تثبيت الفائدة وخفض السندات... قرارات حاسمة من بنك إنجلترا

منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)
منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)
TT

تثبيت الفائدة وخفض السندات... قرارات حاسمة من بنك إنجلترا

منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)
منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)

في ظل مخاوف متزايدة من استمرار التضخم، كان من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي بنك إنجلترا على سعر الفائدة دون تغيير، في حين كانت أنظار المحللين مسلطة بوجه خاص على كيفية تأثير قرار صانعي السياسة النقدية بشأن مبيعات السندات في المالية العامة للبلاد، في وقت يشهد فيه الاقتصاد البريطاني تحديات متزايدة.

فقد صوّت المصرف المركزي، اليوم (الخميس)، على خفض مخزونه من السندات الحكومية البريطانية بمقدار 100 مليار جنيه إسترليني (132.95 مليار دولار) أخرى على مدى الأشهر الـ12 المقبلة؛ مما ألقى بثقله على مالية الحكومة، بالتزامن مع الإبقاء على أسعار الفائدة عند 5 في المائة.

وصوّتت لجنة السياسة النقدية بأغلبية (8 - 1) لصالح إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، مع تصويت العضو الخارجي سواتي دينغرا لصالح خفض آخر لأسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، بعد أن أجرى بنك إنجلترا خلال الشهر الماضي أول خفض لتكاليف الاقتراض منذ عام 2020.

وكان خبراء اقتصاديون، استطلعت «رويترز» آراءهم، توقعوا تصويتاً بأغلبية (7 - 2) لصالح إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير بعد قرار الشهر الماضي بأغلبية (5 - 4) بخفض أسعار الفائدة من أعلى مستوياتها السابقة في 16 عاماً.

ويوم الأربعاء، خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة الرئيسي بمقدار نصف نقطة مئوية، وهي خطوة أكبر من المتوقع تعكس ثقة البنك بتراجع ضغوط التضخم. وأشار أيضاً إلى أنه سيكون هناك مزيد من التخفيضات في الأشهر المقبلة.

لكن بنك إنجلترا تبنّى نبرة أكثر حذراً اليوم (الخميس). وقال محافظه أندرو بيلي إن تخفيف ضغوط التضخم يعني أن بنك إنجلترا سيكون قادراً على خفض أسعار الفائدة تدريجياً خلال الأشهر المقبلة.

وقال في بيان: «لكن من الأهمية بمكان أن يظل التضخم منخفضاً، لذلك نحتاج إلى توخي الحذر حتى لا نخفّض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة أو بشكل متكرر للغاية».

ويعتقد المستثمرون أن بنك إنجلترا سيخفّض الفائدة بمعدل أبطأ من «الفيدرالي» على مدار العام المقبل، مشيرين إلى ضغوط التضخم المستمرة.

وقال بنك إنجلترا إن التضخم السنوي لأسعار المستهلك من المرجح أن يرتفع إلى نحو 2.5 في المائة بحلول نهاية العام من 2.2 في المائة في أحدث البيانات، مقارنة بتوقعات سابقة بنحو 2.75 في المائة. وساعدت أسعار النفط المنخفضة في خفض توقعات التضخم.

وقبل قرار يوم الخميس، كان المستثمرون قد وضعوا في الحسبان نحو خمسة أرباع نقطة بحلول يونيو (حزيران) 2025؛ على غرار توقعات المصرف المركزي الأوروبي الذي خفض أسعار الفائدة مرتين بالفعل هذا العام.

وعلى النقيض من ذلك، يرون نحو سبعة تخفيضات من هذا القبيل في الولايات المتحدة، حتى بعد تحركها الضخم يوم الأربعاء.

استمرار التشديد الكمي

وكما توقعت سوق السندات بقوة، صوّتت لجنة السياسة النقدية بأغلبية (9 - 0) للحفاظ على وتيرة برنامج التيسير الكمي على مدى الشهور الـ12 التي تبدأ في أكتوبر (تشرين الأول).

ويمثّل التشديد الكمي عكس مسار مئات المليارات من الجنيهات الإسترلينية من مشتريات سندات الحكومة البريطانية من المحاولات السابقة لتحفيز الاقتصاد، من خلال السماح لهذه السندات بالاستحقاق، ولكن أيضاً من خلال المبيعات النشطة.

وستكون وتيرة التشديد الكمي بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني على مدى الشهور الـ12 المقبلة هي نفسها التي كانت عليها خلال العام الماضي، بما يتماشى مع توقعات السوق.

وكان بعض المستثمرين يتوقعون تسارع وتيرة التيسير الكمي؛ إذ يحتفظ بنك إنجلترا بنحو 87 مليار جنيه إسترليني (115.67 مليار دولار) من السندات الحكومية التي من المقرر أن تُستحق بصورة طبيعية خلال العام المقبل، مما يترك 13 مليار جنيه إسترليني (17.28 مليار دولار) فقط لمبيعات السندات الحكومية النشطة بالوتيرة الحالية.

وانتقد بعض المشرعين ومراكز البحوث برنامج التيسير الكمي؛ لأنه يسلّط الضوء على الخسائر التي تكبّدها بنك إنجلترا، الذي اشترى سندات حكومية في السنوات الأخيرة بأسعار أعلى بكثير من قيمتها الحالية، التي تُمرّر إلى دافعي الضرائب.

كما يتكبّد بنك إنجلترا خسائر من دفع الفائدة على الاحتياطيات التي يصدرها لتمويل مشترياته من السندات، التي تفوق الآن بكثير العائدات التي تولّدها السندات.

ويعتقد عديد من خبراء الاقتصاد أن وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز قد تغيّر القواعد المالية في المملكة المتحدة؛ لاستبعاد برنامج التيسير الكمي لبنك إنجلترا من ميزانيته الافتتاحية، المقرر صدورها في 30 أكتوبر؛ وهو ما قد يمنحه عدة مليارات من الجنيهات الإسترلينية من المساحة المالية الإضافية.

وأكد بنك إنجلترا أن التيسير الكمي يسير بسلاسة، مع وجود تأثير «متواضع» فقط على الموقف العام للسياسة النقدية. كما أكد أن التيسير الكمي ضروري لوقف الارتفاع المفاجئ في حيازاته من السندات وضمان قدرته على التصرف بمرونة في الأزمات المستقبلية.

وكانت الأرقام الصادرة، الأربعاء، قد أظهرت أن معدل التضخم الإجمالي في المملكة المتحدة ظل ثابتاً عند معدل سنوي قدره 2.2 في المائة في أغسطس (آب)؛ إذ عوّضت أسعار تذاكر الطيران المرتفعة عن انخفاض تكاليف الوقود وانخفاض فواتير المطاعم والفنادق.

ويعني هذا أن التضخم ظلّ أعلى بقليل من هدف بنك إنجلترا البالغ 2 في المائة للشهر الثاني على التوالي، بعد أن انخفض إلى الهدف لأول مرة منذ ما يقرب من ثلاث سنوات في يونيو، وفق وكالة «أسوشيتيد برس».

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يخفّض بنك إنجلترا تكاليف الاقتراض مرة أخرى في اجتماعه المقبل في نوفمبر (تشرين الثاني)، خصوصاً مع تحديد تفاصيل موازنة الحكومة في 30 أكتوبر.

وقالت حكومة حزب العمال الجديدة إنها بحاجة إلى سد فجوة قدرها 22 مليار جنيه إسترليني (29 مليار دولار) في المالية العامة، مشيرة إلى أنها قد تضطر إلى زيادة الضرائب وخفض الإنفاق، وهو ما من شأنه أن يضر بالتوقعات القريبة الأجل للاقتصاد البريطاني، ويضع ضغوطاً تنازلية على التضخم.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

الاقتصاد مبنى اتحاد الغرف السعودية في الرياض (الموقع الإلكتروني لاتحاد الغرف السعودية)

للمرة الأولى... اتحاد الغرف السعودية يشكّل لجنة للطاقة والبتروكيماويات

أعلن اتحاد الغرف السعودية تشكيل أول لجنة وطنية من نوعها للطاقة والبتروكيماويات تحت مظلة القطاع الخاص، لتعزيز مشاركته في صناعة سياسات هذا القطاع الحيوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مسؤولون بوزارة الطاقة السعودية بعد الإعلان عن الانضمام لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين (وزارة الطاقة السعودية)

السعودية تنضم لمبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود

أعلنت وزارة الطاقة السعودية انضمام المملكة إلى مبادرة الشراكة الدولية لتعزيز اقتصاد الهيدروجين وخلايا الوقود، وذلك ضمن مساعي البلاد لدعم الجهود الدولية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

رفعت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف السعودية إلى «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1»، مشيرة إلى جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.

«الشرق الأوسط» (نيويورك) «الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد أبراج إدارية وخدمية في الضاحية المالية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

حاكم تكساس يأمر الوكالات المحلية ببيع أصولها في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية وكالات الولاية بالتوقف عن الاستثمار في الصين، وبيع أصول هناك في أقرب وقت ممكن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - بكين)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
TT

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)
وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

قال وزير البترول المصري، كريم بدوي، إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية»، وإنه تابع ميدانياً أعمال حفر البئر الاستكشافية الجديدة (خنجر) لشركة شيفرون العالمية.

وأكد الوزير خلال المؤتمر السنوي العاشر لمؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز»، الأحد، على أهمية «الجهود الجارية مع شركاء الاستثمار في قطاع النفط والغاز للعمل على ضخ المزيد من الاستثمارات لزيادة الإنتاج من البترول والغاز والكشف عن المزيد من الموارد البترولية بطرق اقتصادية وأقل تكلفة، ومستدامة بيئياً، مع اتباع قواعد الحفاظ على السلام».

وأشار إلى أن «العمل مستمر على تنفيذ أولويات العمل البترولي التي تشمل توفير احتياجات المواطنين من المنتجات البترولية والغاز، من خلال التركيز على تعظيم البحث والاستكشاف والإنتاج وكفاءة إدارة الخزانات، والاستفادة الكاملة من البنية التحتية لتكرير البترول وإنتاج البتروكيماويات، واستخدامها بأفضل وسيلة لتحقيق قيمة مضافة وأقصى عائد من موارد البترول والغاز، فضلاً عن استغلال الإمكانيات والخبرات في تطوير قطاع التعدين المصري ورفع مساهمته في الناتج القومي من واحد في المائة حالياً إلى ما يتراوح بين 5 و6 في المائة في السنوات المقبلة».

وأكد بدوي على أن جذب رؤوس الأموال للاستثمار في قطاع النفط والغاز، «من أهم الأولويات التي تعمل عليها الوزارة، والتي أطلقت مبادرة في هذا الصدد في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي حققت نتائج إيجابية بجذب استثمارات مصرية للقطاع الخاص في مجال الاستكشاف والإنتاج».

وشدد في هذا الصدد، على أهمية التعاون الإقليمي لتحويل الطموحات إلى حقيقة ودعم دور مصر بصفتها مركزاً إقليمياً للطاقة، وهو ما «تدعم تحقيقه البنية التحتية في مصر والتعاون مع قبرص وشركائنا من الشركات العالمية لاستغلال الاكتشافات الحالية والمستقبلية للغاز في قبرص بواسطة البنية التحتية المصرية، لاستغلال الغاز لإعادة التصدير أو كقيمة مضافة للسوق المحلية».

وأضاف الوزير: «نعمل مثل فريق واحد مع وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة على تشكيل مزيج الطاقة الأمثل لمصر»، لافتاً إلى «التزام الحكومة بهدف زيادة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 42 في المائة بحلول عام 2030، مما يتيح الاستفادة من موارد الوقود التقليدي التي تتوفر في التصدير أو صناعات القيمة المضافة».