«بنك اليابان» يجتمع وسط غيوم الاقتصاد والسياسة

غالبية الخبراء يتوقعون تثبيت الفائدة لحين اتضاح الرؤية

رجل يسير في أحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو أمام مقر البنك المركزي (أ.ف.ب)
رجل يسير في أحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو أمام مقر البنك المركزي (أ.ف.ب)
TT

«بنك اليابان» يجتمع وسط غيوم الاقتصاد والسياسة

رجل يسير في أحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو أمام مقر البنك المركزي (أ.ف.ب)
رجل يسير في أحد شوارع وسط العاصمة اليابانية طوكيو أمام مقر البنك المركزي (أ.ف.ب)

يختتم بنك اليابان الخميس اجتماع السياسة الذي يستمر يومين، والذي يأتي بعد أيام قليلة من خسارة الائتلاف الحاكم في انتخابات نهاية الأسبوع الماضي، مما زاد من حالة عدم اليقين السياسي، وعقد الجهود الرامية إلى التراجع عن التحفيز النقدي.

وأنهى بنك اليابان أسعار الفائدة السلبية في مارس (آذار)، ورفع هدف سياسته قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز). وأشار إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى، بمجرد أن تكون لدى المجلس ثقة كافية في أن اليابان ستحقق هدف التضخم البالغ 2 في المائة بشكل دائم.

ومع استقرار التضخم عند نحو 2 في المائة، وإظهار القليل من علامات الارتفاع، فإن بنك اليابان ليس في عجلة من أمره لمزيد من الخطوات الحادة.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبقي البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة في اجتماع أكتوبر (تشرين الأول)، حيث أكد المحافظ كازو أويدا على الحاجة إلى قضاء بعض الوقت في التدقيق في المخاطر، مثل عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأميركي والتداعيات الناجمة عن الأسواق المتقلبة.

كما يفضل بنك اليابان البقاء ثابتاً حتى تتضح تشكيلة الحكومة اليابانية المستقبلية، التي أصبحت الآن في حالة تغير مستمر.

وقال بنك اليابان إنه سيرفع أسعار الفائدة مرة أخرى إذا تحرك الاقتصاد والأسعار بما يتماشى مع توقعاته. وهذا يعني أن تقريره ربع السنوي، الذي سيتضمن توقعات النمو والأسعار الجديدة التي يصدرها المجلس، قد يقدم أدلة على توقيت رفع أسعار الفائدة التالي.

وقالت مصادر لـ«رويترز» إن بنك اليابان من غير المرجح أن يجري تغييرات كبيرة على توقعاته للتضخم ليحوم حول هدفه البالغ 2 في المائة حتى مارس 2027... وفي حين أن مثل هذه التوقعات من شأنها أن تلبي الشرط المسبق لمزيد من رفع أسعار الفائدة، فقد يشير بنك اليابان إلى استعداده للتباطؤ من خلال تسليط الضوء على المخاطر، مثل النمو العالمي البطيء والأضرار التي قد تلحقها الأسواق المتقلبة بمزاج الأسر والشركات.

وإذا كرر بنك اليابان تحذيره بشأن مثل هذه المخاطر، أو أشار إليها في الجزء الخاص بتوجيهات السياسة في التقرير، فقد يقلل ذلك من فرص رفع أسعار الفائدة في نهاية العام. وعلى النقيض من ذلك، قد يكون التفاؤل الزائد بشأن زيادات الأجور المستدامة علامة على اقتراب رفع أسعار الفائدة التالي.

وقد تقدم إحاطة محافظ البنك المركزي الياباني أويدا بعد الاجتماع، التي ستعقد في الساعة 3:30 مساءً بتوقيت طوكيو (06:30 بتوقيت غرينيتش) يوم الخميس، أدلة على وتيرة وتوقيت مزيد من رفع أسعار الفائدة.

وفي إحاطة إعلامية في سبتمبر (أيلول) الماضي، أشار أويدا إلى أن بنك اليابان يستطيع «تحمل» قضاء الوقت في التدقيق في المخاطر مثل عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية الأميركية.

وقد يستبدل أويدا مثل هذا التواصل بشيء أكثر حيادية بسبب تراجع المخاوف من الركود الأميركي، والحاجة إلى منع المضاربين من دفع الين إلى الانخفاض أكثر من اللازم.

وبلغ الدولار أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر قرب 153.50 ين يوم الثلاثاء، حيث باع المستثمرون العملة اليابانية على أمل أن تثني حالة عدم اليقين السياسي بعد الانتخابات بنك اليابان عن رفع أسعار الفائدة في أي وقت قريب.

وفي حين لا يزال الين بعيداً عن أدنى مستوياته في ثلاثة عقود قرب 161 يناً للدولار، فإن الانخفاضات الأخيرة للين قد تؤدي إلى تحذيرات متجددة من أويدا بشأن الضغوط الصعودية التي قد تفرضها مثل هذه التحركات على تكاليف الواردات والتضخم.

وبعد اجتماع أكتوبر، سيعقد بنك اليابان اجتماعاً للسياسة في 18 و19 ديسمبر (كانون الأول)، يليه اجتماع في 23 و24 يناير (كانون الثاني).

وأشارت أغلبية ضئيلة من خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم إلى أن بنك اليابان سيتخلى عن رفع أسعار الفائدة هذا العام، حيث توقع معظمهم أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة مرة أخرى بحلول مارس من العام المقبل.

وأشار بنك اليابان إلى استعداده لرفع أسعار الفائدة إلى مستويات تعد محايدة للاقتصاد (يراها المحللون نحو 1 في المائة) بحلول أواخر العام المقبل أو أوائل عام 2026، كما دعا صندوق النقد الدولي بنك اليابان إلى تشديد السياسة بوتيرة تدريجية، وتوقع أن تصل أسعار الفائدة إلى 1.5 في المائة في عام 2027.

لكن الطريق قد تكون وعرة، إذ يأمل بنك اليابان أن تدعم زيادات الأجور الضخمة التي تقدمها الشركات هذا العام الاستهلاك، وتسمح لتجار التجزئة بمواصلة رفع الأسعار، لكن تباطؤ الطلب العالمي قد يثبط عزيمة الشركات المصنعة عن تقديم زيادات كبيرة في الأجور العام المقبل.

كما تخيم غيوم سياسية على مسار رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان. ومن المرجح أن يضطر فشل الائتلاف الحاكم في الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس النواب الحزب الحاكم الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا إلى استمالة أحزاب معارضة أصغر حجماً تفضل الحفاظ على سياسة نقدية شديدة التيسير.

وفي حين يُنظَر إلى إيشيبا بوصفها مؤيداً للتطبيع التدريجي للسياسة، فإن موقفه الضعيف قد يزيد من العقبات أمام مزيد من رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان. وقد تؤثر تحركات السوق أيضاً على توقيت رفع أسعار الفائدة، بما في ذلك التداعيات المترتبة على نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية.


مقالات ذات صلة

مذكرة بين «السيادي» السعودي و«مبادرة مستقبل الاستثمار» لإبراز قطاع إدارة الأصول

الاقتصاد جانب من حضور النسخة الثامنة لـ«مبادرة مستقبل الاستثمار» في الرياض (الشرق الأوسط)

مذكرة بين «السيادي» السعودي و«مبادرة مستقبل الاستثمار» لإبراز قطاع إدارة الأصول

وقّع «صندوق الاستثمارات العامة»، و«مبادرة مستقبل الاستثمار» مذكرة تفاهم، لتقديم منتدى «إدارة الأصول» كأحد المحاور الأساسية في أجندة فعاليات المبادرة عالمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد عامل يتحدّث في هاتف جوال أمام موقع إنشاءات في العاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

توسعات المؤشرات الصينية في أكتوبر تبرز تأثير الدعم المالي

توسَّع نشاط التصنيع في الصين لأول مرة خلال 6 أشهر، وانتعشت الخدمات في أكتوبر، تزامناً مع أحدث تدابير التحفيز.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد إحدى أسواق إسطنبول (رويترز)

حكومة تركيا تتوقع معدل تضخم أقل من 20% نهاية 2025

توقعت الحكومة التركية استمرار الاتجاه الإيجابي لتوقعات التضخم وتراجعه إلى ما دون 20 في المائة بنهاية عام 2025.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد جانب من فعاليات إعلان شركة «إف بي تي» للتكنولوجيا عن افتتاح مقر إقليمي لها في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

«إف بي تي» تفتتح مقراً إقليمياً في السعودية لدفع عجلة الابتكار بالشرق الأوسط

أعلنت شركة «إف بي تي» للتكنولوجيا، افتتاح مقر إقليمي لها في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد خلال حفل التوقيع بين «أرامكو السعودية» و«طيران الرياض» (البيان المشترك)

«أرامكو» و«طيران الرياض» لتعاون محتمل في إمدادات الوقود منخفض الكربون والاستدامة

وقّعت «أرامكو السعودية» وشركة «طيران الرياض» مذكرة تفاهم تمهّد الطريق لتعاون محتمل في مجالات متعددة، مثل إمدادات الوقود منخفض الكربون والاستدامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

استطلاع: توقعات النمو العالمي تصل إلى 3.1 % في 2024

يتجول الناس حول الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)
يتجول الناس حول الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)
TT

استطلاع: توقعات النمو العالمي تصل إلى 3.1 % في 2024

يتجول الناس حول الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)
يتجول الناس حول الحي المالي بالقرب من بورصة نيويورك (رويترز)

من المتوقَّع أن يحافظ النمو الاقتصادي العالمي على وتيرته القوية العام المقبل؛ حيث ستقوم البنوك المركزية الكبرى بتقليص أسعار الفائدة، في ظل أداء قوي للاقتصاد الأميركي، وذلك وفقاً لاستطلاع أجرته «رويترز» شمل نحو 500 اقتصادي. ومع ذلك، قد تحدد الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة الأسبوع المقبل النمو المحتمل، من خلال إعادة صياغة القواعد الحالية حول التجارة.

وساهمت القدرة غير المتوقَّعة للاقتصاد الأميركي بشكل كبير في ترقية توقعات النمو العالمي لعام 2024 منذ بداية العام. كما انخفض التضخم بشكل حاد؛ حيث تدير معظم البنوك المركزية الكبرى ضغوط الأسعار ضمن أهدافها أو بالقرب منها.

ومن المتوقَّع أن يبلغ متوسط ​​النمو العالمي 3.1 في المائة هذا العام، وهو تحسُّن حاد مقارنة بـ2.6 في المائة في استطلاع يناير (كانون الثاني)، وارتفاعاً من 2.9 في المائة في أبريل (نيسان)، واستقراراً مقارنة باستطلاع قبل 3 أشهر.

ومن المتوقع أن يستمر معدل النمو في الاقتصاد العالمي بشكل عام عند 3 في المائة العام المقبل، وفقاً لاستطلاع «رويترز» الذي تم إجراؤه من 30 سبتمبر (أيلول) إلى 30 أكتوبر (تشرين الأول)، وشمل 50 اقتصاداً مهماً.

وفي حين كانت هناك مخاوف واسعة النطاق في وقت سابق من هذا العام من أن الاقتصاد الأميركي قد يعاني من آثار أعلى أسعار الفائدة في أكثر من عقدين من الزمان، فإن مرونته فاجأت الاقتصاديين والأسواق باستمرار.

وقال رئيس الاقتصاد العالمي في «نت ويست ماركتس»، روس ووكر: «أعتقد أن هناك شعوراً بالتفوق الأميركي، بالتأكيد ضد منطقة اليورو والمملكة المتحدة».

وكان من المتوقَّع أن يبلغ متوسط ​​نمو الناتج المحلي الإجمالي في أكبر اقتصاد في العالم، الذي تم الإبلاغ عنه آخر مرة عند 2.8 في المائة ومدفوعاً بالإنفاق الاستهلاكي القوي، 2.6 في المائة هذا العام، و1.9 في المائة في عام 2025.

ولم يتفوق الاقتصاد الأميركي على جميع نظرائه في مجموعة العشر فحسب، بل نما أيضاً بمعدل يقارب ضعف المعدل الذي توقعه خبراء الاقتصاد في بداية العام. وتتداول أسواق الأسهم حالياً عند مستويات قريبة من مستويات قياسية مرتفعة، ويرجع ذلك جزئياً إلى تدفق الأموال من الخارج.

قوة من آسيا

وتشمل نقاط القوة الأخرى الهند، أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً في العالم، فضلاً عن المرونة الواسعة في آسيا.

وكان الناتج المحلي الإجمالي لليابان قوياً بما يكفي في الآونة الأخيرة لاتخاذ خطوات صغيرة ومترددة تهدف إلى الخروج من عقود من السياسة النقدية المتساهلة بشكل غير عادي.

حتى الاقتصاد الأرجنتيني المتعثِّر من المتوقع أن يتعافى العام المقبل.

لكن صُنَّاع السياسات الذين يديرون ثاني أكبر اقتصاد في العالم، الصين، يضطرون إلى اللجوء إلى تحفيز نقدي قوي وتحفيز مالي متوقع بقيمة 1.4 تريليون دولار لتلبية هدف النمو البالغ 5 في المائة في بكين، وهو ما يتخلف بالفعل عن أدائها قبل الوباء.

ووجد الاستطلاع أنه بالنسبة لمعظم اقتصادات العالم التي تنخفض فيها أسعار الفائدة، فمن المرجح أن تنخفض أكثر من المتوقَّع بدلاً من الارتفاع، مما يعزز التوقعات العالمية القوية.

وقالت أغلبية من المستجيبين لسؤال منفصل (147 من 255) إن أسعار الفائدة في البنوك المركزية التي يغطونها من المرجح أن تنتهي في عام 2025 عند مستوى أقل من المتوقع بدلاً من الارتفاع فجأة.

ولكن في الولايات المتحدة، قالت أغلبية الثلثين، 33 من 40. إن أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية من المرجح أن تكون أعلى، بسبب استمرار الأداء الاقتصادي القوي وضغوط التضخم المتجددة المحتملة.

وقال ووكر: «عندما أنظر إلى الاقتصاد الأميركي... إلى البيانات الكلية وسوق العمل والمجالات الاقتصادية الرئيسية، يبدو لي أنه الأقل احتياجاً إلى تخفيضات أسعار الفائدة العدوانية».

الانتخابات الأميركية الورقة الرابحة

إذا تم انتخابه، يخطط المرشح الجمهوري دونالد ترمب لفرض رسوم جمركية واسعة على الواردات من جميع البلدان، وهو ما يقول الاقتصاديون إنه يحمل مخاطر سلبية كبيرة.

وأفاد اقتصاديون في «مورغان ستانلي» بأنه «يجب أخذ السياسات المقترحة من الجمهوريين بشأن الرسوم الجمركية - التي تتراوح من 10 في المائة كحد أدنى إلى رسوم مستهدفة - على محمل الجد، نظراً للصلاحيات الرئاسية الواسعة في السياسة التجارية».

وأضافوا: «في الولايات المتحدة، تفرض التعريفات الجمركية واسعة النطاق مخاطر سلبية على النمو، من خلال الانخفاض في الاستهلاك، والإنفاق الاستثماري، وكشوف الرواتب، ودخل العمالة. ونقدر تأخر نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة - 1.4 في المائة، مع ارتفاع أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة أسرع بنسبة 0.9 في المائة».

ومن بين خبراء الاقتصاد الأميركيين الذين شملهم الاستطلاع، قالت أغلبية ساحقة، 39 من 42، إن سياسات ترمب ستكون أكثر تضخماً من تلك التي اقترحتها المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.

ويقترح كلا المرشحين سياسات اقتصادية من شأنها أن تدفع العجز المالي الأميركي المذهل بالفعل إلى الارتفاع أكثر.