البنك الدولي: اقتصاد المغرب يصمد أمام التحديات العالمية

توقع تباطؤ النمو إلى 2.9% في 2024 وانتعاشه اعتباراً من عام 2025

سياح وسكان محليون أثناء زيارة لسوق بالمدينة القديمة في مراكش (رويترز)
سياح وسكان محليون أثناء زيارة لسوق بالمدينة القديمة في مراكش (رويترز)
TT

البنك الدولي: اقتصاد المغرب يصمد أمام التحديات العالمية

سياح وسكان محليون أثناء زيارة لسوق بالمدينة القديمة في مراكش (رويترز)
سياح وسكان محليون أثناء زيارة لسوق بالمدينة القديمة في مراكش (رويترز)

أكد البنك الدولي صمود الاقتصاد المغربي وقدرته على مواجهة التحديات المختلفة، بما في ذلك تباطؤ الاقتصاد العالمي، وصدمة التضخم، وزلزال منطقة الحوز. فعلى الرغم من هذه العقبات، تسارعت وتيرة النمو، وأظهر الاقتصاد المغربي مرونة في عام 2023 مع زيادة بنسبة 3.4 في المائة في الناتج المحلي الحقيقي. وكانت المحفزات الرئيسية لهذا التسارع هي انتعاش قطاع السياحة، وقطاعات الصناعات التحويلية الموجهة نحو التصدير، والتي تشمل السيارات والطيران، وكذلك الاستهلاك الخاص.

ومع ذلك يتوقع البنك الدولي في تقرير حديث بعنوان «إطلاق إمكانات القطاع الخاص لتحفيز النمو وخلق فرص العمل»، تباطؤ النمو إلى 2.9 في المائة في عام 2024.

وقال التقرير إن الإعلانات عن الاستثمار الأجنبي المباشر يمكن أن تتيح فرصاً إنمائية كبيرة للبلاد. وتقدم مؤشرات مخاطر الدولة دليلاً إضافياً على الثقة التي يبثها المغرب على الصعيد الدولي، ويؤدي التحفيز بعد الجائحة لبعض الصناعات الرأسمالية الكبيرة لتغيير جوهري في تركيبة صادرات المغرب، مع ازدياد مستوى التعقيد، وانخفاض عجز الحساب الجاري إلى أدنى مستوياته منذ عام 2007.

جهود مستمرة

وقال المدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا في البنك الدولي، أحمدو ندياي: «أحرزت البلاد تقدماً ملحوظاً مؤخراً، بما في ذلك تفعيل مجلس المنافسة، وتعديلات قانون المنافسة، وتسوية تاريخية لمكافحة الاحتكار مع موزعي الوقود. وللبناء على هذه التطورات، كما هو موضح في النموذج التنموي الجديد، يجب بذل جهود مستمرة، لا سيما دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة».

وأوضح التقرير أن اتخاذ موقف داعم على صعيد الاقتصاد الكلي ساهم في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي. ونما حجم القطاع العمومي المغربي بشكل كبير في أعقاب الجائحة، مما أدى إلى استدامة الطلب الكلي خلال الصدمات الأخيرة.

ومكّن الأداء القوي للإيرادات العامة للحكومة، إلى جانب السيطرة على بعض النفقات، من خفض عجز الموازنة. غير أن استراتيجية ضبط أوضاع المالية العامة تعتمد أيضاً على عمليات تمويل مبتكرة، ولكنها تشكل إيرادات غير متكررة وتخلق تدفقاً لالتزامات الدفع المستقبلية للدولة. وتؤكد عملية خفض التضخم السريعة نسبياً فاعلية استجابة بنك المغرب الحذرة لصدمة الأسعار الأخيرة.

ومع ذلك، أبان التقرير أن الشركات والأسر تعاني من صعوبة في التعافي؛ إذ يشهد المغرب زيادة واضحة في حالات الإعسار التجاري. وعلى الرغم من تسارع وتيرة النمو الاقتصادي، ظل أداء سوق العمل مخيباً للآمال في عام 2023، مع فقدان نحو 200 ألف وظيفة في المناطق الريفية. وتجسيداً للأثر التراكمي للصدمات الأخيرة على الرفاهة، فإن نصيب الفرد من الاستهلاك لم يعد إلا بالكاد إلى مستواه ما قبل الجائحة. ولكن البرنامج الجديد للدعم الاجتماعي المباشر الذي تنفذه الحكومة يقدم تخفيفاً مهماً لأكثر الأسر فقراً.

المحصول الزراعي

ويتوقع البنك الدولي أن يشهد الاقتصاد تباطؤاً معتدلاً في العام الجاري بسبب ضعف المحصول الزراعي، إلى جانب انخفاض معدل النمو الاقتصادي بـ2.9 في المائة. ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انكماش القيمة المضافة الزراعية بنسبة 3.3 في المائة نظراً للظروف المناخية السيئة. وسيكون إجمالي الناتج المحلي غير الزراعي أكثر قدرة على الصمود مدفوعاً بتعافي الطلب المحلي وقوة القطاع الصناعي.

يرجّح التقرير انتعاش النمو اعتباراً من عام 2025 فصاعداً، كما يتوقع أن يتسع عجز الحساب الجاري إلى 1.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2024، على أن يعود عجز الموازنة تدريجياً إلى مستويات ما قبل الجائحة في السنوات القادمة.

القطاع الخاص

ويشرح التقرير ضعف أداء إنتاجية القطاع الخاص في المغرب، نتيجة تدهور الكفاءة التخصيصية؛ إذ يبدو أن الشركات الكبيرة تظهر إنتاجية أقل من نظيراتها التي هي أصغر حجماً، مما يشير إلى أن الأسواق لا تكافئ بشكل كافٍ أكثر الشركات ابتكاراً.

بالإضافة إلى ذلك، تعاني الشركات الصغيرة والمتوسطة المغربية من صعوبات في النمو، وتظل كثافة الشركات ذات النمو العالي منخفضة جداً، وهذه سمة إشكالية للقطاع الخاص بالنظر إلى أنه في سياقات أخرى تبين أن هذه الشركات تساهم بشكل غير متناسب في خلق فرص العمل. وستساعد معالجة القيود التي تواجه القطاع الخاص في زيادة القدرة الضعيفة في خلق الفرص التي أظهرها الاقتصاد المغربي في السنوات الأخيرة.


مقالات ذات صلة

السعودية تعزز الروابط مع البرازيل وتشيلي في الصناعة والتعدين

الاقتصاد مجموعة من المهندسين في أحد المناجم لإجراء عمليات الاستكشاف (واس)

السعودية تعزز الروابط مع البرازيل وتشيلي في الصناعة والتعدين

تستعد السعودية لجولة اقتصادية مهمة، حيث يقوم وفد من منظومة الصناعة والثروة المعدنية لزيارة البرازيل وتشيلي خلال الفترة من 22 إلى 30 يوليو.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مقر بورصة نيويورك التي تترقب بيانات مهمة هذا الأسبوع (أ.ب)

المستثمرون يترقبون بيانات الناتج المحلي والتضخم الأميركية هذا الأسبوع

تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الثاني وأرقام تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي عن كثب.

«الشرق الأوسط» (عواصم: «الشرق الأوسط»)
الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

الذكاء الاصطناعي معيار تحليل النتائج المالية للشركات التكنولوجية العملاقة

تتجه الأنظار خلال الأسبوعين المقبلين إلى النتائج المالية المتوقع إعلانها للشركات العملاقة في قطاع التكنولوجيا، وهي ستخضع للتحليل من منظور الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد «النيابة العامة» السعودية تطالب بعقوبات مشددة على وافدين لغشّهم في منتجات غذائية

«النيابة العامة» السعودية تطالب بعقوبات مشددة على وافدين لغشّهم في منتجات غذائية

أسفرت إجراءات التحقيق التي قامت بها نيابة الجرائم الاقتصادية بالسعودية عن اتهام ثلاثة وافدين بالغش في منتجات غذائية؛ كونها منتهية الصلاحية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد إحدى الطائرات التابعة لـ«طيران ناس» السعودي (الشرق الأوسط)

«طيران ناس» تطلق رحلات جديدة توسع شبكة الوجهات الدولية للسعودية

تطلق «طيران ناس» - الناقل الجوي الاقتصادي السعودي - رحلات جديدة مباشرة بين المدينة المنورة (غرب المملكة) وكل من البحرين والدوحة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الذكاء الاصطناعي معيار تحليل النتائج المالية للشركات التكنولوجية العملاقة

متداولون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداولون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

الذكاء الاصطناعي معيار تحليل النتائج المالية للشركات التكنولوجية العملاقة

متداولون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداولون في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

تتجه الأنظار في الأسبوعين المقبلين إلى النتائج المالية المتوقع إعلانها للشركات العملاقة في قطاع التكنولوجيا، وهي ستخضع للتحليل من منظور الذكاء الاصطناعي، والاستثمارات الكبيرة التي يتطلبها، والإيرادات التي يمكن أن يدرّها.

ويتوقع المحللون في شركة «ويدبوش سيكيوريتيز» الاستثمارية تسارع النمو والأرباح مع ثورة الذكاء الاصطناعي وموجة التحول التي تسببها، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتتوقع السوق نمواً مزدوج الرقم في الإيرادات لكل الشركات الكبرى في مجال الذكاء الاصطناعي المدرجة في البورصة، خلافاً لنسبة النمو المتوقعة لشركة «أبل» والمقتصرة على 3 في المائة، إذ تأخرت في دخول المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، أي البرامج المماثلة لـ«تشات جي بي تي».

فشركة «أبل» التي تعلن نتائجها المالية في الأول من أغسطس (آب)، لم تطلق نظامها الجديد المبنيّ على هذه التقنية «آبل إنتليجنس» إلا الشهر الفائت.

وتوقّع المحلل في «سي إف آر إيه»، أنجيلو زينو، ألا يصبح تأثير هذه الوظائف الجديدة ملموساً قبل إطلاق هاتف «آيفون 16» في سبتمبر (أيلول) المقبل، إذ سيكون الأول من كل مجموعة أجهزة «أبل» الذي يمتلك النظام الجديد.

لكنه رجّح أن تُظهر نتائج الربع الثاني (وهو الثالث من العام المالي المتعثر لـ«أبل») تحسناً في المبيعات في الصين التي تشكّل نقطة سوداء منذ العام المنصرم.

ورأى زينو أن توقعات المجموعة للربع الجاري ستكون مهمة للحكم على الديناميكيات الحالية للشركة.

وقال: «إذا كان ثمة ما يثير القلق أكثر قليلاً» بين شركات التكنولوجيا العملاقة فهي «ميتا» التي تعلن نتائجها في 31 يوليو (تموز).

وذكّر بأن مجموعة مارك زوكربرغ رفعت توقعاتها الاستثمارية في أبريل (نيسان) الفائت، وخصصت بضعة مليارات إضافية للرقائق والخوادم ومراكز البيانات اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي.

إلاّ أن «سي إف آر إيه» توقعت أن يتباطأ نمو «ميتا» بحلول نهاية العام، وهو ما قد يؤدي، إلى جانب الزيادة المتوقعة في النفقات، إلى التأثير سلباً في الأرباح.

وتوقع المحلل في «سي إف آر إيه» أن يواصِل عملاقا «السحابة» (الحوسبة من بُعد) «مايكروسوفت»، التي تُعلن نتائجها في 30 يوليو (تموز)، و«أمازون»، في الأول من أغسطس، نشرَ نتائج جيدة جداً، تتطابق مع توقعات السوق أو تَفوقها.

وتُعد «مايكروسوفت» من الشركات التي تتمتع بأفضل موقع يؤهلها لتحقيق الدخل من الذكاء الاصطناعي التوليدي. ورأى المحلل في شركة «إي ماركتر»، جيريمي غولدمان، أنها مسألة «حاسمة» بالنسبة إلى «مايكروسوفت»، لكنّه أشار إلى أن السوق مستعدة لمنح الشركة بعض الوقت.

وقال «غولدمان» إنه سيكون من الصعب الحفاظ على وتيرة نمو السحابة كما كانت في الأرباع الأخيرة، مضيفاً أنه من المحتمل أن يضمن التآزر بين السحابة والذكاء الاصطناعي (الذي يحتاج إلى الكثير من القوة الحاسوبية) النمو لفترة من الوقت».

أما فيما يتعلق بـ«أمازون»، فأشار المحلل في شركة «هارغريفز لانسداون»، مات بريتزمان، إلى أن المستثمرين ينتظرون تأكيداً لأن إعادة تسريع «أمازون ويب سرفيسز» -الشركة الفرعية المخصصة للسحابة- في الربع الأول لم تكن خطوة لا مستقبل لها.

ولاحظ بريتزمان أن «أمازون ويب سرفيسز» تتبوأ الصدارة في كل ما يتعلق بالبيانات، إنْ لجهة تخزينها أو فيما يتعلق بإمكان ولوجها مِن بُعد، مبيّناً أنه لذلك يجب أن تكون في وضع جيد لتَلَقُّف حصة كبيرة من موجة الذكاء الاصطناعي المقبلة.

ورأى أنجيلو زينو أن الصورة قد تكون أقل وضوحاً بعض الشيء بالنسبة إلى مجموعة «ألفابت» التي تضم «غوغل» ، والتي كانت (الثلاثاء) السبّاقة إلى إعلان نتائجها، بسبب نشاطها في مجال البحث على الإنترنت.

وقالت المحللة في «إي ماركتر» إيفلين ميتشل وولف، إن الشكوك بشأن محرك البحث الجديد «إيه آي أوفرفيوز» الذي أعلنت عنه «غوغل» في منتصف مايو (أيار) الماضي، مبرَّرة بوضوح، فالبداية كانت صعبة بالنسبة إلى هذه الوظيفة الجديدة التي توفّر نصاً مكتوباً في أعلى النتائج خلال البحث بواسطة «غوغل» ، قبل لائحة الروابط التقليدية للمواقع، فسرعان ما شكا مستخدمو الإنترنت إجابات غريبة من «إيه آي أوفرفيوز»، قد تكون خطرة.

وأورد موقع «سيرتش إنجين لاند» بيانات من شركة «برايت إدج» مفادها أن عدد عمليات البحث التي تَعرض نتيجة أُنشئت بواسطة «إيه آي أوفرفيوز» شهد تراجعاً في الأسابيع الأخيرة.

ولا يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن كثراً يشعرون بالقلق فيما يتعلق بتطور نموذج «غوغل» ما بعد «أوفرفيوز». ويخشى صانعو المحتوى، خصوصاً وسائل الإعلام، انهيار مداخيلهم.

غير إن ميتشل وولف رأت أن «غوغل» ستبقى الوجهة المفضلة للإنفاق الإعلاني، ما دام «غوغل» محرّك البحث التلقائي للهواتف الذكية والمتصفحات الرئيسية.