هل تقود رئاسة ترمب لتحولات جذرية في مصير العمال والنقابات؟

اتجاهات متضاربة بينه وبين هاريس بشأن رفع الحد الأدنى للأجور وتخفيف قيود العمل

رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)
رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)
TT

هل تقود رئاسة ترمب لتحولات جذرية في مصير العمال والنقابات؟

رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)
رئيس نقابة عمال السيارات المتحدة شون فاين وأعضاء النقابة يتظاهرون دعماً للأعضاء المضربين في ديترويت 15 سبتمبر 2023 (رويترز)

يتنافس الرئيس السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس بشراسة على كسب تأييد العمال الأميركيين، لكن الخبراء يرون أن استراتيجياتهما في التعامل مع قضايا العمل ومكان العمل ستكون مختلفة تماماً.

يُتوقع أن يؤدي فوز ترمب إلى عكس العديد من السياسات التي تم تنفيذها خلال السنوات الأربع الماضية، والتي كانت تهدف إلى تسهيل انضمام العمال إلى النقابات. وفي حال انتخابه، من المتوقع أن يسعى ترمب لتخفيف قواعد السلامة في مكان العمل، وتقليص المزايا والحقوق المتاحة للعمال في الاقتصاد المؤقت والقطاعات ذات الأجور المنخفضة. كما يُرجح أن يلغي الحظر المفروض على اتفاقيات عدم المنافسة التي تمنع العمال الذين يتركون وظائفهم من الانتقال إلى المنافسين، وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

استمرار أجندة بايدن تحت قيادة هاريس

من ناحية أخرى، تشير التوقعات إلى أن هاريس ستواصل أجندة العمل في عهد بايدن التي تُعتبر من أكثر الأجندات دعماً للنقابات في التاريخ الحديث. وقد تزامنت هذه السياسات مع زيادة عدد المتقدمين لانتخابات النقابات بين السنة المالية 2021 و2024، رغم أن نسبة العمال الأميركيين المنخرطين في النقابات تراجعت إلى أدنى مستوياتها التاريخية.

يقول كبير المحامين في جمعية «إتش آر بوليسي»، وهي شركة لإدارة الموارد البشرية، روجر كينغ: «النتائج التي ستنجم عن هذه الانتخابات على أجندة العمل والتوظيف في البلاد قد تكون من بين الأكثر تأثيراً وتغييراً لقواعد اللعبة في أي مجال آخر من الحكومة».

صور مركبة تجمع نائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب 4 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مواقف ترمب ودعم النقابات لهاريس

لم يتناول ترمب بشكل رسمي كيفية تعامله مع معظم قضايا العمل خلال حملته الانتخابية، حيث ركز على حماية العمال الأميركيين من خلال مقترحات تتعلق برفع التعريفات الجمركية، وفرض قيود على التجارة الدولية، وإعادة وظائف التصنيع إلى البلاد، بالإضافة إلى ترحيل العمال غير المسجلين.

وقالت المتحدثة باسم حملة ترمب، كارولين ليفات: إن «أي سياسة رسمية يجب أن تأتي مباشرة من الرئيس ترمب». وأضافت أن «العمال والنقابات الأميركية يدعمون ترمب لأنهم تحملوا تكاليف السياسات الاقتصادية الفاشلة لكامالا على مدى السنوات الأربع الماضية».

وقد حظيت هاريس بدعم معظم النقابات الرئيسية تقريباً في الانتخابات، بينما أظهرت استطلاعات الرأي أن هاريس تتقدم على ترمب بين أعضاء النقابات والأسر.

ويؤكد الخبراء أنه في ظل إدارة ترمب، يمكن للعمال أن يتوقعوا تخفيفاً كبيراً في القواعد، بما يتماشى مع المفهوم التقليدي للاقتصاد المحافظ بأن القيود المفروضة على الشركات تعوق النمو الاقتصادي. ويشير رئيس منتدى العمل الأميركي المحافظ، دوغلاس هولتز - إيكين، إلى أن إدارة ترمب «ستسعى لوقف الأعباء الإضافية على الشركات الصغيرة»، معتبراً أن اللوائح تستنزف موارد أصحاب العمل وقد تؤدي إلى انخفاض التوظيف وزيادات أصغر في الأجور.

ويوضح الخبراء أن أحد أسباب عدم اليقين حول سياسات العمل في إدارة ترمب هو الانقسام بين مستشاريه التقليديين المؤيدين للأعمال والشعبويين اليمينيين، مثل السيناتور جيه دي فانس من أوهايو الذي يدعم بعض السياسات الموجهة لدعم الطبقة العاملة.

التحذيرات من عواقب فوز ترمب

من جانبهم، يحذر زعماء العمل والديمقراطيون، بما في ذلك سيث هاريس، الذي شغل سابقاً منصب كبير مستشاري بايدن في شؤون العمل، من أن فوز ترمب سيكون «كارثياً للحركة العمالية»، مشيراً إلى أن إدارة ترمب ستكون «حريصة على اختبار حدود السلطة التنفيذية لإضعاف وتدمير النقابات».

وإذا فاز ترمب، فمن المتوقع أن يطرد في أول يوم له في منصبه كبير محامي المجلس الوطني لعلاقات العمل، جينيفر أبروزو، التي تُعتبر من أبرز المدافعين عن النقابات في إدارة بايدن. وقد يتبع ذلك إجراءات مشابهة لما فعله بايدن عند إقالته زعيم المجلس التابع لترمب، بيتر روب، في أول يوم له.

وأوضح أحد المسؤولين السابقين في إدارة ترمب: «يمكننا أن نطلق عليها سابقة بيتر روب». وقد ساهمت جهود أبروزو في تعزيز حملات النقابات، حيث لعبت دوراً رئيسياً في اتخاذ إجراءات قانونية ضد شركات مثل «ستاربكس» و«أمازون» و«تسلا» بسبب مقاومتها لجهود النقابات.

وتشير المناقشات الداخلية أيضاً إلى اقتراحات لطرد أعضاء ديمقراطيين من مجلس الإدارة المكون من خمسة أعضاء، مما قد يمنح الجمهوريين الأغلبية فوراً، رغم أن ذلك قد يواجه تحديات قانونية.

إلغاء الضرائب على الإكراميات والعمل الإضافي

ناقش ترمب خلال حملته الانتخابية إلغاء الضرائب الفيدرالية على الإكراميات، بالإضافة إلى اقتراحه الأخير إنهاء الضرائب على أجر العمل الإضافي. تعتبر هذه المقترحات أولوية قصوى لدى بعض صناع السياسات المحافظين إذا فاز ترمب، حيث تحظى بإقبال كبير بين عمال صناعة الخدمات ذوي الأجور المنخفضة الذين يعتمدون على الإكراميات لتلبية احتياجاتهم المالية.

بدورها، أكدت هاريس دعمها أيضاً لاقتراح إنهاء الضرائب على الإكراميات، رغم أن بعض الخبراء يرون أن هذا الاقتراح قد يؤثر بشكل طفيف على معظم العمال الأميركيين الذين لا يحصلون على إكراميات.

تراجع دعم النقابات

يُعتبر أحد أبرز التحولات المحتملة خلال رئاسة ترمب الثانية هو التراجع عن جهود إدارة بايدن لتعزيز عضوية النقابات وحقوق العمل. ومن المتوقع أن تعكس إدارة ترمب الانتصارات التي حققتها النقابات في عهد بايدن، بما في ذلك حكم تاريخي صدر في عام 2023 يُلزم أصحاب العمل الذين استخدموا تكتيكات غير قانونية لمكافحة التنظيم العمالي بالاعتراف بالنقابات.

كما ستعمل وكالات العمل تحت إدارة ترمب على عكس القاعدة التي وضعتها إدارة بايدن، والتي سهلت على العمال المؤقتين وعمال النظافة ومساعدي الرعاية الصحية المنزلية، وغيرهم من العمال ذوي الأجور المنخفضة التأهل كموظفين بدلاً من متعاقدين مستقلين. وستواجه هذه القواعد، التي من المتوقع أن تسهل على العمال المؤقتين تكوين نقابات والتأهل للحصول على الحد الأدنى للأجور وحماية العمل الإضافي، معارضة قوية من شركات مثل «أوبر» و«ليفت».

تغييرات متوقعة في سياسات العمل

كما أُتيح بموجب قاعدة إدارة بايدن ملايين العمال ذوي الأجور المنخفضة للحصول على أجر العمل الإضافي. وإذا لم تلغِ المحاكم هذه القاعدة، فإن إدارة ترمب ستعيد النظر في المعايير لتقليل التكاليف على الشركات. واعتباراً من يوليو (تموز)، أصبح العمال الذين يتقاضون رواتب أقل من 43888 دولاراً سنوياً مؤهلين الآن للحصول على 1.5 ضعف الأجر إذا عملوا أكثر من 40 ساعة في الأسبوع، بينما كان الحد في عهد ترمب أقل من 35568 دولاراً سنوياً.

تبحث سياسة ترمب في سحب لوائح الصحة والسلامة في مكان العمل التي تهدف إلى حماية العمال من الإصابة والمرض. ومن المتوقع أن تكون إحدى الأولويات هي إزالة العقوبات عن أصحاب العمل الصغار الذين يرتكبون انتهاكات «غير متعمدة» للصحة والسلامة، حيث إن الانتهاكات حالياً تؤدي إلى عقوبات تصل إلى 16131 دولاراً.

هناك اقتراح مثير للجدل لتعديل قوانين عمل الأطفال للسماح للمراهقين بالعمل في مهن تُعتبر «خطرة» بموجب شروط معينة، مما يعكس زيادة في انتهاكات عمل الأطفال في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.

اختيارات وزير العمل

أفاد خبراء في سياسة العمل بأن فريق ترمب الانتقالي قد طلب قائمة بالمرشحين المحتملين لمنصب وزير العمل، ومن بين المرشحين الرئيسيين أندرو بوزدر، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «هارديز آند كارلز جونيور»، ووزير العمل السابق بالإنابة باتريك بيزيلا. كما يُعتبر برايان سلاتر، وزير العمل في فرجينيا، وجوني تايلور، الرئيس التنفيذي لجمعية إدارة الموارد البشرية، من بين المرشحين أيضاً.

وأشار بعض المطلعين على خطط فريق ترمب إلى أن اتحاد سائقي الشاحنات، الذي حقق تقدماً ملحوظاً مع الحزب الجمهوري، قد يمارس نفوذاً كبيراً في إدارة ترمب. كما أوضح كينغ: «كانت هناك محادثات جارية من بعض المقربين من فريق ترمب وسائقي الشاحنات».

زيارة ترمب إدارة محطة البطاطس المقلية في أحد مطاعم ماكدونالدز في بنسلفانيا (أ.ب)

الحد الأدنى للأجور الفيدرالية

أعلنت هاريس مؤخراً، رداً على زيارة ترمب المفاجئة للعمل في محطة «ماكدونالدز» للبطاطس المقلية، أنها تدعم رفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية إلى 15 دولاراً في الساعة. في المقابل، تهرب ترمب من الإجابة عن أسئلة حول دعمه لرفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية، الذي ظل ثابتاً عند 7.25 دولار في الساعة منذ عام 2009. يُذكر أن عشرين ولاية حددت حدها الأدنى للأجور عند المستوى الفيدرالي أو أقل منه.


مقالات ذات صلة

كيف سينعكس الخفض المرتقب للفائدة الأميركية على اقتصادات الخليج؟

خاص شعار وكالة «ستاندرد آند بورز» (رويترز)

كيف سينعكس الخفض المرتقب للفائدة الأميركية على اقتصادات الخليج؟

وسط تنامي الترجيحات بخفض «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي أسعار الفائدة مرة أخرى خلال اجتماعه يوم الخميس، تتجه الأنظار نحو تأثير هذا الإجراء الذي يلي الانتخابات

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد يعمل المتداولون في قاعة بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)

تراجع عائدات سندات الخزانة الأميركية مع استعداد المتداولين للانتخابات

هبط عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات، 5 نقاط أساس، يوم الاثنين، مع سعي المتداولين لتسوية بعض المراكز قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد البيت الأبيض (أ.ب)

مصير الفائدة الأميركية يحدّده «سيّد» البيت الأبيض

يحاول خبراء الاقتصاد التنبؤ بكيفية تغير سياسة أسعار الفائدة التي ينتهجها «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي بالسنوات المقبلة في ظل رئيس جديد للولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد صورة مركبة جامعة للمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس ومنافسها الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

كيف ستؤثر نتيجة الانتخابات الأميركية على الأسواق المالية؟

رفع المستثمرون رهاناتهم على أن الانتخابات الرئاسية الأميركية سوف تؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار أسواق السندات والعملات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظف يعمل على خط التجميع في مصنع السيارات الكهربائية التابع لشركة ريفيان أوتوموتيف في نورمال (رويترز)

تراجع نشاط التصنيع الأميركي لأدنى مستوى في 15 شهراً

تراجع نشاط التصنيع بالولايات المتحدة إلى أدنى مستوى له في 15 شهراً خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث واجهت المصانع زيادة بأسعار المُدخلات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

القطاع الخاص اللبناني يسجل أدنى مستوى له في 44 شهراً

صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)
صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)
TT

القطاع الخاص اللبناني يسجل أدنى مستوى له في 44 شهراً

صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)
صورة عامة لمنطقة وسط بيروت (رويترز)

شهد أداء القطاع الخاص اللبناني في أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أسوأ أداء له منذ أكثر من 3 سنوات ونصف؛ حيث أظهر مؤشر مديري المشتريات الرئيسي تدهوراً حاداً في نشاط القطاع. ويعود هذا التراجع إلى ازدياد الضغوط الناتجة عن الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» التي ألقت بظلالها على مختلف جوانب الاقتصاد.

فقد أشار مؤشر مديري المشتريات الرئيسي الصادر عن بنك «لبنان والمهجر» التابع لـ«ستاندرد آند بورز» إلى تدهور النشاط الاقتصادي في القطاع الخاص اللبناني، بأسرع وتيرة له في أكثر من 3 سنوات ونصف خلال شهر أكتوبر 2024. وسجلت مؤشرات الإنتاج والطلبيات الجديدة -وخصوصاً الأعمال الواردة من العملاء الدوليين- تراجعاً حاداً، نتيجة لتوسّع نطاق الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» في مختلف أنحاء لبنان. كما أثّر انقطاع سلاسل التوريد سلباً على الأنشطة الشرائية ومخزونات الشركات، مما أدى إلى تراجع ملحوظ في ثقة الشركات، بسبب المخاوف من استمرار المواجهات العسكرية أو تصاعد حدتها.

وأظهرت بيانات المسح الأخيرة زيادة في الضغوط التضخمية على الأسعار نتيجة لتصاعد الصراع؛ حيث أفادت التقارير بأن الموردين قد رفعوا أتعابهم، ما دفع شركات القطاع الخاص اللبناني إلى رفع أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ.

وانخفض مؤشر مديري المشتريات بمقدار نقطتين من 47 نقطة في سبتمبر (أيلول) 2024 إلى 45 نقطة في أكتوبر 2024، وهي أدنى قراءة منذ أكثر من 3 سنوات. ويُعزى هذا الانخفاض الكبير إلى تراجع مستوى الطلب بشكل رئيسي من العملاء الدوليين؛ حيث شهدت الطلبيات الجديدة للتصدير انخفاضاً ملحوظاً خلال الشهر الماضي. وأشار المشاركون في الاستطلاع إلى أن العملاء الدوليين تراجعوا عن تقديم طلبيات جديدة؛ ليس فقط بسبب الحرب في لبنان؛ بل نتيجة للصراع في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام. وكان هذا الانخفاض في مبيعات التصدير هو الأكثر وضوحاً منذ مايو (أيار) 2020.

على صعيد التوظيف، شهد القطاع الخاص اللبناني انخفاضاً في أعداد الموظفين بسبب انكماش الأعمال الجديدة الواردة؛ لكن هذا الانخفاض كان طفيفاً نسبياً بشكل عام. ومع ذلك، استُنفدت الأعمال غير المنجزة بأعلى معدل لها في أكثر من عامين ونصف، نتيجة للضعف الملحوظ في مستوى الطلب.

من جهة العرض، أظهرت بيانات المسح لشهر أكتوبر أن الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» قد تسببت في انقطاع سلاسل التوريد، مما أدى إلى تأخير مواعيد تسليم الموردين بأعلى معدل منذ مارس (آذار) 2023. وسبَّب هذا التأخير في حركة السلع -وخصوصاً عبر وسائل النقل البري- إعاقة كبيرة في تدفق الإمدادات. كما خفضت الشركات اللبنانية أنشطتها الشرائية بأعلى معدل منذ يوليو (تموز) 2021 بسبب المخاوف الأمنية، مما أسفر عن تراجع مخزون المشتريات بأعلى معدل في أكثر من 4 أعوام. ولجأت بعض الشركات إلى استخدام المخزونات المتاحة لتعويض نقص المواد في السوق.

وأفاد المشاركون في الاستطلاع أيضاً بارتفاع أسعار المشتريات التي تتحملها الشركات اللبنانية، نتيجة لزيادة أتعاب الموردين بسبب الحرب؛ حيث سجل معدل التضخم العام لأسعار مستلزمات الإنتاج أعلى مستوى له في 19 شهراً. وفي ظل هذه الظروف، رفعت شركات القطاع الخاص اللبناني أسعار السلع والخدمات بأعلى معدل في أكثر من عام ونصف.

وأخيراً، تراجعت ثقة الشركات إلى أدنى مستوى لها في 16 شهراً، بسبب المخاوف من تأثير استمرار الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» على توقعات الإنتاج المستقبلي.

وتعليقاً على نتائج مؤشر مديري المشتريات لشهر أكتوبر 2024، قال المدير العام لبنك «لبنان والمهجر»، الدكتور فادي عسيران: «من المؤلم أن نظرة شركات القطاع الخاص اللبناني تظل تشاؤمية بشأن توقعات النشاط التجاري خلال العام المقبل؛ حيث يتوقع 84 في المائة من المشاركين في الاستطلاع تراجعاً في مستوى النشاط التجاري خلال الاثني عشر شهراً القادمة».