في قمة «بريكس»... روسيا تخطط لهزيمة الدولار

بحث اقتراح بناء منصة بديلة للمدفوعات الدولية تكون محصّنة ضد العقوبات الغربية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكان انعقاد القمة (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكان انعقاد القمة (د.ب.أ)
TT

في قمة «بريكس»... روسيا تخطط لهزيمة الدولار

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكان انعقاد القمة (د.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكان انعقاد القمة (د.ب.أ)

تسعى روسيا إلى إقناع دول «بريكس» ببناء منصة بديلة للمدفوعات الدولية تكون محصنة ضد العقوبات الغربية من خلال قمة «بريكس» التي افتتحت يوم الثلاثاء في مدينة قازان الروسية، والتي يأمل الكرملين في تحويلها إلى نقطة تجمع لتحدي ما يراه البعض النظام الليبرالي الغربي.

وتتقاطع القمة مع بدء الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، في وقت تتهم موسكو صندوق النقد الدولي بخدمة مصالح الدول الغربية وتقول إنها بحاجة إلى «تحسينات لخدمة الاقتصاد العالمي المتطور بشكل أفضل»، حتى أن وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف دعا أعضاء مجموعة «بريكس» الأسبوع الماضي إلى إنشاء بديل لصندوق النقد الدولي.

ويحرص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال مجموعة «بريكس» - التي توسعت لتشمل مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - لبناء ثقل موازن قوي للغرب في السياسة والتجارة العالمية.

وتقدم موسكو القمة التي تعقد في الفترة من الثاني والعشرين إلى الرابع والعشرين من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على أنها دليل على فشل الجهود الغربية لعزل روسيا. وتريد موسكو من الدول الأخرى أن تعمل معها على إصلاح النظام المالي العالمي، وإنهاء هيمنة الدولار الأميركي.

وتتمثل النقطة المحورية في هذا الاقتراح في نظام مدفوعات جديد يعتمد على شبكة من البنوك التجارية المرتبطة ببعضها البعض من خلال البنوك المركزية لمجموعة «بريكس»، وفقاً لوثيقة أعدتها وزارة المالية الروسية والبنك المركزي، وتم توزيعها على الصحافيين قبل القمة. وسيستخدم النظام تقنية «بلوكتشين» لتخزين ونقل الرموز الرقمية المدعومة بالعملات الوطنية. وهذا بدوره سيسمح بتبادل هذه العملات بسهولة وأمان، متجاوزاً الحاجة إلى المعاملات بالدولار، وفق «رويترز».

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصل إلى مطار قازان لحضور قمة «بريكس» (أ.ف.ب)

ومن المقرر أن يتم بناء هذا النظام، الذي تطلق عليه روسيا اسم «جسر بريكس»، في غضون عام، وسوف يسمح للدول بإجراء تسوية عبر الحدود باستخدام منصات رقمية تديرها بنوكها المركزية. ومن المثير للجدل أن هذا النظام قد يستعير مفاهيم من مشروع مختلف يسمى mBridge الذي يديره جزئياً معقل النظام الذي يقوده الغرب، بنك التسويات الدولية، وفق ما ذكرت صحيفة «ذي إيكونوميست».

وترى روسيا في ذلك وسيلة لحل المشاكل الزائدة في تسوية المدفوعات التجارية، حتى مع الدول الصديقة مثل الصين، حيث تخشى البنوك المحلية أن تتعرض لعقوبات ثانوية من قبل الولايات المتحدة.

في الشهر الماضي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: «الجميع يدركون أن أي شخص قد يواجه عقوبات أميركية أو غربية أخرى... ومن شأن نظام مدفوعات مجموعة (بريكس) أن يسمح بالعمليات الاقتصادية دون الاعتماد على أولئك الذين قرروا تسليح الدولار واليورو».

وقال ياروسلاف ليسوفوليك، مؤسس مركز أبحاث «بريكس بلس»، إن إنشاء مثل هذا النظام ممكن من الناحية الفنية، لكنه سيستغرق بعض الوقت. وقال: «بعد التوسع الكبير في عضوية مجموعة (بريكس) العام الماضي، أصبح تحقيق الإجماع أكثر صعوبة».

لافتة تحمل شعار قمة «بريكس» بجوار الكرملين في قازان (رويترز)

من بين المبادرات الأخرى لتسهيل التجارة والاستثمار، تقترح روسيا أيضاً إنشاء منصة «BRICS Clear» لتسوية التجارة في الأوراق المالية. تدعو الوثيقة إلى تحسين التواصل بين وكالات التصنيف الائتماني في الدول الأعضاء وإلى منهجية تصنيف مشتركة، لكنها تمتنع عن اقتراح وكالة تصنيف مشتركة لمجموعة «بريكس»، وهي الفكرة التي ناقشتها المجموعة في وقت سابق.

تحث روسيا، أكبر مصدر للقمح في العالم، أيضاً على إنشاء بورصة تجارية للحبوب لمجموعة «بريكس»، بدعم من وكالة تسعير، لإنشاء بديل للبورصات الغربية، حيث يتم تحديد الأسعار الدولية للسلع الزراعية. ولكن في إشارة إلى أن موسكو سوف تحتاج إلى العمل الجاد لدفع مقترحاتها إلى الأمام، لم ترسل أغلب الدول الأعضاء في مجموعة «بريكس» سوى مسؤولين من المستوى الأدنى، ليسوا وزراء مالية أو محافظي بنوك مركزية، إلى اجتماع تحضيري الأسبوع الماضي.


مقالات ذات صلة

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

الاقتصاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان خلال قمة «بريكس» في 23 أكتوبر 2024 (رويترز)

بعد إلغاء نظام «سويفت»... إيران تعلن استخدام العملات الوطنية مع أعضاء «بريكس»

أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني، إلغاء استخدام نظام «سويفت» في التبادلات التجارية الإيرانية واستخدام العملات الوطنية في تسوية المعاملات مع دول «بريكس».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ مجموعة «بريكس بلس» تحظى بدعم واسع في العالم متعدد الأقطاب الناشئ اليوم (أ.ف.ب)

ما خيارات واشنطن في ظل تصاعد نظام متعدد الأقطاب؟

مع ازدياد التحديات العالمية وتعقيداتها، من التغير المناخي إلى الأزمات الجيوسياسية، تجد الولايات المتحدة نفسها في مواجهة واقع جديد يتسم بتعدد الأقطاب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ممثل السياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل ومفوض شؤون التوسعة أوليفر فارهيلي في مؤتمر صحافي في بروكسل (من حساب الأخير في «إكس»)

الاتحاد الأوروبي قلق لتراجع تركيا ديمقراطياً

عبّر الاتحاد الأوروبي عن مخاوفه بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا غوتيريش يصافح بوتين

«بريكس» تختتم قمتها بفتح أبواب التوسع

أنهت قمة مجموعة «بريكس» أعمالها، في قازان بجنوب روسيا، أمس (الخميس)، بفتح أبواب التوسع، وسط مداخلات هيمنت عليها الدعوات للسلام وإصلاح النظام الدولي.

رائد جبر (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحدث في قمة «بريكس» (د.ب.أ)

بوتين: مستقبل العلاقة مع واشنطن رهن بموقفها بعد الانتخابات

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إنّ مستقبل العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة رهن بما ستكون عليه مواقف واشنطن بعد انتخابات البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط»

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.