تصاعد التوترات الجيوسياسية يرفع تكلفة تأمين الديون السيادية الإسرائيلية

قطاع التكنولوجيا يواجه تحديات تمويلية والشركات الناشئة تتعرض لصعوبات استثمارية

رجل يحمل علم إسرائيل ويقف أمام صورة كبيرة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)
رجل يحمل علم إسرائيل ويقف أمام صورة كبيرة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)
TT

تصاعد التوترات الجيوسياسية يرفع تكلفة تأمين الديون السيادية الإسرائيلية

رجل يحمل علم إسرائيل ويقف أمام صورة كبيرة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)
رجل يحمل علم إسرائيل ويقف أمام صورة كبيرة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في تل أبيب (رويترز)

تتزايد المخاوف الاقتصادية الإسرائيلية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية والنزاعات العسكرية المستمرة، ما يعكس التأثير العميق لهذه الأزمات على مختلف القطاعات الحيوية. وتشير البيانات الأخيرة إلى ارتفاع تكلفة تأمين ديون الحكومة الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد إلى مستويات غير مسبوقة.

ورغم صمود الشركات التكنولوجية الإسرائيلية، فإنها تواجه تحديات كبيرة في الحصول على التمويل، مما قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الكلي للبلاد. وفي التفاصيل، وصلت تكلفة تأمين ديون الحكومة الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد إلى أعلى مستوياتها منذ الهجوم الذي شنته «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وفقاً لبيانات من «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس». وتوسعت «مبادلات الائتمان لعجز السداد (CDS)» لإسرائيل لمدة 5 سنوات إلى 149 نقطة أساس، من إغلاق عند 146 نقطة أساس يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى منذ 23 أكتوبر من العام الماضي، وفق «رويترز». وهذا المقياس مؤشر حاسم يستخدمه المستثمرون لقياس مخاطر الائتمان المرتبطة بالديون السيادية. وتترجم هذه المقايضة إلى احتمالية ضمنية للتخلف عن السداد بنسبة 2.41 في المائة، استناداً إلى «معدل استرداد» مفترض بنسبة 40 في المائة.

ويمثل «معدل الاسترداد» النسبة المئوية للقيمة الاسمية للسند، التي يتوقع المستثمرون استردادها في حالة التخلف عن السداد. وأطلقت القوات الإسرائيلية أوسع موجة من الضربات الجوية ضد «حزب الله» المدعوم من إيران في لبنان، مما أثار مخاوف من تصعيد وامتداد النزاع. وفي قطاع التكنولوجيا، أظهر تقرير حكومي إسرائيلي يوم الاثنين أنه رغم صمود القطاع خلال الحرب التي استمرت لمدة عام مع «حماس»، فإنه يواجه حالة من عدم اليقين التمويلي الذي قد يضر بالاقتصاد الأوسع نطاقاً، نظراً لاعتماده على الشركات الكبرى والاستثمار الأجنبي.

ومنذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر، جمعت شركات التكنولوجيا الإسرائيلية نحو 9 مليارات دولار، لتحتل المرتبة الثالثة بعد وادي السيليكون ونيويورك، وفقاً لهيئة الابتكار الإسرائيلية المدعومة من الدولة. ويخشى رئيس الهيئة، دور بن، أن يظل التوظيف في هذا القطاع راكداً، مما قد يعوق عائدات الضرائب عندما تحتاج الدولة إلى تمويل الحرب. وفي الوقت نفسه، تتركز معظم الاستثمارات في الشركات الناشئة الناضجة وشركات الأمن السيبراني، في حين تكافح مجالات أخرى. ويدفع قطاع التكنولوجيا اقتصاد إسرائيل، حيث يمثل 16 في المائة من التوظيف، وأكثر من نصف صادرات إسرائيل، وثلث الضرائب على الدخل، و20 في المائة من الناتج الاقتصادي الإجمالي.

ويأتي تقرير معهد الاستثمار الإسرائيلي في أعقاب تقرير سابق صدر في وقت سابق من شهر سبتمبر (أيلول) عن منظمة «ستارت أب نايشن سنترال» غير الربحية، والذي قال إن شركات التكنولوجيا الكبرى استمرت في الازدهار لكنه حذر من أن القطاع غير مستدام بسبب الصراع المطول والسياسة الاقتصادية الحالية للحكومة الإسرائيلية، «والتي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مدمرة».


مقالات ذات صلة

عجز الموازنة الأميركية يرتفع إلى 1.8 تريليون دولار

الاقتصاد أوراق نقد أميركية فئة دولار واحد أمام رسم بياني في وضع هبوط (رويترز)

عجز الموازنة الأميركية يرتفع إلى 1.8 تريليون دولار

ارتفع عجز الموازنة العامة في أميركا إلى 1.8 تريليون دولار خلال العام المالي 2024 (الذي ينتهي في سبتمبر من كل عام)، بسبب الإنفاق الكبير وفوائد الدين العام.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

تونس تعتزم رفع الضرائب على الدخل المرتفع للأفراد والشركات في موازنة 2025

كشف مشروعُ موازنة الحكومة التونسية لعام 2025 عن نيتها رفع الضرائب على الموظفين ذوي الدخل المرتفع والشركات التي تزيد إيراداتها على 20 مليون دينار.

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد شعار صندوق النقد الدولي خارج مبنى المقر الرئيسي في واشنطن (رويترز)

صندوق النقد الدولي يتوقع تجاوز الدين العالمي 100 تريليون دولار للمرة الأولى

توقع صندوق النقد الدولي، الثلاثاء، أن يتجاوز الدين العام العالمي 100 تريليون دولار هذا العام للمرة الأولى، وقد ينمو بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

«إتش سي» تتوقع تأجيل «المركزي المصري» خفض الفائدة في اجتماع الخميس

توقعت شركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار أن تبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري على سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقرر عقده الخميس

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أطفال ينتظرون الغداء في كوخهم بصنعاء (رويترز)

البنك الدولي: 26 من أفقر الدول تعاني ديوناً غير مسبوقة منذ 2006

أظهر تقرير جديد للبنك الدولي أن أفقر 26 دولة بالعالم، التي تضم 40 في المائة من أكثر الناس فقراً، تعاني أعباء ديون غير مسبوقة منذ عام 2006.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ارتفاع الطلب وخفض الفائدة يعززان نمو الصفقات العقارية بالسعودية

الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)
الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)
TT

ارتفاع الطلب وخفض الفائدة يعززان نمو الصفقات العقارية بالسعودية

الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)
الرياض تستحوذ على نحو 60 % من إجمالي الصفقات العقارية (رويترز)

عزز استمرار الطلب العالي على الوحدات السكنية في المدن الرئيسية في السعودية، وانتعاش السوق العقارية بفعل انخفاض أسعار الفائدة، نمو قيمة الصفقات العقارية في المملكة إلى 50 مليار دولار (188 مليار ريال)؛ أي ما نسبته 35 في المائة، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حسب خبراء ومختصين في القطاع العقاري والذين يتوقعون استمرار هذا النمو خلال الربع القادم والسنوات القليلة القادمة في ظل المشاريع العقارية الضخمة التي تشهدها المدن الرئيسية، والفرص الاستثمارية المتنوعة التي تتميز بها السوق العقارية السعودية.

وبحسب بيانات وزارة العدل السعودية، سجلت الصفقات العقارية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، أكثر من 162 ألف صفقة عقارية. واستحوذ القطاع السكني على نحو 86 في المائة من إجمالي تلك الصفقات، في حين مثّل القطاع التجاري نحو 10 في المائة من تلك الصفقات. كما استحوذت منطقة الرياض على نحو 60 في المائة من إجمالي الصفقات العقارية بقيمة وصلت إلى 27 مليار دولار (101 مليار ريال)، تلتها منطقة مكة المكرمة بنسبة 19 في المائة وبقيمة وصلت إلى 11.8 مليار دولار (44.3 مليار ريال).

دليل على ثقة المستثمرين

ويرى الخبير والمقيّم العقاري المهندس أحمد الفقيه، خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط»، في نمو الصفقات العقارية دليلاً واضحاً على ثقة المتعاملين والمستثمرين بصلابة وجاذبية السوق العقارية السعودية، خصوصاً مع إطلاق الحكومة السعودية عدة مشاريع عقارية ضخمة بالعاصمة الرياض، وهو ما ظهر في استحواذها وحدها على نصف الحراك والصفقات العقارية خلال الأشهر التسعة الماضية من العام الجاري.

وأضاف أن «هذا النمو في الصفقات العقارية يأتي متوافقاً، وبشكل منطقي، مع الحراك الاستثماري الذي تشهده السعودية، في ظل زيادة التشريعات بالسوق والحوكمة والشفافية التي تشهدها السوق العقارية، وهو ما ظهر جلياً في قفز السوق إلى المرتبة 12 دولياً لتصبح ضمن نادي الأسواق الدولية الأربعين في الشفافية العقارية، وهو ما يعزز من جاذبيتها ويجعلها على رادارات الأموال والاستثمارات الدولية قريباً، وهذا بدوره سيرفع ويزيد من زخم الصفقات بشكل أكبر ولافت، وقد يتجاوز في الفترة القادمة أكثر من 35 في المائة، ويستمر هذا النمو للسنوات القريبة القادمة في ظل الفرص الكبيرة في السوق السعودية».

وكانت بيانات شركة الاستشارات العقارية العالمية «نايت فرانك» تحدثت عن أن قيمة مشاريع «رؤية 2030» التي تم إطلاقها خلال 8 أعوام وصلت إلى 1.3 تريليون دولار.

العرض والطلب محركان

من جانبه، قال الخبير العقاري صقر الزهراني لـ«الشرق الأوسط»، إن العرض والطلب هما المحركان الأساسيان في السوق العقارية بالمملكة، متوقعاً أن يؤدي الخفض التدريجي لأسعار الفائدة إلى تعزيز الطلب على العقار في الربع القادم من 2024 عبر تقليل تكاليف التمويل، مما يشجع المستثمرين والمشترين على استغلال هذه الفرصة.

وأرجع الزهراني نمو الصفقات العقارية في منطقة الرياض إلى كونها أصبحت وجهة رئيسية للهجرة الداخلية وكذلك للفرص الاستثمارية، مدفوعةً بمشاريع البنية التحتية والنمو السكاني المتزايد، مما يعزز الطلب على العقارات السكنية والتجارية في مدينة الرياض والمحافظات القريبة منها.

وعزا نمو الصفقات العقارية في منطقة مكة المكرمة، بالحالة الاستثنائية للمنطقة، إلى كونها أرضاً مقدسة، وتشهد باستمرار ارتفاعاً في الطلب على العقار، بفضل تدفق الحجاج والمعتمرين، إلى جانب المشاريع التطويرية الكبرى في باقي محافظات المنطقة.

ويرى أن الصراعات الإقليمية في بعض دول الجوار وتمتع المملكة بموقع استراتيجي مستقر، ساهما في تعزيز جاذبية السوق العقارية بالمملكة.

عقارات في مكة المكرمة غرب السعودية (واس)

ولفت الزهراني إلى أن الاستقرار السياسي والأمني جعل من المملكة بيئة آمنة للاستثمارات الأجنبية والمحلية، خاصة في ظل الاضطرابات السياسية التي تؤثر على بعض الأسواق العقارية الإقليمية، مما يجعل من السوق السعودية ملاذاً آمناً لرؤوس الأموال الباحثة عن استثمارات مستقرة وطويلة الأمد.

وزاد بأن تلك الصراعات الإقليمية زادت من الهجرة إلى المملكة، مما ساهم في رفع الطلب على الوحدات السكنية والأنشطة العقارية، خصوصاً في المدن الكبرى مثل الرياض وجدة، كما ساهمت في تراجع الاستثمارات في بعض الدول، ومن الممكن أن تستفيد السعودية من تحويل رؤوس الأموال إليها نتيجة استقرارها السياسي والاقتصادي.

وحول توقعاته للسوق العقارية خلال الربع الأخير من 2024، توقع استمرار نمو الصفقات العقارية مدفوعاً بثلاثة عوامل، تتمثل في ارتفاع الطلب الموسمي خاصةً في منطقة مكة المكرمة نتيجة مواسم العمرة والحج، وزيادة المشاريع السكنية والتجارية في الرياض بالتزامن مع الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، وكذلك تخفيف القيود على التمويل مع استمرار انخفاض الفائدة، مما يشجع على زيادة الصفقات العقارية.

وأشار الزهراني إلى 6 عوامل يرى أنها ستسهم على المدى الطويل في تعزيز النمو المستقبلي للسوق العقارية السعودية، وهي: مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تشهدها مدن ومحافظات المملكة ودورها في تحسين جودة الحياة وزيادة جاذبية المدن، والطلب المتزايد على الوحدات السكنية في المدن نتيجةً للنمو السكاني والهجرة الداخلية، والإصلاحات الحكومية التنظيمية والتشريعية وأهميتها في تسهيل إجراءات التملك والاستثمار، وجاذبية السوق السعودية للاستثمارات الأجنبية مدفوعةً بالاستقرار السياسي في المملكة، وتنوع طرق وأساليب التمويل مثل الصناديق الاستثمارية ومنصات التمويل الجماعي، بالإضافة إلى الاستقرار السياسي في المملكة مقارنة بالدول المجاورة، مما يزيد من ثقة المستثمرين.