ارتفاع التضخم في أوروبا يعقد الخطوة التالية لـ«المركزي»

قطار يمر من أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (أ.ب)
قطار يمر من أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (أ.ب)
TT

ارتفاع التضخم في أوروبا يعقد الخطوة التالية لـ«المركزي»

قطار يمر من أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (أ.ب)
قطار يمر من أمام مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (أ.ب)

ارتفع التضخم في الدول العشرين التي تستخدم اليورو إلى 2.6 في المائة في يوليو (تموز)، وهو ما يزيد بعناد عن هدف البنك المركزي الأوروبي ويعقد قرار البنك المركزي الأوروبي القادم بشأن خفض أسعار الفائدة وتعزيز النمو في حين يكافح الاقتصاد لتحقيق تعاف مقنع بعد أكثر من عام من الركود.

وارتفع التضخم من 2.5 في المائة في يونيو (حزيران) وفقا للأرقام الرسمية الصادرة يوم الأربعاء عن وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي (يوروستات). وظل التضخم في قطاع الخدمات، وهو رقم يراقبه البنك المركزي الأوروبي من كثب، مرتفعاً عند 4.0 في المائة انخفاضاً من 4.1 في المائة.

ومن شأن هذا الارتفاع أن يكثف المناقشات حول الخطوة التالية للبنك المركزي الأوروبي في اجتماعه في الثاني عشر من سبتمبر (أيلول).

وخفض البنك المركزي لدول منطقة اليورو أسعار الفائدة مبدئيا للمرة الأولى في يونيو بخفض سعر الفائدة القياسي بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 3.75 في المائة. ثم علق مجلس محافظي البنك أي تحرك في اجتماع يوليو (تموز)، حيث قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إن البنك سيتخذ قراراته التالية اجتماعاً تلو الآخر بناءً على البيانات الواردة.

ورفع البنك المركزي الأوروبي إلى جانب البنوك المركزية الأخرى بما في ذلك بنك «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة بسرعة لمكافحة ارتفاع التضخم الناجم عن غزو روسيا لأوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة بالإضافة إلى التعافي المفاجئ للاقتصاد بعد الوباء، ما أدى إلى إجهاد إمدادات الأجزاء والمواد الخام.

وتضررت أوروبا على وجه الخصوص من ارتفاع أسعار الطاقة بعد أن قطعت روسيا معظم إمدادات الغاز الطبيعي. وانخفضت أسعار الطاقة، وتراجع التضخم الآن عن ذروته البالغة 10.6 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) 2022. لكنه ظل عالقاً بين 2 في المائة و3 في المائة، وهو أقل من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة والذي يعتبر الأفضل للاقتصاد.

وتعمل زيادات الأسعار على مكافحة التضخم من خلال رفع تكلفة الائتمان لشراء الأشياء، وتبريد الطلب على السلع وتخفيف الضغط عن الأسعار. ولكن ارتفاع أسعار الفائدة قد يضر بالنمو، وكانت البيانات الاقتصادية الأخيرة محبطة حيث تكافح أوروبا لإظهار تعافٍ مقنع بعد أكثر من عام من أرقام النمو القريبة من الصفر. وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.3 في المائة في كل من الربعين الأولين من هذا العام، وهو تحسن عن الصفر أو أقل. ولكن المؤشرات الأخيرة للنشاط الاقتصادي في المستقبل، مثل مؤشر مديري المشتريات العالمي لشركة «ستاندرد آند بورز»، تشير إلى أن الاقتصاد لا يزال ينمو بالكاد.


مقالات ذات صلة

الذهب يتراجع بضغط من قوة الدولار... وبيانات التضخم الأميركي تثير الحذر

الاقتصاد سبائك ذهبية في غرفة صناديق الودائع ببيت الذهب «برو أوره» بميونيخ (رويترز)

الذهب يتراجع بضغط من قوة الدولار... وبيانات التضخم الأميركي تثير الحذر

تراجعت أسعار الذهب، الخميس، بضغط من ارتفاع الدولار، في وقت يعكف فيه المستثمرون على تقييم بيانات اقتصادية حول الفائدة الأميركية.

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

محضر «الفيدرالي»: المسؤولون أيَّدوا وتيرة تدريجية لخفض أسعار الفائدة

أيَّد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي التحرك «تدريجياً» نحو خفض أسعار الفائدة، في ظل النمو الاقتصادي الأميركي الأقوى من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)

الذهب يتحرك في نطاق ضيق قبيل بيانات التضخم الأميركية

تحركت أسعار الذهب في نطاق ضيق يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين بيانات تضخم رئيسية في الولايات المتحدة.

الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد سبائك من الذهب النقي بمصنع «نوفوسيبيرسك» لصياغة وتصنيع المعادن الثمينة في روسيا (الشرق الأوسط)

الذهب يبلغ أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار

ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوع بدعم من تراجع الدولار، بينما تنتظر السوق تعليقات من مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي حول الفائدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

وسط مخاوف من سقوط الحكومة... فرنسا مستعدة لتقديم تنازلات بشأن الموازنة

وزيرا المالية أنطوان أرماند والموازنة لوران سان مارتن خلال مؤتمر صحافي لتقديم مشروع الموازنة بوزارة المالية في بيرسي (رويترز)
وزيرا المالية أنطوان أرماند والموازنة لوران سان مارتن خلال مؤتمر صحافي لتقديم مشروع الموازنة بوزارة المالية في بيرسي (رويترز)
TT

وسط مخاوف من سقوط الحكومة... فرنسا مستعدة لتقديم تنازلات بشأن الموازنة

وزيرا المالية أنطوان أرماند والموازنة لوران سان مارتن خلال مؤتمر صحافي لتقديم مشروع الموازنة بوزارة المالية في بيرسي (رويترز)
وزيرا المالية أنطوان أرماند والموازنة لوران سان مارتن خلال مؤتمر صحافي لتقديم مشروع الموازنة بوزارة المالية في بيرسي (رويترز)

أعلن وزير المالية الفرنسي أنطوان أرمان، يوم الخميس، أن الحكومة الفرنسية، التي تفتقر إلى الشعبية، مستعدة لتقديم تنازلات بشأن موازنة العام المقبل في ظل ازدياد المخاوف من أن معارضة المشروع قد تؤدي إلى سقوط حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه.

وتسلط تصريحات أرمان الضوء على الموقف الحرج الذي تواجهه الحكومة، حيث إن معارضة الموازنة من اليسار واليمين المتطرف قد تؤدي إلى إسقاط الحكومة قريباً إذا خسرت تصويت حجب الثقة. في الوقت نفسه، فإن تقليص توفير 60 مليار يورو (63.31 مليار دولار) الذي يتضمنه المشروع قد يثير قلق المستثمرين الذين يخشون من ارتفاع العجز المالي في فرنسا، وفق «رويترز».

وهبطت الأسهم والسندات الفرنسية بشكل حاد يوم الأربعاء، لكنها استعادت بعض استقرارها يوم الخميس بفضل عطلة عيد الشكر في الولايات المتحدة.

وفي مقابلة مع قناة «بي إف إم تي في»، أكد أرمان ما ذكره بارنييه من أن فشل تمرير الموازنة قد يؤدي إلى أزمة في الأسواق المالية، لكنه أضاف لهجة تصالحية قائلاً: «نحن مستعدون لتقديم تنازلات مدروسة في جميع المجالات»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وتقول المصادر إن حكومة بارنييه قد تنهار قبل عيد الميلاد أو حتى الأسبوع المقبل إذا أجبرتها القوى اليمينية واليسارية المتطرفة على التصويت بحجب الثقة، وهو التصويت الذي من المرجح أن تخسره الحكومة.

وانقسم الرأي العام بشأن مستقبل بارنييه. فقد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «إيفوب فيدوشيال» لصالح محطة «راديو سود» ونُشر يوم الخميس، أن 53 في المائة من الفرنسيين يفضلون إسقاط الحكومة، في حين أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة «إيلابي» لصالح «قناة بي إف إم» التلفزيونية، يوم الأربعاء، أن أكثر من نصف المستجيبين يعتقدون أنه ينبغي تجنب التصويت بحجب الثقة الذي قد يؤدي إلى إسقاط الحكومة.

في هذا السياق السياسي المتقلب، يواصل فريق بارنييه اجتماعاته مع حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف بقيادة مارين لوبان، الذي يدعم حكومته، وكذلك مع أحزاب أخرى في محاولة لتجنب الأزمة السياسية الكبرى الثانية في فرنسا خلال ستة أشهر.

كان مشروع الموازنة قد رُفض من الجمعية الوطنية المنقسمة بشدة، وهو الآن قيد النقاش في مجلس الشيوخ. ويقول بارنييه إنه من المرجح أن يستخدم المادة 49.3 من الدستور لتمرير المشروع في البرلمان، وهي خطوة عدائية قد تؤدي بشكل حتمي إلى تصويت بحجب الثقة.

ودافعت لوبان وحزب «التجمع الوطني» عن حقهما في التصويت لإسقاط الحكومة، في حين أن الكتل اليسارية قد أبدت أيضاً نياتها للإطاحة بحكومة بارنييه.

وفي مقابلة إذاعية يوم الخميس، قال الرئيس السابق فرانسوا هولاند، النائب الحالي عن الحزب الاشتراكي، إنه سيصوّت لإسقاط الحكومة إذا لجأ بارنييه إلى المادة 49.3.

آراء منقسمة

وفيما يتعلق بالوضع السياسي المتأزم، بدأ نواب الجمعية الوطنية يوم الخميس، في مناقشة اقتراح من حزب «فرنسا غير القابلة للانحناء» اليساري الراديكالي لإلغاء إصلاحات المعاشات التي قدمها الرئيس إيمانويل ماكرون، والتي كانت غير شعبية للغاية، والتي رفعت سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً.

ومن المحتمل أن يمر الاقتراح في الجمعية الوطنية بفضل دعم بعض نواب حزب «التجمع الوطني»، ولكن من غير المرجح أن يتقدم في مجلس الشيوخ حيث يهيمن المحافظون على بارنييه.

ومع ذلك، فإن فوزاً في الجمعية الوطنية قد يضع مزيداً من الضغط على حكومة بارنييه في لحظة حاسمة. ومن أجل إبطاء إقرار المشروع في الجمعية الوطنية، أضاف نواب من معسكر ماكرون والمحافظين مئات التعديلات على المشروع، في محاولة لعرقلة التصويت إلى ما بعد منتصف الليل، عندما يصبح من غير الممكن المضي قدماً.

وكان ماكرون قد استخدم المادة 49.3 لتمرير إصلاحات المعاشات، وهي خطوة استنزفت رأس المال السياسي المتبقي له بعد إعادة انتخابه في 2022. وقد أدى الجو المعادي لماكرون إلى خسائر فادحة لحزبه بعد أن دعا إلى انتخابات مبكرة، مما أسفر عن برلمان متقلب دون أغلبية واضحة.