تخارج أجنبي قياسي من الاستثمار في الصين بالربع الثاني

هزة في سوق السندات وسط ارتباك عالمي

متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
TT

تخارج أجنبي قياسي من الاستثمار في الصين بالربع الثاني

متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)
متداول يتابع حركة الأسهم في البورصة الصينية على شاشة بالعاصمة بكين (أ.ف.ب)

سحب المستثمرون الأجانب كميات قياسية من الأموال من الصين خلال الربع الثاني من العام الحالي، بما يعكس ازدياد التشاؤم بشأن أداء ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء إلى أن بيانات الإدارة العامة للنقد الأجنبي في الصين تشير إلى تراجع ميزان الالتزامات الاستثمارية المباشرة للصين بنحو 15 مليار دولار خلال الربع الثاني من العام الحالي، وهي المرة الثانية فقط التي تزيد فيها الاستثمارات الأجنبية المباشرة المنسحبة عن الاستثمارات المقبلة خلال ربع سنة، في حين بلغ إجمالي التراجع خلال النصف الأول من العام الحالي نحو 5 مليارات دولار.

وفي حال استمرار التراجع حتى نهاية العام، ستكون المرة الأولى منذ 1990 التي تزيد فيها قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخارجة من الصين على المقبلة إليها خلال عام.

يأتي ذلك في حين تتراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الصين خلال السنوات الأخيرة بعد أن وصلت في عام 2021 إلى مستوى قياسي قدره 344 مليار دولار. ويعود تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الصين إلى تباطؤ وتيرة نمو الاقتصاد الصيني وازدياد التوترات الجيوسياسية الذي دفع بعض الشركات إلى الحد من استثماراتها في الاقتصاد الصيني. كما أن التحول السريع نحو السيارات الكهربائية في الصين قلل حماس شركات السيارات العالمية التقليدية لضخ استثمارات جديدة هناك.

في المقابل، تبذل الحكومة الصينية جهوداً كبيرة من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة والمحافظة عليها، بعد أن سجلت في العام الماضي أقل معدل نمو لها. وترغب الحكومة في إظهار استمرار انفتاحها وحرصها على جذب الشركات الأجنبية على أمل أن تنقل هذه الشركات التكنولوجيا المتقدمة وتقاوم الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الصين.

في الوقت نفسه، سجلت استثمارات الشركات الصينية المتجهة إلى الخارج خلال الربع الثاني رقماً قياسياً قدره 71 مليار دولار، مقابل 39 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة نسبتها 80 في المائة سنوياً تقريباً.

وتتوسع الشركات الصينية في الاستثمار بالخارج، وبخاصة في مشروعات السيارات الكهربائية وبطاريات هذه السيارات بسبب القيود التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على دخول السيارات الكهربائية الصينية إلى أسواقها.

وفي غضون ذلك، هبطت سندات الحكومة الصينية بشكل حاد يوم الاثنين، بعد أسبوع مضطرب بدأ فيه البنك المركزي التدخل بقوة لوقف هبوط العائدات طويلة الأجل حتى مع معاناة الاقتصاد.

وانخفضت العقود الآجلة لسندات الخزانة الصينية لأجل 10 سنوات 0.6 في المائة في أسوأ يوم لها في 17 شهراً، بينما قفزت عائدات السندات التي تتحرك عكسياً مع الأسعار بنحو 4 نقاط أساس. لكن المستثمرين المتشددين يقولون إن سوق السندات الحكومية الصاعدة لا تزال قوية، مستشهدين بالاقتصاد الصيني المتذبذب والضغوط الانكماشية وانخفاض شهية المستثمرين للأصول الأكثر خطورة.

وقال مدير صندوق سندات لـ«رويترز»: «ما زلنا متفائلين بشكل نشط، وسط التحركات الحكومية غير المسبوقة لتهدئة سوق الخزانة المشتعلة ووقف هبوط العائدات». وقال مدير مقيم في بكين طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «لا نرى صورة اقتصادية وردية... ونحن تحت ضغط الأصول الأخرى لتوليد العائدات».

وحذر البنك المركزي الصيني مراراً وتكراراً من مخاطر الفقاعة المحتملة المزعزعة للاستقرار مع مطاردة المستثمرين للسندات الحكومية والابتعاد عن الأسهم المتقلبة وسوق العقارات المتدهورة، وذلك بينما تخفض البنوك أسعار الفائدة على الودائع. كما أن انخفاض العائدات يعقد جهود بنك الشعب الصيني (البنك المركزي الصيني) لتثبيت اليوان الضعيف.

ولكن مع تحويل بنك الشعب الصيني الآن للتهديدات من أجل ترويض صعود السندات، فتحت السلطات جبهة معركة جديدة - في أعقاب حروب استنزاف خاضتها لفترة طويلة ضد المضاربين وتحركات الأسعار غير المرغوب فيها في أسواق الأسهم والعملات في البلاد.

وعلى النقيض من الغرب، فإن «الأسواق المالية الصينية، بما في ذلك سوق السندات، تخضع للتنظيم من أعلى إلى أسفل»، كما قال ريان يونك، الخبير الاقتصادي في المعهد الأميركي للبحوث الاقتصادية.

ومع تعثر الاقتصاد، «سيواجه المسؤولون الصينيون صعوبة مزدادة في الحفاظ على مثل هذه الأسواق المالية الخاضعة لسيطرة مشددة، ومن المرجح أن تتدخل الصين بشكل إضافي، وقد يشير ذلك إلى عدم الاستقرار الذي يسعى المسؤولون الصينيون إلى تجنبه»، بحسب يونك.

ويوم الاثنين الماضي، وصلت العائدات طويلة الأجل في الصين إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق وسط رجة عالمية دفعت الأموال إلى الملاذات الآمنة مثل سندات الخزانة. وشهدت الأسواق قيام البنوك الحكومية ببيع كميات كبيرة من سندات الخزانة لأجل 10 سنوات و30 عاماً، بعد أن قفزت عقود الخزانة الآجلة إلى مستويات قياسية مرتفعة.


مقالات ذات صلة

ارتفاع معتدل لطلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

الاقتصاد علامة «نوظّف الآن» معروضة خارج شركة «تايلور» للحفلات وتأجير المعدات في سومرفيل بماساتشوستس (رويترز)

ارتفاع معتدل لطلبات إعانة البطالة الأسبوعية الأميركية

ارتفع عدد الأميركيين الذين قدّموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل طفيف الأسبوع الماضي؛ مما يشير إلى مستوى منخفض من عمليات التسريح.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تتحدث في مؤتمر صحافي حول السياسة النقدية لمنطقة اليورو (وكالة الصحافة الفرنسية)

«المركزي الأوروبي» يخفض الفائدة مجدداً مع تلاشي التضخم وتعثر الاقتصاد

خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.5 في المائة استجابة لانخفاض التضخم في منطقة اليورو.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد صورة جماعية بعد توقيع مذكرة التفاهم بين «سدايا» و«أوراكل» (واس)

«سدايا» السعودية توقع مذكرتي تفاهم مع «أوراكل» و«ديل» في مجال الذكاء الاصطناعي

وقّعت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) وشركة «أوراكل» الأميركية، الخميس، مذكرة تفاهم تهدف إلى تعزيز وعي المواطنين في الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مزارعون يجففون محصول الأرز في إحدى القرى بجنوب غربي الصين (أ.ف.ب)

الرئيس الصيني يدعو إلى تحقيق الهدف السنوي للاقتصاد

حث الرئيس الصيني شي جينبينغ يوم الخميس السلطات المحلية على السعي لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية السنوية للبلاد

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد عامل يراقب شاحنة تنقل سيارات «تسلا» من مصنع الشركة في مدينة شنغهاي الصينية (رويترز)

الصين تُحذر شركاتها من بناء مصانع السيارات بالخارج

حذّرت وزارة التجارة الصينية شركات صناعة السيارات في البلاد من مخاطر القيام باستثمارات مرتبطة بالسيارات في الخارج.

«الشرق الأوسط» (بكين)

الخزانة الأميركية: قواعد جديدة لضريبة 15% على الشركات الكبرى والأكثر ربحية

تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
TT

الخزانة الأميركية: قواعد جديدة لضريبة 15% على الشركات الكبرى والأكثر ربحية

تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)
تمثال للسيناتور السابق ألبرت غاليتين أمام وزارة الخزانة في واشنطن (رويترز)

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، اليوم (الخميس)، قواعد مقترحة لضريبة بديلة جديدة على الشركات من المتوقع أن تولّد 250 مليار دولار من الإيرادات الأميركية على مدى 10 سنوات من نحو 100 شركة كبيرة تدفع الآن معدلاً متوسطاً يبلغ 2.6 في المائة فقط.

وذكرت وزارة الخزانة، في بيان، أن الضريبة ستُطبّق على الشركات التي يبلغ متوسط دخلها المالي المعدل مليار دولار أو أكثر سنوياً. وغالباً ما تستخدم هذه الشركات خصومات على الدخل واستراتيجيات أخرى لتقليل دخلها الصافي وضريبتها الفيدرالية، في بعض الأحيان إلى الصفر، وفق «رويترز».

وعلى الرغم من وجود متطلب عام للشركات التي تحقّق الحد الأدنى من الربح البالغ مليار دولار لدفع ضريبة الحد الأدنى البديلة بنسبة 15 في المائة، فإن التوضيحات الأكثر تحديداً الواردة في قواعد، الخميس، المقترحة ستنطبق على السنة الضريبية 2024، وفقاً لمسؤولي الخزانة.

وامتنع المسؤولون في وزارة الخزانة عن تحديد الشركات المائة التي من المحتمل أن تخضع للضريبة، ولكنهم أضافوا أنها تدفع حالياً معدل ضريبة فعّالاً متوسطاً قدره 2.6 في المائة بعد الخصومات والاعتمادات، إذ تدفع نحو 60 منها أقل من 1 في المائة.

وتمت الموافقة على الضريبة الجديدة بصفتها جزءاً من قانون خفض التضخم لعام 2022 للمساعدة في تعويض تكلفة مئات المليارات من الدولارات من ائتمانات الطاقة النظيفة الجديدة.

وقالت وزيرة الخزانة جانيت يلين، في بيان: «القواعد المقترحة التي نشرتها وزارة الخزانة اليوم (الخميس) تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق جهود الكونغرس لمعالجة أسوأ حالات تجنب الضرائب من قِبل الشركات الأميركية، وضمان عدم تمكّن أكبر الشركات وأعلاها ربحية في البلاد من دفع ضرائب قليلة أو لا تدفع على الإطلاق».

وأضافت أن الضريبة الجديدة ستساعد في تحقيق توازن للمنافسة مع الشركات الصغيرة، التي لا تمتلك الوصول إلى محامين ومستشارين ضريبيين مكلفين لوضع استراتيجيات معقدة لتقليل الضرائب.

وقال مسؤولون إن القواعد التي نُشرت في السجل الفيدرالي الخميس، توفر مزيداً من الوضوح بشأن الحدود المفروضة على الخصومات التي يمكن تطبيقها لتحديد الدخل المعدل والمسؤولية الضريبية.

وقالت وزارة الخزانة إنها ستقبل التعليقات العامة على القواعد المقترحة حتى 12 ديسمبر (كانون الأول)، بما في ذلك طلبات التحدث في جلسة استماع في 16 يناير (كانون الثاني) 2025.