«المجلس العالمي»: الذهب يحلّق عالياً في يوليو وسط تقلبات السوق

سبائك ذهب بمصنع «أرغور هيرايوس» في مندريسيو بسويسرا (رويترز)
سبائك ذهب بمصنع «أرغور هيرايوس» في مندريسيو بسويسرا (رويترز)
TT

«المجلس العالمي»: الذهب يحلّق عالياً في يوليو وسط تقلبات السوق

سبائك ذهب بمصنع «أرغور هيرايوس» في مندريسيو بسويسرا (رويترز)
سبائك ذهب بمصنع «أرغور هيرايوس» في مندريسيو بسويسرا (رويترز)

سجل الذهب أداءً لافتاً في يوليو (تموز) الماضي بعد انخفاض طفيف في يونيو (حزيران) الذي سبقه، حيث ارتفع بنسبة 4 في المائة، ليصل إلى 2426 دولاراً للأوقية، وفق ما جاء في تقرير «المجلس العالمي للذهب».

وفي منتصف يوليو الماضي، حقق الذهب ارتفاعاً قياسياً جديداً، قبل أن يتراجع بشكل طفيف عند نهاية الشهر. وأدى ارتفاع الين الياباني القوي، الذي يغذيه على الأرجح تفكيك ما تُعرف بـ«تجارة الفائدة»، إلى ضمان أنه العملة الرئيسية الوحيدة التي لم يكسب فيها الذهب خلال الشهر، وفق ما جاء في التقرير.

وتعرف «تجارة الفائدة (كاري تريد)» بأنها استراتيجية يستخدمها المتداولون في سوق العملات لتحقيق الربح من فروق أسعار الفائدة بين هذه العملات. مثلاً؛ يقترض المتداول عملة معينة، ولتكن الدولار الأميركي، بفائدة منخفضة، ثم يستخدم هذه الأموال لشراء الين الياباني بفائدة أعلى. ويحقق المتداول الربح من الفارق بين معدل الفائدة الذي يدفعه على العملة المقترضة، ومعدل الفائدة الذي يحصل عليه من العملة المشتراة.

وعندما ينفذ كثير من المستثمرين هذه الاستراتيجية، فإن الطلب على العملة ذات الفائدة المنخفضة يتراجع، مما يؤدي إلى انخفاض قيمتها.

صعود مدعوم

شرح تقرير «المجلس العالمي للذهب» أن ارتفاع المعدن النفيس في شهر يوليو الماضي جاء مدعوماً بعاملين أساسيين؛ هما:

1- انخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات: فعندما تنخفض هذه العوائد، يصبح الاستثمار في الذهب أكثر جاذبية نسبياً؛ لأن العوائد على الخيارات الاستثمارية الأخرى، مثل السندات، تكون أقل.

2- ضعف الدولار: عندما يضعف الدولار يرتفع سعر الذهب المقوَّم بالدولار، مما يجعل الذهب أرخص بالنسبة إلى المشترين من حائزي العملات الأخرى.

بالإضافة إلى تأثيرات الانخفاض في عوائد السندات وضعف الدولار، كان هناك عامل سلبي مصدره سوق العقود الآجلة للذهب. فقد زادت الفائدة بمعدل أكبر من الزيادة في صافي المراكز الطويلة.

تقلبات أغسطس

في بداية أغسطس (آب) الحالي، شهدت السوق ثالثة أعلى القفزات في تقلبات الأسهم الضمنية على الإطلاق؛ وقد تأثرت بكثير من العوامل، مثل رفع «بنك اليابان» سعر الفائدة، وتقليل الرافعة المالية، وضعف بيانات التوظيف الأميركي. وقد استُعيد جزء من الخسائر منذ ذلك الحين، لكن العودة إلى المستويات السابقة قد تستغرق بعض الوقت، وفق التقرير.

يمكن تحديد قوة الذهب الموسمية لشهر أغسطس بواسطة بعض الأحداث المهمة خلال هذا الشهر؛ بما فيها تطورات الانتخابات الأميركية، و«ندوة جاكسون هول» التي يستضيفها «بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي» في مدينة جاكسون هول بولاية وايومينغ، وإعلان أرباح شركة «إنفيديا».

وقال التقرير: «على الرغم من أن الأسواق تميل إلى الانخفاض بما يعزز جاذبية الذهب، فإن نظرتنا هي أن هذه الأحداث ستزيد حالة عدم اليقين بدلاً من تقديم حلول حاسمة».

بالإضافة إلى ذلك، قد تحصل سوق الذهب على دعم إضافي من عمليات الشراء في الهند بعد خفض الرسوم الأخيرة، مما يسهم في تعزيز الطلب على المعدن الثمين.

نظرة مستقبلية

تاريخياً؛ كان شهر أغسطس فترة جيدة للذهب، مستفيداً من ضعف عوائد السندات. ومع ذلك، ثمة تحديات بارزة تلوح في الأفق، خصوصاً مع اقتراب انعقاد «اجتماع جاكسون هول» السنوي.

وتزداد التوقعات بشأن تبني سياسات نقدية ميسّرة خلال الاجتماع نتيجة ضعف بيانات التوظيف الأميركي. إلا إن الاعتماد الكبير على تخفيضات الفائدة قد يؤدي إلى خيبة أمل إذا لم تتحقق توقعات السوق، خصوصاً أن الاقتصاد ما زال يبدي علامات صحة، كما قد يتردد «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» في اتخاذ قرارات جذرية قبيل الانتخابات.

علاوة على ذلك، أظهرت الاستطلاعات الأخيرة تقلص الفجوة بين الجمهوريين والديمقراطيين بشكل كبير. ورغم ذلك، فإن سياسات كلا الحزبين قد تكون داعمة للذهب.

ويرى «المجلس العالمي للذهب» أن ملف الانتخابات الأميركية سيستمر في جذب اهتمام إعلامي كبير. وفي حين يبدو أن الديمقراطيين قد قلبوا الطاولة، فإنه لا يزال هناك متسع من الوقت قبل التصويت وقد تتغير الأمور بسرعة. وقال المجلس إن «تباين السياسات بين الأحزاب أقل وضوحاً مما كان عليه في الماضي، لكن الدَين الوطني والعجز سيستمران في جعل المستثمرين مضطربين».

سوق متقلبة

بدأت التقلبات السوقية تزداد نتيجة خيبات الأمل في أرباح الربع الثاني لشركات التكنولوجيا الأميركية. وقد تتصاعد هذه التقلبات في أواخر أغسطس الحالي عندما تصدر شركة «إنفيديا»؛ الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تقريرها. وحتى الآن، يبدو أن الذهب يواصل الاستفادة من هذه الظروف المتقلبة.

بينما يواصل الذهب تألقه وسط هذه التقلبات، فإن الأسئلة حول استمرار هذا الأداء في الأشهر المقبلة تظل محل اهتمام وترقب، وفق «المجلس العالمي للذهب».

أسعار الفائدة

وأوضح التقرير أن بداية تخفيضات أسعار الفائدة من قبل «الفيدرالي» تعتمد بشكل كبير على توجيه البيانات الاقتصادية إلى وضعها الطبيعي. وفي الوقت الذي انخفضت فيه بيانات التوظيف، جاءت بيانات أخرى بمستويات عالية، و«يكفي القول إن نوع الهبوط الاقتصادي الذي يمكننا توقعه لا يزال غير واضح، مما يجعل تسعير الأسواق لتخفيضين؛ مع يقين تقريبي بنسبة 100 في المائة، مصاحباً لمخاطره؛ ليس فقط للأصول الخطرة، بل للسندات والذهب أيضاً».


مقالات ذات صلة

كتلة من الذهب بوزن رجل بالغ

يوميات الشرق «الغريب المرحَّب به» (مواقع التواصل)

كتلة من الذهب بوزن رجل بالغ

عُثر على ما وُصف بـ«أكبر كتلة من الذهب في العالم»، يعادل وزنها وزن رجل بالغ، وقد عُدَّت حلماً لأي عامل في منجم ذهب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد موظف يضع سبائك من الذهب الخالص في غرفة عمل بمصنع تكرير وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (رويترز)

الطلب على الذهب يصل إلى أعلى مستوياته منذ 24 عاماً

ارتفع إجمالي الطلب على الذهب خلال الربع الثاني من العام الحالي بنسبة 4 في المائة إلى 1258 طناً مقارنة مع الفترة ذاتها من العام السابق، ليصبح أعلى ربع سنوي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تصميم «شمس آتون» يعلو ظهر العملات السّت (الشرق الأوسط)

«شمس آتون» جنيهات ذهبية مستوحاة من الحضارة المصرية القديمة

تساهم الفنانة المصرية ماهيناز المسيري في تجاوز مفهوم الجمال اللامع للذهب وندرته إلى استكشاف فكرة أن ثمة قصصاً رائعة ترتبط به.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من سبائك ذهب عثر عليها قبل تهريبها إلى الخارج (مكتب النائب العام)

وقائع الإطاحة بمسؤولين ليبيين تورطوا بتهريب 26 طن ذهب

وضع النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور حداً لقصة تهريب «كمية كبيرة» من الذهب التي جرت وقائعها في منتصف ديسمبر (كانون الأول) 2023.

جمال جوهر (القاهرة)
الاقتصاد سبائك وعملات ذهبية (رويترز)

مصر: توقعات بارتفاع حجم المعاملات في سوق الذهب إلى 150 طناً سنوياً

توقع الشريك المؤسس ورئيس مجلس إدارة «إيفولف» القابضة سامح الترجمان، بلوغ التعاملات في سوق الذهب المصرية نحو 150 طناً سنوياً خلال الفترة القليلة المقبلة.

صبري ناجح (القاهرة)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».