويل أن بيئة المملكة العقارية والاستثمارية تتمتع بجاذبية كبيرة، حيث توفر فرصاً واعدة وسهلة للمستثمرين، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على خلق بيئة متنوعة، حيث يتم التركيز على استقطاب الشركات العالمية للاستثمار في السعودية.

وكشف عن تنظيم ورشة عمل خاصة خلال المعرض لاستعراض الفرص الاستثمارية العالمية في السعودية، حيث من المتوقع أن يكون الرقم الإجمالي للاستثمارات كبيراً جداً، ما يعكس رغبة قوية من المستثمرين الأجانب في دخول السوق المحلية.

ويشارك في المعرض نخبة من الخبراء والرؤساء التنفيذيين، ويضم في نسخته الحالية منتدى مستثمري العقار، الذي يستضيف 150 مستثمراً من 22 دولة، إذ يأتي الحدث بهدف تعزيز التعاون في المشاريع الاستثمارية، ليمثل مركزاً مهماً للفرص والاستثمار.