حومت عوائد سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل، الثلاثاء، قرب أعلى مستوياتها في عقدين، مع استمرار المخاوف بشأن التداعيات الاقتصادية المحتملة لحملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب العدوانية لفرض الرسوم الجمركية.
وشهد منحنى العائد في اليابان انحداراً حاداً خلال الأسبوعين الماضيين، ليصل إلى مستوى لم تشهده الأسواق منذ نحو 14 عاماً، حيث انخفض عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل عامين في الوقت نفسه، وسط رهانات على أن بنك اليابان سيضطر إلى تأجيل مزيد من تشديد السياسة النقدية.
وفي الوقت نفسه، ارتفعت عوائد سندات الحكومة اليابانية طويلة الأجل بقوة بفضل قفزة في عوائد سندات الخزانة الأميركية المكافئة، وسط موجة بيع واسعة النطاق للأصول الأميركية، ودلائل على أن رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا يُعدّ حزمة تحفيز مالي ضخمة قد تشمل توزيعات نقدية وخفض ضريبة الاستهلاك.
وقال يونوسوكي إيكيدا، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الياباني في «نومورا»: «يشعر مستثمرو السندات بقلق بالغ إزاء السياسة المالية التوسعية». وأضاف: «لقد تغير موقف إيشيبا بشكل واضح».
وبلغ عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عاماً 2.825 في المائة، بانخفاض طفيف عن أعلى مستوى سجله يوم الاثنين عند 2.845 في المائة، وهو مستوى لم يُسجل منذ يوليو (تموز) 2004، وبلغ عائد سندات العشرين عاماً 2.415 في المائة، بعد أن وصل إلى 2.345 في المائة في الجلسة السابقة، وذلك لأول مرة منذ يوليو 2004 أيضاً.
وتمكنت العائدات طويلة الأجل من التعافي بشكل طفيف مع إعفاء ترمب الجوالات الذكية من الضرائب، وتلميحه لاحقاً إلى تخفيف مماثل لضرائب السيارات، مما منح المستثمرين بعض المساحة للتعافي... ومع ذلك، أثر شراء سندات العشرين عاماً صباحاً على الطلب في مزاد السندات، مما أدى إلى نتيجة ضعيفة نسبياً.
في غضون ذلك، ارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل عامين بمقدار 5 نقاط أساس ليصل إلى 0.63 في المائة. وارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل خمس سنوات بمقدار 7 نقاط أساس ليصل إلى 0.88 في المائة، وارتفع عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل عشر سنوات بمقدار 2.5 نقطة أساس ليصل إلى 1.36 في المائة.
وفي سوق الأسهم، ارتفع مؤشر «نيكي» بنحو واحد في المائة، الثلاثاء، مدفوعاً بارتفاع أسهم شركات صناعة السيارات بعد أن لمح الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى إعفاء القطاع من الرسوم الجمركية بعض الشيء. وصعد «نيكي» 0.84 في المائة إلى 34267.54 نقطة عند الإغلاق، كما زاد مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً واحداً في المائة.
وربح سهم «تويوتا موتور» 3.7 في المائة مما رفع مؤشر شركات صناعة السيارات وقطع الغيار في بورصة طوكيو 3.6 في المائة، ليصبح الأفضل أداء بين 33 مؤشراً للقطاعات في البورصة.
وقال ترمب، مساء الاثنين من البيت الأبيض، إنه يدرس تعديل الرسوم الجمركية المفروضة بنسبة 25 في المائة على واردات السيارات وقطع الغيار من المكسيك وكندا ودول أخرى. وقد ترفع هذه الرسوم أسعار السيارات بآلاف الدولارات، وقال ترمب إن شركات السيارات «تحتاج إلى بعض الوقت لأنها ستنتجها هنا».
ورغم المخاوف بشأن الانعكاسات المحتملة لسياسة ترمب التجارية، منح ارتفاع «نيكي» لليوم الثاني على التوالي بنحو واحد في المائة فرصة لالتقاط الأنفاس في السوق التي تضررت بشدة الأسبوع الماضي بسبب عمليات البيع المكثفة على مدى أيام، والزيادات التي وصلت إلى تسعة في المائة.
وقال كازو كاميتاني الخبير الاقتصادي لدى شركة «نومورا» للأوراق المالية: «عادت التداولات لأول مرة منذ فترة إلى ما يمكن أن نسميه النطاقات الطبيعية». وحذّر في الوقت نفسه من أن تحركات السوق ربما تنتعش مرة أخرى بفضل اكتساب موسم الأرباح في اليابان والولايات المتحدة زخماً هذا الأسبوع.
ومن المقرر أيضاً أن تبدأ اليابان والولايات المتحدة محادثات تجارية في واشنطن يوم الخميس... وأضاف كاميتاني: «يقول ترمب إن الهدف هو نقل المصانع إلى الولايات المتحدة». وتساءل: «هل هذا يُحسن السوق؟ الإجابة: لا».
وفي سياق منفصل، قال وزير الدفاع الياباني الجنرال ناكاتاني، الثلاثاء، إنه من المتوقع أن يصل حجم الإنفاق الدفاعي للبلاد والتكاليف ذات الصلة للعام المالي 2025 إلى مبلغ إجمالي قدره 9.9 تريليون ين (70 مليار دولار)، أي ما يعادل 1.8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، فيما تسعى البلاد إلى الوصول لـ2 في المائة بحلول العام المالي 2027.
ونقلت وكالة أنباء «كيودو» اليابانية عن ناكاتاني قوله في مؤتمر صحافي الثلاثاء، إن الحكومة ستخصص نحو 8.5 تريليون ين لميزانيتها الدفاعية، ونحو 1.5 تريليون ين للنفقات ذات الصلة في موازنتها الأولية للعام المالي الحالي الذي يبدأ هذا الشهر.
وفي تحديثها للمبادئ التوجيهية لسياسة استراتيجية الأمن القومي طويلة الأمد في أواخر عام 2022، حددت الحكومة هدفها المتمثل في زيادة ميزانية الدفاع والإنفاق المرتبط بها إلى 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لذلك العام المالي بحلول السنة المالية 2027، وتعهدت بتأمين «قدرات توجيه الضربات المضادة» لمهاجمة أراضي العدو بشكل مباشر في حالات الطوارئ.
ويُشار إلى أن اليابان، بعدما وضعت دستوراً ينبذ الحرب، حددت منذ فترة طويلة إنفاقها الدفاعي بنحو 1 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، أو نحو 5 تريليونات ين، ولكنها بدأت زيادة ذلك في رد فعل على التحديات الأمنية، مثل الحشد العسكري السريع للصين، وتطوير كوريا الشمالية للصواريخ وكذلك قدرتها النووية.
وجاء أحدث تقدير في الوقت الذي تزيد فيه الولايات المتحدة في عهد الرئيس دونالد ترمب الضغوط على حلفائها، ومن بينهم اليابان وكوريا الجنوبية وأعضاء حلف شمالي الأطلسي (ناتو)، لتحمل المزيد من تكاليف الدفاع عنها واستضافة القوات العسكرية الأميركية.
وأضاف الجنرال ناكاتاني أن الأرقام «توضح أن جهودنا لتعزيز قدراتنا الدفاعية تتقدم بشكل ثابت» نحو تحقيق الهدف.