انقلاب تاريخي بسوق العقارات في هونغ كونغ

المهنيون والطلاب الصينيون يعززون الإيجار بدلاً من البيع

ناطحات سحاب في مدينة هونغ كونغ (أ.ف.ب)
ناطحات سحاب في مدينة هونغ كونغ (أ.ف.ب)
TT

انقلاب تاريخي بسوق العقارات في هونغ كونغ

ناطحات سحاب في مدينة هونغ كونغ (أ.ف.ب)
ناطحات سحاب في مدينة هونغ كونغ (أ.ف.ب)

يتجه بعض مطوري العقارات في هونغ كونغ الآن إلى تأجير المساكن للتغلب على الركود المطول في سوق العقارات، ولتلبية الطلب المتزايد على الإيجار من المهنيين والطلاب الصينيين.

ويعد التحول في استراتيجية المطورين خطوة نادرة في مدينة تفتخر ببعض من أعلى أسعار العقارات في العالم، وتؤكد التركيبة السكانية المتغيرة في هونغ كونغ.

وشهدت المستعمرة البريطانية السابقة نزوحاً للسكان -بما في ذلك المغتربون- بعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2019 ثم الوباء، حيث تم سد الفجوة السكانية الآن إلى حد كبير من خلال تدفق الصينيين من البر الرئيسي بعد مجموعة من مخططات قبول المواهب التي تم إطلاقها في عام 2022.

وأظهرت أحدث البيانات يوم الأربعاء أن إيجارات المنازل الخاصة في هونغ كونغ ارتفعت في يوليو (تموز) إلى أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من خمس سنوات، في حين انخفضت أسعار المساكن بنسبة 22 في المائة خلال الفترة نفسها.

ومع اختيار السكان المحليين أيضاً الاستئجار بدلاً من الشراء بسبب التوقعات الاقتصادية غير المؤكدة، يتوقع كثير من السماسرة العقاريين استمرار الاتجاه المتباين لأسعار المساكن والإيجارات في الأمد القريب.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت شركة «هندرسون لاند»، وهي شركة تطوير رئيسية في هونغ كونغ، إنها تعرض جزءاً من مشروعها «بيكر سيركل دوفر» في شبه جزيرة كولون للإيجار بدلاً من البيع.

ولم تكشف الشركة عن عدد الوحدات المتاحة للإيجار، لكنها قالت إن أكثر من 20 وحدة تم تأجيرها خلال أسبوع واحد، حيث تتراوح الإيجارات الشهرية من نحو 14 ألف دولار هونغ كونغي (1795 دولاراً أميركياً) لاستوديو إلى 19 ألف دولار هونغ كونغي لشقة من غرفة نوم واحدة. وعادة ما يعرض المطورون جميع شققهم للبيع في مشاريع سكنية.

وقال هندرسون في بيان: «بسبب التدابير الحكومية المختلفة لجذب المواهب، ارتفع الطلب في سوق التأجير السكني. وبالتالي فإننا نستخدم جزءاً من الإطلاقات السابقة للاستجابة للسوق».

كما أعلنت نظيرتها الأصغر «شيفالييه إنترناشيونال»، في وقت سابق من هذا الشهر، أنها ستوفر جميع الشقق البالغ عددها 58 شقة في مبنى جديد بمنطقة مجاورة للإيجار لتلبية الطلب.

وتأتي مثل هذه المشاريع في الوقت الذي وافقت فيه المدينة على 210 آلاف طلب بموجب مخططات المواهب التي أطلقتها قبل عامين. وتمنح إحدى خططها خريجي أفضل 100 جامعة في العالم أو أولئك الذين يكسبون دخلاً سنوياً لا يقل عن 2.5 مليون دولار هونغ كونغي تأشيرة لمدة 24 شهراً للإقامة في هونغ كونغ.

ووفقاً لرئيسها التنفيذي، جون لي، هذا الأسبوع، وصل بالفعل 140 ألفاً من الذين تمت الموافقة عليهم إلى هونغ كونغ، ويقدر خبراء سوق العقارات أن الغالبية العظمى منهم من البر الرئيسي للصين.

ويتجه مستثمرو العقارات بشكل متزايد أيضاً إلى سوق الإيجار، حيث يقومون بتجديد كثير من العقارات بما في ذلك الفنادق والمباني التجارية والسكنية لإسكان الطلاب، وفقاً للوسطاء العقاريين.

وقال ريموند لي، الرئيس التنفيذي لشركة الاستشارات العقارية «سافيلز» في الصين الكبرى: «هناك طلب أكبر على سكن الطلاب الآن لأن حصة الطلاب الأجانب قد زادت، كما أن العديد من الصينيين في البر الرئيسي غير قادرين على الحصول على قرض رهن عقاري لشقة».

وأعلنت حكومة هونغ كونغ العام الماضي أنه بدءاً من العام الدراسي 2024، سيتم مضاعفة حصة الطلاب غير المحليين في الجامعات الثماني إلى 40 في المائة من القبول.

وشهدت هونغ كونغ ما لا يقل عن ثلاث صفقات عقارية خلال الشهرين الماضيين بهدف تلبية الطلب المتزايد من الطلاب.

واشترت جامعة هونغ كونغ متروبوليتان في يونيو (حزيران) فندقاً مكتملاً حديثاً يحتوي على 255 غرفة في مشروع «هونغ هوم» مقابل مليار دولار هونغ كونغي لاستخدامه سكناً للطلاب، وهي أكبر صفقة سكن طلابي حتى الآن.

بينما حذر لي من أن إيجارات سوق السكن الطلابي قد تنخفض على المدى الطويل إذا نما العرض بسرعة، فإن الطلاب على استعداد لدفع زيادة خوفاً من ارتفاع الأسعار.

وقالت جوليا تشونغ، وهي طالبة من مدينة شنيانغ شمال شرق الصين، انتقلت مؤخراً إلى شقة من غرفتي نوم بالقرب من جامعة هونغ كونغ وتشاركها مع زميلتها في السكن: «أنا سعيدة لأنني حصلت على عقد الإيجار الجديد في يونيو، وهو أغلى بمقدار 500 دولار هونغ كونغي للفرد من شقتي السابقة... سمعت أن الإيجارات أصبحت أكثر تكلفة بكثير في يوليو وأغسطس (آب)».


مقالات ذات صلة

عائدات السندات اليابانية ترتفع بعد تأكيدات عن الاستعداد لتحريك الفائدة

الاقتصاد ناطحات سحاب في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

عائدات السندات اليابانية ترتفع بعد تأكيدات عن الاستعداد لتحريك الفائدة

ارتفعت عائدات السندات الحكومية اليابانية الأربعاء بعد أن أكد مسؤول كبير في بنك اليابان استعداد البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة إذا ظل التضخم على مساره.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سيدتان تراقبان حركة الأسهم في البورصة الصينية بمدينة شنغهاي (أ.ف.ب)

بيانات المستهلكين تهبط بأسهم الصين

هبطت أسهم الصين وهونغ كونغ، الأربعاء، بعد أن أبرزت نتائج مؤقتة مخيبة للآمال من شركات المشروبات والمطاعم مخاطر الانكماش.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد شعار شركة «ديدي» للنقل الذكي على شاشة جهاز كومبيوتر (رويترز)

«ديدي» الصينية تصبح ثاني أكبر مساهم في «أوتو آي» للقيادة الذكية

ستصبح «ديدي» ثاني أكبر مساهم في «أوتو آي»، وهي شركة تقدم برامج وأجهزة متعلقة بكابينة القيادة الذكية. وستكون «نافينفو» أكبر مساهم بنسبة 27 في المائة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد بورصة نيويورك في الحي المالي بمانهاتن (رويترز)

سبتمبر الحاسم... مصير الاقتصاد الأميركي على المحك

شكَّل خطاب جيروم باول في «جاكسون هول» أرضية مهمة لتحويل يومَي 6 و18 سبتمبر المقبل إلى أهم تاريخين للسياسة النقدية الأميركية منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة جماعية بعد توقيع الاتفاقية بين وزارة الصناعة والثروة المعدنية و«ليندو السعودية» (واس)

اتفاقية بين «الصناعة» السعودية و«ليندو» لتوفير حلول تمويلية للمنشآت بالقطاع

أبرمت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، الثلاثاء، اتفاقية مع «ليندو السعودية» لتوفير حلول تمويلية مبتكرة تدعم المنشآت الصناعية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«السيادي السعودي» يقترض 15 مليار دولار من تحالف مؤسسات مالية دولية

منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
TT

«السيادي السعودي» يقترض 15 مليار دولار من تحالف مؤسسات مالية دولية

منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)
منظر عام للعاصمة السعودية الرياض (رويترز)

حصل «صندوق الاستثمارات العامة» على تسهيلات ائتمانية دوّارة لأغراض مؤسسية عامة تبلغ قيمتها 15 مليار دولار (56.25 مليار ريال)، حيث ستحل محل تسهيل ائتماني دوّار بالقيمة نفسها متُفق عليه في عام 2021.

ووفق بيان نشره «السيادي» السعودي، الأربعاء، جرى تقديم التسهيلات الائتمانية لمدة أوّلية تبلغ 3 سنوات قابلة للتمديد حتى عامين إضافيين. ووقّع الصندوق اتفاقية التسهيلات مع تحالف دولي متنوع يضم 23 مؤسسة مالية من أوروبا، والولايات المتحدة، والشرق الأوسط، وآسيا.

وتعرف التسهيلات الائتمانية الدوّارة بأنها القروض المتجددة التي يمكن سحبها وسدادها وسحبها مرة أخرى خلال فترة الإقراض.

وجاء في البيان أن التمويل يعكس متانة المركز المالي والتصنيف الائتماني لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، وقوة مستويات الطلب من المصارف والمؤسسات المالية التي يرتبط الصندوق بعلاقات معها. ويعد الحصول على هذه التسهيلات الائتمانية امتداداً لاستراتيجية استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات التمويلية.

وكانت وكالة «رويترز» ذكرت سابقاً أن البنوك المشاركة في تمويل 2021 هي «بي إن بي باريبا»، و«بنك أوف أمريكا»، و«سيتي»، و«كريدي أغريكول»، و«كريديت سويس»، و«دويتشه بنك»، و«بنك أبوظبي الأول»، و«غولدمان ساكس»، و«إتش إس بي سي»، و«إنتيسا سان باولو»، و«جي بي مورغان»، و«ميزوهو»، و«مورغان ستانلي». و«ناتيكسيس»، و«سوسيتيه جنرال»، و«ستاندرد تشارترد»، و«إس إم بي سي».

تعزيز السيولة

ويفسر المختص في السياسات الاقتصادية أحمد الشهري في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، هذه الخطوة برغبة الصندوق السيادي في ضمان السيولة لمشاريع عاجلة أو لاقتناص فرص استثمارية فورية، مبيناً أنه قد تكون هناك أيضاً شروط خاصة ضمن التسهيلات تجعلها مغرية، ولاسيما أن احتمالات نسب الخفض في أسعار الفائدة تخضع لتجاذبات اقتصادية واسعة.

وأضاف الشهري أن هذا القرار مهم في إطار تعزيز سيولة «صندوق الاستثمارات العامة» وزيادة مرونته، مما يعكس استراتيجيته في دعم الاقتصاد السعودي وتنفيذ مشاريعه الواسعة وأعماله المؤسسية، ضمن «رؤية المملكة 2030».

مصادر التمويل

وتمثل القروض وأدوات الدين أحد مصادر التمويل الرئيسية الأربعة لدى «السيادي» السعودي، إلى جانب المساهمات النقدية من الحكومة، ونقل الأصول المملوكة للحكومة إلى الصندوق، وعوائد الاستثمارات.

وكان «صندوق الاستثمارات العامة» قد حصل على تصنيف «إيه1» مع نظرة مستقبلية إيجابية من وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني، وتصنيف «إيه+» من وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني مع نظرة مستقبلية مستقرة.

وكشف السيادي مؤخراً عن أن القيمة الإجمالية للأصول التي يديرها ارتفعت بنسبة 29 في المائة خلال العام الماضي إلى 2.87 تريليون ريال (765.6 مليار دولار) مقارنة بنهاية 2022، وبلغ متوسط إجمالي عائد المساهمين على أساس سنوي 8.7 في المائة منذ بدء برنامج تحقيق الرؤية، ليصل إجمالي الأصول تحت الإدارة إلى 3.47 تريليون ريال (925 مليار دولار).

كما قفز إجمالي إيرادات «السيادي» بمعدل 101 في المائة، إلى 331.360 مليار ريال (88.8 مليار دولار)، بنهاية عام 2023، مقارنة مع 165.052 مليار ريال (43.9 مليار دولار) في الفترة المماثلة من عام 2022.