تركيا تتفق مع «الصندوق السعودي للتنمية» على إعادة وديعة بـ5 مليارات دولار

في خطوة لتقليل الالتزامات الخارجية وبعد تحسن الاحتياطي

منطقة ليفنت التجارية والمالية التي تضم مقرات البنوك ومراكز التسوق الشهيرة في إسطنبول (رويترز)
منطقة ليفنت التجارية والمالية التي تضم مقرات البنوك ومراكز التسوق الشهيرة في إسطنبول (رويترز)
TT

تركيا تتفق مع «الصندوق السعودي للتنمية» على إعادة وديعة بـ5 مليارات دولار

منطقة ليفنت التجارية والمالية التي تضم مقرات البنوك ومراكز التسوق الشهيرة في إسطنبول (رويترز)
منطقة ليفنت التجارية والمالية التي تضم مقرات البنوك ومراكز التسوق الشهيرة في إسطنبول (رويترز)

توصل مصرف تركيا المركزي إلى اتفاق مع «الصندوق السعودي للتنمية» على تسوية وديعة بقيمة 5 مليارات دولار حصل عليها العام الماضي، في إطار خطوات جديدة لتقليل الالتزامات الخارجية.

وقال المركزي التركي، في بيان الأربعاء، إنه «تمت مراجعة عمليات شراء الودائع الدولية في إطار إدارة الاحتياطيات بهدف تقليل الالتزامات الخارجية، وتم الاتفاق الثنائي مع الجانب السعودي على إنهاء صفقة وديعة بقيمة 5 مليارات دولار نفذت مع (الصندوق السعودي للتنمية) العام الماضي».

وأضاف البيان أن الفترة الأخيرة شهدت تحسناً بنحو 7 مليارات دولار في الالتزامات الخارجية للبنك المركزي من خلال خفض أرصدة الودائع الدولية.

وكانت السعودية أودعت في 6 مارس (آذار) 2023، 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي من خلال «الصندوق السعودي للتنمية»، تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.

وتنفيذاً للتوجيهات، وقّع وزير السياحة السعودي رئيس مجلس إدارة «الصندوق السعودي للتنمية»، أحمد عقيل الخطيب، مع رئيس مصرف تركيا المركزي السابق، شهاب كاوجي أوغلو، اتفاقية بشأن الوديعة التي كانت إحدى دلائل تنامي العلاقات بين البلدين.

ويعد سداد الوديعة مؤشراً جديداً على نجاح السياسات النقدية للحكومة التركية التي قادها وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، عقب الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو (أيار) من العام الماضي، ومساعيها لإصلاح الموازنة العامة للبلاد، بعد سنوات من تدخل السلطات في سوق الصرف، عبر ضخ العملات الأجنبية، ما أدى لانخفاض احتياطي المركزي التركي من النقد الأجنبي.

وقال رئيس المركزي التركي، فاتح كارهان، في تصريحات الشهر الماضي، إنه تم التخلص إلى حد كبير من عمليات المقايضة مع البنوك المحلية، و«نقوم الآن بمراجعة اتفاقيات الودائع مع نظرائنا الدوليين».

وعدّ خبراء خطوة المركزي التركي تدشيناً لمرحلة جديدة تهدف إلى جلب آلية التحويل النقدي إلى هيكل أكثر مباشرة عن طريق تقليل المقايضات، وإزالة أصول البلدان الثالثة في الاحتياطيات من هيكل الاقتصاد.

وعلق شيمشك على إعلان المصرف المركزي بشأن الوديعة السعودية، عبر حسابه على منصة «إكس»، قائلاً: «من خلال برنامجنا، تعززت احتياطياتنا نتيجة لزيادة تدفق الموارد الأجنبية، وعكس اتجاه الدولرة وانخفاض الحاجة إلى التمويل الخارجي، وبهذه الطريقة نقوم بتخفيض الالتزامات الخارجية». وشدد على أن التعاون مع السعودية في المسائل الاقتصادية والمالية سيستمر.

«فيتش»

بالتوازي، قالت وكالة «فيتش» الدولية للتصنيف الائتماني إن بنوك دول مجلس التعاون الخليجي أظهرت رغبة قوية في تعزيز حضورها في الأسواق الإقليمية الرئيسية، وبخاصة تركيا ومصر والهند.

وذكرت الوكالة في تقرير صدر الثلاثاء، ونقلته وسائل الإعلام التركية، أن العديد من البنوك الخليجية ترغب في الاستحواذ على بنوك في تركيا ومصر والهند، مدفوعة بتحسن الظروف الاقتصادية وفرص النمو الأفضل فيها مقارنة بالأسواق المحلية.

ولفتت إلى أن «النمو الخارجي يعد جزءاً من استراتيجية بعض البنوك الخليجية لتنويع نماذج أعمالها وزيادة الربحية، وأن هذه البنوك يمكنها تعويض النمو الضعيف في أسواقها المحلية من خلال توزيع رأس المال على الأسوق سريعة النمو».

وأشار البيان إلى الكتلة السكانية الضخمة التي تمثلها تركيا ومصر والهند، فضلاً عن امتلاك الدول الثلاث إمكانات أكبر لنمو القطاع المصرفي.

ولدى تركيا ومصر والهند عدد سكان أكبر بكثير من عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي، وتتمتع بإمكانات أكبر لنمو القطاع المصرفي؛ نظراً لآفاق نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي القوية وأنظمتها المصرفية الأصغر حجماً، مقارنة باقتصاداتها.

كما تقل نسب أصول النظام المصرفي لتلك الدول إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 100 في المائة، مقارنة بأكثر من 200 في المائة في أكبر أسواق دول مجلس التعاون الخليجي.

وأسهم التحول في سياسة الاقتصاد الكلي في تركيا، عقب انتخابات العام الماضي، والذي أدى إلى تقليل ضغوط التمويل الخارجية والمخاطر، في زيادة اهتمام بنوك الخليج بالتوسع فيها.

كما أسهمت السياسات الجديدة في دفع «فيتش» إلى مراجعة توقعاتها للقطاع المصرفي التركي إلى «إيجابي»، وسط توقعات بتراجع التضخم إلى أقل من 30 في المائة في 2025.


مقالات ذات صلة

هاريس ستحمل «عصا القمع» على الصناعة المالية في حال فوزها

الاقتصاد كامالا هاريس في مقر حملتها في ويلمنغتون بديلاوير (أ.ف.ب)

هاريس ستحمل «عصا القمع» على الصناعة المالية في حال فوزها

من المرجح أن تؤدي الإدارة الديمقراطية المحتملة، بقيادة نائبة الرئيس كامالا هاريس، إلى تعزيز أجندة الرئيس جو بايدن المتمثلة في القواعد المالية الصارمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر جوي يظهر مدينة الكويت (رويترز)

نمو أرباح أكبر مصرفين كويتيين خلال الربع الثاني

حقق أكبر مصرفين كويتيين من حيث الأصول وهما بيت التمويل الكويتي (بيتك)، و«بنك الكويت الدولي» أرباحاً بلغ مجموعها 602.6 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح بنك التنمية الاجتماعية في إحدى الفعاليات المقامة بالسعودية (واس)

1.2 مليار دولار حجم تمويل «بنك التنمية» السعودي في نصف 2024

بلغ إجمالي حجم التمويل لبنك التنمية الاجتماعية السعودي خلال النصف الأول من العام الحالي 4.6 مليار ريال (1.2 مليار دولار) استفاد منها 70 ألف مواطن.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

بنوك أميركية تحذر من تراجع تعاملات المستهلكين ذوي الدخل المنخفض

حذرت البنوك الأميركية الكبرى من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي، التي تتجلى خصوصاً في تراجع الطلب على القروض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (رويترز)

الودائع الزمنية والادخارية في النظام المصرفي السعودي تسجل أعلى مستوياتها

بلغت الودائع الزمنية والادخارية في النظام المصرفي السعودي أعلى مستوياتها على الإطلاق لتسجل مستوى 889.55 مليار ريال (237.2 مليار دولار) بنهاية شهر مايو (أيار).

«الشرق الأوسط» (الرياض)

المستثمرون العالميون يعززون محافظهم لتفادي تقلبات الانتخابات الأميركية

تلفزيون في بورصة نيويورك يُظهر نائبة الرئيس الأميركي تتحدث بينما متداول يراقب تطور الأسهم (أ.ب)
تلفزيون في بورصة نيويورك يُظهر نائبة الرئيس الأميركي تتحدث بينما متداول يراقب تطور الأسهم (أ.ب)
TT

المستثمرون العالميون يعززون محافظهم لتفادي تقلبات الانتخابات الأميركية

تلفزيون في بورصة نيويورك يُظهر نائبة الرئيس الأميركي تتحدث بينما متداول يراقب تطور الأسهم (أ.ب)
تلفزيون في بورصة نيويورك يُظهر نائبة الرئيس الأميركي تتحدث بينما متداول يراقب تطور الأسهم (أ.ب)

يسارع المستثمرون إلى تعزيز محافظهم العالمية، في مواجهة التقلبات الشديدة في السوق، قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، والانسحاب من الأصول العالقة في مرمى عدم اليقين، من أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى إلى ديون الحكومات الأوروبية.

ومع تنافس الجمهوري دونالد ترمب، ونائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس في سباق متقارب، من المرجح أن يعرضا فيه سياسات تخلق آفاقاً متباينة بشدة للجيوسياسية والتجارة العالمية، يستعد مديرو الأموال لأشهر من التقلبات.

وقال روس يارو، المدير الإداري للأسهم الأميركية في بنك الاستثمار «بيرد»: «الأسواق تكره عدم اليقين، ومع اتجاه استطلاعات الرأي نحو 50-50، فإن هذا أمر غير مؤكد إلى حد بعيد».

يُنظر إلى ترمب على أنه من المرجح أن يرفع أرباح الشركات الأميركية من خلال التخفيضات الضريبية، ولكن أيضاً سيرفع التعريفات الجمركية على الواردات، والتي قد تكون بمثابة أخبار سيئة للمصدّرين الأوروبيين والآسيويين وكذلك التضخم الأميركي.

ترمب يتحدث خلال تجمع انتخابي في مدرج بوجانغلز في شارلوت بنورث كارولاينا (أ.ف.ب)

وقد تتخذ هاريس إجراءات صارمة ضد البنوك، وتتعامل بلطف مع الصين، وتلتزم بدليل السياسة الخارجية الحذر للرئيس جو بايدن.

وانخفض مؤشر أسهم «إس أند بي 500» في «وول ستريت» بنسبة 2.3 في المائة، يوم الأربعاء، وهو أكبر انخفاض يومي له منذ ديسمبر (كانون الأول) 2022؛ حيث تراجعت أسهم التكنولوجيا الكبرى التي تهيمن على المؤشرات الأميركية والعالمية.

وكان المستثمرون الذين يحذِّرون من مزيد من البيع، يتطلعون إلى أسهم الشركات الصغيرة والأصول البريطانية والذهب، بوصفها ملاذات محتملة.

هاريس تلقي خطاباً في إنديانابوليس (أ.ف.ب)

فروق أسعار متوترة

وقال تريفور غريثام، رئيس الأصول المتعددة في «رويال لندن»: «نعتقد أنه يمكن أن تصبح الأسواق أكثر توتراً بشأن السباق الرئاسي الأميركي».

ومن الأهمية بمكان بالنسبة للأسواق العالمية أن يخشى المستثمرون من التنافس على الأصوات مع خطط الإنفاق الضخمة، مما يؤدي إلى اضطرابات محتملة في سوق الدين الأميركية، وضربة عنيفة للأسهم والسندات العالمية التي تستند تقييماتها إلى عائدات سندات الخزانة طويلة الأجل.

وأضاف: «قد نجد أن سوق سندات الخزانة الأميركية تبدأ في الشعور بالقلق بحلول نوفمبر، إذا قال كل من المرشحين إنهما سينفقان المزيد. وهذا قد يزعج أسواق الأسهم».

وارتفع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً فوق نظيرتها لأجل عامين الأسبوع الماضي، مع تجنب المستثمرين الكبار مخاطر الائتمان الأميركية طويلة الأجل، واقتراب عجز الموازنة من تريليوني دولار.

ولفت غريثام إلى أنه قلّل من حيازات الأسهم العالمية، وكان لديه موقف سلبي بشأن السندات الحكومية.

وقال ناثان سويني، رئيس الأصول المتعددة في شركة إدارة الأصول البريطانية «مارلبورو»: «هناك كثير من الديون في الولايات المتحدة، ولدينا انتخابات تجلب عدم اليقين بشأن من سيكون في السلطة، ونوع سياسة الإنفاق التي سيتبعونها». وأضاف أنه خفض التعرض لسندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل وسندات منطقة اليورو المكافئة، والتي تواجه مخاطر جديدة -كما قال- من قيام الدول الأوروبية بزيادة ديونها لموازنات الدفاع إذا خفض ترمب الدعم لأوكرانيا.

وقال آدم نوريس، المستثمر متعدد المديرين في «كولومبيا ثريدنيدل»، إن أسهم وسندات الأسواق الناشئة معرضة لخطر زيادات التعريفات الجمركية التي اقترحها ترمب؛ لأن الرسوم التجارية الأعلى تؤثر على اقتصادات وعملات الدول المصدرة.

وقال سويني إن سندات الخزانة البريطانية قد تحقق أداءً جيداً؛ لأن بريطانيا عانت بالفعل من اضطرابات سوق السندات بعد الموازنة المصغرة الفوضوية لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس، في عام 2022، ومن غير المرجح أن تخاطر بالإفراط في الإنفاق مرة أخرى.

وتشهد تقلبات سوق الأسهم ارتفاعاً من مستويات منخفضة، مع تحول المتداولين بين قطاعات الأسهم، مع تحول احتمالات الانتخابات.

وقد اضطربت أسهم التكنولوجيا من الولايات المتحدة إلى أمستردام، منذ اقترح ترمب في وقت سابق من هذا الشهر تقليص الدعم الأميركي لتايوان، وهي مركز مهم في سلسلة توريد صناعة الرقائق.

وارتفع مؤشر «راسل 2000» للأسهم الأميركية الصغيرة في الوقت نفسه، على خلفية الرهانات، على أن سياسات ترمب للنمو من شأنها أن تفيد الشركات التي تركز على السوق المحلية على حساب التكنولوجيا العالمية.

وقال يارو إن هذا التناوب قد ينهار؛ حيث من المقرر أن ترتفع أسهم الشركات في الصناعات التكنولوجية أو الاستهلاكية التي تعتمد سلاسل التوريد الخاصة بها بشكل كبير على الصين، إذا انخفض ترمب في استطلاعات الرأي.

وأضاف يارو من «بيرد»: «الانتخابات تجعل الأسواق صعبة التنقل» موضحاً أنه مع عدم تفصيل هاريس لسياساتها التجارية بعد: «أنا بصراحة لا أعرف ما ستكون عليه تجارة هاريس».

وقال نوريس إنه قلّل من حيازات أسهم التكنولوجيا بسبب التقييمات المرتفعة وعدم اليقين السياسي، في حين كان متفائلاً بشأن الأسهم البريطانية منخفضة القيمة. وأضاف: «نحن نركز على (امتلاك) الأشياء التي نعتقد أنها يمكن أن تعمل بشكل مستقل، وتتحرك بهدوء».

وقال بنيامين ميلمان، كبير مسؤولي الاستثمار في «إدموند دي روتشيلد» لإدارة الأصول، إن فوز ترمب المحتمل جعله حذراً بشأن المصدرين الأوروبيين، بسبب مخاطر التعريفات الجمركية، ويفضل الشركات الأوروبية الأصغر والأقل عالمية.

الذهب يتألق

وارتفعت أسعار الذهب لعدة أشهر، لتسجل مستوى قياسياً أعلى من 2400 دولار للأوقية، مما يعكس زيادة حيازات البنوك المركزية وتصاعد التوترات في الشرق الأوسط.

وقال نوريس من كولومبيا، إن الذهب ليس ملاذاً آمناً بالأسعار الحالية.

ومع ذلك، توقع ميلمان من روتشيلد أن يستمر المعدن الأصفر في التألق، إذا أدى عجز الموازنة الأميركية والحروب التجارية المحتملة والاضطرابات الجيوسياسية إلى زعزعة استقرار الدولار وأسواق العملات الأوسع نطاقاً.