الرياض وبرازيليا لتكامل اقتصادي وتعظيم العمل المشترك

سفيرها لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»: 5 محاور رئيسية تؤسّس للعلاقة الثنائية

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالرياض في 28 نوفمبر 2023 (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالرياض في 28 نوفمبر 2023 (واس)
TT

الرياض وبرازيليا لتكامل اقتصادي وتعظيم العمل المشترك

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالرياض في 28 نوفمبر 2023 (واس)
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا بالرياض في 28 نوفمبر 2023 (واس)

أكّد دبلوماسي برازيلي أن الزيارات رفيعة المستوى بين السعودية والبرازيل تسلّط الضوء على الرؤية المشتركة للبلدين، ورغبتهما في تعميق العلاقات الثنائية، والتعاون على المستويَين الإقليمي والمتعدّد الأطراف، مشدداً على أن التكامل المتزايد يجعل البلدين أقرب من أي وقت مضى، وخصوصاً في السنوات الأخيرة، وفي مجالات متنوعة تتراوح بين الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والرياضية والتقنية.

كلام سفير البرازيل لدى السعودية سيرجيو إي. باث، لـ«الشرق الأوسط»، تزامَن مع زيارة وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف للبرازيل، ضمن جولة اقتصادية تشمل تشيلي أيضاً.

ومنذ الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2023، تولّت البرازيل رسمياً رئاسة مجموعة العشرين، التي تعقد قمتها هذا العام في ريو دي جانيرو في 18 و19 نوفمبر (تشرين الثاني).

العلاقات السعودية - البرازيلية

وقال باث: «عام 2018 احتفلت البرازيل والسعودية، وهما العضوان في مجموعة العشرين، بالذكرى الـ50 لتأسيس علاقاتهما الدبلوماسية، حيث تم تبادل العديد من الزيارات الرسمية رفيعة المستوى، بما في ذلك 3 زيارات رئاسية من البرازيل إلى المملكة، كما شملت زيارة على مستوى ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى البرازيل».

وأوضح أن العلاقات السعودية - البرازيلية تشهد نمواً هائلاً، منذ الإعلان عن العلاقات الدبلوماسية عام 1968، و«هي تتّجه نحو الذروة، وتحديداً في ظل القيادة الحالية لخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان»، مشيراً إلى أن الجوانب التآزُرية تمنح مكانة فريدة للبلدين للوقوف على المستويين الإقليمي ومتعدّد الأطراف، بما يحقق مصلحة المجتمعَين الإقليمي والدولي.

ووفق باث، فإن البلدين يُعدّان من القوى الاقتصادية الإقليمية في مناطقهما، ويحافظان على علاقات مثالية مع الدول المجاورة، والتي تشمل احترام سيادة كل منهما، والتحرّر من النزاعات الإقليمية، والتعاون في مجالات متنوعة لتحقيق المنفعة المتبادلة، وتسهيل التدفق الحر للتجارة البينية والداخلية، والاستثمارات ضمن الكتل والمناطق الاقتصادية.

زيارات رفيعة وتفاهمات على الطاولة

وأوضح باث أن زيارة الخريف إلى البرازيل تؤكد مرة أخرى الاهتمام المتزايد للمملكة بمواصلة تعزيز العلاقات الثنائية مع البرازيل، وتمثّل علامة فارقة أخرى في اتساق أعمال الخطط والمبادرات.

وإلى جانب الاجتماعات الثنائية مع كبار المسؤولين، يستكشف الوفد، وفق باث، فرص التعاون في قطاعَي الصناعة والتعدين وتبادُل المعرفة، وآخر التطورات في التقنيات الصناعية والاستثمارات المشتركة.

ولفت إلى أن التركيز ينصبّ بشكل خاص على تطوير سلاسل التوريد، وتعزيز التبادل التكنولوجي، ودفع الابتكار لتحقيق التنمية المستدامة والمرونة الاقتصادية، فضلاً عن مناقشة فرص التعاون في مجالات تصنيع الأغذية والأدوية والطيران.

اتفاقيات

خلال منتديات الاستثمار البرازيلية - السعودية التي عُقدت في البرازيل عام 2023، تم توفير 9 مليارات دولار لمشاريع استثمارية ثنائية جديدة حتى عام 2030، وفق باث، الذي أشار إلى أنه في إحدى هذه المناسبات التي عُقدت في ساو باولو بالبرازيل، تم التوقيع على اتفاقيات بقيمة تزيد عن 3.5 مليار دولار، متوقعاً توقيع المزيد من الصفقات، واتفاقيات التعاون على مستوى الحكومة والقطاع الخاص خلال زيارة الخريف للبرازيل.

التعاون الاقتصادي

وقال باث إن السعودية والبرازيل هما أكبر اقتصادَين في منطقتَيهما، وإن المواقف المتشابهة وأوجه التآزر بينهما خلقت إمكانات هائلة للتعاون في مختلف القطاعات لتحقيق المنفعة المتبادلة، حيث يلعب قطاع الأعمال دوراً مهماً.

ووفق باث، فإن البلدين مُصرّان على تعزيز علاقاتهما في أعقاب المواقف والمطالب، التي تخلّلها قرار السعودية اختيار البرازيل بوصفها الدولة الوحيدة من أميركا اللاتينية التي تُعدّ وجهةً استثمارية استراتيجية لها.

وقال: «في عام 2019 أعلن ولي العهد السعودي تخصيص استثمار بقيمة 10 مليارات دولار في البرازيل، ومنذ ذلك الحين تم إحراز تقدم كبير. على سبيل المثال لا الحصر، تم استثمار حوالي 765 مليون دولار في شركة مينيرفا فودز وبي آر إف من خلال شركة سالك، وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة».

ونوّه بأن شركة «المنارة» للمعادن، المدعومة من «صندوق الاستثمارات العامة»، أبرمت صفقة بقيمة 2.6 مليار دولار؛ للاستحواذ على حصة 10 في المائة في قسم المعادن الأساسية التابع لشركة «Vale SA»، فيما يمتلك «صندوق الاستثمارات العامة» استثمارات في القطاع المالي البرازيلي تبلغ قيمتها حوالي 400 مليون دولار.

وقال باث: «تستحق مشاركة السعودية في مجموعة العشرين إشادة خاصة، خلال الرئاسة البرازيلية الحالية لهذه المنصة متعددة الأطراف، لاقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة، حيث يتعاون البلدان لتحقيق الأهداف المشتركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن البلدين يتكاتفان من أجل مصلحة المجتمع العالمي في جميع المبادرات والمساعي على المستوى المتعدد الأطراف، نحو تحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة».

ولفت إلى أن المملكة أبدت اهتماماً بالعديد من القطاعات التي تتمتّع فيها الشركات البرازيلية بالمنافسة، ولديها الكثير لتُقدّمه، مثل الدفاع والفضاء، والزراعة والأغذية الطازجة، والأدوية والأجهزة الطبية، والطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، والاتصالات والعلوم والتكنولوجيا، والاقتصاد الرقمي والابتكار.

وفي حالة الاستثمارات الداخلية في المملكة، وفق باث، فإن اتفاقية المشروع المشترك بين «BRF» وشركة تطوير المنتجات الحلال، وهي شركة تابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة السعودي»، تعرض نموذجاً آخر لعمل الشركات البرازيلية والمشاركة طويلة الأمد، والالتزام تجاه هذا البلد.

وأضاف باث: «وبالمثل، بدأت شركة (JBS)، التي لديها مصنع محلي لتجهيز الأغذية، في بناء مصنع آخر. وهكذا، تستمر التدفقات الاستثمارية بين البلدين في النمو».

مجالات التعاون

وقال باث: «خلال زيارة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى المملكة، في نوفمبر 2023، وقّعت شركة (إمبراير) 3 اتفاقيات تعاون مع الحكومة السعودية والشركات في مجالات الطيران المدني والدفاع والأمن، والتنقل الجوي في المناطق الحضرية».

ووقّعت وزارة المناجم والطاقة البرازيلية مذكرة تفاهم؛ لتعزيز التعاون في مجال الطاقة، بما في ذلك النفط والغاز، والكهرباء والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، والبتروكيميائيات، والهيدروجين، واقتصاد الكربون الدائري.

ووفق باث، تغطّي مذكرة التفاهم التحول الرقمي والابتكار، وتطوير الشراكة الاستراتيجية، وسلسلة التوريد، وتعزيز التكنولوجيا، وتوطين المواد والمنتجات والخدمات الخاصة بالصناعة.

وأضاف باث: «لا تزال صادرات البرازيل إلى السعودية تهيمن عليها تقليدياً الدواجن ولحم البقر وفول الصويا والذرة والسكر، حيث تمثل حوالي 80 في المائة، وتبلغ حصة المنتجات الغذائية وغير الغذائية الأخرى 20 في المائة فقط».

وأضاف باث: «مع ذلك، عند النظر إلى إجمالي صادرات البرازيل إلى العالم، فإن حوالي 60 في المائة من صادرات البرازيل عبارة عن منتجات استهلاكية وصناعية مصنّعة، حيث يشير ذلك إلى أن السعودية لم تستكشف بعد المزايا النسبية والقدرة التنافسية للمنتجات الغذائية وغير الغذائية المصنّعة في البرازيل».

ولفت إلى أن «السعودية اعترفت بالبرازيل شريكاً استراتيجياً لأمنها الغذائي، وقامت ببعض المبادرات والاستثمارات والتعاونات المهمة، ومع ذلك، فإن الإمكانات الكبيرة لمزيد من التعاون لا تزال غير مستغَلة، والتي آمُل في أن تتجسّد من خلال كل هذه الزيارات الاستكشافية للوفود رفيعة المستوى».

وبصرف النظر عن قطاع الأغذية والسلع الاستهلاكية غير الغذائية والقطاعات الصناعية، فإن هناك، وفق باث، إمكانات كبيرة للتعاون في مختلف القطاعات، مثل: الرعاية الصحية، والدفاع، والملابس والأحذية، والشوكولاتة والحلويات، والأغذية المصنّعة الأخرى، والأجهزة المنزلية والكهربائية والميكانيكية، والمنتجات والمعدات الثقيلة والآلات، على سبيل المثال لا الحصر.

حجم التجارة الثنائية

وأوضح باث أن السعودية، تُعدّ الشريك التجاري الأول للبرازيل في المنطقة، كما تُعدّ البرازيل أكبر شريك تجاري للمملكة في أميركا الجنوبية، حيث بلغ إجمالي التجارة الثنائية في عام 2023 نحو 6.7 مليار دولار، منها 3.2 مليار دولار صادرات البرازيل إلى المملكة، و3.5 مليار دولار صادرات سعودية إلى البرازيل، مبيناً أنه في النصف الأول من العام الحالي يقدّر إجمالي التجارة الثنائية مبدئياً بنحو 3 مليارات دولار.

وقال باث: «على الرغم من أن صادرات البرازيل إلى المملكة تهيمن عليها البروتينات الحيوانية والمنتجات الزراعية، لُوحظ تغيّر تدريجي في الأنماط في صادرات المنتجات الصناعية والاستهلاكية المصنّعة، أهم الصادرات الغذائية من البرازيل إلى السعودية هي الدجاج والسكر والذرة، ومنتجات فول الصويا ولحم البقر».

ومن بين الصادرات غير الغذائية، وفق باث، جاءت أبرز العناصر الحديد والخامات الأخرى، والخشب ومنتجاته، والأسلحة والذخائر، والآلات والمعدات، ومعدات النقل، والصادرات الرئيسية من المملكة العربية السعودية إلى البرازيل هي النفط الخام والأسمدة والمنتجات البلاستيكية ومنتجات الألومنيوم، وغيرها من المنتجات البتروكيميائية.


مقالات ذات صلة

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
الاقتصاد عامل في مصنع «رافو» الذي يزوِّد وزارة الدفاع الفرنسية وشركات الطيران المدني الكبرى بالمعدات (رويترز)

فرنسا تقترح يوم عمل مجانياً سنوياً لتمويل الموازنة المثقلة بالديون

تواجه موازنة فرنسا الوطنية أزمة خانقة دفعت المشرعين إلى اقتراح قانون يُلزم الفرنسيين العمل 7 ساعات إضافية كل عام دون أجر، وهي ما تعادل يوم عمل كاملاً.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد جانب من توقيع الاتفاقية في تونس (الصندوق)

تمويل كويتي بـ32 مليون دولار لتطوير الخطوط الحديدية لنقل الفوسفات في تونس

وقَّع الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الخميس، اتفاقية قرض مع حكومة الجمهورية التونسية بمبلغ 10 ملايين دينار كويتي (32 مليون دولار).

«الشرق الأوسط» (تونس)
الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد أشخاص يعبرون الطريق في شينجوكو، طوكيو (رويترز)

اليابان تخطط لإنفاق 90 مليار دولار في حزمة تحفيزية جديدة

تفكر اليابان في إنفاق 13.9 تريليون ين (89.7 مليار دولار) من حسابها العام لتمويل حزمة تحفيزية جديدة تهدف إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.