الصين تبحث رفع سن التقاعد مع انكماش القوى العاملة

مخاوف بشأن تفاقم البطالة بين الشباب والعمال المسنين

عمال في أحد مصانع المبردات في مقاطعة جيانغزو شرق الصين (أ.ف.ب)
عمال في أحد مصانع المبردات في مقاطعة جيانغزو شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تبحث رفع سن التقاعد مع انكماش القوى العاملة

عمال في أحد مصانع المبردات في مقاطعة جيانغزو شرق الصين (أ.ف.ب)
عمال في أحد مصانع المبردات في مقاطعة جيانغزو شرق الصين (أ.ف.ب)

درست أعلى هيئة تشريعية في الصين، خلال الأسبوع الحالي، خطة رسمية لتأخير سن التقاعد التي تعد من بين الأدنى في العالم، متخذة بذلك خطوة مهمة نحو تغيير قوانين تتعلق بالعمل يعود تاريخها إلى عقود من الزمن وتخفيف ضغوط اقتصادية ناجمة عن انكماش القوى العاملة.

وأعلن الحزب الشيوعي الحاكم في يوليو (تموز) الماضي أن الصين سترفع سن التقاعد تدريجياً. وتبلغ سن التقاعد حالياً 60 عاماً للرجال، وهي أقل بنحو 6 سنوات مقارنة بمعظم الاقتصادات المتقدمة، بينما تبلغ سن التقاعد للنساء العاملات في الوظائف المكتبية 55 عاماً، وللنساء العاملات في المصانع 50 عاماً.

ويمكن أن يسهم رفع سن التقاعد في تخفيف الضغوط على ميزانية المعاشات التقاعدية في وقت تواجه فيه العديد من الأقاليم الصينية بالفعل عجزاً كبيراً. وتتوقع السلطات الصحية في الصين أن يرتفع عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 60 عاماً فأكثر من 280 مليوناً إلى أكثر من 400 مليون بحلول 2035، وهو ما يعادل مجموع عدد السكان الحالي لبريطانيا والولايات المتحدة.

ويحصل كل متقاعد صيني حالياً على معاشه عبر مساهمات 5 عاملين حاليين، وهو نصف المعدل قبل 10 سنوات، وتتجه النسبة في الوقت الراهن نحو 4 عاملين لكل متقاعد بحلول 2030، وعاملين اثنين لكل متقاعد بحلول 2050.

وتظهر بيانات وزارة المالية أن 11 من بين 31 إقليماً في الصين تعاني من عجز في ميزانية المعاشات التقاعدية. وتتوقع الأكاديمية الصينية للعلوم التي تديرها الدولة أن ينفد المال من نظام المعاشات التقاعدية بحلول 2035.

وكان هذا الموضوع من أكثر الموضوعات تداولاً على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، بعد أن ذكرت وكالة أنباء «شينخوا» الرسمية أن كبار أعضاء المؤتمر الشعبي الوطني ناقشوا الموضوع في بكين يوم الثلاثاء؛ حيث أعرب العديد منهم عن مخاوفهم بشأن تزايد عدد الباحثين عن عمل الذين يسعون للحصول على فرص عمل غير كافية.

وقال مو رونغ، مدير الأكاديمية الصينية للعمل والعلوم الاجتماعية لصحيفة الشعب: «إنه خيار لا مفر منه بالنسبة للصين للتكيّف مع الوضع الطبيعي الجديد للتنمية السكانية»، مشيراً إلى أن الإصلاح أمر مُلح مع ارتفاع متوسط ​​العمر المتوقع في الصين إلى 78 عاماً اعتباراً من عام 2021، من نحو 44 عاماً في عام 1960، ومن المتوقع أن يتجاوز 80 عاماً بحلول عام 2050. وفي الوقت نفسه، يتقلص عدد السكان العاملين اللازمين لدعم كبار السن.

ومن المتوقع نشر مسودة التغييرات على القانون لتعديل سن التقاعد للحصول على ردود فعل عامة في الأسابيع المقبلة. وعلّق أكثر من 100 ألف فرد على منصة التواصل الاجتماعي «ويبو» تحت منشور «شينخوا»، معربين عن قلقهم بشأن تفاقم البطالة بين الشباب وكبار السن الذين يعملون لفترة أطول بسبب تأخر دفع المعاشات التقاعدية.

وقال أحد المعلقين: «لا يستطيع الشباب العثور على وظائف، ويشعر الأشخاص في منتصف العمر بالقلق من تسريحهم من العمل والآن هناك مشكلة أخرى: لا يستطيع كبار السن التقاعد».

وقال ستيوارت جيتل باستن، أستاذ العلوم الاجتماعية والسياسة العامة في جامعة العلوم والتكنولوجيا في هونغ كونغ، إنه من غير المرجح أن يؤدي رفع سن التقاعد إلى مطالبة الشباب وكبار السن بنفس الوظائف. وأضاف: «إنها مجموعة مختلفة من الوظائف التي سيحتفظ بها كبار السن، وظائف الياقات الزرقاء والياقات البيضاء والتي ستكون مختلفة عن الوظائف الأساسية».

وفي اليابان وكوريا الجنوبية، لا يمكن للناس الحصول على معاشات تقاعدية إلا عند سن 65 و63 عاماً على التوالي، ويرجع ذلك جزئياً إلى متوسط ​​العمر المتوقع الأطول. ومع ذلك، قد يكون رفع سن التقاعد أكثر تعقيداً في الصين بسبب الاختلافات بين المقاطعات وبين المناطق الريفية والحضرية.

وقال جيتل باستن: «عندما تنظر إلى متوسط ​​العمر المتوقع، فيجب رفعه، ولكن يجب أن يتم ذلك بطريقة عادلة، خاصة إذا كنت مهاجراً أو عاملاً مؤقتاً انتقل من مكان إلى آخر وقد لا تحصل على تلك السنوات مدفوعة الأجر».

وفي الأسواق، هبطت الأسهم الصينية يوم الأربعاء. وعند الإغلاق، انخفض مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 0.82 في المائة، ومؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ 0.7 في المائة. وانخفض مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية في الصين بنسبة 0.3 في المائة، مع انخفاض مؤشره الفرعي للقطاع المالي بنسبة 1.3 في المائة، ومؤشر صناعة النفط والغاز 1.7 في المائة، بينما ارتفع مؤشر السيارات الكهربائية بنسبة 3.3 في المائة.


مقالات ذات صلة

وزيرة الصناعة التونسية: نستهدف مضاعفة مساهمة الفوسفات في الناتج المحلي

الاقتصاد وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية فاطمة شيبوب في مؤتمر التعدين الدولي (الشرق الأوسط) play-circle 01:15

وزيرة الصناعة التونسية: نستهدف مضاعفة مساهمة الفوسفات في الناتج المحلي

أكدت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية فاطمة شيبوب، أن الفوسفات يساهم بنسبة 1 في المائة بالناتج المحلي الخام، وتهدف البلاد إلى مضاعفة هذه المساهمة.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد صورة عامة لقصر وزارة المالية في روما (رويترز)

إيطاليا تسجل دَيناً عاماً قياسياً يتجاوز 3 تريليونات دولار في نوفمبر

أعلن البنك المركزي الإيطالي، الأربعاء، أن الدين العام الإيطالي قد ارتفع بشكل إضافي في نوفمبر (تشرين الثاني) ليجاوز 3 تريليونات يورو (نحو 3.1 تريليون دولار).

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يلمح إلى استمرار التيسير النقدي وسط حالة من عدم اليقين

قال اثنان من كبار مسؤولي «المركزي الأوروبي»، يوم الأربعاء، إن البنك من المحتمل أن يواصل تخفيف سياسته النقدية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يسير الناس على طول الواجهة البحرية في لا ديفانس بالحي المالي والتجاري بالقرب من باريس (رويترز)

فرنسا تستهدف تضخماً 1.4 % وخفض الإنفاق العام في موازنة 2025

قالت وزيرة الموازنة الفرنسية أميلي دي مونتشالين، يوم الأربعاء، إن الحكومة تستهدف معدل تضخم يبلغ 1.4 في المائة، هذا العام، كما تهدف إلى خفض الإنفاق العام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد ميدان في توبنغن بألمانيا (رويترز)

الاقتصاد الألماني ينكمش للعام الثاني على التوالي في 2024

انكمش الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصاد في أوروبا، للعام الثاني على التوالي في عام 2024، وفقاً للأرقام الأولية الرسمية الصادرة يوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (برلين)

أرباح «غولدمان ساكس» ترتفع 68 % عام 2024

شعار «غولدمان ساكس» على أرضية بورصة نيويورك (رويترز)
شعار «غولدمان ساكس» على أرضية بورصة نيويورك (رويترز)
TT

أرباح «غولدمان ساكس» ترتفع 68 % عام 2024

شعار «غولدمان ساكس» على أرضية بورصة نيويورك (رويترز)
شعار «غولدمان ساكس» على أرضية بورصة نيويورك (رويترز)

حقق بنك «غولدمان ساكس» أفضل ربح له منذ الربع الثالث من عام 2021، مدفوعاً بالمصرفيين الذين جلبوا مزيداً من رسوم إبرام الصفقات وبيع الديون، والقوة في التداول، مما أدى إلى ارتفاع أسهمه بنسبة 3 في المائة قبل دق جرس الجلسة.

وقالت شركة «وول ستريت» العملاقة، يوم الأربعاء، إن الأرباح ارتفعت إلى 4.11 مليار دولار، أو 11.95 دولار للسهم المخفف، للربع الرابع المنتهي في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مقارنة بـ2.01 مليار دولار، أو 5.48 دولار للسهم المخفف، قبل عام. فيما حقق «غولدمان» أرباحاً بقيمة 14.28 مليار دولار في عام 2024، بزيادة 68 في المائة على العام السابق، وهو ما يعكس المكاسب التي حققها في الخدمات المصرفية الاستثمارية والتداول.

ويتوقع المسؤولون التنفيذيون في صناعة الخدمات المصرفية نشاطاً أقوى في إبرام الصفقات هذا العام مع خفض «بنك الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة وتعليقات الرئيس المنتخب دونالد ترمب المؤيدة للأعمال التجارية التي تغذي التفاؤل بين المستثمرين.

وقال الرئيس التنفيذي، ديفيد سولومون، في بيان: «نحن سعداء للغاية بنتائجنا القوية للربع والعام. أنا متشجع لأننا حققنا أو تجاوزنا جميع الأهداف التي حددناها في استراتيجيتنا لتنمية الشركة قبل 5 سنوات».

وارتفعت رسوم الخدمات المصرفية الاستثمارية لـ«غولدمان» بنسبة 24 في المائة إلى 2.05 مليار دولار خلال الربع الرابع، مدعومة بالاكتتاب في الديون التي استفادت من التمويل القوي بالاستدانة وبيع السندات للشركات.

وأدى التعافي على مستوى الصناعة في عمليات الدمج والاستحواذ، جنباً إلى جنب مع النشاط المتجدد في أسواق الأسهم والديون، إلى رفع النتائج في النصف الثاني من عام 2024 لأكبر بنوك «وول ستريت».

في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، قفزت إيرادات الاكتتاب في الأسهم وفي الديون بنسبة 98 و51 في المائة على التوالي، خلال الربع الرابع. وانخفضت الإيرادات الاستشارية بنسبة 4 في المائة.

وارتفعت إيرادات الخدمات المصرفية الاستثمارية الإجمالية عالمياً بنسبة 26 في المائة إلى 86.8 مليار دولار في عام 2024، مع الارتفاع في أميركا الشمالية بنسبة 33 في المائة عن العام الماضي، وفقاً لبيانات من شركة «ديولوجيك» المختصة في تقدم الاستشارات. وحقق «غولدمان» ثاني أعلى إيرادات بين البنوك على مستوى العالم.

في الشهر الماضي، قال سولومون في مؤتمر لـ«رويترز» إن إبرام الصفقات في الأسهم والاندماجات والاستحواذات قد تتجاوز متوسطات 10 سنوات في عام 2025.

وارتفعت إيرادات ذراع إدارة الأصول والثروات في «غولدمان» بنسبة 8 في المائة إلى 4.72 مليار دولار، في حين زادت الإيرادات في قسم الخدمات المصرفية العالمية والأسواق بنسبة 33 في المائة إلى 8.48 مليار دولار في الربع الرابع.

وواصل تجار الأسهم في البنك ركوب موجة صعود أوسع في سوق الأسهم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، حيث ارتفعت الإيرادات بنسبة 32 في المائة إلى 3.45 مليار دولار.

وحققت الأسهم في الولايات المتحدة مستويات قياسية مرتفعة، مدفوعة بالتفاؤل بشأن السياسات الاقتصادية للإدارة الجديدة، جنباً إلى جنب مع انخفاض أسعار الفائدة.

كما تألق تداول الدخل الثابت والعملات والسلع بارتفاع بنسبة 35 في المائة بالإيرادات.

وأعلن «غولدمان» عن مجموعة من التغييرات القيادية، يوم الاثنين، فقد أنشأ قسماً جديداً للتركيز على تمويل الصفقات الكبيرة وتقديم القروض للعملاء من الشركات، متطلعاً إلى الاستفادة من سوق الائتمان الخاص المربحة.