ما المتوقع من اجتماع البنك المركزي الأوروبي اليوم؟

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف في يوم البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف في يوم البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
TT

ما المتوقع من اجتماع البنك المركزي الأوروبي اليوم؟

أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف في يوم البنك المركزي الأوروبي (رويترز)
أعلام الاتحاد الأوروبي ترفرف في يوم البنك المركزي الأوروبي (رويترز)

يتجه البنك المركزي الأوروبي لخفض أسعار الفائدة مرة أخرى، اليوم (الخميس)، بحجة أن التضخم في منطقة اليورو أصبح الآن تحت السيطرة بشكل متزايد وأن الاقتصاد راكد.

ومن شأن أول خفض متتالٍ لأسعار الفائدة منذ 13 عاماً أن يمثل تحولاً في التركيز للبنك المركزي لمنطقة اليورو من خفض التضخم إلى حماية النمو الاقتصادي، الذي تأخر كثيراً عن الولايات المتحدة لمدة عامين متتاليين.

ومن المرجح أن تكون أحدث البيانات الاقتصادية قد رجحت الميزان داخل البنك المركزي الأوروبي لصالح خفض أسعار الفائدة؛ حيث جاءت مسوحات النشاط التجاري والمعنويات بالإضافة إلى قراءة التضخم لشهر سبتمبر (أيلول) أقل قليلاً من المتوقع.

في أعقاب الإصدارات، أشار عدد من المتحدثين باسم البنك المركزي الأوروبي، بمن فيهم الرئيسة كريستين لاغارد، إلى أنه من المرجح أن يتم خفض تكاليف الاقتراض هذا الشهر، مما دفع المستثمرين إلى حسم هذه الخطوة تماماً.

وقال هولغر شميدينغ، الخبير الاقتصادي في «بيرينبرغ»، إن «الاتجاهات في الاقتصاد الحقيقي والتضخم تدعم الحجة لصالح خفض أسعار الفائدة».

إن خفض ربع نقطة مئوية يوم الخميس من شأنه أن يخفض سعر الفائدة الذي يدفعه البنك المركزي الأوروبي على ودائع البنوك إلى 3.25 في المائة، وتقدر أسواق المال بالكامل تقريباً 3 تخفيضات أخرى حتى مارس (آذار) 2025.

ومن غير المرجح أن تلمح لاغارد وزملاؤها بوضوح إلى التحركات المستقبلية، الخميس، مكررين شعارهم بأن القرارات ستُتخذ «اجتماعاً تلو آخر» بناءً على البيانات الواردة. لكن معظم مراقبي البنك المركزي الأوروبي يعتقدون أنه ستكون هناك إشارة إلى التخفيضات في كل اجتماع.

وقال بول هولينغسوورث، الخبير الاقتصادي في «بي إن بي باريبا»: «من المرجح أن تكون الإشارة الضمنية هي أن التخفيض الآخر محتمل جداً في ديسمبر (كانون الأول) ما لم تتحسن البيانات».

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث للصحافيين عقب اجتماع لجنة السياسة النقدية لمجلس المحافظين في فرنكفورت (رويترز)

التضخم والنمو

يمكن للبنك المركزي الأوروبي أخيراً أن يزعم أنه نجح في ترويض أسوأ نوبة تضخم منذ جيل. فقد نمت الأسعار بنسبة 1.8 في المائة فقط في الشهر الماضي. في حين قد يتجاوز التضخم هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة بحلول نهاية هذا العام، من المتوقع أن يظل حول هذا المستوى أو حتى أقل قليلاً في المستقبل المنظور. ولكن الاقتصاد كان عليه أن يدفع ثمناً باهظاً لذلك. فقد أدت أسعار الفائدة المرتفعة إلى استنزاف الاستثمار والنمو الاقتصادي، الذي عانى لمدة عامين تقريباً.

وتشير أحدث البيانات، بما في ذلك تلك المتعلقة بالناتج الصناعي والإقراض المصرفي، إلى المزيد من نفس الشيء في الأشهر المقبلة. كما بدأت سوق العمل المرنة بشكل استثنائي تظهر بعض الشقوق الآن، مع انخفاض معدل الوظائف الشاغرة ــ أو نسبة الوظائف الشاغرة كنسبة من الإجمالي ــ من مستويات قياسية مرتفعة. وقد أدى هذا إلى تأجيج الدعوات داخل البنك المركزي الأوروبي لتخفيف السياسة قبل فوات الأوان. وقال محافظ البنك المركزي البرتغالي ماريو سينتينو، مؤخراً: «الآن نواجه خطراً جديداً: انخفاض التضخم المستهدف، وهو ما قد يخنق النمو الاقتصادي. وسوف يؤدي انخفاض الوظائف وانخفاض الاستثمار إلى زيادة نسبة التضحية التي تحملناها بالفعل».

والمشكلة هي أن بعض هذا الضعف يرجع إلى مشاكل هيكلية، مثل ارتفاع تكاليف الطاقة وانخفاض القدرة التنافسية التي تعوق القوة الصناعية في أوروبا خصوصاً ألمانيا. ولا يمكن إصلاح هذه المشاكل من خلال خفض أسعار الفائدة وحدها، على الرغم من أنها قد تساعد على الهامش من خلال جعل رأس المال أرخص.

وقالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي: «لا يمكننا تجاهل الرياح المعاكسة للنمو. وفي الوقت نفسه، لا تستطيع السياسة النقدية حل القضايا البنيوية».


مقالات ذات صلة

تباطؤ التضخم البريطاني لأدنى مستوى له منذ أكثر من 3 سنوات

الاقتصاد امرأة تحمل مظلة تقف أمام بنك إنجلترا في الحي المالي بلندن (أ.ب)

تباطؤ التضخم البريطاني لأدنى مستوى له منذ أكثر من 3 سنوات

تباطأ التضخم في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهو الانخفاض الذي عزز توقعات السوق بأن بنك إنجلترا سيخفض أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عامل يغسل الشوائب الزائدة أثناء عملية صهر الذهب بمنشأة في أكرا غانا (رويترز)

الذهب يرتفع مع انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية بانتظار بيانات جديدة

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً مع تراجع عوائد سندات الخزانة الأميركية، بينما ينتظر المستثمرون مزيداً من البيانات الاقتصادية لتوقع عدد مرات خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو

​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو

حذّر خبراء الاقتصاد من أن ضعف النمو في منطقة اليورو وارتفاع أسعار المستهلك أثارا مخاوف من أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه خطر التضخم القليل جداً

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد موظفون يعملون بمطعم في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع قليلاً فوق التوقعات في سبتمبر

ارتفعت أسعار المستهلك في الولايات المتحدة أكثر قليلاً من المتوقع في سبتمبر (أيلول)، لكن الزيادة السنوية في التضخم كانت الأصغر في أكثر من 3 سنوات ونصف السنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» جيروم باول في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون انقسموا حول خفض الفائدة بنصف نقطة مئوية

وافق مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي باجتماعهم، في سبتمبر (أيلول)، على خفض أسعار الفائدة، لكنهم لم يكونوا متأكدين من مدى العدوانية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هبوط اليورو إلى أدنى مستوى في شهرين وصعود الدولار

أوراق نقدية بالدولار الأميركي واليورو (رويترز)
أوراق نقدية بالدولار الأميركي واليورو (رويترز)
TT

هبوط اليورو إلى أدنى مستوى في شهرين وصعود الدولار

أوراق نقدية بالدولار الأميركي واليورو (رويترز)
أوراق نقدية بالدولار الأميركي واليورو (رويترز)

هبط اليورو إلى أدنى مستوياته في أكثر من شهرين، الخميس، قبيل خفض متوقع لأسعار الفائدة من قِبل البنك المركزي الأوروبي. وفي المقابل، بلغ الدولار أعلى مستوياته في 11 أسبوعاً، وسط توقعات بفوز المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب، الذي يُعدّ أكثر تفاؤلاً في السوق بالنسبة إلى الانتخابات الأميركية. كما واجه الين صعوبات قرب مستوى 150 يناً للدولار، مسجلاً في أحدث تعاملاته 149.765 ين.

وعلى صعيد آخر، ارتفع الجنيه الإسترليني قليلاً مقابل اليورو، ليصل إلى 83.54 بنس، لكنه لا يزال قريباً من أدنى مستوياته في شهرين مقابل الدولار، وذلك بعد صدور بيانات تضخم بريطانية أقل من المتوقع. وقد أسهمت البيانات الاقتصادية الضعيفة في منطقة اليورو، بالإضافة إلى التعليقات الحمائمية من مسؤولي البنك المركزي الأوروبي، في تكوين توقعات بخفض أسعار الفائدة؛ مما أثر سلباً في جاذبية اليورو، وفق «رويترز».

ومن المتوقع أن يخفّض «المركزي الأوروبي» أسعار الفائدة على الودائع بمقدار ربع نقطة مئوية عندما يُعلن قراره في وقت لاحق من الخميس، يليه مؤتمر صحافي للرئيسة كريستين لاغارد، الذي سيجذب اهتماماً كبيراً لتحليل أي دلائل على التحركات المستقبلية.

وقال استراتيجي النقد الأجنبي في «يونيكريديت»، روبرتو مياليتش: «قد لا يلتزم (المركزي الأوروبي) بمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة بالضرورة، ولا أعتقد أن التأثير في اليورو سيكون سلبياً بشكل كبير».

وتضع أسواق المال تسعيرات متوقعة لثلاثة تخفيضات أخرى حتى مارس (آذار) 2025، في محاولة لترويض أطول تضخم شهدته منطقة اليورو منذ جيل.

وانخفض اليورو بنسبة 0.1 في المائة إلى 1.085325 دولار، ليسجل بذلك تراجعاً للجلسة السابعة على التوالي. وأشار مياليتش إلى أن «اليورو أصبح أكثر هشاشة، خصوصاً مع اقترابه من 1.08 أو 1.0780»، مشدداً على أن الكسر الحاسم دون تلك المستويات قد يمحو المكاسب التي تحققت منذ أغسطس (آب)، ويزيد من ضغوط البيع.

وفي السوق الأوسع، سجل الدولار أعلى مستوى له في 11 أسبوعاً مقابل سلة من العملات عند 103.65. واستمد الدولار الدعم من سلسلة من البيانات المتفائلة حول الاقتصاد الأميركي؛ مما دفع المتداولين إلى تقليص توقعاتهم بخفض أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي. كما تعزّزت هذه التوقعات بفعل ارتفاع فرص فوز ترمب في الانتخابات المقبلة.

وأشار استراتيجي العملات الأجنبية والأسعار العالمية في «ماكواري»، تييري ويزمان، إلى أن «سياساته الأساسية بشأن التعريفات الجمركية والهجرة والضرائب ستؤدي إلى توقعات تضخمية أكبر في الولايات المتحدة؛ مما يقلّل من احتمالات خفض أسعار الفائدة بشكل عدواني من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال الدورة المقبلة».

ويتوقع المحللون أن تتعزّز قوة الدولار حال فوز ترمب، وأن تتعرّض السندات لضغوط.

وفي سياق آخر، ركّز مؤتمر صحافي في بكين على التدابير الرامية إلى دعم قطاع العقارات في البلاد، لكنه فشل في إثارة حماس الأسواق؛ إذ أكد صناع السياسات التزامهم بتحسين سوق الإسكان، لكنهم لم يعلنوا تدابير جديدة مهمة كان يأمل بعض المستثمرين في الحصول عليها.

وتراجع اليوان المحلي بنسبة 0.05 في المائة إلى 7.1225 مقابل الدولار، في حين ارتفع نظيره الخارجي قليلاً إلى 7.1358 مقابل الدولار.

وقال محلل الأسهم في «مورنينغ ستار»، جيف تشانغ: «يبدو أن القليل من السياسات التدريجية لتعزيز الطلب على المساكن قد أُعلن؛ إذ أكد الوزير استقلالية الحكومات المحلية في تخفيف قيود الشراء».

وارتفع الدولار الأسترالي الذي يُستخدم غالباً بديلاً سائلاً للين الياباني، بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 0.66780 دولار؛ إذ عوّضت خيبة الأمل من الصين بعض المكاسب القوية التي حققتها العملة الأسترالية بفضل تقرير الوظائف المتفائل في الداخل. وقد دفعت بيانات الوظائف الأقوى من المتوقع لشهر سبتمبر (أيلول) المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على أول خفض لأسعار الفائدة من قِبل بنك الاحتياطي الأسترالي في ديسمبر (كانون الأول).