التضخم الصيني يتجاوز التوقعات مع «طقس متطرف» في يوليو

مخاوف بشأن تباطؤ الطلب المحلي... و10 مليارات دولار خسائر للكوارث الطبيعية

سيدة تتبضع عند قسم الخضراوات والفاكهة في أحد المتاجر الكبرى في بكين (أ.ف.ب)
سيدة تتبضع عند قسم الخضراوات والفاكهة في أحد المتاجر الكبرى في بكين (أ.ف.ب)
TT

التضخم الصيني يتجاوز التوقعات مع «طقس متطرف» في يوليو

سيدة تتبضع عند قسم الخضراوات والفاكهة في أحد المتاجر الكبرى في بكين (أ.ف.ب)
سيدة تتبضع عند قسم الخضراوات والفاكهة في أحد المتاجر الكبرى في بكين (أ.ف.ب)

ارتفعت أسعار المستهلكين في الصين الشهر الماضي بنسبة تفوق التوقعات، ويرجع السبب في ذلك أساساً إلى عوامل موسمية، مثل سوء الأحوال الجوية، ما يثير المخاوف بشأن تباطؤ حجم الطلب المحلي، ويعزز الحاجة إلى مزيد من سياسات الدعم.

وذكر المكتب الوطني للإحصاء في الصين أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع الشهر الماضي بنسبة سنوية بلغت 0.5 في المائة، ليتجاوز تقديرات وكالة «بلومبرغ» التي تبلغ 0.3 في المائة.

وباستثناء أسعار الطاقة والسلع المتقلبة، مثل المواد الغذائية، ارتفع المؤشر الرئيسي لأسعار المستهلك بنسبة 0.4 في المائة، في أدنى معدل له منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، في مؤشر على تراجع حجم الطلب بشكل عام.

ونقلت «بلومبرغ» عن سيرينا تشو، كبيرة خبراء الشؤون الصينية بشركة «ميزوهو سيكيوريتيز آسيا ليمتد للسندات المالية» قولها: «ظروف الطقس غير المواتية وانخفاض قاعدة أسعار لحوم الخنزير من العام الماضي كانا من العوامل الرئيسية لارتفاع التضخم، بدلاً من زيادة حجم الطلب المحلي»، وأضافت: «نتوقع دعماً مالياً ونقدياً منسقاً خلال النصف الثاني من عام 2024».

وقالت لين سونغ، كبيرة خبراء الاقتصاد في الصين الكبرى لدى «آي إن جي»، لـ«رويترز»: «الظروف مهيأة لرؤية اتجاه التضخم أعلى قليلاً في الأشهر المقبلة، لكن هذا ينبغي ألا يعوق مزيداً من التيسير النقدي. ومع انخفاض التضخم، وضعف نشاط الائتمان، تستمر العوامل المحلية في تفضيل مزيد من تخفيف السياسة النقدية. ونستمر في البحث عن خفض آخر على الأقل لأسعار الفائدة هذا العام، مع إمكانية المزيد إذا تسارعت تخفيضات أسعار الفائدة العالمية».

ومن جانبها، أرجعت دونغ ليغوان، كبيرة خبراء الإحصاء في مكتب الإحصاء الصيني، ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين إلى «استمرار تعافي الطلب الاستهلاكي»، غير أنها أشارت إلى أن ارتفاع درجات الحرارة والأمطار في بعض المناطق كان له تأثير على الأسعار.

وأوضحت دونغ ليغوان في تصريحات لـ«بلومبرغ» أن سوء الأحوال الجوية أدى إلى ارتفاع أسعار الخضراوات والبيض خلال يوليو (تموز) الماضي، ما أدى إلى تعويض خسائر الشهر السابق عليه. وذكرت أن أكبر زيادة في أسعار لحوم الخنزير منذ عام 2022، بفضل تراجع قاعدة الأسعار من العام الماضي أسهمت أيضاً في زيادة التضخم.

وبالتزامن، قالت الحكومة الصينية إن الأمطار الغزيرة والفيضانات الشديدة أدت إلى مضاعفة الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية في يوليو مقارنة بالعام السابق. وذكرت وزارة إدارة الطوارئ أن الكوارث الطبيعية كبّدت الصين خسائر اقتصادية بقيمة 76.9 مليار يوان (10.1 مليار دولار) الشهر الماضي، و88 في المائة منها ناجم عن الأمطار الغزيرة أو الفيضانات وتبعاتهما. وأظهرت بيانات الوزارة أن هذه هي أكبر خسائر تقع في شهر يوليو منذ عام 2021.

وأضافت الوزارة أن الكوارث الطبيعية خلال الشهر أضرت بنحو 26.4 مليون شخص، من بينهم 328 قتيلاً أو مفقوداً، في أرجاء الصين.

وأجلت السلطات خلال الشهر 1.1 مليون شخص، وانهار 12 ألف منزل، وتضرر 157 ألف منزل آخر، ونحو 2.42 مليون هكتار من الأراضي الزراعية.

وفي الأسواق، أغلقت الأسهم الصينية منخفضة، الجمعة، حتى بعد أن أظهرت البيانات ارتفاع أسعار المستهلكين في البلاد بمعدل أسرع من المتوقع في يوليو، مع تأكيد المحللين على أن الطلب لا يزال بطيئاً.

وكانت الأسهم الآسيوية تحاول إنهاء أسبوع صعب على ارتفاع بعد انتعاش «وول ستريت» عقب بيانات أظهرت انخفاض طلبات إعانة البطالة في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي، في حين كافحت الأسهم اليابانية للحفاظ على ارتفاع مبكر.

وعند الإغلاق، انخفض مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 0.27 في المائة، ومؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية 0.34 في المائة، مع ارتفاع مؤشره الفرعي للقطاع المالي بنسبة 0.07 في المائة، ومؤشر العقارات بنسبة 1.67 في المائة، في حين انخفض قطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 0.23 في المائة، ومؤشر الرعاية الصحية الفرعي بنسبة 1.63 في المائة.

وارتفع مؤشر «هانغ سنغ» 1.17 في المائة، ومؤشر «هانغ سنغ للشركات الصينية» 1.29 في المائة. في حين أنهى مؤشر «شينزين الأصغر» التعاملات على انخفاض 0.66 في المائة، ومؤشر «تشينكست المركب» بنسبة 0.985 في المائة.


مقالات ذات صلة

النحاس يرتفع مع انتعاش البيانات الاقتصادية العالمية

الاقتصاد نفق بمنجم النحاس «كوديلكو إل تينينتي» بالقرب من رانكاغوا في تشيلي (رويترز)

النحاس يرتفع مع انتعاش البيانات الاقتصادية العالمية

ارتفعت أسعار النحاس يوم الجمعة بعد أن خففت بيانات الوظائف الأميركية مخاوف تباطؤ النمو في الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد يابانيان يمران أمام شاشة تعرض تحركات الأسهم على مؤشر «نيكي» وسط العاصمة طوكيو (رويترز)

«نيكي» يرتفع مع انحسار المخاوف من الركود

ارتفعت عائدات سندات الحكومة اليابانية، الجمعة، بعد ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية خلال الليل عقب انخفاض أكبر من المتوقع في طلبات إعانة البطالة الأميركية.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد معرض للسيارات الكهربائية في أحد المتاجر الكبرى بالعاصمة الصينية بكين (رويترز)

الصين تلجأ لـ«منظمة التجارة» في أزمة السيارات الكهربائية مع أوروبا

قالت وزارة التجارة الصينية إن النتائج التي توصل إليها الحكم الأولي للاتحاد الأوروبي بشأن السيارات الكهربائية تنتهك بشكل خطير قواعد منظمة التجارة العالمية

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد يعمل المتداولون في بورصة نيويورك للأوراق المالية (أ.ف.ب)

الأسواق تحت الضغط... هل يقترب الركود الاقتصادي؟

هزت بيانات الوظائف الأميركية المخيبة للآمال الثقة في هبوط سلس للاقتصاد الأكبر في العالم، مما أدى إلى هبوط أسواق الأسهم العالمية وارتفاع الرهانات على خفض الفائدة

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك )
الاقتصاد تظهر المخزونات داخل مركز توزيع «أمازون» في روبينزفيل بنيوجيرسي (رويترز)

ارتفاع مخزونات الجملة يدعم الاقتصاد الأميركي

ارتفعت مخزونات الجملة الأميركية في يونيو مما أضاف إلى النمو الاقتصادي خلال الربع الثاني.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الفيدرالي» يخطط لخفض الفائدة بناء على بيانات التضخم وليس تقلبات السوق

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يخطط لخفض الفائدة بناء على بيانات التضخم وليس تقلبات السوق

مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)
مبنى مجلس الاحتياطي الفيدرالي في شارع كونستيتيوشن بواشنطن (رويترز)

أصبح صُنّاع السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي على ثقة متزايدة بأن التضخم يبرد بما يكفي للسماح بخفض أسعار الفائدة في المستقبل، وأنهم سيسترشدون بحجم وتوقيت هذه التخفيضات من البيانات الاقتصادية وليس من اضطرابات سوق الأسهم.

وكانت هذه هي الرسالة المشتركة لثلاثة من مسؤولي «المركزي الأميركي» الذين تحدثوا يوم الخميس، الذين كانت لديهم وجهات نظر مختلفة قليلاً حول مكان وجود الاقتصاد بالضبط بعد أسبوع واحد من قرارهم الإبقاء على سعر الفائدة ثابتاً، ولكن الإشارة إلى تخفيض في أقرب وقت ممكن من الشهر المقبل، وفق «رويترز».

وقد أدى الارتفاع في معدل البطالة الأميركي في يوليو (تموز)، الذي تم الإبلاغ عنه يوم الجمعة، إلى إطلاق موجة بيع عالمية في الأسهم استمرت حتى يوم الاثنين، قبل أن تتعافى الأسهم جزئياً، حيث قلق المستثمرون والمحللون من أن الولايات المتحدة تتجه نحو الركود، وأن «الاحتياطي الفيدرالي» سيحتاج إلى الرد بقوة.

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، توماس باركين، يوم الخميس: «من الصعب القول إن شيئاً ما قد حدث للتو وهو أمر هائل على صعيد الأسهم»، مشيراً إلى أن مؤشرات سوق الأسهم الأميركية الرئيسية لا تزال مرتفعة منذ بداية العام.

وأوضح، في حدث افتراضي نظّمته الجمعية الوطنية لاقتصادات الأعمال، أن «جميع عناصر التضخم تبدو أنها تستقر، وأنا متفائل نسبياً بشأن استمرار ذلك بناءً على المحادثات التي أجريتها».

وأشارت المحادثات نفسها مع قادة الأعمال أيضاً إلى أن التباطؤ في سوق العمل في الولايات المتحدة كان نتيجة لتباطؤ التوظيف، وليس زيادة عمليات التسريح.

وقال: «أعتقد بأن لديك بعض الوقت في اقتصاد سليم لمعرفة ما إذا كان هذا اقتصاداً يتحرك بلطف نحو حالة طبيعية تسمح لك بتطبيع الأسعار بطريقة ثابتة ومتعمدة، أو ما إذا كان اقتصاداً تحتاج فيه حقاً إلى التدخل مباشرة».

وأشار رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، جيف شميد، وهو أحد صُنّاع السياسة الأكثر تشدداً في «المركزي الأميركي»، أيضاً إلى الأسواق المالية المضطربة أخيراً.

وقال في تصريحات أُعدت لإلقائها في الاجتماع السنوي لرابطة المصرفيين في كانساس بمدينة كولورادو سبرينغز في ولاية كولورادو: «يمكن أن تكشف الظروف المالية عن معلومات مهمة حول مسار الاقتصاد، ويمكن أيضاً أن تتسبب في تداعيات على الاقتصاد الحقيقي. ومع ذلك، يجب أن يظل الاحتياطي الفيدرالي مُركّزاً على تحقيق تفويضه المزدوج المتمثل في تحقيق العمالة الكاملة واستقرار الأسعار».

وفي هذا الصدد، قال إن البيانات «المشجعة» الأخيرة التي تظهر أن التضخم عند مستوى 2.5 في المائة تمنحه مزيداً من الثقة في أن التضخم يتجه نحو هدف «الاحتياطي الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

وأضاف: «إذا استمرّ انخفاض التضخم، فستزداد ثقتي في أننا على الطريق الصحيح لتحقيق جزء استقرار الأسعار من تفويضنا، وسيكون من المناسب تعديل موقف السياسة».

ووصف شميد الاقتصاد بأنه مرن، والطلب الاستهلاكي قوي، وسوق العمل تتباطأ بشكل ملحوظ ولكنها لا تزال «صحية للغاية»، وقال إنه يرى أن موقف السياسة الحالي «ليس مقيداً للغاية».

وقال: «مع الصدمات الهائلة التي تعرض لها الاقتصاد حتى الآن في هذا العقد، لا أريد أن أفترض أي مسار أو نقطة نهاية معينة لسعر الفائدة».

من جانبه، أكد رئيس بنك شيكاغو الفيدرالي، أوستن غولسبي يوم الخميس، وجهة نظره بأن سياسة البنك المركزي مشددة، وأن الإبقاء على تكاليف الاقتراض عند مستواها الحالي حتى مع انخفاض التضخم يعني تشديده أكثر، مما يُعرّض سوق العمل للخطر.

لكن مثل نظرائه الأكثر تشدداً، قال غولسبي إن سوق الأسهم والانتخابات الرئاسية المقبلة لن تحددا سياسة «الاحتياطي الفيدرالي».

وقال غولسبي في مقابلة على قناة «فوكس نيوز»: «الاحتياطي الفيدرالي خارج مجال الانتخابات. الاحتياطي الفيدرالي في مجال الأعمال الاقتصادية. نحن لسنا في مجال الاستجابة لسوق الأسهم. نحن في مجال تحقيق أقصى قدر من العمالة وتثبيت الأسعار».