سنغافورة تُبقي السياسة النقدية ثابتة وسط انتعاش الاقتصاد

مقر «سلطة النقد» في سنغافورة (رويترز)
مقر «سلطة النقد» في سنغافورة (رويترز)
TT

سنغافورة تُبقي السياسة النقدية ثابتة وسط انتعاش الاقتصاد

مقر «سلطة النقد» في سنغافورة (رويترز)
مقر «سلطة النقد» في سنغافورة (رويترز)

أبقى المصرف المركزي في سنغافورة، يوم الاثنين، إعدادات السياسة النقدية دون تغيير، كما كان متوقعاً، حيث أظهرت البيانات انتعاش الاقتصاد في الربع الثالث. ورغم ذلك، يراهن المحللون على تخفيف السياسة، في أوائل العام المقبل، بوصفه إجراء لحماية البلاد من المخاطر الخارجية.

وقالت «سلطة النقد» في سنغافورة إنها ستحافظ على معدل التقدير الحالي لسياستها النقدية القائمة على سعر الصرف، المعروف باسم معدل الصرف الفعلي الاسمي للدولار السنغافوري. وأضافت أن عرض النطاق ومستوى مركز النطاق سيبقيان دون تغيير، وفق «رويترز».

وفي بيان لها، أفادت بأن «المخاطر التي تهدد آفاق التضخم في سنغافورة أصبحت أكثر توازناً، مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر»، مضيفة أن زخم النمو انتعش.

من جهة أخرى، أظهرت بيانات وزارة التجارة أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 4.1 في المائة على أساس سنوي خلال الربع الثالث؛ مدعوماً بانتعاش في قطاع التصنيع، وهو ما يمثل تسارعاً عن نسبة 2.9 في المائة خلال الربع الثاني. وأعرب صانعو السياسات عن تفاؤلهم بشأن آفاق عام 2025.

وقالت الخبيرة الاقتصادية في بنك «أو سي بي سي»، سيلينا لينغ: «آفاق النمو تبدو أكثر تفاؤلاً»، لكنها حذرت من أن كلاً من الجغرافيا السياسية والصراعات التجارية يشكل مصدر قلق كبير للدولة، مشيرةً إلى أن سلطة النقد السنغافورية قد تتيح الفرصة لتخفيف السياسة، في مراجعتها المقبلة في يناير (كانون الثاني) المقبل.

وشاركها الرأي شيفان تاندون، اقتصادي الأسواق في «كابيتال إيكونوميكس»، قائلاً: «خطر إبقاء السياسة النقدية مشدَّدة لفترة طويلة سيصبح محور الاهتمام قريباً، مما سيدفع المصرف المركزي إلى التحول».

وأعلنت سلطة النقد السنغافورية أنها تتوقع نمو الاقتصاد عند الحد الأعلى من نطاق توقعات وزارة التجارة لنمو الناتج المحلي الإجمالي، المعدّلة من 2 في المائة إلى 3 في المائة لعام 2024. ومع ذلك، حذرت من أن المخاطر الخارجية تمثل حالة «شكوك كبيرة» للعام المقبل، وقالت: «إن التصعيد الحاد في الصراعات الجيوسياسية والتجارية قد يفرض ضغوطاً كبيرة على الاستثمار والتجارة العالمية والمحلية».

وغالباً ما تُعدّ سنغافورة مؤشراً على النمو العالمي، حيث تتجاوز تجارتها الدولية اقتصادها المحلي. كما توقعت سلطة النقد السنغافورية أن ينخفض التضخم الأساسي إلى نحو 2 في المائة بحلول نهاية عام 2024.

وانخفض التضخم الأساسي من ذروته البالغة 5.5 في المائة، أوائل عام 2023، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين ونصف العام عند 2.5 في المائة خلال يوليو (تموز) الماضي، قبل أن يرتفع إلى 2.7 في المائة سنوياً في أغسطس (آب) الماضي.

ولأنها اقتصاد يعتمد بشكل كبير على التجارة، تتبع سنغافورة نهجاً فريداً في إدارة السياسة النقدية، حيث تعدل سعر صرف الدولار مقابل سلة من العملات، بدلاً من استخدام أسعار الفائدة المحلية، كما يفعل معظم البلدان الأخرى.

وقد شددت «سلطة النقد» السنغافورية سياستها خمس مرات بين أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وأكتوبر 2022، بما في ذلك حركتان غير دوريّتين، لترويض التضخم خلال الوباء، وفي ظل عدم الاستقرار الجيوسياسي العالمي. ومنذ ذلك الحين، ظلت السياسة ثابتة، حيث طغت المخاوف بشأن النمو الاقتصادي على التضخم.

وتوقّع تاندون أن يتلاشى الارتفاع المدعوم بقطاع التصنيع في النمو الاقتصادي بسبب تباطؤ الطلب العالمي، مما سيدفع «سلطة النقد» إلى الاستجابة. وأضاف: «مع تشديد السياسة، وفقاً للمعايير التاريخية، واستعداد الاقتصاد للضعف، وظهور سلطة النقد السنغافورية، الآن، بشكل أقل قلقاً بشأن التضخم، نتوقع أن يخفف (المركزي) سياسته في يناير المقبل».


مقالات ذات صلة

الذهب ينخفض مع صعود الدولار وسط ترقب لمؤشرات من «الفيدرالي»

الاقتصاد عملية تبريد سبائك الذهب أثناء الصهر في منشأة في أكرا - غانا (رويترز)

الذهب ينخفض مع صعود الدولار وسط ترقب لمؤشرات من «الفيدرالي»

تراجعت أسعار الذهب اليوم الاثنين مع صعود الدولار، فيما تترقب أطراف السوق مؤشرات جديدة بخصوص مسار السياسة النقدية لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو

​شبح تباطؤ التضخم دون الهدف يطارد مجدداً صنّاع السياسات بمنطقة اليورو

حذّر خبراء الاقتصاد من أن ضعف النمو في منطقة اليورو وارتفاع أسعار المستهلك أثارا مخاوف من أن البنك المركزي الأوروبي قد يواجه خطر التضخم القليل جداً

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد عمال يقومون بتعبئة البضائع خلال يوم الاثنين الإلكتروني في مركز توزيع أمازون (رويترز)

استقرار أسعار الجملة في الولايات المتحدة خلال سبتمبر

ظلت أسعار الجملة في الولايات المتحدة ثابتةً، الشهر الماضي، مما يشير إلى عودة التضخم إلى مستويات قريبة من الطبيعية بعد سنوات من الضغوط على الأسر الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
خاص حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري (أ.ب)

خاص حاكم المركزي اللبناني يؤكد الأولويات لـ«الشرق الأوسط»: تعزيز الاستقرار النقدي

تعكف حاكمية مصرف لبنان المركزي على اتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات الطارئة بهدف تمتين حصانة القطاع المالي وديمومة العمليات المصرفية.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد مصرف تركيا المركزي يعدّل توقعاته للتضخم بنهاية العام (موقع المصرف)

استطلاع لـ«المركزي التركي» يتوقع ارتفاع التضخم في نهاية العام

ارتفعت توقعات التضخم وتراجعت توقعات أسعار الفائدة وصرف الليرة في تركيا بنهاية العام بحسب استطلاع المشاركين في السوق لشهر أكتوبر الذي أجراه المصرف المركزي

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«بي واي دي» الصينية تنتقد الرسوم الأوروبية من قلب باريس

رئيس شركة «إكس بنغ» الصينية يكشف عن سيارة «بي 7 بلس» في معرض باريس الدولي للسيارات (رويترز)
رئيس شركة «إكس بنغ» الصينية يكشف عن سيارة «بي 7 بلس» في معرض باريس الدولي للسيارات (رويترز)
TT

«بي واي دي» الصينية تنتقد الرسوم الأوروبية من قلب باريس

رئيس شركة «إكس بنغ» الصينية يكشف عن سيارة «بي 7 بلس» في معرض باريس الدولي للسيارات (رويترز)
رئيس شركة «إكس بنغ» الصينية يكشف عن سيارة «بي 7 بلس» في معرض باريس الدولي للسيارات (رويترز)

حذرت شركة «بي واي دي» الصينية العملاقة للسيارات الكهربائية يوم الاثنين من أن الرسوم الجمركية التي اقترحها الاتحاد الأوروبي على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين سترفع الأسعار وتثني المشترين، حيث تنافست شركات صناعة السيارات الأوروبية والصينية وجهاً لوجه في معرض باريس للسيارات.

يأتي حدث هذا العام لأكبر معرض للسيارات في أوروبا في وقت محوري، حيث تكافح الصناعة مع ضعف الطلب وارتفاع التكاليف والمنافسة المتزايدة.

وقالت نائبة الرئيس التنفيذي لشركة «بي واي دي» ستيلا لي لـ«رويترز»: «سوق السيارات الكهربائية في أوروبا بحاجة إلى مزيد من الدوافع الإيجابية لأن الثقة منخفضة. المشكلة هي السعر المرتفع، وأن الاتحاد الأوروبي يفرض الآن تعريفات جمركية».

وحذرت قائلة: «من يدفع الفاتورة؟ المستهلكون. لذا فإن هذا يجعل الناس قلقين للغاية، وسيمنع الفقراء من الشراء»، مضيفة أن التعريفات الجمركية المقترحة على سيارات «بي واي دي» ليست حكماً عادلاً.

وكشفت تسع علامات تجارية صينية، بما في ذلك «بي واي دي» و«ليب موتور»، عن أحدث طرازاتها في معرض باريس هذا العام، وفقاً للرئيس التنفيذي للمعرض سيرج غاشوت. وهذا هو نفس ما كان عليه الحال في عام 2022 عندما شكلت ما يقرب من نصف العلامات التجارية الحاضرة.

لكن هذا العام، لن يمثل المصنعون الصينيون سوى حوالي خمس العلامات التجارية بفضل أداء أقوى بكثير من صناعة السيارات الأوروبية؛ وهي علامة على تصميم الأخيرة على الدفاع عن أرضها.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أيدت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بفارق ضئيل الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين بنسبة تصل إلى 45 في المائة، بهدف مواجهة ما تقول المفوضية الأوروبية إنها إعانات غير عادلة من بكين للمصنعين الصينيين. وتنفي بكين المنافسة غير العادلة وهددت باتخاذ تدابير مضادة.

وبينما انتقدت شركات صناعة السيارات الصينية تحرك الاتحاد الأوروبي، فإنها تمضي قدماً في خطط التوسع الأوروبية، وحتى الآن لم تقل أي منها إنها سترفع الأسعار لتغطية الرسوم الجمركية.

وقالت شركة «جاك» الصينية لـ«رويترز» يوم الأحد إن المعرض يمثل نقطة إطلاق لطموحاتها الأوروبية، بينما قالت مواطنتها «ليب موتور» يوم الاثنين إنها تهدف إلى الحصول على 500 نقطة بيع في أوروبا بحلول نهاية عام 2025.

وحتى الآن، حددت شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية مثل «بي واي دي» أسعار سياراتها بأقل قليلاً من منافسيها الأوروبيين، ما يمنحها ميزة. وسيساعد ذلك أيضاً في تعويض الهوامش المنخفضة في الداخل. ومثل شركات صناعة السيارات اليابانية والكورية الجنوبية من قبلهم، فإنهم يروجون أيضاً لمعدات أفضل ويقدمون المزيد من الميزات كمعيار.

ولكن حتى شركة «بي واي دي»، التي تبيع بالفعل المركبات الكهربائية في معظم أنحاء أوروبا ورعت بطولة أوروبا لكرة القدم هذا الصيف، لا تزال تتمتع بشهرة منخفضة نسبياً، لذا ستأمل في إحداث ضجة بسيارة «سي ليون 07 إس يو في» الكهربائية التي من المقرر أن تطلقها.

كما ستعرض الشركات الصينية الجديدة مثل «دونغفنغ» و«سيريس» و«إف إيه دبليو» نماذج جديدة، حيث تسعى إلى مبيعات المركبات الكهربائية في الخارج للتعويض عن ضعف السوق المحلية وحرب الأسعار الشرسة هناك.

وارتفعت مبيعات سيارات الركاب في الصين بنسبة 4.3 في المائة في سبتمبر (أيلول) مقارنة بالعام الماضي، لتكسر خمسة أشهر من الانخفاض بدعم من إعانة حكومية لتشجيع الشراء كجزء من حزمة تحفيز أوسع نطاقاً. بينما بلغت المبيعات في أوروبا أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات في أغسطس.

وفي ضربة أخرى لسوق المركبات الكهربائية، قالت الحكومة الفرنسية يوم الخميس إنها ستقلل من دعمها لمشتري المركبات الكهربائية، لتنضم إلى ألمانيا التي أنهت مخطط إعاناتها في أواخر العام الماضي.

وتحتاج شركات صناعة السيارات الصينية أيضاً إلى تحقيق أداء جيد في أوروبا لأنها واجهت قيودا عنيفة تمنعها من دخول السوق الأميركية. حيث فرضت إدارة الرئيس جو بايدن تعريفة جمركية بنسبة 100 في المائة على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين، واقترحت الشهر الماضي حظر البرامج والأجهزة الصينية الرئيسية في المركبات المتصلة.

من ناحية أخرى، واجهت شركات صناعة السيارات الأوروبية فترة صعبة، حيث أصدرت «فولكس فاغن» و«مرسيدس بنز» و«بي إم دبليو» تحذيرات بشأن الأرباح إلى حد كبير بسبب ضعف السوق الصينية. وخفضت شركة «ستيلانتيس» توقعات أرباحها بسبب مشاكل المخزون في أعمالها في الولايات المتحدة.

ورفض الرئيس التنفيذي لشركة «ستيلانتيس» كارلوس تافاريس يوم الاثنين استبعاد خفض الوظائف أو التخلص من العلامات التجارية في سوق صعبة. وقال لمحطة الإذاعة الفرنسية «آر تي إل»: «سنحتاج إلى بذل جهود كبيرة»، مضيفاً أن الأمر متروك للعملاء لتحديد العلامات التجارية التي لها مستقبل.

وتخوض «فولكس فاغن» أيضاً معركة مع النقابات القوية بشأن خفض التكاليف، والتي قد تؤدي إلى إغلاق المصانع الألمانية لأول مرة وخفض آلاف الوظائف. ويواجه الأوروبيون صعوبة في التنافس مع انخفاض تكاليف منافسيهم الصينيين وقدرتهم على تطوير مركبات كهربائية جديدة في غضون عامين فقط، أي ضعف سرعة شركات صناعة السيارات الغربية التقليدية على الأقل.