الصين تحبط الجميع بعدم الإعلان عن مزيد من التحفيز

بكين أكدت الثقة التامة في النمو

مشاة قرب مشروع سكني عملاق تابع لشركة «إيفرغراند» الصينية المتعثرة في العاصمة بكين (رويترز)
مشاة قرب مشروع سكني عملاق تابع لشركة «إيفرغراند» الصينية المتعثرة في العاصمة بكين (رويترز)
TT

الصين تحبط الجميع بعدم الإعلان عن مزيد من التحفيز

مشاة قرب مشروع سكني عملاق تابع لشركة «إيفرغراند» الصينية المتعثرة في العاصمة بكين (رويترز)
مشاة قرب مشروع سكني عملاق تابع لشركة «إيفرغراند» الصينية المتعثرة في العاصمة بكين (رويترز)

أكّدت السلطات الصينية، الثلاثاء، أن لديها «الثقة التامة» بتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2024، لكنها لم تكشف عن إجراءات إنعاش جديدة للاقتصاد، مما خيَّب توقعات الأسواق.

وقال جينغ شانغي، رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاحات خلال مؤتمر صحافي في بكين: «كلنا ثقة بتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية هذه السنة». وأضاف: «لدينا الثقة التامة في مواصلة تنمية مستقرة وسليمة ومستدامة».

كان هذا المؤتمر الصحافي مرتقباً جداً، إذ كان المستثمرون يأملون بإجراءات جديدة تنعش الاقتصاد بعد عشرة أيام على دفعة أولى أدت إلى تحسن كبير في البورصة... إلا أن السلطات خيَّبت الآمال، إذ إن كبار مسؤولي اللجنة لم يعلنوا أي إجراء جديد رغم الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد الصيني، لا سيما أزمة القطاع العقاري واستهلاك الأسر المتلاشي.

وحددت الصين التي تملك ثاني أكبر اقتصاد عالمي، هدف نمو بنسبة 5 في المائة تقريباً هذه السنة، وهو رقم عدّه عدد من المحللين متفائلاً في بلد يعاني لإنعاش اقتصاده منذ انتهاء جائحة كوفيد.

وفتحت بورصتا شنغهاي وشنزين، الثلاثاء، على ارتفاع زاد على 10 في المائة، إلا أن هذه الأرباح تبخرت جزئياً بسبب غياب إعلانٍ رئيسي خلال المؤتمر الصحافي. وعند الظهر بالتوقيت المحلي كانت بورصة شنغهاي قد ارتفعت 4.8 في المائة وشنزين 7.7 في المائة، فيما تراجعت بورصة هونغ كونغ أكثر من 5 في المائة.

وبعد إعلانات متفرقة في الأشهر الأخيرة لم يكن لها تأثير ظاهري، كشفت السلطات الصينية في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي عن إجراءات غير مسبوقة بحجمها منذ سنوات، من بينها خفض معدل الفائدة وتيسير شروط القروض العقارية. وأدت حزمة الإجراءات هذه إلى ارتفاع كبير في بورصات هونغ كونغ والصين القارية بأكثر من 20 في المائة.

واستهدفت غالبية الإجراءات حتى الآن القطاع العقاري الذي شكل لفترة طويلة محرك النمو الصيني، لكنه يعاني أزمة عميقة راهناً على غرار شركتي المقاولات «كانتري غاردن» و«إيفرغراند» الغارقتين في مديونية عالية وعلى شفير الإفلاس.

وخفض المصرف المركزي خصوصاً نسبة الفائدة على سنة لدى المؤسسات المالية وخفض الضمانات الضرورية للحصول على قرض عقاري وكذلك الفائدة على الرهون العقارية. وأعلنت مدن صينية كبرى أيضاً رفع بعض القيود المحلية التي كان يرى أنها تَحول دون شراء العقارات لا سيما في بكين وشنغهاي وكانتون وشنزين.

وأكد شينغ شانغي، الثلاثاء: «في الإجمال، إذا ما نظرنا إلى التنمية الحالية وتوقعات التنمية، فإن أسس التنمية الاقتصادية في بلادنا لم تتغير». وأضاف أنه «مع مواصلة تنفيذ السياسات المختلفة، لا سيما حزم الإجراءات التدريجية، تحسنت آفاق الأسواق بشكل كبير».

وكان محللون يأملون بتدابير جديدة، خصوصاً إجراءات دعم مالي منها إصدار سندات أو سياسات دعم لاستهلاك الأسر. لكنهم يحذرون أيضاً من أن ثمة حاجة إلى إصلاحات أعمق للنظام الاقتصادي الصيني لخفض عبء الدين في القطاع العقاري وإنعاش الاقتصاد لإزالة العوائق الرئيسية أمام النمو.

وتوقعت أليسيا غارسيا، كبيرة خبراء الاقتصاد لدى «ناتيكسيس» لمنطقة آسيا-المحيط الهادئ قبل المؤتمر الصحافي، أنه «ما لم تعتمد الصين إصلاحات بنيوية لإنعاش الاقتصاد، من مخصصات بطالة إلى معاشات التقاعد، لا أظن أننا سنرى تغيراً كبيراً».

ورأى شهزاد قاضي، المحلل لدى «تشاينا بيغ بوك»، أنه على المدى القصير سيتحقق النمو، مؤكداً أن «الاقتصاد الصيني ليس مأزوماً، وبكين لا تحتاج إلى إعلان برنامج واسع للإنفاق المالي لبقية عام 2024 للمساعدة على تحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي»... لكنه رأى أنه على المدى الطويل يجب بذل المزيد على الأرجح.

وأوضح قاضي أن «السؤال الفعلي هو في معرفة إذا كانت بكين ستعلن برنامجاً للإنفاق على مراحل عدة لعام 2025 وبعده، يتضمن حلاً للمشكلات البنيوية التي تلجم انتقال الاقتصاد إلى نموذج يدعمه الاستهلاك».

وبالتزامن، قالت وزارة الثقافة والسياحة الصينية، يوم الثلاثاء، إن عدد الرحلات المحلية وإجمالي نفقات السفر خلال عطلة العيد الوطني التي استمرت أسبوعاً تجاوز أرقام العام الماضي، مما يعكس استمرار التعافي في السياحة.

وأظهرت البيانات الرسمية أن 765 مليون رحلة محلية تم إجراؤها في جميع أنحاء البلاد خلال ما يسمى الأسبوع الذهبي، بزيادة سنوية قدرها 5.9 في المائة. وبلغ إنفاق السياح المحليين 700.82 مليار يوان (99.30 مليار دولار)، بزيادة سنوية قدرها 6.3 في المائة. والأرقام من حيث العدد والقيمة أعلى بنسب 10.2 و7.9 في المائة على التوالي، مقارنةً بعام 2019، قبل جائحة كوفيد.


مقالات ذات صلة

«ستاندرد آند بورز» ترفع التصنيف الائتماني لتركيا إلى «بي بي-»

الاقتصاد وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك (من حسابه في «إكس»)

«ستاندرد آند بورز» ترفع التصنيف الائتماني لتركيا إلى «بي بي-»

قال وزير الخزانة والمالية التركي محمد شيمشك، إن تركيا أصبحت الدولة الوحيدة التي رُفع تصنيفها درجتين خلال عام من قِبل وكالات التصنيف الائتماني الدولية الثلاث.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد منشأة تكرير نفطية تابعة لشركة «إسو» على الساحل الجنوبي لفرنسا (رويترز)

توترات الشرق الأوسط تقفز بأسعار النفط في ختام أسبوع متراجع

ارتفعت أسعار النفط بأكثر من 2 في المائة، الجمعة، بعد تقارير أفادت بأن إيران تستعد لشن ضربة من العراق للرد على إسرائيل خلال الأيام المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مجمع سكني تحت الإنشاء في مدينة هويزو الصينية (رويترز)

الصين تعتزم تشديد الرقابة على الديون الحكومية

قال مسؤول صيني يوم الجمعة إن بكين تهدف إلى تعزيز الرقابة على ديون الحكومة وتخطط لمراجعة القانون للقيام بذلك.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عامل في مصنع لإنتاج الأسمدة التابع لشركة «يوروكيم فولغا كالي» في منطقة فولغوغراد (رويترز)

قطاع التصنيع الروسي يعود للنمو في أكتوبر

عاد قطاع التصنيع الروسي إلى النمو في أكتوبر (تشرين الأول) بعد انكماشه لأول مرة منذ أكثر من عامين، وفقاً لمسح للأعمال صدر الجمعة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد محافظ بنك اليابان المركزي كازو أويدا في مؤتمر صحافي في العاصمة طوكيو عقب إعلان قرارات البنك يوم الخميس (أ.ف.ب)

صندوق النقد: على اليابان تجنب إصدار الديون لتمويل الإنفاق الجديد

قال صندوق النقد الدولي يوم الجمعة إن اليابان يجب أن تمول أي خطط إنفاق إضافية في إطار ميزانيتها بدلا من إصدار المزيد من الديون.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

قواعد صينية منقحة لتسهيل الاستثمار الأجنبي في الشركات المدرجة

متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
TT

قواعد صينية منقحة لتسهيل الاستثمار الأجنبي في الشركات المدرجة

متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات الصينية قواعد منقحة بشأن الاستثمار الاستراتيجي للمستثمرين الأجانب في الشركات المدرجة، في خطوة لتشجيعهم على القيام باستثمارات طويلة الأجل وقيمة في البلاد.

وتسمح القواعد المنقحة، التي أصدرتها 6 إدارات حكومية بشكل مشترك -من بينها وزارة التجارة ولجنة تنظيم الأوراق المالية الصينية- للأفراد الأجانب الطبيعيين بالاستثمار الاستراتيجي في الشركات المدرجة، بعد أن كان الاستثمار مقصوراً سابقاً على الأشخاص الاعتباريين الأجانب أو المنظمات الأجنبية فقط، وفق وكالة «شينخوا» الرسمية الصينية.

كما خفّضت القواعد الجديدة متطلبات رأس المال للمستثمرين الأجانب من غير المساهمين المُسيطرين في الشركات المدرجة، ليصبح الحد الأدنى لرأس المال المطلوب 50 مليون دولار من إجمالي الأصول الفعلية، أو 300 مليون دولار من الأصول الفعلية المُدارة.

وتضيف القواعد الجديدة عروض العطاء خياراً إضافياً للقيام باستثمارات استراتيجية، بعد أن كانت تقتصر على الاكتتابات الخاصة واتفاقيات نقل الأسهم.

وبالنسبة للمستثمرين الأجانب الذين يعتزمون الاستثمار من خلال خيارات الاكتتاب الخاص، أو عروض العطاء، فسوف يُسمح لهم باستخدام أسهم الشركات الأجنبية غير المدرجة بصفتها وسيلة دفع للاستحواذ.

كما خفّفت القواعد الجديدة من متطلبات نسبة الملكية وفترة الحظر؛ إذ جرى إلغاء شرط نسبة الملكية للمستثمرين الذين يستثمرون عبر الاكتتاب الخاص، كما خفّضت نسبة الملكية المطلوبة في عروض العطاء واتفاقيات نقل الأسهم إلى 5 في المائة بدلاً من 10 في المائة.

ولتشجيع الاستثمارات المتوسطة وطويلة الأمد، حدّدت القواعد الجديدة فترة حظر لا تقل عن 12 شهراً على الأسهم المكتسبة، مقارنة بالحد الأدنى السابق البالغ 3 سنوات.

في الأثناء، قال المتحدث باسم لجنة الشؤون التشريعية في المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني الجمعة، إن الصين تهدف إلى تعزيز الرقابة على ديون الحكومة وتخطط لمراجعة القانون للقيام بذلك.

وقال المتحدث باسم اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، هوانغ هاي هوا، للصحافيين: «إن التغييرات التي اقترحتها اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ستتطلب تقارير، تقدم سنوياً، عن عمل إدارة الديون من مجلس الوزراء والحكومات المحلية».

وأوضح هوانغ أن اللجنة «يتعين عليها الإشراف على ديون الحكومة، وإنشاء نظام إبلاغ سليم لإدارة هذه الديون». وأضاف أن مسودة التعديلات من المقرر مناقشتها عندما تجتمع اللجنة الدائمة من الرابع إلى الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني)، بهدف توسيع سلطتها الرقابية على إدارة ديون الحكومة، فضلاً عن العمل المالي والاقتصادي.