سوق السيارات في الصين تصل إلى «مفترق طرق»

«الهجينة» و«الكهربائية» تشكّلان نصف المبيعات الجديدة

زوّار لجناح شركة «نيو» لصناعة السيارات الكهربائية في معرض شنغهاي الدولي الماضي (أ.ف.ب)
زوّار لجناح شركة «نيو» لصناعة السيارات الكهربائية في معرض شنغهاي الدولي الماضي (أ.ف.ب)
TT

سوق السيارات في الصين تصل إلى «مفترق طرق»

زوّار لجناح شركة «نيو» لصناعة السيارات الكهربائية في معرض شنغهاي الدولي الماضي (أ.ف.ب)
زوّار لجناح شركة «نيو» لصناعة السيارات الكهربائية في معرض شنغهاي الدولي الماضي (أ.ف.ب)

أظهرت بيانات الصناعة أن نصف إجمالي المركبات المباعة في الصين في يوليو (تموز) الماضي كانت إما مركبات كهربائية جديدة أو هجينة تعمل بالكهرباء، وهو إنجاز يؤكد مدى تقدم أكبر سوق للسيارات في العالم على نظيراتها الغربية في تبني المركبات الكهربائية.

وأظهرت بيانات من رابطة سيارات الركاب الصينية أن مبيعات ما يسمى بالمركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة قفزت بنسبة 37 في المائة الشهر الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لتمثل 50.7 في المائة من مبيعات السيارات، وهو رقم قياسي.

وتسارعت وتيرة نمو المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة من ارتفاع بنسبة 28.6 في المائة في يونيو (حزيران). وارتفعت مبيعات المركبات الكهربائية بنسبة 14.3 في المائة في يوليو، مقارنة بنمو بلغ 9.9 في المائة في يونيو.

لكن مبيعات السيارات المحلية الإجمالية انخفضت بنسبة 3.1 في المائة، لتستمر في الانخفاض للشهر الرابع على التوالي مع ضعف ثقة المستهلك مع قدرة الاقتصاد على اكتساب الزخم وسط أزمة مطولة في سوق العقارات.

ودفع الضعف في سوق السيارات وكالة التخطيط الحكومية في الصين إلى الإعلان في أواخر يوليو الماضي عن مضاعفة الإعانات النقدية لشراء المركبات - حتى 20 ألف يوان (2785 دولاراً) لكل عملية شراء - وسيكون ذلك بأثر رجعي إلى أبريل (نيسان) عندما تم تقديم الإعانات لأول مرة.

بالإضافة إلى ذلك، تحركت بعض المدن التي فرضت قيوداً على شراء السيارات لتخفيف القيود. على سبيل المثال، أعلنت العاصمة بكين الشهر الماضي أنها ستعرض توسيع حصتها من تراخيص المركبات الكهربائية الجديدة بمقدار 20 ألف سيارة، وهو أول تخفيف للقيود منذ وضع نظام حصص صارم في عام 2011 لتخفيف الازدحام المروري وتحسين جودة الهواء.

* البنوك العامة تكثّف مبيعات السندات

وفي سياق منفصل، قال متعاملون في أسواق المال الصينية إن البنوك العامة الكبرى في الصين باعت كميات كبيرة من السندات صباح الخميس، في إشارة إلى تسارع جهود السلطات الصينية ضد الارتفاع القياسي للديون.

ونقلت «بلومبرغ» عن مصادر رفضت الكشف عن هويتها، القول إن أغلب المبيعات كانت في فئة السندات أجل 7 سنوات، وهي الفئة الأكثر نشاطاً في السوق. في الوقت نفسه، ارتفع العائد على السندات خلال التعاملات بنحو 5 نقاط أساس، وهو أكبر ارتفاع له منذ أبريل الماضي، قبل أن يفقد جزءاً من مكاسبه.

وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي باعت البنوك العامة الكبرى الصينية سندات أجل 10 سنوات بعد الارتفاع الذي دفع بالعائد على هذه السندات إلى مستوى منخفض قياسي جديد.

من ناحيته، قال لين سونغ، كبير خبراء اقتصاد الصين الكبرى في «آي إن جي غروب» المصرفية الهولندية، إن الزخم الأخير في سوق السندات ربما يكون قد دفع صناع السياسات في الصين إلى بدء التحرك وسط مخاوف من فقاعة في السوق، مع قيام البنوك المملوكة للدولة بدعم هذه الجهود من خلال بيع السندات، وإذا دعت الحاجة ربما تكون الخطوة التالية هي إقراض السندات بغرض البيع في السوق إلى جانب تدخلات إضافية لضبط السوق.

وذكرت «بلومبرغ» أن المواجهة بين بنك الشعب الصيني (المركزي) ومشتريي السندات الحكومية الصينية اشتدت خلال الأسبوع الحالي، عندما امتنعت السلطات الصينية عن ضخ أموال قصيرة الأجل في السوق لأول مرة منذ عام 2020، لكن المستثمرين دفعوا العائدات على السندات إلى مستويات منخفضة قياسية في أحد المزادات. وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء، قالت الصين إنها تحقق مع أربعة بنوك تجارية ريفية للتلاعب بالأسعار في السوق الثانوية.

وتراجع العائد على السندات القياسية الصينية خلال الأسبوع الحالي إلى أقل من 2.1 في المائة لأول مرة في تاريخ الصين، متراجعا بنحو 40 نقطة أساس عن مستواه في نهاية العام الماضي.

* تحسُّن بأسواق الأسهم

وفي الأسواق، ارتفعت الأسهم الصينية قليلاً، الخميس، في مواجهة ضعف في الأسواق الآسيوية الأوسع نطاقاً، حيث رأى بعض المستثمرين على الأرجح السوق الصينية ملاذاً آمناً على الرغم من تعثر التعافي الاقتصادي.

وقادت أسهم التكنولوجيا موجة بيع في أسواق الأسهم في أنحاء آسيا، في حين انتعش الين والسندات الأميركية بينما يكافح المستثمرون العالميون لإيجاد موطئ قدم لهم في أسبوع جامح للأسواق.

وقال محللون في «شنغهاي للأوراق المالية» في مذكرة: «نعتقد أن التصحيح العميق في السوق اليابانية كان له تأثير محدود على الأسهم الصينية من (الفئة أ). ومن المتوقع أن تتدفق الأموال مرة أخرى إلى الأسهم من (الفئة أ)، ونعتقد أن زيادة عدم اليقين في السوق الخارجية وزيادة التوقعات بخفض أسعار الفائدة مؤخراً من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد تدفع الصناديق إلى البحث عن ملاذات آمنة».

كما ارتفع اليوان الصيني قليلاً مقابل الدولار الأميركي، الخميس، بالتزامن مع ارتفاع الين الياباني؛ مما أدى إلى تحسن المشاعر تجاه سوق الأسهم. وجاء الارتفاع حتى بعد أن نمت صادرات الصين بأبطأ وتيرة لها في ثلاثة أشهر في يوليو، وهو ما جاء دون التوقعات وأضاف إلى المخاوف بشأن آفاق قطاع التصنيع.

وعند الإغلاق، كان مؤشر شنغهاي المركب ثابتاً إلى حد كبير عند 2869.90 نقطة، بينما ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.04 في المائة، مع ارتفاع مؤشره الفرعي للقطاع المالي بنسبة 0.27 في المائة، وقطاع السلع الاستهلاكية الأساسية بنسبة 1.24 في المائة، ومؤشر العقارات بنسبة 0.86 في المائة، ومؤشر الرعاية الصحية بنسبة 0.38 في المائة.

وأغلق مؤشر «شنتشن» الأصغر منخفضاً بنسبة 0.12 في المائة، ومؤشر «تشينكست» المركب للشركات الناشئة بنسبة 0.545 في المائة.

بينما ارتفع مؤشر هانغ سنغ 0.08 في المائة، ومؤشر هانغ سنغ للشركات الصينية بنسبة 0.14 في المائة. وارتفع المؤشر الفرعي لمؤشر هانغ سنغ الذي يتتبع أسهم الطاقة بنسبة 0.5 في المائة، في حين ارتفع قطاع تكنولوجيا المعلومات بنسبة 0.21 في المائة، والقطاع المالي بنسبة 0.1 في المائة، وقطاع العقارات بنسبة 0.47 في المائة.


مقالات ذات صلة

محادثات «اللحظات الأخيرة» بين الصين والاتحاد الأوروبي

الاقتصاد جانب من العاصمة الصينية بكين (إ.ب.أ)

محادثات «اللحظات الأخيرة» بين الصين والاتحاد الأوروبي

التقى يوم الخميس كبار مسؤولي التجارة في الاتحاد الأوروبي والصين بالعاصمة البلجيكية بروكسل في ظل الخلاف بين الجانبين بشأن دعم الصين للسيارات الكهربائية.

الاقتصاد لافتة لمعرض الوظائف بالجادة الخامسة في مانهاتن (رويترز)

انخفاض مفاجئ في طلبات الإعانة الأميركية خلال سبتمبر

انخفض عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة بشكل غير متوقع الأسبوع الماضي، مما يشير إلى تعافي نمو الوظائف في سبتمبر (أيلول).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد زحام في وقت الذروة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

بنك اليابان في اتجاه تجميد الفائدة حتى الشتاء

تترقب الأسواق على نطاق واسع يوم الجمعة اختتام بنك اليابان اجتماع سياسته النقدية ليومين، حيث من المتوقع أن يبقي على سياساته الحالية في هذا الاجتماع على الأقل

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد منظر عام لبنك إنجلترا في لندن (رويترز)

تثبيت الفائدة وخفض السندات... قرارات حاسمة من بنك إنجلترا

في ظل مخاوف متزايدة من استمرار التضخم، كان من المتوقع على نطاق واسع أن يُبقي بنك إنجلترا على سعر الفائدة دون تغيير.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مشاة يسيرون أمام مقر بنك الشعب الصيني المركزي في العاصمة بكين (رويترز)

«الفيدرالي» يمنح الثقة لأسواق الصين وعملتها

من المتوقَّع على نطاق واسع أن تقلص الصين سياستها الرئيسية وأسعار الإقراض المعيارية يوم الجمعة

«الشرق الأوسط» (شنغهاي)

مصر تخصص مناطق ساحلية لصفقات استثمارية ضخمة

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
TT

مصر تخصص مناطق ساحلية لصفقات استثمارية ضخمة

رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري خلال مؤتمر صحافي (مجلس الوزراء)

تعتزم مصر تنفيذ استثمارات جديدة ضخمة على ساحل البحر الأحمر، على غرار صفقة «رأس الحكمة» بالساحل الشمالي، مع تحديد الحكومة ما بين 4 و5 مناطق للاستثمار، منها منطقة «رأس بناس»، بحسب تصريحات رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي (الخميس)، في أعقاب اجتماع الحكومة الأسبوعي.

وقال مدبولي إن «الدولة تستهدف التنمية في منطقة البحر الأحمر عبر الدخول في شراكات، واجتذاب استثمارات أجنبية مباشرة من أجل تحقيق رؤية تنموية في مختلف هذه المناطق»، مشيراً إلى أن «المخططات تتضمن التنمية العمرانية المتكاملة، بما فيها ميناء مارينا للسياحة الدولية».

ووقّعت مصر اتفاقاً لتطوير وتنمية مدينة «رأس الحكمة»، بشراكة إماراتية في فبراير (شباط) الماضي، وباستثمارات قُدّرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة المشروع، (الدولار الأميركي يساوي 48.46 جنيه في البنوك المصرية).

وتطرق مدبولي إلى تشجيع الاستثمار السعودي في مصر خلال الفترة المقبلة، متحدثاً عن نتائج زيارته إلى السعودية، التي تضمنت الاتفاق على مسودة اتفاق لحماية وتشجيع الاستثمارات المصرية - السعودية المشتركة، وهي اتفاقية متبادلة ومشتركة بين الجانبين.

وأكد مدبولي وجود رغبة مشتركة بين السعودية ومصر لإتمام اتفاقية ثنائية أيضاً؛ بهدف تشجيع الاستثمارات بين البلدين، موضحاً أن هذه الاتفاقيات تشير إلى كيفية تبسيط وتسهيل إجراءات دخول المستثمر، وتشجيعه ببعض الحوافز الإجرائية والإدارية، وكيفية حل، وتسوية أي منازعات في حال وقوعها، من خلال آليات سريعة وفعالة.

وأبرز مدبولي خلال حديثه، توجيهات ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، لصندوق الاستثمارات السعودي بضخ 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة في مشروعات، سيتم الاتفاق عليها بين الجانبين في قطاعات اقتصادية مهمة، بخلاف الاستثمارات المقرر أن يدخلها القطاع الخاص السعودي.

وتعد منطقة «رأس بناس» من أكبر المناطق التي تضم شعاباً مرجانية في البحر الأحمر، ويمتد لسان شبه الجزيرة بطول 50 كم داخل مياه البحر الأحمر، وتضم ميناء برنيس، وتتمتع بموقع جغرافي استراتيجي بين عدة مدن مصرية، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الإسكان المصرية.

ووفق أستاذ التخطيط العمراني، الدكتور سيف الدين فرج، فإن الإعلان الحكومي يعد استمراراً في تنفيذ استراتيجية تنمية مناطق مختلفة في أنحاء الجمهورية، مضيفًا لـ«الشرق الأوسط» أن الاهتمام بتنمية هذه المناطق غير المستغلة ستكون له نتائج إيجابية على مستويات عدة.

وأضاف فرج موضحاً أن التنمية بالشراكة مع القطاع الخاص تدعم تحقيق استدامة لموارد الدولة من العملة الصعبة، وفي الوقت نفسه بناء مجتمعات عمرانية جديدة، تناسب السائح القادم إلى مصر، الذي يرغب في الاستمتاع بمعالمها الطبيعية، مشيراً إلى أن ترويج الحكومة للفرص الاستثمارية العمرانية «سيساعد على زيادة نسبة العمران بشكل كبير، وبما يتماشى مع تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية».

هذا الرأي يدعمه الخبير الاقتصادي، الدكتور كريم العمدة، الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن العائد المجزي من هذه الاستثمارات السياحية الضخمة ليس السبب الوحيد في تحديد مواقع للاستثمار بالشراكة بين الحكومة والمستثمرين الأجانب، لكن أيضاً تحقيق زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر من أجل توفير غرف فندقية، ومناطق جذب إضافية بمستويات عالية.

وأضاف العمدة أن صناديق الاستثمار العربية والشركات الكبرى ستكون حريصة على ضخ استثمارات في هذه المشروعات لأسباب عدة، في مقدمتها العائد المجزي والمستدام، والاستفادة من الاستقرار الأمني وحوافز الاستثمارات، مشيراً إلى أن الدول الخليجية سيكون لديها اهتمام بهذه الفرص، سواء على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص.

وتستهدف الحكومة المصرية خلال الفترة الحالية جذب استثمارات أجنبية مباشرة في إطار سياسة تتضمن العمل على تنويع مصادر الدخل، وتعزيز نمو القطاع الخاص، مع تحديث الأطر التنظيمية لعمل المستثمرين الأجانب، وحل مشكلاتهم في أقصر وقت.