أسواق المنطقة في مرمى التوترات الجيوسياسية... والذهب والنفط يرتفعان

العقود الآجلة لخام برنت تخطت مستويات 80 دولاراً وترقب لاجتماع «أوبك بلس» الخميس

نموذج لبراميل النفط أمام مخطط ارتفاع المخزون في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
نموذج لبراميل النفط أمام مخطط ارتفاع المخزون في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
TT

أسواق المنطقة في مرمى التوترات الجيوسياسية... والذهب والنفط يرتفعان

نموذج لبراميل النفط أمام مخطط ارتفاع المخزون في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)
نموذج لبراميل النفط أمام مخطط ارتفاع المخزون في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

في ظل التوترات الجيوسياسية والأحداث المتسارعة على الساحة الدولية، شهدت أسواق الطاقة والمعادن والأسهم تحولاً ملحوظاً، يوم الأربعاء، إذ ارتفعت أسعار النفط بعد أن وصلت إلى أدنى مستوى لها في سبعة أسابيع، مدفوعةً بتصاعد التوترات في أعقاب اغتيال زعيم المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في إيران. وفي الوقت نفسه، واصلت أسعار الذهب صعودها بفعل التطورات الأمنية، ومدعومةً بتوقعات خفض محتمل لأسعار الفائدة الأميركية، بينما تأثر معظم أسواق الأسهم الخليجية بالظروف الراهنة.

النفط ينقلب صعوداً

ارتفعت أسعار النفط يوم الأربعاء، منتعشةً من أدنى مستوياتها في سبعة أسابيع، حيث طغى اغتيال هنية على المخاوف بشأن ضعف الطلب الصيني. وتجاوزت العقود الآجلة لخام برنت حاجز 80 دولاراً للبرميل وواصلت مكاسبها، وصعدت أكثر من دولارين إلى 80.65 دولار للبرميل.

وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 2.64 دولار، أو 3.53 في المائة، إلى 77.37 دولار للبرميل. كما قدم انخفاض بنسبة 0.4 في المائة في مؤشر الدولار الأميركي الدعم للأسعار. ويمكن أن يعزز ضعف الدولار الطلب على النفط من خلال جعل السلع المقومة بالدولار مثل النفط أرخص لحاملي العملات الأخرى.

ولم يؤثر الصراع في الشرق الأوسط على الإمدادات من المنطقة. وقال محللون إن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية الوفيرة التي تحتفظ بها دول «أوبك» حدَّت أيضاً من تأثير الصراع في المنطقة.

ومع ذلك، فإن خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط في طريقهما في يوليو (تموز) لتسجيل أكبر خسارة شهرية لهما منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 بسبب المخاوف المستمرة بشأن توقعات الطلب في الصين وتوقعات التزام «أوبك بلس» باتفاقها الحالي بشأن الإنتاج والبدء في تخفيف بعض تخفيضات الإنتاج من أكتوبر.

وسيعقد وزراء كبار من «أوبك بلس»، اجتماعاً افتراضياً للجنة المراقبة الوزارية المشتركة يوم الخميس.

كما يثقل تباطؤ الطلب على الوقود في الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، كاهل أسواق النفط.

أسعار الغاز ترتفع في أوروبا

وتزامناً مع تصاعد التوترات في الشرق الأوسط، ارتفعت أسعار الغاز بالجملة في هولندا وبريطانيا، يوم الأربعاء؛ بسبب توقعات بانخفاض إنتاج طاقة الرياح، مما زاد الطلب على الغاز لتوليد الطاقة.

وأظهرت بيانات بورصة لندن للأوراق المالية «إل إس إي جي»، أن العقد القياسي للشهر الأول في مركز «تي تي إف» بمقدار 0.09 يورو ليصل إلى 34.62 يورو لكل ميغاوات في الساعة، أو 10.96 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بحلول الساعة 08:08 (بتوقيت غرينتش). وارتفع عقد شهر سبتمبر (أيلول) الهولندي بمقدار 0.25 يورو ليصل إلى 35.35 يورو لكل ميغاوات في الساعة، وفق «رويترز».

وفي السوق البريطانية، ارتفع العقد اليومي بمقدار 2.25 بنس ليصل إلى 82 بنساً لكل ثيرم. وقال محللو «إل إس إي جي» إن انخفاض إنتاج طاقة الرياح لبقية الأسبوع سيؤدي إلى زيادة الطلب على الغاز غير المستخدم في توزيع المناطق المحلية (بما في ذلك طلب الطاقة) في شمال غربي أوروبا، والذي جرى التنبؤ بارتفاعه، يوم الخميس، بمقدار 45 غيغاواط- ساعة، في اليوم، ليصل إلى 1937 غيغاواط- ساعة في اليوم.

وفي بريطانيا، من المتوقع أن تبلغ ذروة توليد طاقة الرياح 3.6 غيغاواط، يوم الأربعاء، لينخفض إلى 3.1 غيغاواط، يوم الخميس، وفقاً لبيانات «إليكسون».

كما دعمت الأسعار التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، بعد اغتيال هنية. وقال محللون في «إنجي إنرجي سكان»، في مذكرة بحثية يومية: «إن تصاعد التوترات الجيوسياسية أعطى مزيداً من الزخم للارتفاع في أسعار الغاز عند افتتاح اليوم، في حين أن أسعار النفط تتبع أيضاً هذا الارتفاع».

وانتعشت العقود الآجلة للنفط بأكثر من دولار للبرميل، من أدنى مستوياتها في 7 أسابيع، يوم الأربعاء. وفي سوق الكربون الأوروبية، ارتفع العقد القياسي بمقدار 0.23 يورو ليصل إلى 68.87 يورو للطن المتري.

أسواق الأسهم الخليجية تتراجع

وأغلقت معظم أسواق الأسهم في منطقة الخليج على انخفاض يوم الأربعاء بعد اغتيال هنية، وذلك وسط ترقب المستثمرين أيضاً لقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي فيما يتعلق بسعر الفائدة.

وانخفض «مؤشر دبي» 0.4 في المائة مع هبوط سهم شركة «إعمار» العقارية 4.8 في المائة، وهبط «مؤشر أبوظبي» 0.6 في المائة بنهاية التداولات.

وقال كبير استراتيجيي السوق في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى «بي دي سويس»، مازن سلهب، إن أسواق الأسهم في الإمارات العربية المتحدة تأثرت بالتوترات الجيوسياسية. وأضاف: «يتطلع المستثمرون إلى مزيد من إصدارات الأرباح، التي قد تدعم مزيداً من المكاسب، خصوصاً في سوق دبي إذا أعلنت (إعمار) عن نتائج أعلى من المتوقع».

وعوَّض «المؤشر السعودي» خسائره المبكرة ليغلق على ارتفاع 0.4 في المائة مدعوماً بصعود مصرف الراجحي 0.7 في المائة.

وفي الدوحة، تراجع «مؤشر بورصة قطر» بنسبة 0.2 في المائة؛ متأثراً بتراجع سهم شركة «الملاحة القطرية» بمقدار 1.9 في المائة، بينما ارتفع سهم شركة الاتصالات «أريدُ» بمعدل 0.8 في المائة، بعد أن أعلنت ارتفاع أرباح الربع الثاني، مما حدّ من انخفاض المؤشر القيادي.

الذهب يحقق مكاسب ملحوظة

وشهدت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً أيضاً، حيث سجلت مكاسب جديدة مدفوعة بتوقعات خفض أسعار الفائدة الأميركية والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة بعد اغتيال هنية.

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 2423 دولار للأوقية، وزاد أكثر من 4 في المائة هذا الشهر. وارتفعت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة 0.6 في المائة إلى 2418.10 دولار.

وانخفض مؤشر الدولار 0.5 في المائة، حيث يجعل ضعف الدولار السبائك أكثر جاذبية للمشترين الذين يحملون عملات أخرى.

وقال كبير المحللين في «أكتيف تريدز»، ريكاردو إيفانجليستا: «أعتقد أننا نشهد ضعفاً للدولار، وهو أمر إيجابي دائماً للذهب. يرتبط هذا الضعف، من ناحية، بالتوقعات بأن يتبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي بطريقة ما موقفاً إيجابياً تجاه خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول)».

وأضاف: «من ناحية أخرى، نشهد أيضاً تصعيداً في التوترات الجيوسياسية مع اغتيال هنية، أحد الزعماء السياسيين لحركة حماس في إيران، على ما يبدو، من إسرائيل».

في المقابل، ارتفعت أسعار الفضة الفورية 0.8 في المائة إلى 28.62 دولار للأوقية. ويتجه المعدن إلى تسجيل ثاني خسارة شهرية على التوالي.

كما ارتفع البلاتين 0.6 في المائة إلى 965.00 دولار وارتفع البلاديوم 2.9 في المائة إلى 914.88 دولار. ومع ذلك، يتجه المعدنان إلى الانخفاض الشهري.


مقالات ذات صلة

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري دعم الوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

«الشرق الأوسط» (أبوجا)
الاقتصاد منصة غاز في عرض البحر (رويترز)

«قطر للطاقة» تعزز حصصها البحرية بحوض «أورانج» في ناميبيا

أعلنت شركة «قطر للطاقة»، الأحد، أنها أبرمت اتفاقية مع شركة «توتال إنرجيز» لشراء حصص استكشاف بحرية إضافية في حوض «أورانج» قبالة سواحل ناميبيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مصانع تابع لشركة «أوكيو»... (أونا)

«أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تتلقّى تعهداً من 4 مستثمرين بشراء 30 % من الأسهم

تلقّت «أوكيو للصناعات الأساسية» العمانية تعهداً باكتتاب بـ30 في المائة من الأسهم المطروحة للاكتتاب العام من 4 مستثمرين رئيسيين بإجمالي نحو 146.6 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد موقع تصنيعي لـ«سابك» في الجبيل (الشركة)

شركات البتروكيميائيات السعودية تتحول للربحية وتنمو 200% في الربع الثالث

سجلت شركات البتروكيميائيات المدرجة في السوق المالية السعودية (تداول) تحولاً كبيراً نتائجها المالية خلال الربع الثالث من 2024.

محمد المطيري (الرياض)

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
TT

نيجيريا تلجأ إلى الغاز الطبيعي مع ارتفاع أسعار النقل بعد رفع دعم البنزين

مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)
مركبة قديمة تنقل الناس في مدينة إبادان بجنوب غربي نيجيريا (أ.ف.ب)

ارتفعت تكاليف النقل في نيجيريا بشكل كبير مع ارتفاع سعر البنزين بأكثر من 3 أمثاله، بعدما أنهى الرئيس النيجيري بولا تينوبو، الدعم المالي للوقود في أكثر دول أفريقيا اكتظاظاً بالسكان.

ومنذ تخلت نيجيريا عن دعم الوقود في العام الماضي، أدى ذلك إلى أسوأ أزمة في تكلفة المعيشة في البلاد منذ نحو جيل كامل. وهذا يعني انخفاضاً هائلاً في عدد الركاب، وتأثر العاملون في مجال استدعاء سيارات الأجرة في العاصمة أبوجا.

وكانت الحكومة تزعم أن التخلي عن دعم الوقود سيخفض تكاليف النقل في النهاية بنحو 50 في المائة.

وقدمت السلطات النيجيرية في أغسطس (آب) مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط (CNG) للاستفادة من احتياطاتها الضخمة من الغاز - الأكبر في أفريقيا - وإطلاق حافلات تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط مع تحويل المركبات التي تعمل بالبنزين أيضاً.

وجرى تعديل أكثر من 100 ألف مركبة للعمل بالغاز الطبيعي المضغوط أو بالموتور الهجين من الغاز الطبيعي والبنزين، واستثمرت الحكومة ما لا يقل عن 200 مليون دولار في إطار هذه المبادرة، وفقاً لمدير المبادرة مايكل أولوواغبيمي.

وتهدف الحكومة إلى تحويل مليون مركبة من أكثر من 11 مليون مركبة في نيجيريا في السنوات الثلاث المقبلة، لكن المحللين يقولون إن العملية تسير بشكل بطيء، مشيرين إلى ضعف التنفيذ والبنية الأساسية المحدودة.

وعلى الرغم من أن نيجيريا واحدة من أكبر منتجي النفط في أفريقيا، فإنها تعتمد على المنتجات البترولية المكررة المستوردة؛ لأن مصافيها تكافح مع انخفاض الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ عقود بسبب عمليات سرقة النفط الضخمة.

إلى جانب الإصلاحات الأخرى التي قدمها تينوبو بعد توليه السلطة في مايو (أيار) من العام الماضي، كان من المفترض أن يؤدي إلغاء الدعم إلى توفير أموال الحكومة ودعم الاستثمارات الأجنبية المتضائلة. ومع ذلك، فقد أثر ذلك في سعر كل شيء تقريباً، وأجبرت تكاليف النقل المرتفعة الناس على التخلي عن مركباتهم، والسير إلى العمل.

التحول إلى الغاز صعب

وبالإضافة إلى الافتقار إلى شبكة كافية من محطات تحويل الغاز الطبيعي المضغوط وتعبئته، المتاحة في 13 ولاية فقط من ولايات نيجيريا الـ 36، كان نجاح مبادرة الحكومة محدوداً أيضاً بسبب انخفاض الوعي العام بين جموع الشعب، وقد ترك هذا مجالاً للتضليل من جهة والتردد بين السائقين للتحول للغاز من جهة أخرى.

وقد أعرب بعض السائقين عن مخاوفهم من أن تنفجر سياراتهم مع تحويلها إلى الغاز الطبيعي المضغوط - وهي ادعاءات قالت الهيئات التنظيمية إنها غير صحيحة ما لم يتم تركيب المعدات بشكل غير مناسب.

وفي ولاية إيدو الجنوبية، وجدت السلطات أن السيارة التي تعمل بالغاز الطبيعي المضغوط والتي انفجرت تم تصنيعها من قبل بائع غير معتمد.

حتى في أبوجا العاصمة والمركز الاقتصادي في لاغوس، محطات الوقود نادرة وورش التحويل القليلة المتاحة غالباً ما تكون مصطفة بمركبات تجارية تنتظر أياماً للتحول إلى الغاز الطبيعي المضغوط بأسعار مدعومة. وفي الوقت نفسه، تبلغ تكلفة المركبات الخاصة للتحول 20 ضعف الحد الأدنى للأجور الشهرية في نيجيريا البالغ 42 دولاراً.

وهناك تحدٍّ آخر، وهو أن التحدي الذي يواجه مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط هو محدودية خط أنابيب الغاز في نيجيريا.

وتدرك الحكومة أنه لا يزال هناك «كثير من عدم اليقين» حول مبادرة الغاز الطبيعي المضغوط، وتعمل على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وتوفير البنية الأساسية اللازمة، كما قال توسين كوكر، رئيس الشؤون التجارية في المبادرة، وفق وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية.

وقال كوكر: «الغاز الطبيعي المضغوط هو وقود أنظف، وهو وقود أرخص وأكثر أماناً مقارنةً بالبنزين الذي اعتدناه؛ لذا سيكون لديك مزيد من المال في جيبك وهو أنظف للبيئة».