الأنظار تتجه نحو تقرير الوظائف اليوم: هل سيغير مسار الفائدة الأميركية؟

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

الأنظار تتجه نحو تقرير الوظائف اليوم: هل سيغير مسار الفائدة الأميركية؟

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

من المرجح أن يشكل تقرير الوظائف الشهري، الجمعة، لحظة محورية للاقتصاد الأميركي وبنك الاحتياطي الفيدرالي.

فإذا أظهر التقرير أن التوظيف كان ضعيفاً في أغسطس (آب) وأن معدل البطالة ارتفع - على غرار الأرقام غير المتوقعة الضعيفة لشهر يوليو (تموز) - فسيؤدي ذلك إلى زيادة المخاوف من تعثر سوق العمل. وقد يسعى «الفيدرالي» بعد ذلك إلى تقديم حافز بخفض أسعار الفائدة أكبر من المعتاد بمقدار نصف نقطة مئوية عندما يجتمع في وقت لاحق هذا الشهر، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

من ناحية أخرى، إذا انتعشت معدلات التوظيف من الزيادة التي سجلتها في يوليو والتي بلغت 114 ألف وظيفة فقط أو انخفض معدل البطالة من 4.3 في المائة ــ وهو أعلى مستوى في ثلاث سنوات، وإن كان لا يزال منخفضاً وفقاً للمعايير التاريخية - فإن هذا من شأنه أن يشير إلى استقرار سوق العمل، وإن كان يتباطأ. ومن المحتمل أن يجري «الفيدرالي» تخفيضاً أكثر اعتدالاً لسعر الفائدة الرئيسي، بمقدار ربع نقطة مئوية، مع ترك الباب مفتوحاً لمزيد من التخفيضات المستقبلية.

وقد تساعد أي من النتيجتين أيضاً في تشكيل الشهرين المتبقيين من السباق الرئاسي. وقد يؤدي تقرير ضعيف آخر عن الوظائف إلى تغذية مزاعم الرئيس السابق دونالد ترمب بأن إدارة بايدن - هاريس أشرفت على تدهور الاقتصاد.

ولكن تقريراً أكثر قوة من شأنه أن يزود نائبة الرئيس كامالا هاريس بدليل على أن سوق العمل لا تزال تعمل على الرغم من انخفاض التضخم من أعلى مستوى له في أربعة عقود إلى ما يقرب من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة؛ وهو ما يفتح الباب أمام خفض أسعار الفائدة. ومن شأن تخفيضات أسعار الفائدة القياسية التي ينفذها «الفيدرالي» أن تخفض في نهاية المطاف تكاليف الاقتراض لمجموعة من القروض الاستهلاكية والتجارية، بما في ذلك الرهن العقاري وقروض السيارات وبطاقات الائتمان.

وقد حدد المرشحان الرئاسيان خططاً اقتصادية متعارضة في خطاباتهما هذا الأسبوع، حيث تعهد ترمب خفض معدل ضريبة الشركات إلى 15 في المائة وإلغاء الضرائب على الإكراميات ودخل الضمان الاجتماعي. وتعهدت هاريس توسيع الخصومات الضريبية للشركات الناشئة مع رفع معدل ضريبة الشركات إلى 28 في المائة.

وتوقع الاقتصاديون أن تعلن الحكومة، الجمعة، أن أرباب العمل أضافوا 160 ألف وظيفة في أغسطس، وأن معدل البطالة انخفض إلى 4.2 في المائة. ومنذ أن وصل إلى أدنى مستوى له منذ نصف قرن عند 3.4 في المائة في أبريل (نيسان) من العام الماضي، ارتفع معدل البطالة بنسبة تقارب النقطة المئوية.

لكن معظم الارتفاع في معدلات البطالة يعكس تدفق الناس إلى سوق العمل - وخصوصاً المهاجرين الجدد وكذلك خريجو الكليات الجدد - الذين لم يجدوا عملاً على الفور وتم اعتبارهم عاطلين عن العمل. وهذا يجعل زيادة البطالة أقل إثارة للقلق مما لو كانت نتيجة لموجات من خفض الوظائف. والواقع أن وتيرة تسريح العمال لا تزال أعلى قليلاً فقط من مستواها قبل جائحة «كوفيد - 19».

ومع ذلك، فإن تباطؤ وتيرة التوظيف غالباً ما يكون مقدمة لتسريح العمال - وهو أحد الأسباب التي تجعل صناع السياسات في الفيدرالي يركزون الآن على الحفاظ على صحة سوق العمل أكثر من مواصلة مكافحة التضخم.

وكانت البيانات الاقتصادية الأخيرة متباينة؛ الأمر الذي أضاف إلى أهمية تقرير الوظائف، الذي يعدّ من بين أكثر البيانات شمولاً التي تصدرها الحكومة عن الاقتصاد. وتجري وزارة العمل استطلاعات رأي لنحو 119 ألف شركة ووكالة حكومية و60 ألف أسرة كل شهر لتجميع بيانات التوظيف.

وعلى الجانب السلبي، تعلن الشركات عن عدد أقل من الوظائف الشاغرة، ويقل عدد العمال الذين يستقيلون بحثاً عن فرص عمل جديدة. وفي سوق العمل الصحية، يكون العمال أكثر ميلاً إلى الاستقالة، وعادة ما يكون ذلك للاستفادة من فرص عمل جديدة أعلى أجراً. ويعني انخفاض عدد المغادرين انخفاض عدد الوظائف الشاغرة للعاطلين عن العمل.

وقال كبير الاقتصاديين في موقع الوظائف «غلاس دور»، دانيال تشاو: «يواجه الخريجون الجدد والعمال العائدون صعوبة بالغة في الالتحاق بالعمل. وبالنسبة لهؤلاء الأشخاص، يبدو الأمر أسوأ بالتأكيد لأنهم لا يستطيعون الحصول على فرصة عمل».

وفي «الكتاب البيج» الذي أصدره بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي يتألف من مجموعة من الحكايات من البنوك الإقليمية الاثني عشر التابعة للبنك، يبدو أن الكثير من أصحاب العمل أصبحوا أكثر انتقائية فيما يتصل بمن يوظفونهم في شهري يوليو وأغسطس. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «كونفرنس بورد» في أغسطس أن حصة الأميركيين الذين يعتقدون أن العثور على وظائف أمر صعب آخذة في الارتفاع، وهو الاتجاه الذي ارتبط في كثير من الأحيان بارتفاع معدلات البطالة.

وفي الوقت نفسه، ارتفع إنفاق المستهلكين، المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، بوتيرة صحية في يوليو. ونما الاقتصاد بمعدل سنوي بلغ 3 في المائة في الربع الثاني من أبريل إلى يونيو (حزيران).

وأوضح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أنه لا يريد إضعاف سوق العمل أكثر؛ ولهذا السبب فإن تقرير الوظائف الضعيف للغاية قد يدفع إلى خفض كبير في أسعار الفائدة هذا الشهر.

وفي وقت لاحق، الجمعة، من المقرر أن يناقش عضو مجلس محافظي «الفيدرالي»، كريستوفر والر، التوقعات الاقتصادية في خطاب في جامعة نوتردام. وقد يوفر والر، وهو عضو مؤثر في المجلس الحاكم، رؤى حول التحركات المقبلة من قِبل «الفيدرالي».

ويقول بعض خبراء سوق العمل إن تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة من قِبل «الفيدرالي» يمكن أن تحفز بعض الشركات على البدء في التوظيف بشكل أسرع.

وقالت رئيسة أميركا الشمالية في شركة «مان باور» العالمية للتوظيف، بيكي فرانكيفيتش: «الجميع ينتظرون، ويترقبون الاجتماع الذي سيعقد في منتصف سبتمبر (أيلول) لبدء العمل والبدء في الإنفاق».


مقالات ذات صلة

الاستخبارات التركية تتحرك لـ«رأب الصدع» في ليبيا

شمال افريقيا الدبيبة مستقبلاً رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين في طرابلس الخميس (وسائل إعلام تركية )

الاستخبارات التركية تتحرك لـ«رأب الصدع» في ليبيا

بحث رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين مع المسؤولين الليبيين في طرابلس سبل التوصل إلى حلول توافقية بين الأطراف من خلال حوار وطني شامل

سعيد عبد الرازق (أنقرة) جمال جوهر (القاهرة)
الاقتصاد مشاة يمرون أمام مقر بورصة وول ستريت في مدينة نيويورك الأميركية (أ.ب)

سوق العمل الأميركي يُظهر تحسناً طفيفاً مع انخفاض البطالة

انتعشت وتيرة التوظيف في الولايات المتحدة قليلاً في أغسطس مقارنة بوتيرة بطيئة في يوليو، وانخفض معدل البطالة للمرة الأولى منذ مارس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول يعمل في بورصة نيويورك للأوراق المالية (رويترز)

مخاوف الركود تتغلب على توقعات خفض الفائدة في الأسواق العالمية

أدت حالة القلق الزائدة بشأن التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة وشهر سبتمبر الذي يعد شهراً ضعيفاً تقليدياً لأسواق الأسهم إلى عاصفة مثالية جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد عمال يتجهون إلى العمل خلال ساعة الذروة الصباحية في الحي المالي كناري وارف بلندن (رويترز)

ارتفاع نشاط الخدمات في المملكة المتحدة بأسرع وتيرة منذ أبريل

نما نشاط الخدمات في المملكة المتحدة الشهر الماضي بأسرع وتيرة منذ أبريل (نيسان) وانخفضت ضغوط الأسعار، وفقاً لمسح أشار إلى توقعات أكثر إيجابية للتضخم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

لغز السياسة النقدية في منطقة اليورو... هل يتسبب في ركود جديد؟

يبدو أن أفضل تخمين للسوق هو أن المصرف المركزي الأوروبي لن يزيد من وتيرة رفع أسعار الفائدة في الدورة المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بريطانيا تتهم «غوغل» بإساءة استخدام هيمنتها في سوق الإعلانات الرقمية

شعار «مايكروسوفت» في لوس أنجليس (رويترز)
شعار «مايكروسوفت» في لوس أنجليس (رويترز)
TT

بريطانيا تتهم «غوغل» بإساءة استخدام هيمنتها في سوق الإعلانات الرقمية

شعار «مايكروسوفت» في لوس أنجليس (رويترز)
شعار «مايكروسوفت» في لوس أنجليس (رويترز)

قالت هيئة مكافحة الاحتكار البريطانية، يوم الجمعة، إنها وجدت بشكل مؤقت أن شركة «غوغل» التابعة لـ«ألفابت» أساءت استخدام مركزها المهيمن في الإعلان الرقمي لتقييد المنافسة.

وقالت هيئة المنافسة والأسواق إنها تعتقد بأن «غوغل» تستخدم ممارسات مناهضة للمنافسة في تقنية الإعلانات المفتوحة من خلال تفضيل بورصة الإعلانات الخاصة بها، وهو ما قد يلحق الضرر بآلاف الناشرين والمعلنين البريطانيين، وفق «رويترز».

وأشارت الهيئة إلى أن هذا استنتاج «مؤقت» للتحقيق الذي تم فتحه في عام 2022، ويمكن أن يصبح نهائياً، اعتماداً على الردود التي قدمتها المجموعة الأميركية الكبرى، موضحة أن هذه الاستنتاجات تتعلق بـ«الطريقة التي استخدمتها (غوغل) لمنح الأولوية لنظام تبادل الإعلانات الخاص بها، الأمر الذي يضر بالمنافسة».

وذكرت أن موقع «غوغل» المهيمن في هذا القطاع قد يكون أضر بمنافسيها، ومنعهم «من التنافس على قدم مساواة لتزويد الناشرين والمعلنين بخدمة أفضل وأكثر تنافسية».

ولفتت إلى أنها ستنظر «بدقة في ملاحظات (غوغل) قبل اتخاذ قرارها النهائي».

وقالت المديرة التنفيذية المؤقتة لهيئة المنافسة والأسواق، جولييت إنسر: «لقد وجدنا بشكل مؤقت أن (غوغل) تستخدم قوتها السوقية لعرقلة المنافسة عندما يتعلق الأمر بالإعلانات التي يراها الناس على مواقع الويب».

وأضافت: «تتمكن عديد من الشركات من الاحتفاظ بمحتواها الرقمي مجاناً أو أرخص من خلال استخدام الإعلانات عبر الإنترنت لتوليد الإيرادات. تصل الإعلانات على هذه المواقع والتطبيقات إلى ملايين الأشخاص في جميع أنحاء المملكة المتحدة؛ مما يساعد على شراء وبيع السلع والخدمات».

وقالت «غوغل» إنها لا توافق على وجهة نظر هيئة المنافسة والأسواق، وسترد وفقاً لذلك.

وقال نائب رئيس الإعلانات العالمية في «غوغل» دان تايلور: «تساعد أدوات تكنولوجيا الإعلان الخاصة بنا المواقع الإلكترونية والتطبيقات على تمويل محتواها، وتُمكّن الشركات من جميع الأحجام من الوصول بفعالية إلى عملاء جدد».

وأضافت: «تظل (غوغل) ملتزمة بخلق قيمة لشركائنا الناشرين والمعلنين في هذا القطاع شديد التنافسية. يعتمد جوهر هذه القضية على تفسيرات خاطئة لقطاع تكنولوجيا الإعلان».

كما تحقق وزارة العدل الأميركية، والمفوضية الأوروبية في أنشطة «غوغل» في تكنولوجيا الإعلان.

وفي يونيو (حزيران) 2023، قال المنظمون في الاتحاد الأوروبي إن «غوغل» قد تضطر إلى بيع جزء من أعمالها في تكنولوجيا الإعلان لمعالجة مخاوفها. وقالت الشركة في ديسمبر (كانون الأول) إن مثل هذه الخطوة ستكون «غير متناسبة».

وقالت هيئة المنافسة والأسواق إنها وجدت مؤقتاً أنه منذ عام 2015 على الأقل كانت «غوغل» تسيء استخدام هيمنتها على جانبَي الشراء والبيع لسلسلة توريد الإعلانات لصالح بورصة الإعلانات الخاصة بها (إيه دي إكس) في المزادات المطابقة.

وتستطيع الهيئة التنظيمية فرض غرامة تصل إلى 10 في المائة من إجمالي مبيعات الشركة، ويعتمد المبلغ على خطورة الانتهاك. كما يمكنها إصدار توجيهات ملزمة قانوناً لإنهاء الانتهاك. وقالت هيئة المنافسة والأسواق إنها ستنظر الآن في التصريحات المقدمة من «غوغل» قبل أن تتخذ قراراً بشأن الإجراء الذي ستتخذه.

وفي عام 2019، أنفق المعلنون في المملكة المتحدة نحو 1.8 مليار جنيه إسترليني (2.37 مليار دولار) على الإعلانات عبر الإنترنت للمستهلكين في المملكة المتحدة، وفقاً لهيئة المنافسة في المملكة المتحدة. كما أطلقت هيئات المنافسة الأميركية والأوروبية تحقيقات منفصلة في أنشطة الإعلان عبر الإنترنت لشركة «غوغل».