محادثات «اللحظات الأخيرة» بين الصين والاتحاد الأوروبي

تراجع المبيعات يجبر «فولكسفاغن» على إغلاق مصنعها في نانجينغ

جانب من العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
جانب من العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
TT

محادثات «اللحظات الأخيرة» بين الصين والاتحاد الأوروبي

جانب من العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)
جانب من العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

وسط أجواء ملبدة بالغيوم، التقى يوم الخميس كبار مسؤولي التجارة في الاتحاد الأوروبي والصين بالعاصمة البلجيكية بروكسل في ظل الخلاف بين الجانبين بشأن دعم الصين للسيارات الكهربائية والخطط الأوروبية لفرض رسوم إضافية على السيارات الكهربائية الواردة من الصين.

ويذكر أن المحادثات السابقة بين مفوض التجارة الأوروبية فالديس دومبروفسكيس ووزير التجارة الصيني وانغ وينتاو فشلت في تسوية الخلاف. وتعتقد المفوضية الأوروبية أن الدعم الحكومي الصيني للسيارات الكهربائية يشوه السوق في الاتحاد، حيث تفقد شركات صناعة السيارات الأوروبية حصصها السوقية لصالح المنافسين الأجانب... في حين تتهم بكين الاتحاد الأوروبي بممارسة الحمائية، وردت على ذلك بالفعل؛ إذ أطلقت على سبيل المثال تحقيقاً في وارداتها من لحوم الخنزير من دول الاتحاد الأوروبي.

وتدرس الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خطط المفوضية لفرض رسوم طويلة الأجل مثيرة للجدل على السيارات الكهربائية الصينية رداً على الدعم الحكومي. وفي حالة موافقة الدول الأعضاء على الخطة، فإنه سيتم فرض ضريبة إضافية على السيارات الكهربائية المصنعة في الصين فوق الرسوم القياسية بالاتحاد وتبلغ 10 بالمائة اعتباراً من 30 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل ولمدة 5 سنوات.

في الوقت نفسه، فإن هناك حالة حذر متزايدة لدى دول الاتحاد الأوروبي من هذه الخطط. ودعا وزير الاقتصاد الألماني روبرت هيبيك يوم الثلاثاء الماضي إلى حل سياسي للأزمة، قبل اجتماعه مع وزير التجارة الصيني وانغ في برلين. كما دعا رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز مؤخراً لإعادة تقييم خطط فرض الرسوم الإضافية.

وقال سانشيز خلال زيارته للصين في الأسبوع الماضي، بعد اجتماعاته مع الرئيس شي جينبينغ وكبار المسؤولين الصينيين: «لا نحتاج حرباً أخرى، وفي هذه الحال ستكون الحرب تجارية».

ومقابل التوتر بين الصين وأوروبا، يبدو أن هناك تقارباً أكبر بين بكين ولندن؛ إذ أعربت الصين عن استعدادها لتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع بريطانيا، وفق ما نقلت وسائل إعلام رسمية في وقت متأخر يوم الأربعاء عن نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ، وذلك في ظل تحسن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد فتور دام سنوات.

وكان الرئيس الصيني شي جينبينغ ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قد استأنفا الاتصالات رفيعة المستوى في أغسطس (آب) بعد إجرائهما محادثة هاتفية، وهي المرة الأولى التي يتحدث فيها شي مع رئيس وزراء بريطاني منذ عام 2022.

كما تحدث شي الأربعاء هاتفياً مع وزيرة المالية البريطانية راشيل ريفز وأبلغها باستعداد بكين «لتعزيز تحرير التجارة والاستثمار وتسهيلهما»، وفقاً لوكالة «شينخوا» للأنباء. وقال إن الصين تريد أيضاً تعزيز التعاون في الاقتصاد الأخضر والطب الحيوي والذكاء الاصطناعي.

من جانبها، قالت ريفز إن بريطانيا مستعدة لتعزيز التعاون مع الصين «من أجل تطوير علاقات طويلة الأمد ومفيدة للطرفين بين البلدين»، وفقاً لوكالة «شينخوا».

وفي عام 2015، أشاد رئيس الوزراء آنذاك ديفيد كاميرون بـ«العصر الذهبي» للعلاقات بين لندن وبكين، قبل أن تبدأ العلاقات بالتدهور بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وكانت بريطانيا واضحة بشأن قانون الأمن القومي الجديد لحكومة هونغ كونغ الذي اعتبرت أنه يقوض حريات الإقليم البريطاني السابق. كما تنازع البلدان بشأن معاملة بكين للأقلية المسلمة الأويغورية في منطقة شينجيانغ الصينية وحقوق الإنسان في التبت. واتهمت الصين وبريطانيا بعضهما بالتجسس، واشتكت بكين من أن لندن تتبع خط واشنطن العدائي تجاه بكين.

وفي سياق موازٍ للتوتر الصيني - الأوروبي، تعتزم شركتا «فولكسفاغن» الألمانية و«سياك» الصينية إغلاق أول مصنع سيارات أقامته الشركتان في الصين بسبب تراجع الطلب على سيارات محركات الاحتراق الداخلي التقليدية.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن مصادر مطلعة القول إن شركة «سياك-فولكسفاغن أوتوموبيل» المملوكة لكل من «فولكسفاغن» و«سياك موتور كورب» الصينية والقائمة من 4 عقود، تستعد لإغلاق مصنع في مدينة نانجينغ أوائل العام المقبل. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع نحو 360 ألف سيارة «فولكسفاغن باسات» و«سكودا».

كما أوقفت شركة «سياك-فولكسفاغن أوتوموبيل» منذ عامين الإنتاج في أحد مصانعها القائمة في مدينة شنغهاي الصينية منذ منتصف الثمانينات. كما قلص مصنع ثانٍ الإنتاج ويمكن إغلاقه فيما بعد بسبب ضعف المبيعات بحسب المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها.

في الوقت نفسه، يجري الشركاء مراجعة استراتيجية لمستقبل العلامة التجارية «سكودا» المملوكة لـ«فولكسفاغن» في الصين بعد التراجع الحاد في مبيعاتها، بحسب ما أكدت المجموعة الألمانية العملاقة، مشيرة إلى الصعوبات الكبيرة التي تواجهها في الصين.

كما توقف مصنع تابع للشركة الصينية - الألمانية في مدينة نينجبو بإقليم شيجيانغ الذي ينتج العديد من طرز سيارات «سكودا» عن العمل لعدة شهور، في بعض الأحيان، في حين يجري التفكير في إغلاقه.

وقالت «فولكسفاغن الصين» رداً على سؤال لـ«بلومبرغ» عبر البريد الإلكتروني إن «كل مصانع (سياك - فولكسفاغن) تعمل بصورة طبيعية وفقاً لمتطلبات السوق وحسب توقعاتنا»، مضيفة أنه مع تحول تركيز العملاء في الصين نحو السيارات الكهربائية الذكية «نعدل أيضاً إنتاج سياراتنا ومصانع المكونات خطوة بخطوة».

ويذكر أن الإنتاج في 39 مصنعاً تابعاً لـ«فولكسفاغن» في الصين ظل في العام الماضي أقل بأكثر من الربع عن أعلى مستوياته قبل جائحة فيروس «كورونا» المستجد.


مقالات ذات صلة

ما الذي يجعل غرينلاند «جائزة استراتيجية» وسط تصاعد التوترات؟

العالم صورة تظهر المنازل المغطاة بالثلوج في نوك بجزيرة غرينلاند 7 مارس 2025 (أ.ب) play-circle

ما الذي يجعل غرينلاند «جائزة استراتيجية» وسط تصاعد التوترات؟

أدت التوترات الدولية المتزايدة والاحتباس الحراري والاقتصاد العالمي المتغير إلى وضع غرينلاند في قلب المناقشة حول التجارة والأمن العالميين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد عاملان داخل أحد مصانع «معادن» بالسعودية (الشرق الأوسط)

الإنتاج الصناعي في السعودية يرتفع 1.3 % في يناير

ارتفع مؤشر الرقم القياسي لكميات الإنتاج الصناعي بالسعودية بنسبة 1.3 في المائة، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من 2024.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يعبرون أمام لوحة إلكترونية تعرض حركة الأسهم وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

تكاليف المعيشة تُزعج قطاع الخدمات الياباني

تدهورت معنويات قطاع الخدمات الياباني في فبراير للشهر الثاني على التوالي، في إشارة إلى أن ارتفاع تكاليف المعيشة يُثقل كاهل الاستهلاك.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يعدُّ أوراق الروبية الباكستانية في محل صرافة ببيشاور (رويترز)

خطوة غير متوقعة... «المركزي» الباكستاني يثبّت الفائدة عند 12 %

أبقى البنك المركزي الباكستاني على سعر الفائدة الرئيسي عند 12 في المائة، يوم الاثنين، في خطوة غير متوقعة على نطاق واسع.

«الشرق الأوسط» (كراتشي)
الاقتصاد رجل يسير بجوار الزهور المتفتحة في حديقة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

ضغوط سوق العمل اليابانية تدفع مزيداً من الشركات للانهيار

أظهر مسحٌ، أجرته مؤسسة بحثية، أن اليابان قد تشهد ارتفاع حالات إفلاس الشركات إلى أعلى مستوى لها في 11 عاماً خلال السنة المالية التي تنتهي في مارس

«الشرق الأوسط» (طوكيو: «الشرق الأوسط»)

استمرار تراجع النفط مع ازدياد المخاوف حيال الرسوم الجمركية

احتياطي النفط الاستراتيجي في «برايان ماوند» منشأة تخزين النفط في فريبورت بتكساس (رويترز)
احتياطي النفط الاستراتيجي في «برايان ماوند» منشأة تخزين النفط في فريبورت بتكساس (رويترز)
TT

استمرار تراجع النفط مع ازدياد المخاوف حيال الرسوم الجمركية

احتياطي النفط الاستراتيجي في «برايان ماوند» منشأة تخزين النفط في فريبورت بتكساس (رويترز)
احتياطي النفط الاستراتيجي في «برايان ماوند» منشأة تخزين النفط في فريبورت بتكساس (رويترز)

هبطت أسعار النفط خلال التعاملات المبكرة، يوم الثلاثاء، في تراجع لليوم الثاني على التوالي، بفعل مخاوف من أن الرسوم الجمركية الأميركية على كندا والمكسيك والصين، ستؤدي لإبطاء اقتصادات في أنحاء العالم وإلحاق الضرر بالطلب على الطاقة، بينما تزيد مجموعة «أوبك بلس» إمداداتها.

وبحلول الساعة 00:16 بتوقيت غرينيتش، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 29 سنتاً، أو 0.42 في المائة، إلى 68.99 دولار للبرميل، في حين انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتاً، أو 0.55 في المائة، إلى 65.67 دولار للبرميل.

وأحدثت سياسات الحماية التي ينتهجها الرئيس الأميركي دونالد ترمب اضطراباً بالأسواق في شتى أنحاء العالم. فقد فرض ترمب رسوماً جمركية على كندا والمكسيك، موردي النفط الرئيسيين للولايات المتحدة، ثم أرجأها وزاد الرسوم على السلع الصينية. وردّت الصين وكندا على الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية.

وقال ترمب في بداية الأسبوع، إن هناك «فترة انتقالية» محتملة تواجه الاقتصاد، لكنه رفض التكهن بما إذا كانت الولايات المتحدة قد تواجه ركوداً، أم لا، وسط مخاوف أسواق الأوراق المالية من تأثير إجراءاته المتعلقة بالرسوم الجمركية. وقال دانيال هاينز كبير محللي السلع الأولية في «إيه إن زد»: «أثارت تصريحات ترمب موجة من البيع، إذ بدأ المستثمرون تقدير مخاطر ضعف نمو الطلب».

وتراجعت الأسهم، التي تتبعها أسعار النفط عادة، الاثنين، إذ عانت المؤشرات الثلاثة الرئيسية في «وول ستريت» من انخفاضات حادة. وسجل المؤشر «ستاندرد أند بورز» أكبر انخفاض يومي منذ 18 ديسمبر (كانون الأول)، كما هبط المؤشر «ناسداك» 4.0 في المائة، وهو أكبر تراجع يومي له منذ سبتمبر (أيلول) 2022.

وعلى صعيد الإمدادات، قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، إن مجموعة «أوبك بلس» قد تتراجع عن قرار زيادة الإنتاج، المقررة بدءاً من أبريل (نيسان)، في حالة اختلال التوازن في السوق.

وفي الولايات المتحدة، أظهر استطلاع أولي لـ«رويترز» الاثنين، أنه من المتوقع أن تكون مخزونات النفط الخام ارتفعت الأسبوع الماضي، في حين من المرجح انخفاض مخزونات نواتج التقطير والبنزين.

وأُجري الاستطلاع قبيل صدور تقرير معهد البترول الأميركي المقرر يوم الثلاثاء، وتقرير إدارة معلومات الطاقة، الذراع الإحصائية لوزارة الطاقة الأميركية، الأربعاء.