أوروبا تفتح أبواب «حرب اقتصادية باردة» مع الصين

الكرة في ملعب بروكسل وسط مطالبات بالتفاوض

أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقرّ المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (أ.ف.ب)
أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقرّ المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (أ.ف.ب)
TT

أوروبا تفتح أبواب «حرب اقتصادية باردة» مع الصين

أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقرّ المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (أ.ف.ب)
أعلام الاتحاد الأوروبي أمام مقرّ المفوضية الأوروبية في العاصمة البلجيكية بروكسل (أ.ف.ب)

فتحت أوروبا جبهة «حرب اقتصادية باردة» مع الصين، بعدما أعلنت المفوضية الأوروبية أنها حصلت على أصوات كافية للمضي قدماً في إقرار الرسوم الجمركية على السيارات الصينية الكهربائية.

وقالت مصادر في الاتحاد الأوروبي في وقت مبكر عقب التصويت، الجمعة، إن دول الاتحاد الأوروبي فشلت في التصويت بشكل واضح لصالح أو ضد الرسوم الجمركية التي تصل إلى 45 في المائة على السيارات الكهربائية الصينية؛ الأمر الذي يترك المفوضية الأوروبية لتقرر ما يجب أن تفعله.

لكن المفوضية الأوروبية أعلنت لاحقاً أنها حصلت على الدعم الكافي من الدول الأعضاء في الاتحاد للمضي قدماً في الإجراءات الخاصة بالرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية... ومع ذلك، أضافت المفوضية أنها ستواصل المفاوضات مع الصين بالتوازي «لاستكشاف حل بديل يتعين أن يكون متوافقاً تماماً مع منظمة التجارة العالمية ومناسباً في معالجة الدعم الضار الذي أثبته تحقيق المفوضية وقابلاً للمراقبة والتنفيذ».

ويمكن للمفوضية الأوروبية أن تتبنى الرسوم الجمركية أو أن تقدم اقتراحاً جديداً إذا رغبت في تأمين دعم أوسع بين أعضاء الاتحاد الأوروبي. وما زال أمر تحديد موعد فرض الرسوم الجديدة ابتداءً من أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل متروكاً للمفوضية.

وكانت المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد، أعلنت في وقت سابق عن خطة فرض الرسوم الإضافية بعد أن اتهم تحقيق أجرته الصين بدعم شركات صناعة السيارات الكهربائية المحلية وبالتالي تشوه السوق في الاتحاد الأوروبي.

وفي الوقت نفسه، يمكن إلغاء هذه الخطة التي سببت خلافات في عواصم الاتحاد الأوروبي واستياءً بين شركات السيارات، إذا تمكنت المفوضية من الوصول إلى اتفاق تفاوضي مع الصين.

وتدعو ألمانيا، التي صوّتت ضد الخطة، إلى إجراء المزيد من المحادثات مع بكين في ظل المخاوف من إجراءات تجارية انتقامية من الصين يمكن أن تضر بصناعة السيارات الألمانية الكبيرة.

ودعت رابطة الصناعة الألمانية، الجمعة، الاتحاد الأوروبي والصين إلى مواصلة المحادثات بشأن الرسوم الجمركية المحتملة على واردات السيارات الكهربائية المصنعة في الصين، على أمل أن يؤدي هذا إلى تجنب «صراع تجاري متصاعد».

وقالت الرابطة إن الاتحاد الأوروبي، بصفته أكبر شريك تجاري وسوق تصدير للصين، «يمكنه الاستمرار بثقة في متابعة المحادثات مع بكين»، مضيفةً أن الصين تعتمد أيضاً على العلاقات التجارية الجيدة مع أوروبا. وفي الوقت نفسه، قال اتحاد الصناعة الألمانية إن الاتحاد الأوروبي يجب أن يجد توازناً بين الحماية والانفتاح فيما يتعلق بالصين، التي تعدّ أكبر سوق للسيارات في العالم.

وقبل التصويت، حذّر رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الجمعة، من أن الاتحاد الأوروبي يتجه نحو «حرب اقتصادية باردة» مع الصين.

وصوّتت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على ما إذا كانت ستفرض رسوماً جمركية على مدى السنوات الخمس المقبلة تصل إلى 45 في المائة على واردات السيارات الكهربائية المصنوعة في الصين في قضية التجارة الأكثر شهرة في التكتل، والتي قد تدفع بكين إلى اتخاذ إجراءات للرد عليها.

وأصبحت المجر شريكاً تجارياً واستثمارياً مهماً للصين خلال ولاية أوربان، على النقيض من بعض الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي التي تفكر في أن تصبح أقل اعتماداً على ثاني أكبر اقتصادات العالم.

وقال أوربان للإذاعة الرسمية للمجر في مقابلة، في إشارة إلى الرسوم الجمركية المقترحة على الصين، «ما يجعلوننا نفعله الآن، أو ما يريد الاتحاد الأوروبي فعله، هو حرب اقتصادية باردة».

وأوضح أوربان، الذي قاد حملة في وسط أوروبا لجلب مصانع تصنيع السيارات الكهربائية والبطاريات الصينية إلى المجر، أن بلاده التي لا تريد أن يتم الدفع بها في أي من الجانبين وتريد الاستمرار في التجارة مع الجانبين.

وذكر أن المنتجات المصنوعة في الاتحاد الأوروبي سيكون من الصعب بيعها بشكل متزايد إذا انقسم الاقتصاد العالمي كتلتين، مضيفاً أنه من غير الواضح ما إذا كانت استراتيجية «الحياد الاقتصادي» للمجر ستصمد أمام التحديات المقبلة.

وقال أوربان الشهر الماضي إن الشركات الصينية تعهدت باستثمارات بقيمة 9 مليارات يورو في المجر حتى الآن؛ مما يضعها على قدم المساواة مع شركات من الولايات المتحدة، التي انتقدت استراتيجية أوربان في إقامة علاقات أوثق مع الصين.


مقالات ذات صلة

خبراء يرجحون فرض ترمب تعريفات بنسبة 40 % على الصين مع بداية 2025

الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)

خبراء يرجحون فرض ترمب تعريفات بنسبة 40 % على الصين مع بداية 2025

أظهر استطلاع رأي أجرته «رويترز» لآراء خبراء اقتصاديين أن الولايات المتحدة قد تفرض رسوماً جمركية بنحو 40 % على الواردات من الصين في أوائل العام المقبل

«الشرق الأوسط» (بكين)
الولايات المتحدة​ هوارد لوتنيك رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة كانتور فيتزجيرالد في تجمع جماهيري للمرشح الرئاسي الجمهوري حينها دونالد ترمب في ماديسون سكوير غاردن في نيويورك 27 أكتوبر 2024 (أ.ف.ب)

ترمب يختار هوارد لوتنيك الرئيس التنفيذي لشركة خدمات مالية وزيراً للتجارة

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الثلاثاء)، أنه اختار هوارد لوتنيك الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت وزيراً للتجارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سفينة شحن في نهر ماين أمام أفق مدينة فرنكفورت الألمانية (رويترز)

«المركزي الألماني»: خطط ترمب الجمركية نقطة تحول في التجارة العالمية

أعرب رئيس البنك المركزي الألماني عن خشيته من حدوث اضطرابات في التجارة العالمية إذا نفّذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خططه الخاصة بالتعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أميركا اللاتينية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (يسار) يلتقي في بوينس آيرس نظيره الأرجنتيني خافيير ميلي (د.ب.أ)

ماكرون يدافع في الأرجنتين عن اتفاقات المناخ والمزارعين الفرنسيين

التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظيره الأرجنتيني خافيير ميلي بهدف «الدفاع» عن المزارعين الفرنسيين الرافضين لاتفاق التجارة الحرة.

«الشرق الأوسط» (بوينس أيرس)
الاقتصاد مبنى وزارة التجارة السعودية (واس)

68 % نمو السجلات التجارية في السعودية منذ بدء نظام الشركات الجديد

ارتفع معدل السجلات التجارية للشركات في السعودية بنسبة 68 في المائة، خلال الـ20 شهراً الماضية منذ سریان نظام الشركات الجديد، وذلك بحسب بيانات وزارة التجارة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
TT

عصر ذهبي جديد للعملات المشفرة مع تجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار

تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)
تمثيلات عملات الريبل والبتكوين والإيثيريوم واللايتكوين الرقمية (رويترز)

وسط موجة من التفاؤل والتوقعات بتحولات جذرية، حافظت سوق العملات المشفرة على زخم صعودي قوي عقب فوز الرئيس المنتخب دونالد ترمب في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني). هذا الحدث لم يكن مجرد منعطف سياسي، بل شكل لحظة فارقة في تاريخ العملات المشفرة؛ إذ ارتفعت قيمة «البتكوين» بشكل هائل حيث وصلت إلى ما يقرب من 100 ألف دولار.

ولم تقتصر هذه الطفرة على «البتكوين» فقط، بل امتدت إلى العملات المشفرة البديلة، مما أدى إلى تجاوز القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة 3 تريليونات دولار، وهو إنجاز غير مسبوق يعكس عمق التحولات في سوق الأصول المشفرة. وفي ظل هذه الأجواء، يراهن المستثمرون على أن دعم الإدارة الجديدة للعملات المشفرة قد يمهد الطريق لعصر ذهبي لهذه الأصول، مدعوماً بمؤشرات قوية على زيادة الاهتمام المؤسسي والمشاركة المالية على نطاق واسع.

ويوم الخميس، تسارعت وتيرة ارتفاع سعر «البتكوين» نحو حاجز الـ100 ألف دولار، حيث تجاوزت قيمته 98 ألف دولار لأول مرة خلال التداولات الأوروبية، مسجلاً ارتفاعاً بنحو 4 في المائة وفق «رويترز». وقد شهدت العملة قفزة هائلة هذا العام؛ إذ تضاعف سعرها وارتفع بنحو 40 في المائة خلال الأسبوعين الأخيرين، عقب انتخاب ترمب رئيساً، إلى جانب فوز عدد من النواب المؤيدين للعملات المشفرة بمقاعد في الكونغرس.

وفي هذا السياق، صرّح توني سيكامور، المحلل لدى شركة «آي جي ماركتس»، قائلاً: «رغم أن السعر الحالي يبدو في منطقة مبالغ فيها، فإن الاتجاه العام يشير بوضوح إلى استهداف مستوى 100 ألف دولار بثبات».

كما تدفق أكثر من 4 مليارات دولار إلى صناديق تداول «البتكوين» المدرجة في الولايات المتحدة منذ الانتخابات. وشهد هذا الأسبوع نشاطاً قوياً في الخيارات المرتبطة بصندوق «بلاك روك» المدرج، حيث هيمنت الخيارات الشرائية التي تتوقع ارتفاع السعر على الخيارات البيعية التي تتوقع انخفاضه.

وفي موازاة ارتفاع سعر «البتكوين»، قفزت أسهم الشركات المرتبطة بالعملات المشفرة بشكل ملحوظ. فقد ارتفعت أسهم شركة «مارا هولدينغز»، المتخصصة في تعدين «البتكوين»، بنسبة تقارب 14 في المائة، بينما سجلت أسهم شركة «مايكروستراتيجي»، المعروفة باقتنائها كميات كبيرة من «البتكوين»، زيادة بنسبة 10 في المائة لتصل قيمتها السوقية إلى أكثر من 100 مليار دولار.

من جانبه، علّق ويل بيك، رئيس الأصول الرقمية في شركة «ويزدم تري»، قائلاً: «يتساءل الكثير من المتابعين عن قدرة الإدارة الحالية على تقديم الوضوح التنظيمي الذي ينتظره مجتمع العملات المشفرة. ومع ذلك، قد يكون من السابق لأوانه تحديد مدى تحقق ذلك بدقة».

وقد عززت السوق تفاؤلها بعد تقارير تفيد بتفاوض مجموعة «ترمب ميديا» للاستحواذ على منصة «باكت» للعملات المشفرة، مما أضاف زخماً إيجابياً. كما أن الاجتماع الخاص الذي عقده ترمب مع الرئيس التنفيذي لشركة «كوين بيس»، براين أرمسترونغ، أثار تكهنات حول احتمال تعيين شخصية مؤيدة للعملات المشفرة لرئاسة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية قريباً. مثل هذا التوجه قد يعزز الثقة بالسوق، ويعطي دفعة إضافية لهذه العملات على الساحة الاقتصادية.

وفي خطوة تعكس الاهتمام المؤسسي المتزايد، بدأ، الثلاثاء، التداول في صناديق الاستثمار المتداولة بـ«البتكوين» (Bitcoin ETFs) على منصة «ناسداك»، مسجلةً حجم تداول بلغ نحو 2 مليار دولار في اليوم الأول. ويُبرز هذا الإقبال الكبير الدعم المتزايد من المؤسسات المالية، خاصة بعد اعتماد صناديق البتكوين الفورية (Spot Bitcoin ETFs) التي ساهمت في جذب مستثمرين مؤسسيين إلى هذا القطاع.

على صعيد موازٍ، أظهر مؤشر مشاعر المستثمرين حالة من التفاؤل المفرط، حيث بلغ مؤشر الخوف والطمع للعملات المشفرة مستوى 90 من 100، الثلاثاء، مشيراً إلى «الجشع الشديد». وتُعد هذه النتيجة دليلاً على التفاؤل الكبير الذي يسود بين المستثمرين، ما يعزز التوقعات بمواصلة «البتكوين» مسيرتها التصاعدية في الفترة المقبلة.