موازنة فرنسا تحت المراقبة الأوروبية الدقيقة

التدهور الحاد في المالية العامة دفع «فيتش» لخفض تصنيف باريس

وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي أنطوان أرمان في مؤتمر صحافي مخصص لتقديم الحكومة موازنتها لعام 2025 (رويترز)
وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي أنطوان أرمان في مؤتمر صحافي مخصص لتقديم الحكومة موازنتها لعام 2025 (رويترز)
TT

موازنة فرنسا تحت المراقبة الأوروبية الدقيقة

وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي أنطوان أرمان في مؤتمر صحافي مخصص لتقديم الحكومة موازنتها لعام 2025 (رويترز)
وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي أنطوان أرمان في مؤتمر صحافي مخصص لتقديم الحكومة موازنتها لعام 2025 (رويترز)

في وقت تستعد باريس الخاضعة لإجراء العجز المفرط لإرسال خريطة طريق إلى بروكسل للامتثال لمعاهدة «ماستريخت»، وضعت وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني فرنسا في خانة التوقعات السلبية من «مستقرة»، وذلك بعد يوم من تقديم الحكومة موازنتها لعام 2025، ما يوجه انتقاداً سريعاً لجهود رئيس الوزراء ميشال بارنييه للتعامل مع التدهور الحاد في المالية العامة.

ويسلط هذا التحذير بشأن الجدارة الائتمانية لفرنسا الضوء على عمق التحديات المالية التي تواجهها البلاد.

وكانت «فيتش» خفضت تصنيف فرنسا إلى (إيه إيه -) من (إيه إيه) في أبريل (نيسان) من العام الماضي، وهو تقييم ائتماني تتشاركه مع المملكة المتحدة وبلجيكا.

وقالت «فيتش» في بيان «الانزلاق المالي المتوقع هذا العام يضع فرنسا في وضع مالي أسوأ، ونتوقع الآن عجزاً مالياً أوسع، مما يؤدي إلى ارتفاع حاد في الدين الحكومي نحو 118.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028»، مع الحفاظ على تصنيف فرنسا عند «إيه إيه -».

وقد تدهورت المالية العامة في فرنسا بشكل حاد هذا العام حيث انخفض الدخل الضريبي عن التوقعات وتجاوز الإنفاق التوقعات، مما يجعل الدين الفرنسي معرضاً لخطر خفض التصنيف، وفق «رويترز».

وقالت «فيتش» إن التشرذم السياسي الشديد والحكومة الأقلية يعقّدان قدرة فرنسا على تحقيق هدفها المتمثل في وضع ماليتها العامة على أساس أكثر متانة.

يوم الخميس، قدمت الحكومة موازنة 2025 والتي تهدف إلى تقليص الفجوة في المالية العامة بمقدار 60 مليار يورو (65.5 مليار دولار) من خلال خفض الإنفاق وزيادات الضرائب التي تركز على الأثرياء والشركات الكبرى.

وقال وزير الاقتصاد والمالية والصناعة الفرنسي أنطوان أرمان في بيان «إن موازنة 2025 التي قدمناها للتو تعكس تصميم الحكومة على وضع المالية العامة على مسار أفضل والسيطرة على الدين».

وفي الفترة ما بين الآن ونهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) سيكشف رئيس الوزراء ميشال بارنييه عن استراتيجية فرنسا المالية للسنوات المقبلة، وسيقدم إلى المفوضية الأوروبية مبادئه التوجيهية لوضع المالية العامة الفرنسية على أساس أكثر متانة بين الآن وعام 2031.

ومع عجز قدره 6.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، وفقاً لأحدث توقعات وزارة الداخلية، وديون تمثل أكثر من 110 في المائة من الثروة الوطنية، فإن ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا يقلق شركاءه في منطقة اليورو والأسواق المالية.

وقال وزير المالية الهولندي إيلكو هاينن يوم الاثنين في اجتماع مع نظرائه الأوروبيين في لوكسمبورغ «الانضباط المالي مهم للغاية». وأضاف زميله الألماني كريستيان ليندنر «مصداقية المالية العامة في الأسواق المالية ليست مسألة مضحكة».

وقال ليندنر «أنا مهتم بمعرفة كيف ستتمكن فرنسا من إعادة الأمور المالية العامة إلى مسارها الصحيح»، وفق صحيفة «لوموند» الفرنسية.

وسيعرف الوزير الليبرالي ذلك قريباً، حيث تستعد فرنسا، التي تخضع لإجراءات العجز المفرط إلى جانب ست دول أعضاء أخرى (إيطاليا وبلجيكا والمجر وبولندا وسلوفاكيا ومالطا)، لإرسال خريطة الطريق إلى بروكسل للعودة إلى التوافق مع «معاهدة ماستريخت».

وقال أرمان من جهته إن احترام القواعد الأوروبية، التي تنص على أن العجز في الموازنة لا ينبغي أن يتجاوز 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في حين يجب أن يظل الدين العام أقل من 60 في المائة من الثروة الوطنية، «هو مسألة مصداقية وسيادة دولية».

في الأشهر الأخيرة، وعلى خلفية عدم الاستقرار السياسي والعديد من المراجعات التصاعدية لتوقعات عجز الموازنة لعام 2024، ارتفعت تكلفة الديون الفرنسية، مما أدى إلى توسيع الفجوة مع ألمانيا. في بعض الحالات، تدفع فرنسا أكثر للاقتراض على السندات ذات الخمس سنوات من إسبانيا والبرتغال واليونان.

وكان القرار المفاجئ للرئيس إيمانويل ماكرون حل البرلمان، دفع المستثمرين إلى بيع السندات الفرنسية، مما زاد من الفارق الذي تدفعه فرنسا مقارنةً بألمانيا على ديون بأجل عشر سنوات ليقترب من 80 نقطة أساس، بعد أن كان أقل من 50 نقطة في وقت سابق من العام، وفق «بلومبرغ».

وفي مايو (أيار) الماضي، حض صندوق النقد الدولي فرنسا على اتخاذ المزيد من الإجراءات هذا العام لتقليص أعباء ديونها، محذراً من أن عجز الموازنة سيكون أعلى بشكل حاد من المتوقع في عام 2027. وقال صندوق النقد الدولي في بيان إن عجز فرنسا سيصل إلى 5.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، وهو أعلى قليلاً من 5.1 في المائة التي توقعتها الحكومة.


مقالات ذات صلة

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى غرفة المدينة المنورة (الموقع الرسمي)

الأحد... «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» ينطلق بفرص تتجاوز 15 مليار دولار

تنطلق، يوم الأحد، أعمال «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» (غرب السعودية) بمشاركة 18 متحدثاً وأكثر من 40 جهة تقدم 200 فرصة استثمارية بقيمة تتجاوز 57 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد صرَّاف يجري معاملة بالدولار الأميركي والليرة السورية لصالح أحد العملاء في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مستقبل الإيرادات في سوريا… تحديات وفرص أمام الحكومة المؤقتة

تشهد سوريا تحديات واسعة مع الحديث عن مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حول كيفية تأمين الإيرادات اللازمة للحكومة السورية المؤقتة.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد العلم الوطني يرفرف فوق مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يفاجئ الأسواق ويثبت أسعار الفائدة

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 21 في المائة، يوم الجمعة، مما فاجأ السوق التي كانت تتوقّع زيادة تبلغ نقطتين مئويتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ناقلة نفطية راسية في ميناء روستوك الألماني (رويترز)

مخاوف الطلب وقوة الدولار يدفعان النفط لتراجع أسبوعي 3 %

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال 2025، خصوصاً في الصين، أكبر مستورد للخام

«الشرق الأوسط» (لندن)

فرنسا تضيف أول مفاعل نووي إلى شبكة الكهرباء منذ 25 عاماً

مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)
مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تضيف أول مفاعل نووي إلى شبكة الكهرباء منذ 25 عاماً

مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)
مفاعل «EPR» النووي من الجيل الثالث في فلامانفيل (أ.ف.ب)

قالت شركة الكهرباء الفرنسية، المملوكة للدولة، إن فرنسا ربطت مفاعل «فلامانفيل 3» النووي بشبكتها، صباح السبت، في أول إضافة لشبكة الطاقة النووية في البلاد منذ 25 عاماً.

وبدأ المفاعل العمل في سبتمبر (أيلول) الماضي، قبل توصيله بالشبكة، وسيدخل الخدمة بعد 12 عاماً من الموعد المخطط له في الأصل، وبتكلفة نحو 13 مليار يورو (13.56 مليار دولار) أي أربعة أمثال الميزانية الأصلية.

وقالت شركة الكهرباء الفرنسية في بيان السبت: «نجحت فرق شركة الكهرباء الفرنسية في توصيل مفاعل (فلامانفيل) الأوروبي المضغوط بالشبكة الوطنية في الساعة 11:48 صباحاً (10.48 بتوقيت غرينتش). ويولد المفاعل الآن الكهرباء».

يعد مفاعل «فلامانفيل 3» الأوروبي المضغوط أكبر مفاعل في فرنسا بقدرة 1.6 غيغاواط وأحد أكبر المفاعلات في العالم، إلى جانب مفاعل «تايشان» الصيني بقدرة 1.75 غيغاواط، الذي يعتمد على تصميم مماثل، ومفاعل «أولكيلوتو» الفنلندي.

والمفاعل يعد أول محطة يتم توصيلها بالشبكة الرئيسية في فرنسا، منذ «سيفو 2» في عام 1999، لكنها تدخل الخدمة في وقت من الاستهلاك البطيء للكهرباء في الوقت الحالي، إذ تصدّر فرنسا كمية قياسية من الكهرباء هذا العام.

وتخطط شركة «إي دي إف» لبناء 6 مفاعلات جديدة أخرى للوفاء بتعهد عام 2022 الذي قطعه الرئيس إيمانويل ماكرون كجزء من خطط التحول في مجال الطاقة في البلاد، على الرغم من أن هناك الكثير من التساؤلات لا تزال قائمة حول تمويل وجدول زمني للمشاريع الجديدة.