إضراب عمال الموانئ الأميركية يهدد الاقتصاد بمليارات الدولارات يومياً

عطّل التجارة عبر 36 ميناء

أعضاء نقابة عمال الموانئ الدولية يقفون خارج محطة ماهر للموانئ في إليزابيث بنيوجيرسي (رويترز)
أعضاء نقابة عمال الموانئ الدولية يقفون خارج محطة ماهر للموانئ في إليزابيث بنيوجيرسي (رويترز)
TT

إضراب عمال الموانئ الأميركية يهدد الاقتصاد بمليارات الدولارات يومياً

أعضاء نقابة عمال الموانئ الدولية يقفون خارج محطة ماهر للموانئ في إليزابيث بنيوجيرسي (رويترز)
أعضاء نقابة عمال الموانئ الدولية يقفون خارج محطة ماهر للموانئ في إليزابيث بنيوجيرسي (رويترز)

ضغطت إدارة الرئيس جو بايدن على أصحاب العمل في الموانئ الأميركية لرفع عرضهم لتأمين اتفاقية عمل مع عمال الموانئ، المضربين لليوم الثاني على التوالي، يوم الأربعاء، مما أدى إلى توقف نصف الشحن في البلاد.

الإضراب، الذي أعلنته نقابة عمال الموانئ الدولية «ILA»، أدى إلى تعطيل شحن البضائع، بدءاً من المواد الغذائية، وانتهاءً بالسيارات، عبر عشرات الموانئ من مين إلى تكساس. وتحذر التحليلات من أن هذا الاضطراب قد يكلف الاقتصاد مليارات الدولارات يومياً، وفق «رويترز».

وبدأ عمال الموانئ على الساحل الشرقي وساحل الخليج في الولايات المتحدة إضراباً، يوم الثلاثاء، مما عطّل نحو نصف حركة الشحن البحري في البلاد، وذلك بعد انهيار مفاوضات بشأن عقد عمل جديد بسبب خلاف على الأجور.

ووفق شركة «إيفرستريم أناليتكس»، كان هناك أكثر من 38 سفينة حاويات متوقفة بالفعل في الموانئ الأميركية، بحلول يوم الثلاثاء، مقارنة بثلاث فقط يوم الأحد قبل بدء الإضراب.

وفي منشور له على موقع «إكس»، مساء الثلاثاء، قال بايدن: «حققت شركات النقل البحري الأجنبية أرباحاً قياسية منذ الجائحة، حينما تعرّض عمال الموانئ للخطر للحفاظ على فتح الموانئ. حان الوقت لكي تقدم تلك الشركات عقداً قوياً وعادلاً يعكس مساهمة عمال النقابة في اقتصادنا وفي أرباحهم القياسية».

كما وجّه بايدن فريقه لمراقبة أي أنشطة قد تتضمن تلاعباً بالأسعار تستفيد منها شركات النقل الأجنبية، وفقاً لما أعلنه البيت الأبيض.

وأطلقت النقابة، التي تمثل 45 ألف عامل ميناء، إضرابها، بعد منتصف ليلة الثلاثاء، بعد انهيار المفاوضات مع التحالف البحري «USMX» حول عقد جديد لمدة ست سنوات.

وعرضت «USMX» على النقابة زيادة في الأجور بنسبة 50 في المائة، لكن رئيس النقابة الحازم، هارولد داغيت، أوضح أن النقابة تطالب بمزيد، بما في ذلك زيادة قدرها 5 دولارات في الساعة لكل عام من العقد الجديد، وإنهاء مشاريع أتمتة الموانئ التي تهدد وظائف النقابة.

وقال داغيت، يوم الثلاثاء: «نحن مستعدون للقتال ما دام ذلك ضرورياً، وسنبقى في الإضراب لأي فترة زمنية تحتاج إليها الأمور؛ للحصول على الأجور، والحماية ضد الأتمتة التي يستحقها أعضاء النقابة».

وتظاهر مئات من عمال الموانئ في محطة شحن بمدينة نيويورك في إليزابيث، بنيو جيرسي، يوم الثلاثاء.

وقال خبراء الاقتصاد في «مورغان ستانلي»، في مذكرة صدرت في وقت متأخر من يوم الثلاثاء، إن الإضراب قد يؤثر على النمو ويرفع التضخم، «لكن فقط إذا استمر لفترة طويلة»، مشيرين إلى أن التداعيات على قطاع النقل يجب أن تكون محدودة ما لم يستمر الإضراب.

من جانبهم، أفاد تجار التجزئة، الذين يمثلون نحو نصف إجمالي حجم شحن الحاويات، بأنهم كانوا مشغولين بتنفيذ خطط احتياطية لتقليل تأثير الإضراب مع اقتراب موسم مبيعات العطلات الشتوية.

وفي الأسواق، انخفضت أسهم شركة الشحن «ميرسك» بنسبة 2 في المائة في كوبنهاغن، يوم الأربعاء، بينما تراجعت أسهم شركة «زيم إنتيجريتد شيبينغ» بنسبة 4 في المائة، خلال تداولات ما قبل السوق بنيويورك.

الممرات المائية ضرورية للتجارة

يُعد الإضراب الحالي، الذي يمثل أول توقف كبير لاتحاد عمال الموانئ الدولية «ILA» منذ عام 1977، مصدر قلق للشركات التي تعتمد على الشحن البحري لتصدير بضائعها أو تأمين الواردات الحيوية. ويؤثر الإضراب على 36 ميناء، بما في ذلك نيويورك وبالتيمور وهيوستن، التي تتعامل مع مجموعة واسعة من البضائع المعبّأة في حاويات، بدءاً من الموز، وانتهاءً بالملابس والسيارات.

وأشار «مورغان ستانلي» إلى أن ما يقرب من نصف الواردات الأميركية يصل عبر المياه، في حين أن 37 في المائة من الصادرات يجري نقلها عبر البحر.

وتُقدّر تحليلات «جيه بي مورغان» أن الإضراب قد يكلف الاقتصاد الأميركي نحو 5 مليارات دولار يومياً. وقد دعت الرابطة الوطنية لتجارة التجزئة إدارةَ بايدن لاستخدام سلطتها الفيدرالية لوقف الإضراب، محذرة من أن الإضراب قد تترتب عليه «عواقب مدمرة» على الاقتصاد. كما دعا الجمهوريون، بما في ذلك حاكم ولاية فرجينيا، جلين يونغكين، بايدن لإنهاء الإضراب، محذرين من تأثيره على الاقتصاد. وقد كرر بايدن مراراً أنه لن يتدخل.

من جانبها، قالت وزارة الزراعة الأميركية، يوم الثلاثاء، إنها لا تتوقع تغييرات كبيرة في أسعار المواد الغذائية، أو توفرها في الأجل القريب.


مقالات ذات صلة

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

الاقتصاد مقر البنك المركزي التركي (رويترز)

«مورغان ستانلي»: «المركزي التركي» قد يخفض الفائدة إلى 48 %

يسود ترقب واسع لقرار البنك المركزي التركي بشأن سعر الفائدة الذي من المقرر أن يعلنه عقب اجتماع لجنته للسياسة النقدية الأخير للعام الحالي يوم الخميس المقبل.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مبنى غرفة المدينة المنورة (الموقع الرسمي)

الأحد... «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» ينطلق بفرص تتجاوز 15 مليار دولار

تنطلق، يوم الأحد، أعمال «منتدى المدينة المنورة للاستثمار» (غرب السعودية) بمشاركة 18 متحدثاً وأكثر من 40 جهة تقدم 200 فرصة استثمارية بقيمة تتجاوز 57 مليار ريال.

«الشرق الأوسط» (المدينة المنورة)
الاقتصاد صرَّاف يجري معاملة بالدولار الأميركي والليرة السورية لصالح أحد العملاء في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مستقبل الإيرادات في سوريا… تحديات وفرص أمام الحكومة المؤقتة

تشهد سوريا تحديات واسعة مع الحديث عن مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد، حول كيفية تأمين الإيرادات اللازمة للحكومة السورية المؤقتة.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد العلم الوطني يرفرف فوق مقر البنك المركزي الروسي في موسكو (رويترز)

«المركزي الروسي» يفاجئ الأسواق ويثبت أسعار الفائدة

أبقى البنك المركزي الروسي على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 21 في المائة، يوم الجمعة، مما فاجأ السوق التي كانت تتوقّع زيادة تبلغ نقطتين مئويتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد ناقلة نفطية راسية في ميناء روستوك الألماني (رويترز)

مخاوف الطلب وقوة الدولار يدفعان النفط لتراجع أسبوعي 3 %

انخفضت أسعار النفط، الجمعة، وسط مخاوف بشأن نمو الطلب خلال 2025، خصوصاً في الصين، أكبر مستورد للخام

«الشرق الأوسط» (لندن)

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
TT

عام حاسم لباول: هل سيتمكن من تحقيق الهبوط الناعم قبل نهاية ولايته؟

جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)
جيروم باول رئيس مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» خلال مؤتمر صحافي في واشنطن 18 ديسمبر 2024 (وكالة حماية البيئة)

من المرجح أن يكون العام المقبل آخر عام كامل لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في منصبه على رأس البنك المركزي الأميركي، حيث من المقرر أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) 2026. وعليه، تتوجه الأنظار نحو تقييم إرثه والآفاق المستقبلية للبنك المركزي، بعد أن شكّلت فترة رئاسته مرحلة حرجة في تاريخ السياسة النقدية الأميركية، إذ واجه خلالها تحديات اقتصادية عالمية وتحولات غير مسبوقة في الأسواق المالية.

وفيما يلي قائمة بأولوياته وطموحاته لإنهاء فترة قيادته بشكل إيجابي، وتقديم إرث يدوم في تاريخ «الاحتياطي الفيدرالي»، وفقاً لما أوردته «رويترز».

إشارة «توقف» واضحة

تتمثل المهمة الرئيسية لباول في «إتمام الهبوط الناعم» مع وصول التضخم إلى 2 في المائة والعمالة كاملة، في بيئة اقتصادية قد تكون أكثر تعقيداً بسبب السياسات الضريبية والجمركية والهجرة التي قد تجعل من الصعب فهم المشهد الاقتصادي، وفقاً لما صرح به دونالد كون، نائب رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» السابق، الذي يعمل الآن زميلاً كبيراً في مؤسسة «بروكينغز».

وعلى الرغم من الانتقادات التي وُجهت إلى باول بسبب تأخر رفع أسعار الفائدة في بداية تسارع التضخم في عام 2021، فإن الزيادات السريعة التي تم تنفيذها في أسعار الفائدة، والعودة التدريجية للاقتصاد العالمي إلى وضعه الطبيعي بعد جائحة كوفيد-19، قد جعلت التضخم قريباً من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة. لكن المهمة لم تكتمل بعد. على مدار العام المقبل، سيضطر باول إلى توجيه النقاش بين صانعي السياسة بشأن متى يجب التوقف عن خفض أسعار الفائدة دون المبالغة في ذلك، مما قد يؤدي إلى انتعاش التضخم، أو التباطؤ بشكل مفرط مما يتسبب في تدهور سوق العمل، مع الأخذ في الاعتبار السياسات الاقتصادية التي قد تنفذها إدارة ترمب الجديدة.

بيئة مالية مستقرة

وَعَدَ الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، بإجراء تغييرات واسعة في السياسات الضريبية والتجارية والهجرة والتنظيمية التي قد تجعل مهمة «الاحتياطي الفيدرالي» في الحفاظ على الأسعار المستقرة وتحقيق التوظيف الكامل أكثر صعوبة. ومع احتمالية تشغيل الاقتصاد عند أو فوق إمكاناته، قد تؤدي الضرائب المنخفضة أو التنظيمات الأكثر تساهلاً إلى زيادة التضخم عن طريق تعزيز الطلب والنمو بشكل أكبر؛ بينما قد تؤدي عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين إلى تقليص العرض العمالي مما يضع ضغوطاً على الأجور والأسعار؛ كما يمكن أن ترفع التعريفات الجمركية من تكلفة السلع المستوردة.

لكن الآثار لن تكون أحادية الاتجاه، فأسعار الاستيراد المرتفعة قد تضعف الطلب أو تحول المستهلكين إلى البدائل المحلية، على سبيل المثال، مما يفرض على «الاحتياطي الفيدرالي» بذل جهد لفهم التأثير الكامل للسياسات التي قد يستغرق تنفيذها وقتاً طويلاً، وقد يكون تحديد كيفية تأثير ذلك على القضايا التي تهم «الاحتياطي الفيدرالي»، مثل التضخم ومعدل البطالة، أحد التحديات الرئيسية لباول في المرحلة الأخيرة من قيادته للبنك المركزي.

نهاية هادئة للتشديد الكمي

شهدت حيازة «الاحتياطي الفيدرالي» للسندات الأميركية والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري انفجاراً خلال جائحة كوفيد-19 في إطار جهوده للحفاظ على استقرار الأسواق ودعم التعافي الاقتصادي. الآن، يقوم البنك المركزي بتقليص ميزانيته العمومية مع انتهاء صلاحية الأوراق المالية المستحقة، وهي عملية تعرف بالتشديد الكمي.

وهناك حد لما يمكن أن تصل إليه الميزانية العمومية قبل أن تترك النظام المالي دون احتياطيات كافية. وبشكل عام، يرغب باول وزملاؤه في أن تستمر فترة الارتفاع لأطول فترة ممكنة، ولكنهم يريدون أيضاً تجنب تعطيل أسواق التمويل بين عشية وضحاها كما حدث في عام 2019.

كما أن العثور على نقطة التوقف الصحيحة وتحديد كيفية إدارة الميزانية العمومية في المستقبل هو جزء من العمل غير المكتمل من عملية الإنقاذ المالي المرتبطة بالوباء، التي يحتاج باول إلى إتمامها لإعادة السياسة النقدية إلى «طبيعتها».

إطار عمل أقوى

جزء من إرث باول سيكون مرتبطاً بالتغييرات في استراتيجية السياسة النقدية التي ناقشها «الاحتياطي الفيدرالي» في عام 2019، ووافق عليها في عام 2020، عندما كان تركيز البنك المركزي مُنصبّاً على معالجة البطالة الضخمة التي نشأت بسبب الجائحة. ومع عقد من التضخم المنخفض كخلفية، اعتمدوا إطار عمل جديداً يضع وزناً أكبر على تعافي سوق العمل، ووعد باستخدام فترات التضخم المرتفع لتعويض الأخطاء السابقة في استهداف التضخم.

لكن هذا النهج أصبح سريعاً غير متوافق مع اقتصاد تعافى فيه سوق العمل بسرعة، وفي عام 2021 بدأت تظهر علامات على تصاعد التضخم.

واعترف باول بأن التغييرات التي أشرف عليها في 2020 كانت مركزة على مجموعة من الظروف التي من المحتمل أن تكون فريدة، وسوف يتم مراجعتها هذا العام لتحديد ما إذا كان يجب تعديل الإطار مرة أخرى.

وتكمن أحد التحديات في كيف يمكن التأكد من أن الإرشادات التشغيلية تتجنب الالتزام المفرط بأي من ولايتين لـ«الاحتياطي الفيدرالي». وقال إد الحسيني، الاستراتيجي الكبير في الأسواق العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل»: «إذا خرج (الاحتياطي الفيدرالي) من هذه الحلقة مع تركيز أقل على التوظيف مقارنة بالتضخم، فإننا نعرض أنفسنا للعودة إلى بيئة حيث يتجاوز التضخم الهدف، وتستغرق تعافي الوظائف من الركود وقتاً أطول من اللازم».

تجنب حرب تنظيمية

بالإضافة إلى السياسة المالية، قد تحاول إدارة ترمب إجراء إصلاحات في كيفية تنظيم البنوك، وهي منطقة يتولى فيها «الاحتياطي الفيدرالي» مسؤولية مباشرة بوصفه جهة إشرافية، بالإضافة إلى اهتمامات أوسع تتعلق بالاستقرار المالي والسياسة النقدية مثل «المقرض الأخير» للمؤسسات المالية التي تتمتع بالجدارة الائتمانية ولكنها تواجه ضغوطاً في الأسواق.

وركز باول الكثير من وقته بصفته رئيساً لـ«الاحتياطي الفيدرالي» في بناء علاقات مع أعضاء الكونغرس، وهذه الروابط قد تكون مهمة مع مناقشة المشرعين للتغييرات المحتملة في لوائح البنوك والهيكل الإشرافي الذي يُنفذ هذه التغييرات.

وقال ديفيد بيكويرث، زميل أبحاث أول في مركز مرشاتوس بجامعة «جورج ميسون»: «أعتقد أنه ستكون هناك بعض المحاولات الكبيرة من إدارة ترمب لتغيير كيفية تنفيذ الحكومة الفيدرالية للسياسة المالية»، وأضاف: «قد تكون هناك أيضاً دعوات لإصلاح (الاحتياطي الفيدرالي) بشكل عام. آمل أن يضع باول (الاحتياطي الفيدرالي) في أفضل وضع ممكن للتعامل مع التغيير الكبير المحتمل».