«الفيدرالي» يخطط لخفض الفائدة بناء على بيانات التضخم وليس تقلبات السوق

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يخطط لخفض الفائدة بناء على بيانات التضخم وليس تقلبات السوق

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)

أصبح صُنّاع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي على ثقة متزايدة بأن التضخم يبرد بما يكفي للسماح بخفض أسعار الفائدة في المستقبل، وأنهم سيسترشدون بحجم وتوقيت هذه التخفيضات من البيانات الاقتصادية وليس من اضطرابات سوق الأسهم.

وكانت هذه هي الرسالة المشتركة لثلاثة من مسؤولي «المركزي الأميركي» الذين تحدثوا يوم الخميس، الذين كانت لديهم وجهات نظر مختلفة قليلاً حول مكان وجود الاقتصاد بالضبط بعد أسبوع واحد من قرارهم الإبقاء على سعر الفائدة ثابتاً، ولكن الإشارة إلى تخفيض في أقرب وقت ممكن من الشهر المقبل، وفق «رويترز».

وقد أدى الارتفاع في معدل البطالة الأميركي في يوليو (تموز)، الذي تم الإبلاغ عنه يوم الجمعة، إلى إطلاق موجة بيع عالمية في الأسهم استمرت حتى يوم الاثنين، قبل أن تتعافى الأسهم جزئياً، حيث قلق المستثمرون والمحللون من أن الولايات المتحدة تتجه نحو الركود، وأن «الاحتياطي الفيدرالي» سيحتاج إلى الرد بقوة.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، توماس باركين، يوم الخميس: «من الصعب القول إن شيئاً ما قد حدث للتو وهو أمر هائل على صعيد الأسهم»، مشيراً إلى أن مؤشرات سوق الأسهم الأميركية الرئيسية لا تزال مرتفعة منذ بداية العام.

وأوضح، في حدث افتراضي نظّمته الجمعية الوطنية لاقتصادات الأعمال، أن «جميع عناصر التضخم تبدو أنها تستقر، وأنا متفائل نسبياً بشأن استمرار ذلك بناءً على المحادثات التي أجريتها».

وأشارت المحادثات نفسها مع قادة الأعمال أيضاً إلى أن التباطؤ في سوق العمل في الولايات المتحدة كان نتيجة لتباطؤ التوظيف، وليس زيادة عمليات التسريح.

وقال: «أعتقد بأن لديك بعض الوقت في اقتصاد سليم لمعرفة ما إذا كان هذا اقتصاداً يتحرك بلطف نحو حالة طبيعية تسمح لك بتطبيع الأسعار بطريقة ثابتة ومتعمدة، أو ما إذا كان اقتصاداً تحتاج فيه حقاً إلى التدخل مباشرة».

وأشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، جيف شميد، وهو أحد صُنّاع السياسة الأكثر تشدداً في «المركزي الأميركي»، أيضاً إلى الأسواق المالية المضطربة أخيراً.

وقال في تصريحات أُعدت لإلقائها في الاجتماع السنوي لرابطة المصرفيين في كانساس بمدينة كولورادو سبرينغز في ولاية كولورادو: «يمكن أن تكشف الظروف المالية عن معلومات مهمة حول مسار الاقتصاد، ويمكن أيضاً أن تتسبب في تداعيات على الاقتصاد الحقيقي. ومع ذلك، يجب أن يظل الاحتياطي الفيدرالي مُركّزاً على تحقيق تفويضه المزدوج المتمثل في تحقيق العمالة الكاملة واستقرار الأسعار».

وفي هذا الصدد، قال إن البيانات «المشجعة» الأخيرة التي تظهر أن التضخم عند مستوى 2.5 في المائة تمنحه مزيداً من الثقة في أن التضخم يتجه نحو هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

وأضاف: «إذا استمرّ انخفاض التضخم، فستزداد ثقتي في أننا على الطريق الصحيح لتحقيق جزء استقرار الأسعار من تفويضنا، وسيكون من المناسب تعديل موقف السياسة».

ووصف شميد الاقتصاد بأنه مرن، والطلب الاستهلاكي قوي، وسوق العمل تتباطأ بشكل ملحوظ ولكنها لا تزال «صحية للغاية»، وقال إنه يرى أن موقف السياسة الحالي «ليس مقيداً للغاية».

وقال: «مع الصدمات الهائلة التي تعرض لها الاقتصاد حتى الآن في هذا العقد، لا أريد أن أفترض أي مسار أو نقطة نهاية معينة لسعر الفائدة».

من جانبه، أكد رئيس بنك شيكاغو الفيدرالي، أوستن غولسبي يوم الخميس، وجهة نظره بأن سياسة البنك المركزي مشددة، وأن الإبقاء على تكاليف الاقتراض عند مستواها الحالي حتى مع انخفاض التضخم يعني تشديده أكثر، مما يُعرّض سوق العمل للخطر.

لكن مثل نظرائه الأكثر تشدداً، قال غولسبي إن سوق الأسهم والانتخابات الرئاسية المقبلة لن تحددا سياسة «الاحتياطي الفيدرالي».

وقال غولسبي في مقابلة على قناة «فوكس نيوز»: «الاحتياطي الفيدرالي خارج مجال الانتخابات. الاحتياطي الفيدرالي في مجال الأعمال الاقتصادية. نحن لسنا في مجال الاستجابة لسوق الأسهم. نحن في مجال تحقيق أقصى قدر من العمالة وتثبيت الأسعار».


مقالات ذات صلة

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

دي غالو من «المركزي الأوروبي»: يجب إبقاء خيارات خفض الفائدة أكبر في ديسمبر

أكد عضو البنك المركزي الأوروبي، فرانسوا فيليروي دي غالو، الخميس، أن البنك يجب أن يبقي خياراته مفتوحة لخفض أكبر لأسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول).

«الشرق الأوسط» (باريس - فرانكفورت )
الاقتصاد متسوق ينظر إلى رف من منتجات الألبان بمتجر «ريوي» في بوتسدام (رويترز)

التضخم في ألمانيا يستقر عند 2.4 % خلال نوفمبر

ظل التضخم في ألمانيا مستقراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، على الرغم من توقعات بارتفاعه للمرة الثانية على التوالي، مما أوقف الاتجاه التنازلي بأكبر اقتصاد في أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الاقتصاد منظر عام للعاصمة المنامة (رويترز)

صندوق النقد الدولي يشيد بمرونة الاقتصاد البحريني رغم التحديات المالية

شهد الاقتصاد البحريني نمواً ملحوظاً؛ حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 3 في المائة عام 2023.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار بنك كوريا يظهر على قمة مبناه في سيول (رويترز)

سياسات ترمب التجارية تدفع كوريا الجنوبية لخفض الفائدة

خفض البنك المركزي في كوريا الجنوبية سعر الفائدة الرئيسي للشهر الثاني على التوالي، قائلاً إن اقتصاد البلاد سينمو بوتيرة أبطأ مما كان متوقعاً في البداية.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد شخص يتسوق لشراء الطعام في أحد المتاجر الكبرى استعداداً لعيد الشكر في شيكاغو (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يرتفع مجدداً

تسارعت زيادات الأسعار للمستهلكين في الشهر الماضي، مما يشير إلى أن التراجع المستمر في التضخم على مدار العامين الماضيين قد بدأ يواجه تحديات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )

الصيرفة الإسلامية تتجاوز 4 تريليونات دولار من الأصول المالية

أمين عام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الدكتور عبد الإله بلعتيق (الشرق الأوسط)
أمين عام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الدكتور عبد الإله بلعتيق (الشرق الأوسط)
TT

الصيرفة الإسلامية تتجاوز 4 تريليونات دولار من الأصول المالية

أمين عام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الدكتور عبد الإله بلعتيق (الشرق الأوسط)
أمين عام المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية الدكتور عبد الإله بلعتيق (الشرق الأوسط)

كشف الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، الدكتور عبد الإله بلعتيق، لـ«الشرق الأوسط»، عن بلوغ حجم الصيرفة الإسلامية حالياً أكثر من 4 تريليونات دولار من الأصول المالية، مع حصة كبيرة تأتي من دول الخليج، خصوصاً السعودية، والكويت، والإمارات، إضافة إلى ماليزيا، موضحاً أن هذا التفاوت يعكس مدى اختلاف السياسات الاقتصادية والبنية التحتية لكل دولة، وأيضاً مستوى التوعية المالية بالأنظمة المصرفية الإسلامية.

جاء ذلك مع عقد المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية - المظلة الرسمية للصناعة المالية الإسلامية- اللقاء الاستراتيجي الثاني للاقتصاد الإسلامي بعنوان: «الابتكار المستدام في المالية الإسلامية: تحقيق مقاصد الشريعة في تطوير المنتجات» في جدة (غرب السعودية).

وركَّز اللقاء على أهمية تبني استراتيجيات عملية تُسهم في مواجهة التحديات الراهنة في القطاع المالي، مع تحقيق التوازن بين الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، الأمر الذي يُسهم في تعزيز دور المؤسسات المالية الإسلامية في دعم الاقتصاد الإسلامي، وتحقيق مقاصد الشريعة، مع ضمان المرونة والنمو، في ظل التغييرات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة.

إجمالي الأصول عالمياً

وبيّن بلعتيق أن الاهتمام بالصيرفة الإسلامية بدأ بشكل ملحوظ بعد الأزمة المالية العالمية (2007-2009). ففي عام 2010، وصلت أصول الصيرفة الإسلامية عالمياً إلى نحو تريليون دولار، ما جذب انتباه عدد من المسؤولين والمنظمات الدولية وصناديق التمويل.

وبحلول عام 2023، تجاوز حجم أصول الصيرفة الإسلامية 4 أضعاف هذا الرقم، ما يشير إلى نمو ملحوظ في أقل من 13 عاماً، حتى مع الأزمات المالية المتعاقبة، مثل أزمة ما قبل جائحة «كورونا»، وفق بلعتيق.

ولفت إلى أهمية الصيرفة الإسلامية في المجتمعات، من ناحية دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة؛ حيث تلعب البنوك الإسلامية دوراً حيوياً في دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما يُعزز الاقتصاد المحلي، ويخلق فرص عمل جديدة.

معدلات النمو

وأوضح بلعتيق أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، حققت البنوك الإسلامية نمواً يفوق نظيراتها التقليدية في معظم الدول، خصوصاً تلك التي تنشط فيها المؤسسات الأعضاء.

وقال إن مساهمة الصيرفة الإسلامية في الناتج المحلي الإجمالي تختلف بشكل كبير بين الدول الإسلامية، وذلك بسبب اختلاف حجم الاقتصادات والبنية التحتية المالية، ومدى تقبُّل كل دولة للنظام المصرفي الإسلامي.

وأكد بلعتيق أن السعودية من كُبرى الدول في الصيرفة الإسلامية، وذلك بسبب قوة اقتصادها وحجم البنوك الإسلامية الكبيرة فيها، مثل مصرف «الراجحي»، والبنك «الأهلي السعودي» (الذي تحوَّل إلى بنك إسلامي بالكامل). وتسهم الصيرفة الإسلامية بنسبة كبيرة في القطاع المالي السعودي.

وأوضح أن الإمارات والكويت تتمتعان بقطاع مصرفي إسلامي متطور ومهم، مع وجود بنوك إسلامية رائدة، مثل بنك «دبي» الإسلامي في الإمارات، فيما تُعدّ ماليزيا من الدول الرائدة في تطوير البنية التحتية والتشريعية في هذا المجال، ولديها تجربة ناجحة على المستوى الدولي.

ولكن حجم الصيرفة الإسلامية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي يظل أقل من السعودية، أما تركيا فرغم قوة الاقتصاد التركي، فإن نسبة الصيرفة الإسلامية فيه لا تتجاوز 6-7 في المائة، مرجعاً السبب إلى هيمنة البنوك التقليدية وتأخر نمو القطاع الإسلامي نسبياً، وفق بلعتيق.

الحوكمة في المصارف الإسلامية

وذكر الأمين العام للمجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية، أن معايير الحوكمة الرشيدة، سواء الإدارية أو الشرعية، تُعد جزءاً أساسياً من عمل المؤسسات المالية الإسلامية، وهي ملزمة باتباع معايير تفرضها غالباً القوانين المحلية أو هيئات الرقابة الشرعية، وهذا لضمان توافق العمليات المالية مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

وأفاد بأن معظم الدول التي تحتضن مؤسسات مالية إسلامية تفرض وجود هيئات شرعية داخل المصارف، وهي تراجع المنتجات والخدمات للتأكد من توافقها مع الأحكام.

واستطرد: «المصارف الإسلامية تلتزم بهيكل حوكمة مزدوج، يشمل الإدارية التقليدية، إضافة إلى الحوكمة الشرعية، مشيراً إلى أن هذا النظام يضفي عليها التزاماً أخلاقياً قوياً، خصوصاً فيما يتعلق بالشفافية والمسؤولية الاجتماعية».

وشدّد بلعتيق على أن التطوير المستمر في الحوكمة، خصوصاً مع دمج الابتكار والاستدامة، يسهم في رفع كفاءة المصارف الإسلامية وزيادة موثوقيتها عالمياً، كما يُعزز من دورها في تقديم تمويل أخلاقي يتوافق مع مقاصد الشريعة.

وشهدت الجلسة الافتتاحية كلمة رئيسة خاصة من نائب رئيس مجلس الإدارة الأول في المجلس العام، ومحافظ بنك «فيصل الإسلامي المصري» عبد الحميد أبو موسى، موضحاً: «تظل الصناعة المالية الإسلامية راسخة في مبادئها الأساسية التي وجهت التمويل الإسلامي عبر الأجيال، وبصفتنا قادة في هذه الصناعة، فإننا ندرك الفرص التي يقدمها الابتكار ومبادرات الاستدامة في توسيع قدرتنا على خدمة احتياجات المجتمع، مع تحقيق مقاصد الشريعة. ومن خلال هذه المنصة التعاونية، نلتزم بتطوير حلول مالية تُحافظ على مبادئنا الشرعية الأساسية مع معالجة التحديات المعاصرة، بما في ذلك التنمية المستدامة».

وتضمنت الجلسة الافتتاحية أيضاً كلمات خاصة من الدكتور محمد مصطفى شعيب، مدير إدارة البحوث والدراسات والموسوعات والترجمة والطباعة في مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

وشهد اللقاء الاستراتيجي جلستين حواريتين. في الجلسة الأولى، ناقش الرئيس التنفيذي لشركة «صالحين للاستشارات الشرعية» في ماليزيا البروفسور أحسن لحساسنة، العلاقة بين مقاصد الشريعة الإسلامية والممارسات المالية المستدامة.

وفي الجلسة الثانية، شارك المدير العام بالإنابة لمعهد البنك الإسلامي للتنمية، الدكتور سامي سويلم، والمدير العام للبنك العربي الإسلامي الدولي في الأردن إياد العسلي، في نقاشات تفاعلية حول ابتكار المنتجات المستدامة، بدءاً من المفاهيم النظرية وصولاً إلى التطبيق العملي والمنتج الأخير للعميل، مع عرض أفضل الممارسات في تطوير المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.